|
تفكيك الدولة العلوية ( 2 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7592 - 2023 / 4 / 25 - 12:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفصل الثاني : الدولة والمجتمع . هل الدولة المغربية دولة سياسية ؟. تكون دولة ما دولة سياسية ، بقدر ما يكون المجتمع سياسيا . ويصبح المجتمع سياسيا ، حينما يكون قادرا على ضبط انقساماته وصراعاته ، داخل مؤسسة عليا موحدة ، تسمى جهاز الدولة . ان الدولة بهذا المعنى وفي الوقت نفسه فوق المجتمع .. في صلب المجتمع ، وفي الوقت نفسه فوق المجتمع .. في صلب المجتمع ، لأنها لا تمثل اطاراً تتمكن من خلاله التناقضات والمصالح ، من التعبير بشكل او باخر عن ذاتها ، وعن هويتها الخاصة . وفوق المجتمع ، لأنها تمثل أداة توحيد ، يتمكن المجتمع بواسطتها من تجاوز تناقضاته ، وانقساماته ، وصراعاته في المصلحة العليا العامة . خلاصة القول . ان الدولة السياسية ، هي القادرة على حل التناقض بين الدولة والمجتمع ، في اطار وحدة عفوية ، تمكن من احتواء المصالح الاجتماعية الخاصة ، من اجل تجاوزها نحو المصلحة العليا العامة للشعب والأمة . وحينما تتكسر تلك الوحدة العضوية ، او تكون غائبة أصلا ، يصبح الانفصال بين الدولة والمجتمع ، انفصالا تاما ، وتتحول بالتالي طبيعة الدولة من دولة سياسية الى دولة لا سياسية ، من دولة تحكم علاقاتها بالمجتمع اعتبارات ومعايير سياسية صرفة ، الى دولة تحددها اعتبارات ومعايير دون السياسية ، أي من مؤسسة اجتماعية عامة ، ومركزية ، ووطنية ، وقومية ، الى مؤسسة خاصة .. الى دولة طائفية او قبلية او أسدوية ( اسد ) . الدولة السياسية اذن تشكل لحظة متقدمة من التبلور الطبقي ، والنضج المجتمعي ، والاندماج الوطني / القومي . من هنا يبدو ان الدولة السياسية ، هي حصيلة اجماع عام ، ووفاق وطني / قومي ، يتوصل اليهما المجتمع عبر تناقضاته ، وانقساماته ، وصراعاته . فبهذا المعنى ، الدولة السياسية ليست هي الدولة الدستورية ، حتى وانْ كانت تستوعب حقيقتها الجوهرية لا الشكلية . ان مفهوم الدولة السياسية ، اعمق واشمل من مفهوم الدولة الدستورية ، لان الأساس في الأولى هو الاجماع العام ، والوفاق المجتمعي القائمان على علاقة سياسية صرفة وفعلية ، تضبط الدولة بالمجتمع ، ولو ان تلك العلاقة في بعض الأحيان ، لا تحددها نصوص دستورية ديمقراطية . اما الثانية ، فقد تكون دستوريتها زائفة وشكلية ، لان الدولة اللاّسياسية نفسها ، قد تلجأ الى النظام الدستوري لحماية مصالها الخاصة .. مصالح الطائفة ، او القبيلة ، او الاسرة على حساب مصالح المجتمع ككل . وإذن . فبما ان الدولة ليست هي النظام السياسي ، وان الدولة السياسية ليست هي الدولة الدستورية .. فبالتالي فان الطريق المؤدي الى بناء الدولة السياسية ، التي هي بالضرورة قومية ، وقوية ، وحديثة ، قد يكون طريقا ديمقراطيا طوعيا يعتمد المشاركة الحرة للمواطنين ، وقد يكون طريقا فوقيا مركزيا . اما الذي يرجح هذا الطريق او ذاك ، فليست هي الرغبات الذاتية للقوى الاجتماعية الفاعلة داخل المجتمع ، ولكنها في نهاية المطاف ، شروط المجتمع المادية والثقافية ، وشروط العصر التاريخية المحيطة . ان معظم تجارب التاريخ الحديث ، تؤكد على ان اغلب الدول السياسية التاريخية ، قد تم بناءه بطريقة فوقية مركزية : فرنسا الحديثة قامت في الأصل على اكتاف الدولة البونابارتية Bonaparte ، وألمانيا الحديثة تم بناءها على اكتاف البسماركية Bismarck ، واليابان الحديثة قامت على اكتاف الدولة " الميجية " ، وروسيا الحديثة قامت على اكتاف الدولة الستالينية . كما ان العديد من البلدان التي تتقدم اليوم جديا في بناء الدولة السياسية تسلك نفس الطريق . في العالم العربي ، ان الذي أدى الى اختناق التجربة الناصرية ، ليس هو كون الدولة الناصرية كانت دولة فوقية مركزية ، بل لان أيديولوجيتها لم ترتق الى مستوى أيديولوجية عصرها الأكثر تقدما . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفكيك الدولة العلوية
-
الاحلاف .
-
وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )
-
وجهة نظر في الديمقراطية ( 2 )
-
وجهة نظر في الديمقراطية
-
الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
-
السياسة بين الحب والحرب
-
الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .
-
العقلنة المشوهة
-
العيّاشة المُتعيّشون من السياسة
-
هل إسرائيل في طريقها الى الزوال ؟
-
في الثقافة السياسية
-
هل ستفعلها المملكة العربية السعودية ، وهل سيفعلها الرئيس الر
...
-
فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس
-
الخطاب السياسي ( 4 )
-
الخطاب السياسي ( 3 )
-
الخطاب السياسي ( 2 )
-
الخطاب السياسي ( 1 )
-
السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا
...
-
في البطريركية السياسية
المزيد.....
-
تونس: ملايين الناخبين يصوتون لاختيار رئيسهم الجديد وقيس سعيّ
...
-
مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في أنحاء العالم قبل الذكرى الأولى ل
...
-
الضاحية الجنوبية لبيروت تشهد -أعنف- غارات.. والجيش الإسرائيل
...
-
استطلاع: ربع الإسرائيليين يرغبون في مغادرة البلاد
-
مأساة في البوسنة: عائلة تفقد أربعة أفراد في انهيار أرضي
-
النيران تشتعل في طائرة ركاب أثناء هبوطها في مطار لاس فيغاس
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ سلسلة غارات ضد مواقع عسكرية تابع
...
-
أول رئيسة لإندونيسيا تصف بوتين بالقائد القوي المتمسك بمبادئه
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخين أرض - أرض أطلقا من لبنا
...
-
تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لحرب غزة... مظاهرات بعدة مدن
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|