ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 7588 - 2023 / 4 / 21 - 04:50
المحور:
الادب والفن
حكايات من الفولكلور الكردي
الضيافة العجيبة
ترجمة وإعداد ماجد الحيدر
يحكى أن رجلا عاش في إحدى القرى واشتهر فيها بالكرم وفعل الخير حتى عم إحسانه على الجميع. ذاع صيت الرجل في الجوار بسبب حسن ضيافته وإكرامه للضيف. غير أنه عرف بخصلة سيئة وحيدة إذ كلما حل به زائر بالغ في ضيافته واحترامه وسارع الى تقديم أفضل ما في بيته من عشاء ثم قدم له فطورا دسما في الصباح ولم يكن يكتفي بهذا بل يضع في حقيبة الضيف وجبة غداء كاملة ثم يرافقه حتى أطراف القرية حيث ينهال عليه بهراوته قبيل مفارقته!
ويقال أن أخبار هذا السلوك العجيب من كرم وحسن ضيافة ينتهيان بالضرب قد انتشرت في المنطقة بأسرها فقرر رجل من إحدى القرى المجاورة أن يعرف حقيقة الأمر والسر الذي يكمن وراء هذا التصرف الغريب، فلبس ثياب السفر ووضع خنجره في حزامه وامتطى دابته وقال مع نفسه:
- لسوف أقتله بهذا الخنجر إن ضربني أو رفع هراوته بوجهي!
مضى القروي حتى وصل الى منزل ذلك الرجل قبل حلول المساء فاستقبله الأخير بكل تقدير وترحاب وقدم له عشاءً فاخرا وهيأ له فراشا وثيرا وفطورا صباحيا شهيا ثم أصر على أن يضع له وجبة غدائه في حقيبة السفر، ثم حمل هراوته وسار معه ماشيا حتى أذطراف القرية. كل هذا والضيف ممسك بقيضة خنجره متهيئا لطعنه إذا ما حاول ضربه بالهراوة.
وعندما بلغا حدود القرية امتطى الضيف دابته وودع مضيفه وابتعد قليلا دون أن يلاحظ عليه أي مسعى لضربه كما سمع من الآخرين فتوقف وعاد اليه وقال له:
- مهلا أيها الرجل. لقد سمعت بأنك إنسان خيّر كريم تحسن استقبال ضيوفك وهذا ما تأكدت منه ورأيته بعيني، لكنني سمعت أيضا بأنك تنهال على ضيوفك بهراوتك في ساعة التوديع فلماذا لم تحاول فعل ذلك معي؟ هل خفت من الخنجر الذي في يدي والذي أقسمت بأن أقتلك به إذا ما أقدمت على ضربي؟
ضحك الرجل وأجاب:
- كلا. أنا لم أفكر أصلا بضربك.
- فلماذا كنت تفعل هذا مع الآخرين؟
- لأنك لم تفعل مثلما كانوا يفعلون: لقد كانوا يبالغون في تملقي ومدحي وإطرائي على شيء أعتبره واجبا عليّ. وكانوا بذلك يضيعون عليّ أجر ما فعلت ولهذا كنت أعاقبهم وأسترد أجري بضربهم!
المصدر: عبد الرحمن بامرني، أوراق قديمة من الحكايات الكوردية.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟