أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد رياض اسماعيل - واقع الأعياد والبلاد















المزيد.....

واقع الأعياد والبلاد


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7587 - 2023 / 4 / 20 - 22:48
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الاعياد افراح ومسرات، تأتي في تقاليدنا الدينية على الناس بعد صوم ٣٠ يوما في السنة الواحدة، نحتفل ثلاثة أيام بعد اكمال الشهر ونسميه عيد الفطر، كما ونحتفل بذكرى عتق رقبة اسماعيل من الذبح بيد ابيه إبراهيم عليهما السلام، بذبح خروف كأضحية، ليأتي بعدها عيد الاضحى.. السؤال هنا هل يأتي الفرح مبرمجا بهذا الشكل؟ او بعبارة أخرى هل هناك سعادة وفرح مفروضة قسرا! قد تكون الجوائز والعطايا والهدايا امرا محركا للسعادة في النفوس وخصوصا الاطفال، وكذلك شراء الملابس استعدادا ليوم العيد المرتقب، بدلة السموكن وربطة العنق والمنديل والحذاء الجديد.. وحين كنا اطفال كانت العطايا في اول يوم العيد تأتي الينا بدءا من الاباء ثم الاقرباء كنا نشعر بالمسؤولية في ادارة المال، فيتحول الصبي الى حكومة له استقلال مالي، ويقوم بتحديد ابواب الصرف ويحدد كمية الادخار، وفق خطة وموازنة من الخيال تتناغم مع تحقيق اماله المنشودة في تلك المرحلة، وإذا عجز عن الإيفاء بالموازنة بَحثَ جريا عن بيوت أقارب تربطهم علاقة بعيدة بهم، يقبل اياديهم لعله يحظى بهدية مالية يعزز رصيده.. يخصص مبلغا من المال للسينما لثلاثة او أربعة مرات في اليوم الاول، ثم تناول البيبسي مع السندويش الجاهز والجلوس على مقاعد المطاعم بملبس العيد الفاخر، ثم الذهاب الى الملاعيب وشراء حاجات تقضيها طبيعة الزمن والمرحلة فمثلا وكتقليد لأفلام الكاو بوي كانت المسدسات مع اشرطة الاطلاقات الصوتية رائجة في المحال العامة، كذلك الطبول الصغيرة، التي ندخلها للسينما لتحذير بطل الفلم من الأعداء!! ثم نأتي بها للبيت عند الظهيرة بفرحة لا نظير لها، حيث امتلكنا شيئا كان يخالج فكرنا منذ زمن ولكن لم يسعفنا المال في اقتناءه.. وكانت قائمة الأولويات تأتي بتسلسل أهمية الشيء الذي نبتاعه ضمن الكثير المتنافس ضمن القائمة، ولم يكن يرتقي طموحنا الى شيء خارج إمكانات المبلغ المرصود لنا او رصيدنا المتراكم، كما تفعل الحكومات والمجالس النيابية في ادراج مشاريع عملاقة في الموازنة تبلع كل التخصيصات تاركا طموح الشعوب في امتلاك خدمات البنى الأساسية والصحة والتعليم (القابع ضمن التخصيص المتاح) بعيد المنال. وبعد تناول طعام الظهيرة في البيت كنا نعود لإكمال منهاجنا الحافل، ولعب اليانصيب والذهاب الى السينما المسائية، وشرب البيبسي ولفة اللبلبي في استراحة السينما ما بين شوطي العرض، ثم كنا نعود ادراجنا الى البيت خائري القوى تماما، ونلقي بأجسادنا في الفرش ونحن نحلم بمنهاج اليوم التالي، ونتأسف لانقضاء ذلك اليوم البهيج واقترابنا من نهاية العيد.. ويكون حلم الليلة الاخيرة من العيد حزينا، لا نود وداع العيد السعيد، وندعو الله بان يطول اليوم او ان نُبشر بوجود يوم إضافي يسمى ذيل العيد يضاف الى أيام العيد.. ونسلي النفس بأمل استمرار هذه السعادة.. كانت الفرحة تحتوينا وكلما كبرنا افتقدنا تلك الفرحة، وأصبحت الأعياد لا تسرنا بل يسرنا فيها فرح أطفالنا الباهت بها، فهي وحدها تحسسنا بشيء من الاعياد، ودورنا اليوم في الأعياد يقتصر على ارشاد الاطفال واسداء النصائح لتجنب المخاطر، تلك النصائح لم نكن نتلقاها انفسنا من آبائنا في ايام الطفولة، واصبح الاطفال لا يبالون اهمية للعيدية كما كنا نفعل في ايامنا، ربما لتحسن الوضع المالي للآباء، كما اختفت صالات السينما والالعاب التقليدية، واصبح العيد يقتصر على زيارة مدن الألعاب وشراء الملاعيب، واختلفت ملابس الأطفال لتصبح اكثر عملية، بلوز او قميص ومعطف مع بنطال وحذاء بمقاييس لا تتفق مع حجم الصبي! ويبدوا بان فرحة العيد فقدت بريقها واغتالت الحياة المعاصرة رونقها.
كانت القيم الاجتماعية تحكم الناس في المنظومة الأخلاقية للمجتمع، ويلتزم بها الجميع بلا شواذ، تجد تجانسا أخلاقيا بين الافراد، قائم على أساس الاحترام والتقدير والعدل والمساواة والحرية المنضبطة.. أصبح أسلوب التعامل مع الأبناء، يواجه صعوبة الفهم المشترك، الاب بإرثه التاريخي القديم والابن بواقع المستجدات العصرية وقيمها المستنبطة من الأفلام الغربية والسائدة في تلك المجتمعات.. فشهد افراد المجتمع انقسامات خطيرة لا تحمد عقباها..
فعندما تُغلق باب التعامل مع الابناء فلن يستمع الطرفان لكلام بعضهما الاخر، عندها تضيق مساحة الحياة والدنيا على الطرفين.. لا الاب راض ولا الابن! وكلاهما على حق! اننا يفترض ان نفهم المنظومة الاخلاقية التي تتحكم في سلوك المجتمع، عراق اليوم لا تحكمه القوانين والنواميس والأعراف.. يصعب على العراقي مواجهة الحياة بل ان أصعب شيء يواجه هو الحياة نفسها، معجزة كبيرة ان تعيش الحياة بنمط مستقر هادئ متوازن. كان الاستقرار قديما يتكفله قانون عادل يقدر القيم الإنسانية والتراثية للمجتمع، بل تستمد القوانين مشروعيتها من اسسها.. اليوم لم يغب القانون، ولكن غاب الحكام واصبحت الحياة محفوفة بالأخطار وبقيم المنظومة الاخلاقية المتهرئة للمجتمع الفاسد. الفساد لا يقتصر على سرقة المال العام، بل أساسا في معيارية قدرة القادة الإدارية في جميع مفاصل الدولة. في هكذا مجتمع لا تستغرب قرارا صادرا يدعوا الى اعتبار2×2 مساويا خمسة ويعيد اوراق الامتحانات القديمة (منذ عشرون سنة) ليقيم النتائج على ضوء هذا القرار ويعتبر كل من كتب الناتج 4 راسبا ومفصولا في اي موقع كان يشغلها، لتتفرغ الدولة من محتواها الفاعل. ثم يتفاخر صاحب هذا القرار بعقله (الفذ) مستهزئا بجهل الجيل القديم!! ثم يتجمع ضحايا هذا القرار ممن كانوا (يضنون) بان 2×2 هو أربعة، على مصاطب العاطلين وتتزاحم جموع العاطلين على حدود البلاد تقصد الهجرة الى بلدان تصح فيها ناتج هذه المعادلة. تقف على الحدود (تلك التي كان يذود عنها في السابق (الخاطئ) بالدم)، ويهرب منها في ضل الحاضر الكارثي بلا دم..
كفى بالله عليكم، اتركوننا نعيش في الوطن بقيمنا وخذوا كل ما نملك، وعيدوا لنا فرحة الأعياد الآسرة للقلوب، وحرروا بلادنا من القيم والمفاهيم المستوردة.. فبين العهدين مفارقة كبيرة.. اين الإدارة التي تعظم القيم وترتقي بها، وتجعلها نبراسا يقتدي بها افراد المجتمع.. بمن نقتدي اليوم!! بالمعلم، ام بالقاضي ام بالضابط ام بالموظف الحكومي، او بالإرادة الأجنبية التي جاءت بالمنظومة الحديثة! وهم يملكون مفاتيح التغيير للأسف.



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان ومسيرة الحياة والزمان
- تصرف الانسان اللا مدروس سينهي وجودنا على الارض
- مسيرة الحياة بكل سطوتها
- هذيان اللاوعي
- رحلة من الذاكرة
- حكم الشعب ام حكم النخبة؟ / الجزء الثاني
- مفهوم التوافقية سلاح في خاصرة السيادة العراقية
- تبا للمستحيل وعاش المجاهدون..
- تأملات في خوارزمية الوجود
- ضرورة اصلاح النظام القضائي ليعاصر زمننا
- نظرية المؤامرة باتت حقيقة في ظل الوقائع
- أزمة الكهرباء المستعصية في العراق
- حرية الفكر بحاجة الى تشريع
- متى تأتي اليقظة الفكرية
- التربية والتعليم / الجزء الثالث والاخير
- التربية والتعليم / الجزء الثاني
- التربية والتعليم في العراق/ الجزء الاول
- في الاقتصاد النفطي العراقي وتدهور العملة العراقية
- وضوح الرؤى والتقويم
- متى ستعود!


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد رياض اسماعيل - واقع الأعياد والبلاد