أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد عبد الوهأب .. ميلاد الأغنية العربية














المزيد.....

محمد عبد الوهأب .. ميلاد الأغنية العربية


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7583 - 2023 / 4 / 16 - 13:09
المحور: الادب والفن
    


أتذكر في عيد ميلاد محمد عبد الوهاب الذي يوافق 13 مارس أنني رأيت عبد الوهاب بالمصادفة في دار الأوبرا القديمة عام 1961عندما صحبني والدي إلى حفل الموسيقار العالمي آرام خاتشادوريان. كانت مقاعدنا في الصف الثاني أمام المنصة، وكنت أتلفت خلفي مبهورا، وفجأة رأيت محمد عبد الوهاب مقبلا في الممر برفق مثل أنغامه وإلى جواره زوجته، ثم جلس في الصف العاشر بعيدا عن المنصة! في الثالثة عشرة من عمري تصورت أن عبد الوهاب بخيل استرخص المقاعد الخلفية! فسألت والدي عن ذلك بدهشة، فقال لي مستنكرا: " لا يا ابني.. أي بخل؟! إنه أستاذ ويعلم من أي المقاعد يكون الصوت مسموعا أفضل ما يكون". لم أره بعد تلك المصادفة السعيدة. عبد الوهاب في تاريخ الموسيقا العربية مؤسس قالب الأغنية الحديثة التي ظهرت كشكل فني مع ثورة 19 في العشرينيات مواكبة لظهور الأشكال الفنية المصرية الأخرى: القصة القصيرة على يدي محمد تيمور، والرواية على يدي هيكل، والمسرح الغنائي على يدي سيد درويش. عبد الوهاب خالق قالب الأغنية الحديثة، على الرغم من أن آخرين سبقوه مثل القصبجي والسنباطي، لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار في التجديد والتأسيس وظلوا في دائرة لحنية مغلقة، أما عبد الوهاب فقد فاق الجميع تأسيسا للقالب الموسيقى واستمرارا بالتجديد على مدى قرن تقريبا حتى سلم الراية لأبنائه كمال الطويل، ومحمد الموجي الذي قال إنه كان يفز على قدميه احتراما حين تذاع في الراديو أغنية لعبد الوهاب، فلا يسمعها إلا واقفا حتى تنتهي!
في تلك السنة التي رأيت فيها عبد الوهاب تقدم والدي عبد الرحمن الخميسي بأوبريت مهر العروسة لعبد الوهاب لكي يلحنه، ووافق الموسيقار الكبير لكنه ظل يماطل ويسوف وطلب مهلة أربعة أشهر، ثم ثلاثة أخرى حتى انقضى عام ونصف ولم يلحن سوى ثلاث أغنيات! حينذاك عهد والدي بالأوبريت إلى بليغ حمدي، وكتب يوسف إدريس عن ذلك يقول إن : " عبد الوهاب قطع هذا الوعد وهو يعرف تمامًا أنه لن يوفيه وأنه ليس ملحن أوبريت، وأن حياته وثقافته الموسيقية تصب في قالب الغناء العاطفي المفرد الذي تزعمه"، وأضاف إدريس: " وقولنا إن عبد الوهاب ليس ملحن أوبريت ليس طعنا فيه، إلا إذا كان عدم الكتابة للمسرح طعنا في نجيب محفوظ"! نعم عبد الوهاب لم يكن قادرا على الابداع في مجال المسرح الغنائي، لكنه مؤسس " قالب الأغنية" الحديثة المصرية والعربية، ساقته إلى ذلك طبيعته الفنية الذاتية، مثلما ساقت يوسف إدريس طبيعته الذاتية إلى القصة القصيرة وليس الرواية. وعلاوة على الدور التأسيسي لعبد الوهاب فإنه كان المفكر الموسيقي الوحيد بين الموسيقيين المصريين جميعا، ويكفي لإدراك ذلك أن تقرأ كتاب سعد الدين وهبة الذي تضمن حوارات مع عبد الوهاب.
وقد تردد خلال حياة الموسيقار العبقري وربما مازال اتهامه بسرقة الألحان، واستشهد أصحاب ذلك الاتهام السخيف بأن بعض أغنياته تحتوي مقاطع من موسيقا عالمية، وهذا صحيح، لدي عبد الوهاب بعض المقاطع، لكنها لا تمثل في البناء اللحني سوى نقطة للاستلهام تتبدل وتختلف في بناء فني آخر مكتمل لتصبح إبداعا مستقلا. في حوار لعبد الوهاب مع المذيعة ليلى رستم في الستينيات رد عبد الوهاب على سخافة ذلك الاتهام بقوله: " يتأثر الفنان بالموسيقا ويأخذ منها، بعد كده يطلعها لنا في ثمرة جديدة، مثل الابن، يأخذ من الأب والأم، لكنه في الواقع مخلوق جديد بحد ذاته". جرت أغاني عبد الوهاب في مختلف الأشكال : الطقطوقة، والموشح، والأغاني العاطفية، والحوارية، والوطنية، ومقطوعات موسيقية صرف، واغترف خلال ذلك من كل أنهار النغم : حواري المدن، والموسيقا السيمفونية العالمية، وإيقاعات الريف، وطبول الكباريهات، والتراث الغنائي. ولعل عبد الوهاب هو المفكر الموسيقي الوحيد بين الموسيقيين المصريين جميعا، ويكفي لإدراك ذلك أن تقرأ كتاب سعد الدين وهبة الذي تضمن حوارات معه. مازالت حية إلى الآن في أرواح وحياة الملايين فرحة الفن الذي قدمه.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى والدي
- أول العشق - قصة قصيرة
- سيد حجأب .. عيون إيفلين
- حادثة 4 فبراير .. البكأء على المأضي
- لماذا ينتحر الأدباء ؟
- قــصـة انـقـضـى عـلــيــهــا مــئــة عـــام
- ولــمــاذا نــكــتـــب إذن ؟
- مــغــالــطــات الــتــرجــمــة إلــى الــعــامــيــة
- تزييف الثقافة
- - ربـــمـــا - - قـصـة قــصـيــرة
- رجــال وســـجــايـــر
- حـفــيــف صــنــدل - قــصـة قــصـيــرة
- بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس
- إدوار الـخـراط .. أنـت مـعــنــأ
- نــســـاء وحـــب وأزيــــاء
- الآن دونو .. نظام التفاهة
- الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم
- إغــفـــاءة - قـصـة قـصـيـرة
- تكفير الفن والثقافة
- ضـــــوء فــــي الــشــرفـــة - قـصـة قـصـيـرة


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد عبد الوهأب .. ميلاد الأغنية العربية