ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 7583 - 2023 / 4 / 16 - 03:00
المحور:
الادب والفن
الجنازة
حكاية من الفولكلور الكردي
ترجمة ماجد الحيدر
يُحكى أن مسافراً وصل إحدى القرى في ساعة متأخرة من الليل ولم يعرف بيتاً معيناً يقصده، واضطر إلى التوجه إلى مسجد القرية فرأى رجلاً ممداً وسطه، فظنه مسافراً غريباً مثله نزل ضيفاً عليه، فدنا منه ورقد قربه ظهراً لظهر وهو يقول لنفسه هكذا لن نشعر كلانا بالبرد حتى الصباح.
حين دنا الفجر وحان وقت الآذان، رأى المسافر باب المسجد وهو يفتح ويدخل إليه رجل أدرك أنه الملا الذي جاء ليؤذن للصلاة، فبادره قائلاً:
- مرحبا يا ملا هل حلّ وقت الأذان؟
ارتبك الملا عندما سمع ذلك وأحس بخوف عظيم، إذ حسب أن الرجل الذي مات الليلة الماضية وأودعه الأهالي في المسجد قد عاد للحياة، فأسرع بالفرار، لكنه لفرط خوفه نسي بأن عارضة الباب واطئة ومصنوعة من الرخام الصلب الحاد الأطراف فارتطم رأسه بها وسقط أرضاً وفارق الحياة من أثر الارتطام أولاً، ومن شدة الهلع ثانياً.
أصيب المسافر بالحيرة والذهول، إذ لم يكن يعلم بأن الشخص الذي رقد بجواره طوال الليلة الماضية رجل ميت، ولا يعرف أيضاً ماذا يفعل بالملا.
بعد قليل دخل أحد أبناء القرية إلى المسجد لأداء صلاة الصبح. كان رجلاً عجوزاً متعبداً ملازماً للمكان. فوجئ الرجل بالمشهد الذي رآه: مؤذن المسجد راقد دون حراك، والرجل المسجى في مكانه، والمسافر الغريب الذي جلس ذاهلاً مرتاعاً ينقل النظر بينهما، فسأله عن الأمر، وقص عليه الأخير كل ما حدث. عندها أدرك العجوز حقيقة ما جرى، وأوضح للمسافر بأن الرجل الذي رقد بجواره ليلة الأمس لم يكن إلا واحداً من أبناء القرية، وقد توفي في ساعة متأخرة من الليل فارتأى الناس أن يسجّوه في المسجد ريثما ينجلي الصبح ويحملون الجنازة إلى المقبرة التي تقع على مسافة ما خلف تخوم القرية، وبأن الملا شعر بالهلع على ما يبدو عندما سمع حديث المسافر معه وظن أن الميت قد عاد للحياة فلاذ بالفرار وارتطم بعارضة الباب وحدث له ما حدث.
- وماذا أفعل الآن يا سيدي؟ (سأل المسافر)
- أفضل شيء تفعله هو أن تخرج من هنا وتغادر القرية في الحال، لأن أهل الملا سوف يتهمونك لا محالة بقتله ويطلبون القصاص منك.
وهكذا عمل المسافر بنصيحة الشيخ وهرب من القرية لا يلوي على شيء وهو يلعن حظه السيء الذي أوقعه في هذه الورطة العجيبة!
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟