أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عزالدين بوغانمي - بوصلة الشهيد!














المزيد.....

بوصلة الشهيد!


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 7579 - 2023 / 4 / 12 - 17:43
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أسهل الأمور وأرتحها وأنفعها هو أن تقف نصيرا لأصدقائك حتى وهم يُمسكون البوصلة بالمقلوب. وتربح ودّهم وحبّهم المُعتاد. الصّعب هو الانتصار للحق. لمن رحل ولن يعود أبدا ولن يهتمّ بشأنِنا. لأولائك الذين أكل التراب أجسادهم، وما عاد بوسعهم الكلام ليقولوا لنا "شُكرًا". علينا أن نظلّ آدميين ولو كرِه الكارهون.

حدّقوا في صور الشهداء القديمة المُثبّتة في كلّ جدران البيوت، حتى وهم يضحكون، يبدون حزانى. يقال أنّ الشهيد يموت قبل حادثة موته. لذلك يظهر الحزن في عيونهم وهم أحياء.

الشهداء حزانى لأنّهم كانوا يفكرون بأطفالهم الذين تركوهم نائمين والتحقوا بالفصيل الذي سيُرابط على سواتر مدينة القصرين.
يفكرون بأولادهم يبكون وهم يتعلّقون بستراتهم العسكرية ليمنعوهم من الخروج.
يُفكّرون بضمّة القلب لحظة وداع الزّوجات.
بعودة الطفولة في قبلة الامهات.
بإطراقة أخواتهم الصّبايا الصغيرات اللواتي يحبسن الدموع لحظة الفراق لكي لا تجري دمعة واحدة فيتأذّى قلب أخيها..
يفكرون ماذا سيحدث بعد استشهادهم. بالحبيبة التي ستتسمّر بمقعد السيارة الخلفي وهي تبكي بغصّة. ترفض النزول الى قبر حبيبها. لأنها لا تتحمّل اللقاء به وهو تحت اللحود مُغطّى بالأزهار.

الشهداء حزانى لأنهم يفكّرون باحتمال البرود تُجاه دمهم. فبعضنا قد يتساهل مع القاتل. وقد يحاول حمايته فيبحث له عن مخرجٍ خلفيِّ آمِنٍ.

الشهيد لا يثق بمن بقي بعده كامل الثّقة. ليس واثقًا إذا كان الله حين خلق الواحد من هؤلاء قد زرع الغَيْرة في جوارح قلبه كبقيّة البشر. أم أن صندوق صدره لا يحتوي ذلك الإحساس الذي يجعل الدم يتدفق في الأوردة كصعقة تَهزّ الكيان، وتحوّل أجسادنا إلى أسلحة ثقيلة تَرُدُّ الظالم عن ظُلمه.
ولربما كان الشهيد على يقين بأنّ بعضنا سيقف مخصيًّا منزوع السّلاح أمام القاتِل. وأن بعضنا الآخر، سيبذلون جهودا جبارة لتحطيم أولياء الدم لأنهم يحسدون الشهداء بسبب موتتهم العالية. يحسدونهم على قبورهم المبنية بعناية. وعليها زهور لا تذبل.

كما تُمسَك المذارِ أو الفؤوس على الأكتاف تحت وهج الشمس، وفي الطريق إلى الحقول، كان الشهداء يمسكون الرشّاشات وقاذفات القنابل من أجلنا. لم يكونوا هواة حرب. ولا القتال لعبتهم المفضلة. ولكنهم كانوا يعرفون أن ليس لتراب تونس سواهم إذا ما دقّت ساعة الحقيقة ووقف الغُزاة على أعتابها. ورُبّما حدّثتهم أرواحهم، قبل موتهم، بحكمة الفداء والتّبجيل في المقامات العُليا كما ورد في التّنزيل "واشرقت الأرض بنور ربّها وجيء بالنّبيين والشّهداء..."

اليوم عندما تذهب الى المقبرة. وترى بعينيك شهداء كبار. بعض أبناء المؤسسة الامنية استشهد ولَم يتسلّم راتبا واحدا في حياته. عمره إثنان وعشرون ربيعا، ترك أمّه تطوي له الفراش وتشتمّ رائحة ثيابه بقلبها، وخرج ليسقط تحت وابل من الرّصاص من أجل الوصيّة والرّسالة.
وبعضهم لم يكن عسكريا. ولم تجبره الحكومة على مواجهة الغزاة. لكنه تطوّع للذّود عن تاج البلاد، فدفع حياته وسكن التّراب.
وأنت تقف على قبر الشهيد، تكاد تسمعه يتكلّم. إنه يتعدّى الجسد والقبر ليصبح قصّة لا تنته وموقفًا مُسجّلا في دفاتر التاريخ.

لذلك لا قسوة في القلب على أحد. ولكن قتَلَة الشّهداء يجبُ أن يدفعوا الثّمن أمام العدالة. وممنوع على من تبقّى منّا على قيد الحياة أن يترك لهم منفذًا للهروب.
ممنوع منعًا باتٍّا محسومًا إلى يوم القيامة.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم بتغيّر
- الفساد هو الأساس المادّي لحكم الأقليات المافيوزية في تونس من ...
- ضدّ التّضليل، ضدّ تزوير الذّاكرة.
- المتعاونون الجُدُد مع نظام الإرهاب والفساد.
- العَلمَنَة مسار تاريخي، وليست قرارًا إداريًّا.
- أحزاب القبيلة وحُكم الأقلّيات
- الإسلام السياسي والاستعمار، مشروع واحد.
- أُفول اليسار التّونسي على يد قيادات اليمينيّة.
- في غياب تحالف شعبي ديمقراطي، لا خيار إلا الرئيس
- حركة النهضة سقطت بسبب جرائمها
- هذا ما حدث في تونس
- برقية إلى شباب اليسار التونسي
- أزمة الأحزاب السياسية في تونس
- التدخل الروسي في أوكرانيا: هل هو غزو للأخت الصغرى؟ أم مواجهة ...
- هل يمكن الحديث عن أزمة في الإسلام؟
- حضور حركة النهضة، يساوي غياب المشترك الوطني.
- حركة النهضة أصبحت -مافيا- ولم تعُد حزبًا سياسيًا.
- ثورة، بلا ثوريين.
- نَكبتُها، في نُخْبَتِهَا، بما في ذلك الرّئيس.
- إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد.


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عزالدين بوغانمي - بوصلة الشهيد!