أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - وطن المنفين














المزيد.....


وطن المنفين


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 7570 - 2023 / 4 / 3 - 09:38
المحور: الادب والفن
    


وجوه متعددة للوطن

1/

ماذا اخذ معي وانا لا أملك قاطا ولا رباطا
صررت ذكرياتي في بقجة صغيرة ..حملتها على ظهر واهن منحنى..
ودعت أياما لا أملك قوتها وعملا يوصل ليلي بنهاري...وفجرا لا يصاحبني فيه إلا المومسات والقوادين وسكارى الطرقات..
وقبيل الخطوة الأولى نظرت إلى الضفة الأخرى لأطمئن على أصدقائي الصعاليك
كانوا يرفلون في قصور وحرير
يتلاعبون بحسابات ومال وفير
ويحملون جوازات حمراء لا يوقفها حاجز أو غفير...
لم أكمل النظرة فقد شبعت ممن يعلبون نضالهم التافه ويبيعونه لنا كأنه اكسير عودة بينما قدماي الواهنة تبحث عن آخر المصير...

2/

ينهي عمله فجرا.انها الساعة السادسة والحاجة تحضر ركوة القهوة.يركض ابو السعيد ناسيا عمره الذي اقترب من الستين.كل صباح يقتطع من يوميته ثلاثة يوروات ثمنا لهذه البطاقة السخيفة المرسوم عليها صخرة الروشة.يدخل الأرقام في هاتفه الخلوي ويرتشف القهوة الصباحية من بين أنامل الحجة.

3/

منذ خمسة عشر عاما ، يعود الى البيت في الثالثة فجرا مرهقا من العمل . يتناول عشاءا فلسطينيا وكوبا من الشائ الخمير ،يتفرج على الاخبار في احدى القنوات العربية ويبكي منفاه القاتل مع صور القتلى المتناثرة في أرجاء الشاشة.

4/


في الثانية عشرة ليلا يحمل حقيبته على ظهره ويخرج ككل ليلة إلى العمل في الكشك الواقع في ذلك الحي المقيت المليء بالقوادين والمومسات والمدمنين.ثماني ساعات كاملة يبقى متأهبا خلف الزجاج المضاد للرصاص يخاطب الزبائن عبر فتحات صغيرة فيه تتيح للصوت فقط أن يتسلل بطيئا في الاتجاهين وعبر صندوق صغير تمر عبره النقود والمشتريات.ثلاثة يوروات يقبضها كل ساعة.في الصباح الباكر يفتح صاحب الكشك الباب المغلق باحكام من الخارج لينهض حامدا الله على بزوغ الفجر عليه . لقد حمته عين الله الزجاجية المضادة للرصاص من جديد.

5/

لا أحد يعلم أنه هنا.أشهر مرت وهو حبيس هذه الزنزانة الانفرادية تحت الأرض.لا أحد يسمع صرخاته أو أناته.أيام تمر دون حساب وهو لا يعلم ليله من نهاره.وحدها عجلة التعذيب لا وقت لها ولا تتوقف.هل تغير لون الشمس الآن؟هل أزهر الحنون؟هل وهل وهل؟لا بد أن من في الخارج قد نسيوه، فهو نفسه قد قارب أن ينسى اسمه ولم يعد قادرا إلا على الأنين.
نهض واقترب من الحائظ .و باظافره المدماة كتب إسمه...عمره...تاريخ اعتقاله...مدينته...اسم زوجته وكلمة أحبك...
تكور على أرض الزنزانة كالجنين وغفى إلى الأبد.

6/

بلحيته الطويلة وجلبابه القصير وقف وزير الصحة الجديد في قاعة البرلمان معلنا عن برنامجه الثوري الجديد لانقاذ الوزارة من ثقل الموازنة المرهق.برنامج يتلخص في جملتين وعلى جمهور المؤمنين الإلتزام به:"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ"..... و"كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ".ما أن أنهى الوزير جملتيه حتى ارتفعت الحناجر بالتكبير.



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة مؤقتة
- توحد
- فهد المواخير
- أفكار شاحبة
- متاهات في ظل التباعد الاجتماعي
- حقيقة مناضل دون رتوش
- تفاؤل 2023
- الضرسان بيلبقله
- سراب العمر
- حين اضئت بدلا من شجرة الميلاد
- اعدام الحب
- مناكفات عائلية
- صاروخ يزيل غشاوة القلب
- اشتاتا اشتوت/١
- اشتاتا اشتوت/٢
- صور غبية
- اندمج بعيدا عنا
- انت لست لاجئ..انت...!
- أحضان وطن
- تهيؤات


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - وطن المنفين