أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح عيال - النبّاح














المزيد.....

النبّاح


صلاح عيال

الحوار المتمدن-العدد: 7568 - 2023 / 4 / 1 - 18:54
المحور: الادب والفن
    


كعادته صديقي.... يتصل بي ليسأل عن أحوالي، فحرارة الصيف والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي لا يشجعان على الزيارة.

المهم يأخذ اتصالنا أكثر من ربع ساعة أو أقل عبر النقال "الواتساب" وقتها أشعر بانزعاجه من صياح الصبية وعدم الرغبة بالتواصل.

_ ما هذا يا أخي لم أفهم منك شيئا؟

بالتأكيد، أعتذر منه فيتكرر الحال وأجيبه بأسف آخر، حتى قلت له يوما؛

"أنا أشتغل نبَّاحاً يا صديقي..

فضحك متأسفا على الحال.

بينما أكدت له؛ إنها مهنة حقيقية.

فوجدته لم يعرفها، قلت له سأروي لك عنها وللآخرين ما أعيشه وما كانت الناس تترزق منه قديما، ولو نحن ،أنا وزوجتي، نشتغل بالمجان.

فيا صديقي..

تعرف جيدا أنا أسكن في أحد بيوت الحواسم، بيوت متراصة ومتداخلة بلا شوارع منتظمة، بيوت عشوائية غير مرخصة. كان بيتي عبارة عن شقق متداخلة لأبنائي الأربعة المتزوجين، كل شقة بغرفة واحدة ومجاز صغير وحمام، تشترك الشقق بمرحاض واحد.

عدد أسرتي ثلاثة وعشرون فردا، عشرة كبار، أربع زوجات وأربعة أبناء، أنا وزوجتي وثلاثة عشر من الأحفاد، كبيرهم لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة، وأصغرهم بعمر الشهرين وثمة مولود سيأتي.

جميعهم، يتواجدون في الممر الذي يوحّد البيت الكبير. ولأننا بعمر الستين ونيف، لا غرفة لنا صار الممر منامنا، بمعنى نحن، آخر من ينام بسبب الصياح وأول من يستيقظ على صراخهم.

الممر هذا مختلف البناء ضيق جدا وهابط السقف، بمترين وعشرة سنتمترات. بينما الشقق عالية بعض الشيء، تباينت سقوفها بين الأرامكو والصفائح المضلعة والطابوق.

هذا ما اعتدنا عليه، منذ ثماني عشرة سنة، ولكن الذي لا نعتاده هو صراخ الصبية وعراكهم وضحكهم وبكاؤهم الذي يبدأ من نجمة الصباح وحتى آخر الليل وبلا انقطاع.

فلا حل يخفف الأمر إلا بالصراخ عليهم وضرب هذا ومداراة ذاك ليسكت أو اقناعه كي يأتي أبوه ليسكته بشراء لعبة أو يرضيه بقطعة نستلة أو المقرمش لكن الآخر حتما سيصرخ ليركض نفس الأب، يشتري للجميع.

بعضهم يريد شيئا آخر فتبدأ المشكلة لتلصق بمشكلة أخرى، وهكذا...

ولأن الأمهات والآباء تعبوا من أبنائهم، حوّلوا المهمة علينا، أنا وعجوزي، لعلنا نستمر في معالجة هذه الإشكالات بالصياح والصراخ الذي تجاوزنا فيه صراخهم وبكاءهم، لم نصل إلى البكاء، فقد عوّضته عجوزي بالضغط والدوار، أما أنا فبضعف البصر وثقل السمع واشتعال الرأس شيبا.

اليوم أنا وزوجتي مهنتنا "لاحوح، نلح لعلنا نفلح بسكوت الصبية، مداراتهم" وبعض المشتغلين بها يسمون أنفسهم بالنبّاح، تشبيها بالكلاب، لكثرة الصياح على الصبية وتمردهم.

الفرق بيننا وبين المشتغلين قديما، إننا اشترينا هذه المهنة أو جاءتنا من غير ميعاد، بينما كانت البيوت في الأهوار والمناطق الزراعية والرعوية تستأجر العجوز لوحده أو مع امرأته ليكون لاحوحا أو نبُاحا، حتى عودة الرجال والنساء من العمل إلى البيت. وقتها يكون قد انتهى عمل اللاحوح.

يا صديقي..

بقي الفرق الأخير عن مستأجري هذه المهنة؛

لم ننته منها إلا مقبوريّن.. والسلام.



#صلاح_عيال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث اغنيات لمائدة نزهت
- مدفأة علاء الدين
- كيورش/ رواية
- قصة قصيرة
- سيدة من طهران
- ادباء العشيرة
- حديث الابواب
- فريديريك انجلس في سنجار
- ريتا والسيد الخوئي وداعش
- الانثى التي اصبحت ذكرا رواية-1


المزيد.....




- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح عيال - النبّاح