|
مابين بين
بهاء الدين الصالحي
الحوار المتمدن-العدد: 7567 - 2023 / 3 / 31 - 23:54
المحور:
الادب والفن
قراءة في شعر فرج الضوي جميل أن يري الشاعر نفسه تشخيصا لحالة نفسية عامة يبلور لها اتجاه فكري سائد حوله وقد انطبع علي ذاته فصارت صياغته الشعرية من لغة وموسيقاها النابعة من تناسق بناء الجملة ليقدم حالة من البناء الفني قادرة علي اختراق الجدار الشعوري للمتلقي فيدلف لثنايا روحه ليخلق نوعا من الاستجابة القادرة علي مساعدة المتلقي لتشخيص أزمته ليستطيع بعد ذلك تلمس سبلا متعددة لتجاوزها. ذلك الأمر يتسلل لك عندما تقرأ ديوان المراكب التي تسافر للشمس وهو للشاعر فرج الضوي وهو صادر ضمن النشر الإقليمي لهيئة الثقافة الجماهيرية المصرية عام ٢٠١٩ فرع ثقافة البحر الأحمر. تسيطر علي الشاعر روح البرزخية بمعناها الوجودي وليس اللاهوتي بمعني مرحلة البحث عن الذات من خلال طرح ملامح تلك المرحلة الضبابية عسي ان تنقشع تلك السحب فيستبين الطريق ، وهنا قيمة هذه الإبداعات إنها تعبر عن جيل الشاعر الذي يشهد سقوط جميع النماذج المرشحة للمرجعية ،وذلك بحكم السيولة المعرفية التي نحياها . السؤال المهم كيف عبر الشاعر عن تلك الأفكار الني استقيناها من خلال قراءة الديوان، وكذلك السياق اللغوي ،والسياق النفسي كجديلة يبرز من تفاعلهما البعد الاجتماعي الذي أراد الشاعر ابرازه وهو غياب دور الشاعر / المثقف/ الإنسان عن إدارة واقعه ؟ آلية تدرج الوعي من خلال ممارسة الحلم ،ذلك الحلم الذي جاء كموئلا انسانيا ناتج ضريبة المعرفة وتناقضاتها وكذلك بحث الذات عن صيغة وسط ذلك : اعرف المراكب التي تسافر للشمس / فهي سريعة الاحتراق / اما الزوارق الفضية الني تسافر للقمر/ حين الوصول لا تري الا الظلام . وكأنها متتالية الحياة والصحراء الشمس حيث النور والمعرفة والليل حيث القمر مفرده وورود الليل مقرونا بالفناء والنهار مقرونا بالابصار حيث وضوح الأشياء قرين المعرفة الملزمة ،لنكون الأحلام قريبة الليل للتحقق في النهار والتباين البصري من خلال المقارنة بين المركب والزورق حيث الحجم ودلالاته ولكن تلك المعادلة لم تتحقق ،وهو امر يتم استنباطه من البناء الهندسي للقصيدة ،حيث بدء بذلك البعد التقريري ثم يسرد بعد ذلك ملامح الطفولة الممزوجة بالحرمان الذي دفعه للتوحد مع السحاب كطفل مثله حيث يراه جه الإله، وهنا برهانية التأملات حيث وضوح السماء في الصحراء تلك الرؤية التي اغتصبها ناطحات السحاب من اهل المدن ،كان الشاعر يبحث عن بكارة أحلامه القديمة . التقسيم النفسي والزمني للقصيدة يطرح تباين الأسئلة داخله وعجزه عن استبطان أداة معرفية تعينه حتي علي قراءة تاريخه النفسي من خلال دوام ضبابية مرحلة الطفولة المحاطة بفرض الأسئلة والتماهي مع الطبيعة فمن أين جاء ذلك القلق ؟ فلسفة البحث عن الطفولة هنا ليس من باب سحر النوستالجيا ،ولكن بغرض معرفي: وأشياء كثيرة / لم أجد لها إجابة للأن / ولم استطع ان أفلسفها في حديثي لأطفالي! هنا استدراك لمتلازمة الوعي حيث أن الحقائق دوما نابعة من مراجعة الذات وتطهير الروح من مخاوفها الموروثة، وكان الثنائية تلك قدرية حيث عجزها عن تحقيق نوعا من الحسم لواقع الاحتراق الداخلي الذي يعانيه المبدع حيث يبقي الحافز الرئيسي ،كيف نستطيع أنفسنا كي نبلور صيغة لها من خلالها نستطيع تقديم أنفسنا للأخرين ،والكن البعد النفسي واللغة اللاهوتية الواضحة في قصيدة في الملكوت حيث القدرة علي التعبير عن الأشياء لقوة المتناقضات وهنا وضوح الرؤية وبلورتها من حيث طول القصيدة المعبر وغير المفرط وهنا مهارة تقطيع اللحظة الشعرية وكذلك الترابط المنطقي الجزاء القصيدة من بداية ونهاية وجسم القصيدة : في الملكوت سوف انام بين أكف الله / وسأحكي له كثيرا / واتحدث معه طويلا . وفي نهاية القصيدة : هاجرت يارب ..الي اين ؟ / لا أدري/ أه ايتها العصافير / قد مات في الكون الغناء . اللغة اللاهوتية جزء من اللامتناهي وهنا يكون ذلك الشعر بلغته معبرا عن البيئة حيث البحر اللامتناهي في علاقته مع البشر وكذلك الصحراء وقدرتها علي الصمت وإثارة التحديات اللامتناهية للوعي الإنساني ورغبته في سيادة الكون . هنا يكون الصدق مزدوجا لغة وسياقا . تجربة في الشعر قادرة علي ان تعكس ذلك التنوع والثراء في الثقافة المصرية .
#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوربا والمسلمين
-
الخلجنة ٥٥
-
خلجنة الوعي العربي ٤٥
-
خلجنة الفكر العربي
-
خلجنة العالم العربي ٢٥
-
خلجنة العالم العربي ١٥
-
مملكة الصلصة
-
الإنسان العالمي
-
النظام العربي
-
زواج الجرحي
-
الأدب المغاير
-
تسليع القيم
-
المكون الشعبي عبر التاريخ
-
المكون الشعبي
-
السيرة الهلالية
-
عراقي في باريس
-
المرأة والعالم
-
الرقي والتمائم
-
فولكلور
-
العربي التائه- خلق هوية
المزيد.....
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|