عصابة الحتار نبي دين السنطه لﮔو

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)

الحوار المتمدن-العدد: 7563 - 2023 / 3 / 27 - 13:43
المحور: الادب والفن
    

كان يا ما كان في قديم الزمان بغابة الخضران، أبو الويو "الحتار"، الذي دأبت كل دواب الغابة على احتقاره و التنجس من الاقتراب منه لجبنه وخبثة وطمعه الذي لا يعرف الحدود بالورق الأخضر الذي دأب على اختلاسه ليل نهار من طعام سواد مواشي الغابة وخزنه في أعماق حتيرة وجاره. وبغية حماية مخزنه المتضخم أبدا بالورق الأخضر، فقد أطلق لحيته، وتطربش، و تزين بالمحابس والمدس، وأشهر نفسه نبياً أرسله الرب لهداية دواب الغابة بالدين الجديد الذي أسماه: سنطه لـﮔو .
ولدعوة دواب الغابة لدينه الجديد هذا، وتجييش المريدين، فقد نصب له عرشاً أقامه فوق ساقية الغابة، وعمّل دواب الحماية للالتفاف حوله وهم مسلحون بالكواتم والصوارم والمفارم والضوارم والمخارم. ودعى قطعان الدواب من الفئران والجرذان والذبان لوليمة فخمة رخمة بالفسنجون والمطنجنه والهريسة أولمها لهم من علفهم المختلس. تهافت المتهافتون من الفئران والجرذان والذبان على الوليمة. و بعد الشبع والدَرْيَعة، ارتقى الحتار عرشه، و خطب في الفئران والجرذان والذبان قائلا:
- أيتها الدواب التقية، هل امتلأت كروشكم من طعامي اللذيذ هذا؟
ردَّت الفئران والجرذان والذبان بصوت واحد:
- نعم ، أجل، بلي !
- بارك الله فيكم، واعذروني من التقصير. وأنا أعدكم وعد شرف بلحيتي البيضاء المقدسة هذه أن تكون الولائم القادمة أفخم وأرخم. والآن، صارحوني القول: أيهما أحسن: موائدي العامرة الفاخرة هذه، أم مكبات الزبالة التي منها تأكلون؟
- موائدك العامرة الفاخرة هي الأحسن ، ردَّت الفئران والجرذان والذبان.
- ها قد قلتم الحق بأنفسكم؛ و الحق يعلو ولا يعلى عليه. فمن أراد منكم الأكل يومياً في مضيفي العامر هذا الذي رزقتني به مشيئة الرب بدل مكبات الزبالة، فليبايعني على الدين الجديد: سنطه لـﮔو.
- وما هي مبادئ هذا الدين الجديد: سنطه لـﮔو؟ سألته الفئران والجرذان والذبان.
- انه الدين العظيم الذي يحلل الطبر والهبر والقبر بكل جلال وبأعظم الخلال، وأهمها خلتان: وجوب أن يكون الشغل سنطاوي مثل شغل الواوي أولاً؛ وثانياً أن يكون الشغل مربحاً سريعاً مريعاً مثل اللـﮔو. ولقد اصطفاني الرب من دونكم لهدايتكم بفضل مواهبي الفظيعة الرقيعة. فمن آمن بي، فليهز ذيله بكل تبتل وخشوع.
هزت الفئران والجرذان والذبان ذيولها بكل تبتل وخشوع.
- بارك الرب بكم. اذهبوا بعون ربي فاسلبوا الأطعمة والثروات من كفار دواب هذه الغابة الخضراء سنطاوي لـﮔاوي، حلالاً تلالاً، و زلالاً بلالاً. ولا تنسوا تسديد حصتي: ثلث المسلوبات والمنهوبات بالتمام والكمال كي لا تتنزل عليكم نقم رب السنطه لـﮔو. ومن يقف في وجوهكم، فافرموه ﭼلو بلو وﭙرده ﭙلو. وإياكم إياكم من الكفر بي وعدم تسديد حصتي: ثلث المسلوبات والمنهوبات بالتمام والكمال لكي لا تتنزل عليكم نقم رب السنطه لـﮔو. و أوصيكم خيراً بدواب حمايتي هؤلاء فهم أمل أمة السنطه لـﮔو، ومعدن الخير والصلاح والرفاه العميم بمقذوفاتهم الجبارة وقرونهم الطبارة وحوافرهم الشبارة الشنارة.
وهذا ما كان.
وفيما عمَّ الجوع غالبية دواب الغابة، امتلأت حتيرات أتباع الحتار بأنفس الثروات التي لم يكن أحداً منهم ليجرؤ حتى ولو على الحلم بها من قبل وهو يمضي جل عمره يتقمم في مكبات الزبالات. ولكن أكبر الغنائم كانت من نصيب الحتار الذي ازداد مريدوه وحواريوه وجواريه وسماسرته. وللحفاظ على كنوزه الجديدة من طمع الطامعين، فقد أمر سماسرته بإجراء عدة جولات من تراخيص الخدمة بين قوّادي شيلني و أشيلك لبناء قلاع الطبر والهبر له وتجهيزها بالغرف الحصين ذات الأبواب المتينة، والزنازين الرهيبة التي كان يعلب فيها كل معارضيه.
وهكذا كان.
وما لبثت دروب الغابة وأن طعنت بالحتيرات السوداء لقلاع الحتار، فطق المثل القائل: الحتيرة تدل على عصابة الحتار.
استبد الجوع بدواب الغابة من غير عصابة الحتار، والجوع كافر، فراحت تقتل بعضها البعض قتلاً ذريعاً فضيعاً ، وهاجرت الطيور، فيما راحت عصابة الحتار تستخلص لنفسها الصافي من أسلاب القتلى، حتى شارفت دواب الغابة على الانقراض.
جمعت البومة ما تبقى من دواب الغابة في المنطقة الخضراء، وخطبت فيهم:
- إلى متى تبقون يأكل بعضكم بعضاً، وعصابة الحتار نبي السنطه لـﮔو تظفر وحدها بأنفس الغنائم، وتملأ غابتكم الخضراء فساداً؟ تالله لا خلاص لكم ألا باقتلاع مكمن الشر السنطه لـﮔو هذا المائل أمامكم ليل نهار، والقابض على رقابكم أبداً. قوموا فهبوا هبة دابة واحدة، وأزيحوا امبراطورية عصابة الحتار الحقيرة الجبانة هذه، ودمروا حتيراتهم، فالحتيرة تدلل على الحتار؛ و ألا فلن تقوم لكم قائمة وسط تفاقم شرورهم المستطيرة كالجائحة هذه أبداً.
وهكذا كان.

#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات