محمد عبد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 7553 - 2023 / 3 / 17 - 23:21
المحور:
الادب والفن
(1)
- أما زلتِ تسيرين تحت المطر؟
بيدي.. أمسح الزجاج المضبّب لأراكِ، وربما أتخيّلكِ، بعينين كليلتين تطلّان من نافذة في طبقة أنسى رقمها على الدوام؛ فأتِيهُ، أصعد وأنزل، حتى أجد مَنْ يقودني إلى باب شقّتي.
أراكِ عبر نافذتي المغلقة: شارع طويل يغري البحر، كلّ لحظة، بمعانقته.. وفتاة وحيدة تخفي كفّيها الطريّتين في كميّ معطف قصير بلون سماء أول النهار.
(2)
- إلى أين يأخذك المطر؟
- إلى حيث يريد. إنه يبعث فيّ فرحًا مضبَّبًا بحزن.. أو حزنًا ملوّنًا بفرح.. لا أدري.
وبعد لحظة صمت، كنت تنظرين إليّ فيها ولا ترينني، زرّرْتِ معطفكِ وابتعدتِ:
- لم يهطل المطر بعد!
- أنا ذاهبة لاستقباله.
أصابعكِ، وهي تلوّح لي، بدتْ كأنّها تعالج مفاتيح بيانو قديم. وقتها ظللّتُ وحيدًا. أنظر إليكِ تبتعدين.. وأنتظر من يقودني إلى شقّتي بدل مِنْ أنْ أضيع، كما أنا دائمًا، وأنا في طريقي إليها.
(3)
بيدي أمسح زجاج نافذتي المغبّش لأصنع لي كُوّة أطلّ منها. في الخارج: كان الشارع يذرع طوله وحده في جوٍّ بلون الرماد مراقبًا البحر وهو يدفع نفسه لتحسس حافته. وكان المطر بانتظار أحدٍ يخرج لاستقباله.. ليهطل.
آذار 2020 البصرة
(تحت المطر): أحد نصوص مجموعة قصصية بعنوان (لا نهاية لما حدث) صدرت حديثًا ضمن منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق 2022.
#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟