أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا الدوسكي - عمارة الموت















المزيد.....

عمارة الموت


رنا الدوسكي

الحوار المتمدن-العدد: 7545 - 2023 / 3 / 9 - 13:41
المحور: الادب والفن
    


عمارة كبيرة. شائخة، يعيش في داخلها أناس من مختلف الشرائح، هذه العمارة بطوابقها الستة ، حافلة بقصص وحكايات مفرحة ومحزنة، لكل طابق قصة سأسردها لكم لأنها مليئة بالعبر، لعلهم يتعظون هؤلاء من يسرقون ويقتلون ويظلمون ويكذبون ويغتالون ويمارسون الفواحش.
الطابق الاول من القصة يحكي عن أسرة تتكون من خمسة أفراد، الأب احمد، الأم سارة وثلاث صبيان محمد وعلي وعمر، أحمد يعمل ضابطاً في جهاز الأمن، وأولاده الثلاثة في المراحل الدراسية، أما زوجته سارة فهي ربة منزل تحب عائلتها كثيراُ، وتهتم بزوجها وأطفالها ومنزلها، في يوم من الأيام شعرت سارة بوجع في معدتها وكأن النار تحرق أحشاءها، فقررت أن تتصل بأختها مروة لكي تذهب معها الى المستشفى، جهزت نفسها وخرجت من شقتها ومروة تنتظرها داخل سيارتها، أجرت بعض الفحوصات الطبية وتفاجأت بكلام الدكتورة، وخرجت تضحك وتبكي في نفس الوقت، وتقول لأختها :
_ انا حامل، وفي داخل أحشائي طفل يامروة، إن ولدت بنتاً سأسميها مريم.
قررت ان تخبر زوجها عند عودته الى المنزل مساءً، زينت بيتها بالورود والشموع وبعض الحلوى التي صنعتها بيدها، وعند دخول زوجها تفاجأ بمنظر البيت، وقال :
_ ياساره أين انتِ ياحبيبتي؟ ماهذا المنظر الجميل الذي اراه!
فقال له أبنه عمر :
_ ياابي، كانت أمي مبتسمة طول النهار، الا تعرف لماذا؟
فقال الأب :
_ لا، ماهو الخبر السار الذي جعل والدتك سعيدة وتبتسم؟
مسكت الزوجة يد زوجها لكي تخبره بهذا الحدث السعيد ولكنها قبل أن تتكلم انتهى كل شي في غمضة عين
ماذا حدث ؟

أما الطابق الثاني كان يسكن فيه عائلة يعمي قلوبهم الحقد والأنانية والكراهية، يعاملون زوجة اخيهم كخادمة لهم،
لكن لماذا؟
اين اخوهم ولماذا يقبل معاملة زوجته بهذه الطريقة البشعة؟
كانت عبير وهي زوجة اخوهم خالد، طيبة القلب وجميلة، مثقفة، وذات اخلاق عالية، تحب زوجها جداً، أنجبت منه طفلاً يشبهها، لكن شاء القدر ان يأخذ روح خالد ويتوفى بدون اي سبب، نام ولم يستيقظ، الفاجعة حلت على كل من في البيت بموت خالد، لكن الفاجعة الكبرى أحلّت بعبير، فقد أتعبت الدموع عينيها، ونحل جسدها بسبب موته، مرت الايام واذا بعائلة خالد الحاقدة، تعامل عبير كأنها خادمة،
_عبير جهّزي لنا الطعام
_عبير نظفي البيت
_عبير اغسلي ملابسنا
كانت عبير تتألم من الداخل، وتتمنى أن يعود زوجها الى الحياة حتى ولو للحظة، ولكن هيهات، الموتى لايعودون، عبير تعمل بفم ساكت، لا تعترض على أفعالهم، وسوء معاملتهم لها، لأنها يتيمة الأبوين، وبلا أهل، تحملت معاناة أهل خالد لها في سبيل عدم ضياعها هي وابنها، كانت تدعوا من الله في كل صلاة بأن يفتح لها باب خير، لكي تتخلص من هذه العائلة، وفي ليلة وضحاها استجاب الله لها، وجاءت رحمة الله، فماذا حصل لها ؟

أما الطابق الثالث، اااااه يالهذا الطابق! ترى فيه الهدوء والسكون الصلاة والصيام، الحب والخير، المساعدة والكرم، من في هذا الطابق ياترى؟
هذا الطابق فيها عانس بلغ عمرها الخمسون سنة،ولم يتقدم احد لطلب يدها، فهي مشوهة الوجه، احترق نصف وجهها عندما كانت في سن الثالثة عشر.
هذه البنت اسمها خولة، تمتلك اخلاقاً لم يمتلكها أحد من قبل، تخاف الله، تغض بصرها عن الحرام، ملتزمة بدينها، لاتترك صلاتها أبداً، تصوم كل اثنين وخميس كما جاء في سنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم )، تساعد الفقراء، تحب الخير، تتصدق كل شهر من راتبها الشهري لتطعم كل جائع وكل محتاج، خولة كانت تتمنى أن ترتدي فستان زفافها كباقي الفتيات، لكن بسبب تشوهها لم يتقدم لخطبتها أحد، منذ طفولتها يراودها حلم بأنها سوف تموت وهي تصلي العشاء، هذا الحلم راودها مرات عديدة، في كل يوم عند انتهائها من صلاة العشاء تقول لم يتحقق حلمي بعد، وفي يوم من الأيام دقت الساعة السابعة مساءً ورفع أذان العشاء، وأقيمت الصلاة في المساجد، فتوضأت وارتدت ثياب الصلاة، واتجهت الى القبلة، رفعت يديها قائلة: الله اكبر، .فاذا بها تختفي، ماذا حل بها وأين اختفت ؟

الطابق الرابع تسكنه امرأة عجوز وابنها السارق سامي.
سامي هذا تخرج من كلية الادارة والاقتصاد قسم المحاسبة ولم يحصل على وظيفة، حاله كحال أغلب شبابنا اليوم بدون وظائف، فقرر العمل في محل حلويات كمحاسب، منذ طفولته وهو يحب أن يسرق من أصدقائه الطعام والأقلام والمساطر فاعتاد على سرقة الأشياء الكبيرة والصغيرة.
دخل سامي الى البيت يقول لوالدته:
_ الى متى نبقى هكذا يا أمي؟
أريد أن أعيش في بيت كبير وأمتلك سيارة فخمة وآكل ما لذ وطاب من الطعام والشراب، لقد سئمت هذا الطعام الذي تقدمينه لي كل يوم.
فتجيب والدته العجوز:
_ ومن أين أجلب لك كل هذا الذي تقوله ياسامي!
ذهب سامي الى المحل وهو يفكر في حل يغير حياته جذرياُ، فقرر أن يسرق صاحب المحل نامق ووضع خطة لم تخطر على بال احد، فقد علم إن صاحب المحل نامق مريض في بيته، أصابته وعكة صحية مفاجئة فقرر حينها أن يخبر جميع العمال بأن يأذهبوا الى بيوتهم باكراً نقلاً عن كلام السيد نامق، فغادروا جميعاً وبقي سامي لوحده، جلب كيس قمامة ووضع فيه جميع النقود الموجودة في الدرج ثم أحرق المحل ببعض من الوقود، فاذا بالنار تلتهم المحل بما فيه، وصار يركض ويركض مسرعاً باتجاه العمارة حاملا معه المسروقات، وفي داخل عقله يخطط كيف يصرف النقود وعلى ماذا، دخل بهدوء للعمارة، وصل الى شقته والعرق يتصب على جبينه من تعب الركض، دخل الشقة وذهب الى غرفته وهو يحتضن النقود ويبتسم ويقول:
_ الآن أصبحت ثرياً ثرياً.
فهل يا ترى سيصبح ثريا فعلاً أم ماذا.؟

الطابق الخامس يحكي عن ابراهيم وزوجته آية ووالدته الحجة سمية.
آية من النوع المتعجرف، لا يعجبها أي شىء، تستصغر وتحتقر كل من حولها، فهي تظن بأن مقامها أرفع وأعلى منهم، ابراهيم يخرج كل صباح للعمل في شركة للنفط، يترك زوجته ووالدته في البيت بحفظ الرحمن.
آية تستغل هذه الفرصة عند خروج ابراهيم وتجبر الحجة سمية على شرب عصير تصنعه لها كل يوم، تضع فيه حبه منوم فتدخل الحجه سمية في نوم عميق، لكن هنا نسأل لماذا تفعل ذلك ياترى؟ آية كانت تحب شخص آخر، حتى عند زواجها من ابراهيم بقيت على تواصل معه، تذهب خلسة كل يوم الى بيت عشيقها جواد وتبقى معه ساعتان أو أكثر، ثم تعود الى البيت قبل رجوع زوجها بساعة، في هذه الساعة تجهز الأكل وتنظف البيت وكأن شيئاً لم يكن.
في أحد الأيام اتصلت آية بجواد وقالت له لم لا تأتي عندي اليوم في المساء فأن زوجي سوف يأخذ والدته الى قرية بعيدة عن المدينة بنحو ساعتين لزيارة بيت خاله، فما رأيك؟
أجابها جواد حسناً، سوف آتي ياحبيبتي فأنا مشتاق لك، جهّزت آية نفسها، وانتظرت قدوم جواد، دق جرس الباب وإذا بجواد يدخل ويقول لها:
لقد اشتقت لك ياحبيبتي.
فقالت آية :
_ وأنا ايضاً اشتقت لك يا حبيبي تعال معي لندخل غرفة نومي
وهما في الغرفة وعلى السرير فجأة فتح باب الغرفة بقوة كبيرة.
ياالهي من هذا الذي فتح الباب؟
وماذا حصل حينها ؟
أما الطابق السادس والأخير فهو طابق مظلم يسكنه طبيب جراح اسمه يعقوب وابنته سجى التي تبلغ الخامسة عشر من العمر، يعقوب منخرط مع احدى العصابات الذين يتاجرون بالأعضاء البشرية، كانت فرائسهم من الأطفال والمراهقين، هذه العصابة تقوم بذبحهم وتشريحهم واخراج أعضائهم كالكلى وغيرها، ليتم بيعها بطرق غير قانونية اخبرت سجى أباها عند المساء بأنها ستذهب غداً بعد الانتهاء من المدرسة الى بيت صديقتها لتحتفل معها في عيد ميلادها، وستبقى طول اليوم عندها، قال يعقوب:
_ حسنا ياابنتي لكن اخبريني عند الانتهاء لأجلبك للبيت، وعند حلول المساء فوجئ يعقوب برساله تأتيه عبر الواتساب من العصابة: (يا دكتور لدي جثة في سيارة وقد وضعتها في حقيبة ملابس كبيرة وهناك مفرزة قرب الشارع ماذا افعل الان؟
رد يعقوب:
_ضعها في شقتي ولا تلفت الانتباه عند دخولك العمارة وأنا سوف أراقب الوضع وأقوم بالواجب.
وبعد أن نجحت خطتهما قرر يعقوب فتح الحقيبة وعندما مدّ يده عليها، اذ بالحقيبة تهتز، فماذا يوجد داخلها ياترى ؟
لقد نجحت في وضع الشوق في قلوبكم لتعرفوا ماذا حدث في هذه العمارة والسبب واحد هو الزلزال، حدث زلزال بقوه 7.5 مما أدى الى انهيار و سقوط العمارة بمن فيها،
الطابق الاول راح ضحيتها كل من أحمد وأولاده الثلاث محمد وعمر وعلي وبقيت سارة وطفلتها في بطنها، وبعد أن أنجبتها، اسمتها مريم، ليعوضها الله بمريم فالحياة تولد من الموت
الطابق الثاني راحت ضحيتها عبير وابنها، لينجو أهل خالد، ذوو القلوب الحقودة والممتلئة بالكراهية، أراد الله ان يذيقهم الألم والعذاب بسبب ما فعلوه بعبير وابنها،
الطابق الثالث راحت ضحيتها خولة وهي تصلي العشاء كما كان يراودها في الحلم منذ طفولتها، فتحقق حلمها
الطابق الرابع توفيت والدة سامي، أما سامي فقد تقطعت يداه الاثنتان جزاءً لما سرق طوال حياته.
الطابق الخامس أنقذ الله ابراهيم والحجة سمية وأبعدهم عن هذا الدمار، وفضح كل من جواد وآية بإخراج جثثهم وهم عراة بما فعلوه من زنا.
الطابق السادس خطفت سجى وتم ذبحها وكانت داخل حقيبة بيد أبيها ابراهيم وهو لا يعلم بأنها داخل الحقيبة، لم يتم العثور على جثة ابراهيم تحت الركام لأن الله أراد ان تبقى متعفنة، تأكلها الكلاب وتمزّق أحشاؤها لما فعله بجثث الأبرياء.
القصة هنا عبرة لكل انسان في هذه الحياة
الحياة قصيرة فلا تستحق كل هذا الخراب
والحياه لعبة فكما تدين تدان



#رنا_الدوسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا الدوسكي - عمارة الموت