أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي الشريف - خالد كاظم وعلم اجتماع الأمن (المخاطر، التحديات، والحلول)















المزيد.....

خالد كاظم وعلم اجتماع الأمن (المخاطر، التحديات، والحلول)


حمدي الشريف
(Hamdy Alsharif)


الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 22:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"علم الاجتماع هو طريقة في التفكير، والخيال، وشكل من أشكال الوعي، يمكن أن يغير حياتك، إنه يكشف الغطاء عن المستور، ويشوه سمعة المألوف، وينتقد الأمور المسلَّم بها، ويتعامل مع الحقائق الاجتماعية كأشياء، ويدمر الأساطير التي نختار العيش بها، والاختباء في ظلها". (د/ خالد كاظم أبو دوح)


الأمن قيمة من القيم الإنسانية والاجتماعية التي لا غنى عنها لأي نظام سياسي أو اجتماعي، وهي قيمة تحتل مكانة أساسية في سُلم القيم الذي تشتغل عليه الفلسفة السياسية، وإلى الحد الذي وصلت عنده هذه القيمة عند بعض المفكرين وفلاسفة السياسة إلى أن تكون هي القيم الأولى التي ينبغي أن تكون على رأس سُلم القيم السياسية!
فمن بين الوظائف والمهام الأساسية التي تختص بها الفلسفة السياسية: (1) تعريف علم السياسة؛ بمعنى تحديد المعنى الدقيق لعلم السياسة Politics، وتمييز النشاط السياسي والفعل السياسي عما عداهما من الأفعال الإنسانية الأخرى، (2) البحث في المفاهيم والتصورات السياسية العامة والكلية بطريقة مجردة، كالدولة والحرية والعدالة والقوة...إلخ، وعلى مستوى ما ينبغي أن يكون، وليس ما هو كائن، (3) البحث عن النظام السياسي الأمثل أو "الفاضل"- (على مستوى ما ينبغي أن يكون أيضًا)- هل هو الديمقراطية أم الأرستقراطية أم الملكية أم غير ذلك، (4) البحث في سُلم القيم السياسية، وهنا نأتي إلى بيت القصيد، حيث تبحث الفلسفة السياسية في مجموعة من القيم السياسية، كالمساواة، الحرية، العدالة، الأمن، "النظام"، "الاستقرار"، والكرامة،...إلخ. وأولوية هذه القيم في المجتمع السياسي أو الدولة، وبعبارة أخرى، مدى أهمية كل قيمة من هذه القيم وترتيبها في سُلم القيم السياسية.
إن الفيلسوف السياسي عندما يبحث عن القيمة السياسية العليا أو الأسمى، فإنما يحاول أن يكشف عن أهم قيمة ينبغي أن تكون في أعلى أو قمة درجات سلم القيم السياسية، وبعبارة أخرى فإن ما يشغل الفيلسوف السياسي هي مسألة: أي القيم السياسية هي الأكثر أهمية في الدولة والأولىّ من ثَّم بالرعاية والتحقيق؟ وهنا وجبت الملاحظة إلى أن فلاسفة السياسة، وهم بصدد بحثهم في سُلم القيم السياسية، لا يختلفون حول أهمية القيم السياسية ذاتها في الدولة أو بالنسبة للمجتمع السياسي، وإنما وجه الاختلاف بينهم ينصب على أولوية هذه القيم ومكانها في المجتمع؛ وبعبارة أخرى فإنهم لا يختلفون حول ضرورة وجود مجموعة من القيم السياسية لكنهم يختلفون حول الموضع الذي ينبغي أن تحتله هذه القيمة أو تلك بين درجات هذا السُلم من القيم السياسية. وعلى سبيل المثال، فإن المتأمل للقيمة السياسية العليا عند أفلاطون سيجدها (العدالة) لأنه وفق ما يرى الفضيلة العليا التي لا يعلوها أية فضائل أخرى؛ فهي التي تُسهم بأكبر نصيب في كمال الدولة إذا تحققت فيها. فإذا ما تساءلنا عن الأسباب التي جعلت أفلاطون ينظر إلى العدالة بوصفها الفضيلة العليا في الدولة، فإن إجابته تتضح من اعتقاده بأن «أعظم أسباب كمال الدولة هو تلك الفضيلة التي تجعل كل من الأطفال والنساء والعبيد والأحرار والصناع والحاكمين والمحكومين يؤدي عمله، دون أن يتدخل في عمل غيره» (أفلاطون: محاورة الجمهورية، ترجمة: فؤاد زكريا، فقرة 433، ص ص. 324-325)
أما الفيلسوف الإيطالي مكيافيلي (1469-1527) فقد ذهب في كتابه "الأمير" إلى أن (الأمن)- أو الاستقرار بالمعنى الأعم- هو القيمة السياسية العليا التي ينبغي على الحاكم أن يحققها ابتداء في الدولة بغض النظر عن القيم الأخرى كالحرية والعدالة والمساواة. وكذلك ذهب الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز (1588-1679) إلى هذا المنحى ذاته الذي اختطه مكيافيلي. ولا جدال في أن الفلاسفة الليبراليين يؤكدون بدورهم على أهمية قيمة الأمن، رغم أنهم يرون- بوجه عام- أن قيمة "الحرية" هي القيمة السياسية الأولى بالتحقيق في المجتمع السياسي، وهى القيمة الأسمى التي ينبغي على الدولة أن ترعاها وتحققها وتجعل الأفراد في المجتمع يسعون إلى بلوغها.
وعلى أية حال، فإنه وانطلاقًا من هذه الوظيفة المحورية الرابعة من وظائف الفلسفة السياسية، وفي ضوء كون الأمن- عند بعض المفكرين وفلاسة السياسية- هو القيمة السياسية والاجتماعية الأولى التي ينبغي أن تكون على رأس سُلم الفيم السياسية ومن ثَمّ الأولى بالرعاية والتحقيق من جانب الدولة، وبالنظر إلى تخصص المؤلف في علم الاجتماع السياسي بوجه خاص، انطلاقًا من هذا كله يطرح كتاب (علم اجتماع الأمن) رؤية سيسولوجية يحلل من خلالها ويناقش ويكشف عن أهمية هذا المفهوم المحوري وخطورته في الاجتماع الإنساني بوجه عام. أما مؤلّف الكتاب فهو الدكتور خالد كاظم أبو دوح، وهو أكاديمي باحث scholar صاحب رؤية شمولية نقدية ويمتلك أدواته البحثية واللغوية في التحليل السيسولوجي للموضوعات التي تمسّ وتشتبك مع واقعنا الاجتماعي والسياسي العالمي بوجه عام، والعربي بوجه خاص.
يتناول المؤلّف العديد من الموضوعات الخاصة بمقضية الأمن، بدءًا من تعريف قيمة الأمن ومجال انطباقها، وضرورتها المحورية في الاجتماع الإنساني، لينطلق في التناول النقدي لمفاهيم علم اجتماع الأمن برؤية تحليلية سيسولوجية تلقي بظلالها على أشكال الأمن المخلتفة والتعرض لمفاهيم أساسية في الوقت الراهن، مثل الأمن الغذائي، والأمن الصحي، وفي ضوء ذلك يلقي بنفسه في خضم النظريات الفلسفية والسيسولوجية التي حاولت أن تُفسر كون الأمن قيمة أساسية كبرى في الاجتماع الإنساني، ولم يتجاهل المؤلّف مسائل وقضايا مهمة ترتبط بقيمة الأمن بحيث إذا غابت غاب معها الأمن الإنساني والإجتماعي والعالمي، وعلى رأس هذه المسائل والقضايا: العدالة.
وفي ضوء وعيه العميق بالتهديدا العالمية الراهنة، يمضي المؤلّف في تحليلاته السيسولوجية لمجتمع المخاطر العالمي وما يصاحبه من تزايد الكوارث والأوبئة العالمية التي تمثل تحديات وجودية تهدد قدرة الأفراد والمجتمعات على البقاء والصمود. ومن مجتمع المخاطر العالمي إلى التحول الرقمي، والأمن السيبراني وغيره ذلك، يتتبع المؤلّف برؤية تحليلية سيسولوجية مميزة مسألة أمن المعلومات، خاصة في ظل الانتشار الكثيف لوسائل الواصل الاجتماعي وإنتاج جريمة العنف وإعادة تدويرها، وفي ظل التزايد المستمر لظاهرة الإنفلونسرز (صاحب صناعة التأثير على الآخرين)، ليختتم المؤلّف عمله الرائع بأخطر قضية تهدد الأمن الإنساني والاجتماعي العالمي في الوقت الراهن ونعني بها ظاهرة (التغير المناخي).
من هنا نجح المؤلف في تغطية موضوع علم اجتماع الأمن بكل تشعباته، ومن هنا أيضًا تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه محاولة أولى رائدة وخلاقة نحو تأسيس فرع جديد في علم الاجتماع هو علم اجتماع الأمن، وكما يلاحظ ويؤكد المؤلّف نفسه (أن علماء الاجتماع لم يهتموا على نحو كافٍ بالحديث المباشر عن مفهوم الأمن، لصالح مفاهيم أخرى، مثل: القوة والسلطة، والسلام، والسلم، والعنف،...إلخ. كما لم يحرص علماء الاجتماع على تأسيس فرع خاص بدراسة الأمن من وجهة نظر سيسولوجية). ومن هنا يأخذ المؤلّف على عاتقه تأسيس هذا الفرع الجديد والمهم للغاية للدراسة السيسولوجية والعلمية لمفهوم الأمن، رغم إقرارنا وإقرار المؤلّف نفسه (أن هناك العديد من المفاهيم الاجتماعية التي عَدَّت الأمن واحدًا من موضوعات اهتمامتها الأساسية...، ومع هذا فقد كان جل تركيز أصحاب هذه المفاهيم منصبًا على جوانب بعينها للأمن) دون التعرض على نحو مباشر لمفهوم الأمن كقيمة أساسية من القيم التي تنبني عليها المجتمعات الإنسانية وكقيمة لا يمكن للفرد أن يعيش من دونها. ومن هنا جاء عنوان هذا الكتاب معبِّرًا حيث وضع المؤلّف عنوانًا فرعيًا لهذا العمل المميّز هو (محاولة للتأصيل).
لقد اهتم المؤلّف بقضية الأمن منذ سنوات في بعض مقالاته المنشورة والكاشفة، وقد ضمّن بعضها (بعد أن طورها) هذا الكتاب الذي يمثل فتحًا جديدًا في مجال الدراسات السيسولوجية حول موضوع الأمن، ومن هنا فلا شك أن الكتاب يحوي العديد من القضايا المهمة التي تعالج وتشتبك مع موضوع مصيري يؤرق بل يشكل تهديدًا خطيرًا لكل دول العالم اليوم، ومن هنا جاءت أهميته وإضافته الحقيقّة الخلاقة والمميّزة في المكتبة العربيّة، ولذا فمن الإجحاف أن نتعرض- هنا في هذا المقال المقتضب- لأي فصل من فصول الكتاب بالتفصيل النسبي دون بقية الفصول الأخرى، ونأمل أن نقف على موضوعات الكتاب بالتفصيل في مقال أو مقالات أخرى توافي هذا العمل المميّز حقه على الساحة الفكرية والسيسولوجية والأكاديمية.



#حمدي_الشريف (هاشتاغ)       Hamdy_Alsharif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. ظريف حسين والفلسفة الأخيرة: ملاحظات نقدية
- علاء عريبي .. كاتب صحفي بارز من طراز فريد
- بيتر أدامسون: هل كان مكيافيلي سيصوت لدونالد ترامب؟
- د. نصار عبد الله؛ العَاشِق والمُحِبّ للفلسفة
- أزمة التفكير وغَيْبَة العقل النقدي
- -السلطة - الجسد - المقدس-... عرض وتحليل كتاب -دوائر التحريم- ...
- محمود محمد طه.. شهيد الفكر والحرية في السودان


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي الشريف - خالد كاظم وعلم اجتماع الأمن (المخاطر، التحديات، والحلول)