أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل الخزعل - فورفريوس الفيلسوف المغيب















المزيد.....


فورفريوس الفيلسوف المغيب


عادل الخزعل

الحوار المتمدن-العدد: 7537 - 2023 / 3 / 1 - 11:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعد الفيسلوف فورفريوس من الفلاسفة الذي قل ما كتب عنهم بحث او مقال وذلك لقلة المصادر المتوفرة عنه او البحوث التي تناولت اهم اراءه او مساهماته في حقل الفكر الانساني بصورة عامة وحقل الفلسفة بصورة خاصة ، على الرغم مما يمتلكه من خزين فكري وبنية عقلية معرفية سواء دينية او فلسفية والتي جاءت عن طريق البيئة الثقافية التي عاشها ،اذ كان من ابوين مسيحيين من اشراف المدينة ، بالاضافة الى انتقالاته بين المدن الا انه تفرد بأصالة فكره وطرحه الفكري والفلسفي فقد كانت ارائه الدينية متجردة عما كان سائد في الفكر الديني اذ كانت نظرته الى الدين نظرة تفسيرية خالية من الفكار اسطورية وخرافية , ولا يسما محاولات بحثه عما هو مشترك بين الديانات الكلدانية والمصرية واليونانية والرومانية ، وكذلك سعيه في التوفيق بين الدين والفلسفة ، الا ان هذه المحاولات قد باءت بالفشل لان النصوص الدينية المذكورة لا تخلوا من الافكار والعقائد الخرافية والاسطورية في حين ان الفلسفة فكرها مبني على البرهان والعقل النقدي ، وهذه الملامح نلاحظها في مؤلف فرفريوس ( فلسفة الكهانة وصور الالهة ) بين من خلاله المؤثرات الثقافية والبيئية والاجتماعية التي كانت سائدة في مجتمعة والتي كانت بعيدة عن التفكير الفلسفي ، اذ حاول ان يضفي الى هذه الافكار دينية السائدة رؤى فلسفية ولكن كما اسلفنا لم يوفق في هذا التوفيق ما بين الدين والفلسفة لكون المفاهيم والعقائد الدينية تتخللها الكثير من المفاهيم والافكار الاسطورية والخرافية في حين ان المفاهيم الفلسفية مبنية على الفكر العقلاني والمنطقي وشتان مابين العقلي واللاعقلي والمنطقي واللامنطقي ، وقد دون فورفريوس هذه المحاولات التوفيقية في كتاب ( فلسفة الكهانة وصور الالهة ) اذ بين من خلال هذا الطرح اثر البيئة الاجتماعية والثقافية والانثروبولوجية في تكوين البنية العقلية للانسان ولا بد لنا من الاشارة الى مسألة مهمة الى ان كتابه لم يكن كتاب فلسفي بالمعنى الحرفي والتقني لمصطلح الفلسفة لكونه يخلوا من البعد النقدي والتمحيص العقلي وهو ما تتخذه المنهجية الفلسفية بالصورة الاعم ، لذلك اراد فورفريوس ان يرتشف من معين الفلسفة وينبوع الفكر الفلسفي فشد رحاله الى اثنيا لكونها تعد قبلة العلماء والفلاسفة والمفكرين انذاك بما شائع فيها من مدارس واتجاهات فكرية وثقافية ومذاهب فلسفية ومن جانب اخر لم يترجم الفكر الفلسفي الى اللغة السريانية والذي اضطر على اثره فورفريوس ان يتوجه الى اثينا للتزود بالفكر الفلسفي وتعلم اللغة اليونانية وعند وصوله الى اثينا ألتقى بالعديد من المفكرين والفلاسفة وتعلم على ايديهم وكان من بين هؤلاء المفكرين الذين تأثر بهم هو الفيلسوف لوجينيوس فتعلم منه فن الخطابة والبلاغة والنحو وقد ساعدته هذه الامكانات المعرفية ان يسطع بريق نجمه الفكري والعقلي في مدرسة افلوطين ، الا انه واجه في تلك الاثناء صراع ذاتي وحوار مونولوجيا بين ما يعتقد به وهو المذهب الافلاطوني وبين ما تدعوا اليه المدرسة الافلوطينية من مذهب جديد ، فالاخيره تدعوا الى التوحيد بين العقل والمعقول في حين الافلاطونية تعتقد بأن المعقولات خارج العقل ، ومن خلال الردود على رسائل افلوطين من قبل اميليوس اقتنع فورفريوس بمذهب افلوطين ومن ثم اعتنق الافلوطينية وعلى اثر ذلك كانت بداية انطلاق الوعي الفلسفي لديه ، لكن هذه الانطلاقة لم تأخذه بعيداً عن معتقداته الدينية المترسخة في تكوينه العقلي وعلى ضوء ذلك حاول ان يرسخ لفلسفة عقلية توفيقية يدعوا من خلالها الجمهور لممارسة النقد العقلاني للدين والكشف عما هو مشترك ما بين الديانات اذ بقي موقف فورفريوس النقدي ثابت تجاه الاديان سواء اكانت سماوية او وضعية فقد وجه منهجه النقدي الى الدين المسيحي فدون على ضوء ذلك عدة مؤلفات في اثينا منها ( الفلسفة الهومرية ) ( رسالة مالم يذكره الشعراء ) ( كتاب اسماء الفلاسفة ) وفي روما ألف كذلك عدة مؤلفات ورسائل منها ( الرد على النصارى ) ( الرد على انابو ) ( رسالة في عودة النفس الى بارئها ) ( رسالة في الامتناع عن اكل اللحوم ) ومؤلفاته الاخيرة دليل على تأثره الواضح بمذهب افلوطين في النفس واعتبار ان النفس هي جوهر غير مادي ولا متجسم ومفارقة للبدن ووجودها سابق للبدن كما ان البدن لا يحوي النفس بل ان الجسم يكون في البدن ولا بد للنفس العودة الى بارئها عن طريق ممارسة التطهر والزهد والتأمل والامتناع عن اللحم لانها تثقل العقل وتزيد من الشهوة وهو ايضاً ما دعا اليه افلوطين ، الا ان فورفريوس يتفرد عن افلوطين في بعض الجزئيات منها ان محمول النفس ، الروح ، والنفس تتوسط ما بين العقل والجسم وهذا دليل على الاثر الفكري السابق في فلسفته للنفس ، بالاضافة الى كونه شارحاً ومتعمق وبليغاً في اللغة اليونانية هذه الملكات قربت فورفريوس اكثر الى افلوطين اذ عهد له بكتابة رسائله ، بالاضافة الى تلك الملكات اللغوية والبلاغية كان ضليعاً بتفكيك النصوص المعقدة وملتزماً بشرحها بما تتضمنه من معاني محايثة وهذا واضح في كتاب ( ايساغوجي ) ليس كما في شرح الاسكندر الافروديسي اذ كان يضع شروحاً مبنية على تصوراته ومخيلته ، كذلك تميز فورفريوس عن افلوطين في شرحه لمفهوم الجدل ، فضلا عن ان فلسفته اتصفت بالمنهج العملي وتحديداً فيما يخص تنقية النفس من كل ما يثقلها فيعتقد ان الزهد سبيلاً الى التصوف بعكس اعتقاد افلوطين الذي يجعل التصوف سبيلاً الى الزهد ، كما ان فورفريوس انتقد مذهب افلوطين في مفهوم الجدل النازل وتطبيقاته عن طريق اشاعة الفلسفة بين الجمهور اذ رأى فورفريوس لابد للفلسفة ان تكون خاصة اما الشريعة هي ما يحب ان تشاع بين الجمهور لانها كفيلة بتربية النفس للوصول الى بارئها , وقد عارض فورفريوس استاذه افلوطين في تقسيماته للمقولات المنطقية بالقول بجنس الاجناس ، ونوع الانواع ، اذ وضع فورفريوس الكليات الخمسة ( الجنس , النوع , الفصل , الخاصة , والعرض العام ) كمدخل الى المقولات الارسطية كما انه فرق بين الاعراض والجواهر فجعل من الجنس والنوع والفص جواهراً اما الخاصة والعرض العام اعراضاً ، وجميع هذه التقسيمات تعد كليات , على الرغم من اعتراض بعض الباحثين في المنطق على هذه التقسيمات في ايساغوجي , اذ اظهروا عدة مشكلات فيه من خلال طرح تساؤل جوهري وهو هل هذه الكليات عقلية ام تقع خارج العقل ؟ من الملاحظ ان فورفريوس ينحى منحى ارسطي في حقل المنطق ومن ثم يعتقد ان هذه الكليات عقلية , في حين انه في حقل الالهيات افلاطوني ولم يتخلص من تأثيره الافلاطوني على الرغم من اعتناقه الافلاطونية المحدثة ، وبالتالي كانت بنيته الفكرية مزيجاً متداخلاً عن الفكر اليوناني من جانب والديني من جانب اخر .
وقد يتبادر الى اذهاننا تساؤلاً هل يعد فورفريوس صاحب مذهب فلسفي ولون فلسفي خاص به ؟ ان اغلب الباحثين بالشأن الفلسفي يصف فورفريوس بالشارح لكونه لم يأتي بمذهب او لون فلسفي متفرد الا في بعض الجزئيات التي اتخلف فيها عن استاذه افوطين ولا ترتقي الى مستوى المذهب الفلسفي كما جاء به استاذه افلوطين الذي لا يقل مكانه عن المذاهب الفلسفية الاخرى وخصوصاً ارسطو وافلاطون .



#عادل_الخزعل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب عبد الصاحب دخيل سيرة قائد وتاريخ مرحلة للكاتب ...
- محورية المؤلف في التأويل جدل الحضور والغياب في الفكر الإسلام ...
- امأة في الثلاثين رواية نوري دي بلزاك دراسة تحليلية
- قواعد العشق الاربعون قراءة نقدية
- براديغايم الاسطورة
- فكر متشظي


المزيد.....




- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
- مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا ...
- انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
- إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
- رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا ...
- مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل الخزعل - فورفريوس الفيلسوف المغيب