|
عبدة الشيطان
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 7524 - 2023 / 2 / 16 - 17:44
المحور:
الادب والفن
عبـــــــــدة الشيطان:
الاجساد المترنحة الهائمة تتماوج مع موسيقى الميتال المجنونة / اصباغ ونياشين ودبابيس مغروزة في اللحم ، ووشم طيور اسطورية ، وتنانين ووحوش ونقوش تتوزع على ذاكرة الراقصين / كان الهمس المفضوح يعلن عن ابجدية تنزوي بلغتها العجماء ، فلا فصاحة لهمهمة ، ولا بلاغة لغنة ، اما الحروف فتخرج ملتهبة من انوف وعيون ناعسة دامعة / الرقصات التي اعتمدوها معززة بالشعار الاسود الذي استعمر لا شعورهم ، فراحوا يرسمون على الجدران المزدحمة بالشعارات البراقة وجوها متعددة لأدوار الشيطان الذي كان يبتسم الى كل الوجوه التي راحت تبعث رسائل عن اجوبة لما تصل اليهم / مدارس علم النفس هناك نشرت دهاقنتها الذين راحوا يسجلون حالات الهلع والفزع والشرود والهيام والانسلاخ ، ففي زاوية يحجبها دخان كثيف راح العالم الاكلينيكي يدون ما تبقى من ارهاصات ذلك المجنون الذي اغرز عشرات الدبابيس في حلقه / كانت كلمات الاغاني التي يرددها رواد الحلقات تمجد ذات الشيطان الذي كان يبتسم لكل وجوه القاعة المشتعلة بالألوان والاضواء المتراقصة بلا استكانة / عندما تحاول خائبا ان تستشرف رؤية من راقص ماجن فتلك مجازفة وخسارة تؤشر عليك / حتى تستشعر ان النزوة والحوج الروحي هو ما يضفي على هذه اللوحة الصاخبة المزدحمة التي تغص ببهرجتها المصطنعة غير الحقيقية / عندما تصل اليك بعض اجوبتهم تجد انها تصب في دائرة الايحاء التي يعززها علماء نفسيون متبجحون ، ويحيلونها الى بدايات معرفة واكتشاف جديد للحياة ! وما ان تدخل تلك الايحاءات والاحالات الى مختبر الحقائق حتى تجدها ضربا من شطحات وتأملات سو برمانية غير مستقرة . مع تفاقم حالات النزوع نحو تلك (الميتا) غير المعلنة ، واستفحال حالات شرود النفس وهيام الروح تضيف المخدرات صورة اخرى لذلك الهيام المهاجر / فظاهرة التشويه والقسوة على الجسد ، وتبادل القبل الحيوانية الملتهبة ، واستعارة الاجساد الشبقية ، والرقص القريب من حالات تبادل الجنس تحيلك الى عالم من الوهم المعجون بالقناعات الفردية ، اما الشهوات الجنسية التي تصور ذلك الوجود القلق وفق روى منسلخة عن الآخر ، فهي بيان صريح للغربة / فالأفكار التي تلتقيها افكار تنم عن رجاحة الثقافات ، القراءة والرصد والنقد والوقوف على النشريات ودور العرض الكتبي والسيمي والدراما الهادفة .. جميعها عدد تستقر في حوزة المشتركين الهائمين في سبات قناعاتهم ، لكنهم ينغلقون وينطوون على ذواتهم ، ولا متنفس لديهم غير تلك الطقوس المجنونة التي يؤدونها مجتمعين / اما حركاتهم العصبية الجنونية الهستيرية الهائجة فتوحي اليك انك امام جمع من قطيع بقر هلع / افكار عامرة بالجن والسحر الاسود والازرق تتصارع على طاولاتهم العامرة ، لكنهم ينسفون حقائقها بذلك الشذوذ الغريب المفضوح الذي يؤكد افلاس الفكر / الايطاليون ممن خبروا ابعاد تلك الفلسفة الموغلة بالغموض المفتوح ادركوا تلك اللعبة الموقوفة بهذه الجماعة ، فراحوا ينعتونها بأوصاف وتوصيفات اجبرت المشتركين المتمردين على المبالغة بتقديم الاضاحي والهبات الى السيد الشيطان الذي نعتوه ايضا بالمخلص ! كل الاطياف اللونية تسمت بالشيطان مثلما تسمى بها ، فالسبب المسبب يصب في تيه وشرود الهدف وتبعثر الرؤى ، بعدما اصبح التمرد على كل الاديان بما فيها اليهودية من اولى قناعاتهم / حتى ان المتتبع لأفلام الصناعة الهوليودية هذه الايام يستشعر من ان مهيمنة وغائية هذه الافلام راحت تزحف على جميع اصناف الافلام الاخرى ، فتنسخ وجودها وتجعل من حبكتها المكرورة بديلا عنها ، في حين يلمح ذات الصورة التقليدية المحددة بمصاصي الدماء الذي ينضوون ضمن هذه الثقافة / انهم يجهدون ومن خلال منظرين عاملين ان يجعلوا سطوة ابليس روحية مادية تنتقل من رمزيتها ومثاليتها القابعة في التصورات والعقول الى مراحل العمل والتغيير ، فالسيد الشيطان هو المهندس الاول والاعظم للكون / هم يحاولون ان يوظفوا مقالب ومشاهد ومظاهر السحر ويقربونها الى توقعات الآخر والايمان بها ، فإرضاء الذات وارضاء ابليس وما يلحقها بسطوة الجسد هي همهم الاساس / هم يرسمون نهجا من المشاهد والصور الاباحية المباشرة التي تتعدى ابراج القوانين والاعراف فيدسونها في انظمة وشرائع الحكومات ، فالإنجيل الشيطاني كتابهم الذي ترجم الى كل لغات الارض ما زال حلم شباب اوربا وغيرها / وفعلا ، فقد استجابت بعض انظمة ودول ودساتير تمردوا عليها يوما ، لكنها اضافت اليهم مشاريع جديدة حققت لهم برامج تنطلق من ذات الدوائر التي يرسمون / فلا انصياع الى الاديان والطقوس الاخرى ، بل ان الايغال والمبالغة بالمحرمات يقربهم منه ، لذلك يعتمرون السواد ويجعلونه شعارا لهم ، ويقيمون قداس شذوذهم في المقابر / ما زال ذلك الحلم الحتمي يلاحقهم كما الآريين والنورانيين ، فهم الاحسن والانجع والارقي من بين كل شعوب الارض ، وهم المفضلون على كل البشر .
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما قالته الدموع الهوامل في رثاء (رعد هامل) :
-
اخيرا .. سافر مسافر شنان للقاء ربه !
-
(ناصر الكناني) الرجل الذي اخترق جدار العصامية
-
نعم ايها الزاهد :
-
انطولوجيا مدينة : (القسم الاول ) الزبير قبل سبعينات القرن ال
...
-
آريون
-
لاث محطات مربدية (المحطة الثانية)
-
ثلاث محطات مربدية (المحطة الثالثة)
-
لاث محطات مربدية (المحطة الاولى )
-
ورقة نقدية
-
عطشان تركي
-
ومضات شاخصة من جلسة اتحاد الادباء والكتاب لمناسبة يوم السرد
-
يوم الزبير الدامي الشيخ احمد ..العود احمد
-
الفنان الكبير ماجد عباس : الحرص المسؤول والمهنية العالية ..
-
حسن زبون العنزي ( شهادة بطعم العلقم) :
-
حسن زبون العنزي قطار الرحيل السريع
-
الصالون الرياضي في البصرة لجنة اولمبية ثانية ...
-
الزبير .. لمحات من اصالة الماضي
-
بطولة العراق للحمام الزاجل
-
غودو لن يعود
المزيد.....
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|