محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 7518 - 2023 / 2 / 10 - 00:14
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لأول مرة خلال خمسين عاما من عُمر قلمي وستين عاما من أول قصيدة شعرية نثرتها؛ أشعر أن الكتابة والقراءة متعاكسان، ومتعارضان، ومتصادمان؛ فأنت تكتب لمن لا يقرأ، ومن يقرأ لم يعد يبحث عنك في خضم إغراءات مواقع التواصل الاجتماعي السهل، وقذائف التيك توك التي تصيبك في مقتل فكري وروحي، وجنود التفاهات المقدسة التي تعلقك في السماء؛ فلا تُسقطك ولا ترفعك!
القاريء العربي يولي وجهه شطر الصورة والفيديو والحوارات السخيفة وسباق الفتاوى الذي يقوده متخلفون عقليا، ومعاقون ذهنيا؛ فيحصلون على لايكات لا يـأتيك بمثلها عفريت من الجن، أو هدهد سليمان!
لقد نجحتْ تماماً صناعةُ العربي الجديد الذي إنْ شرحتَ له فكرة الذكاء الاصطناعي، رشق في أذنيك حكاية الجــِـنّ الذي ينام في الفراش بينك وبين زوجتك، أو المؤمنة التي كانت محشورة تحت أنقاض سبعة طوابق إثْر زلزال يوم القيامة التركي/السوري؛ فرفضتْ الخروجَ قبل تغطية شـَـعْر رأسِها فخالقُ الزلازل، عز وجل، سيغضب عليها إذا فضــّـلتْ الحياةَ سافرةً على الموت تحت التراب!
ماذا أكتب وملايين ممن تعلــّـموا، ودرسوا لسنوات طويلة سيركلون كتاباتي بأقدامهم لأنهم منشغلون بالأهم وهو عن قــُـدرة الموتىَ على الاستماع لزائري قبورهم، والاتصال بهم حتى بعد أنْ التهمهم دود الأرض؛ فالشيوخ قبل العلماء؟
ماذا أكتب والقدرة على مطالعة نصف صفحة أضحتْ عصيّة على المتعلم تعليماً جامعياً، واللجوء لنشر فيديوهات تخاطب العقلَ، وتــُـخاصم النقلَ، وتُحلل المعلومة بعيداً عن بلاهة الحكايات؟
كيف نكتب ونتظر من جدران صمّاء ترُدّ علينا بعد أنْ تتفهم ما نكتبه؟
ومع ذلك فأنا مضطر للكتابة لقاريء واحدٍ قد يمر على ما يخطه قلمي؛ فيعثر مصادفة على لغة وعقل مشتركيّن في تناغم يؤدي إلى فائدة الطرفين!
لو بعث اللهُ نبيا الآن بكتاب مقدس يناسب عصرَنا؛ فلن يقرأه إلا حفنة قليلة من البشر، وسيستخرجون من بين سطوره دعوات القتل والذبح والتكفير!
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 9 فبراير 2023
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟