أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عادل صوما - هل تصالح الفاتيكان مع لاهوت التحرير؟















المزيد.....


هل تصالح الفاتيكان مع لاهوت التحرير؟


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 7515 - 2023 / 2 / 7 - 06:48
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في سنة 2019 ركع البابا فرنسيس الأول بعد خلوة روحية في الفاتيكان، أمام متعهدي الحروب الأهلية عديمي الشرف والكرامة في دولة جنوبي السودان، وقبَّل أحذيتهم ليحثهم على عدم العودة الى حروبهم الأهلية. وتمنى البابا بحرارة على رئيس جنوبي السودان سلفا كير ونائبه السابق، الذي تحول إلى زعيم للمتمردين، ريك مشار وثلاثة نواب آخرين على احترام الهدنة والالتزام بتشكيل حكومة.
متعهدو الحروب
كتبتُ في سنة 2019 في "الحوار المتمدن" (وقف متعهدو الحروب كالتماثيل أمام البابا البالغ من العمر 82 عاما، ويعاني من ألم مُزمن في الساق، وكان يعاونه مساعده وهو يركع بصعوبة لتقبيل أحذيتهم. وقفوا كالتماثيل ولم يساعدوا البابا حتى في الوقوف بعد ركوعه، لأن روح التشفي والانتصارات الرخيصة والبلطجة تسيطر على قلوبهم، وانا شخصياً لا أصدق أن المتورطين في صراع قذر على السلطة وأصحاب الثروات من خلق الحروب وإدارتها، الذين حثوا مقاتليهم على الاغتصابات الجماعية وقتل مدنيين وإتلاف محاصيل وحرق مزارع وممارسة العنف المأساوي ضد أطفال ونساء وحوامل، الذين داسوا بنود القانون الدولي بأحذيتهم وتسببوا في انهيار الجنيه السوداني وخراب اقتصاد دولة فتيّة تملك مؤهلات النجاح، يمكن أن تتحرك قلوبهم المتحجرة أمام ما مثّله البابا من وحي عظمة إنسانية المسيح).
دُمى سياسية
ما زلت عند رأيي أن جنوبي السودان على حق في الانفصال مما يخشاه من تطبيق شريعة لم تعد تناسب عصر الدول أو حقوق الإنسان، لكنه وقع بسبب زعمائه ضحية شريعة مصانع الأسلحة ومتعهدي الحروب التي تناسب كل العصور، فقُتل بسبب الجهل وصراعات قبلية وسياسية أكثر من مليوني شخص وشُرد أربعة ملايين، وإذا رفع المسيح صانعي السلام إلى مقام أبناء الله، فقد فشل البابا فرنسيس في حث متعهدي الحروب ليكونوا صانعي سلام بعد تقبيل أحذيتهم، وفشل تقبيله لأحذيتهم في تذّكير الدُمى السياسية الخالية من أي مضمون أخلاقي، بسمو مسيحهم الذي حاربوا من أجل إنسانية تعاليمه، وعدم تطبيق تعاليم لا رحمة فيها وغير متحضرة عليهم.
سم الكراهية
عاود البابا فرنسيس محاولته من اسبوع لوقف صراع دامٍ في دولة جنوبي السودان في سابقة تاريخية، لأنه سافر مع زعيمين دينيين من خارج الكاثوليكية هما رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، ورئيس الكنيسة المشيخية في سكوتلاند إيان غرينشييلدز، وحث البابا المصلين الذين تحرك بعضهم مشياً على الأقدام لمدة تسعة أيام على رفض "سم الكراهية"، وطلب منهم عدم إضاعة أي فرصة لبناء السلام، وأخبرهم أنه لا يمكن أن يظلوا محايدين ضد الظلم.
كما ناشد البابا قادة البلاد التركيز على إنهاء الصراع، وفي إشارة رمزية شارك في قداس أقيم في ضريح جون قرنق، الزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي لم تنعم دولة جنوبه بالسلام منذ الحصول على الاستقلال، وعانت الحرب الأهلية منذ 2013، ورغم الهدوء النسبي للصراع، لم تزل النزاعات المحلية تتحول لصراعات دموية بشكل منتظم، فقبل وصول البابا قُتل أكثر من عشرين شخصاً في غارة قبلية همجية على مُربي ماشية.
بيت القصيد
حسب كلمات البابا فرنسيس في زيارته لجنوبي السودان "إذا أردنا أن نكون قساوسة ونتشفع، فلا يمكننا أن نظل محايدين أمام الألم الناجم عن أعمال الظلم والعنف. انتهاك الحقوق الأساسية لأي امرأة أو رجل يعد جريمة ضد المسيح".
هل انتقل الفاتيكان من الصلاة داخل الكنيسة لكي يلهم الله الحكام ليحكموا بالعدل، ويُنعم على الأسرى بالحرية، ويهب المتعبين الراحة، ويكون مع المسافرين حتى وصول آمن، ويتحنن على المرضى بالشفاء، إلى جوهر لاهوت التحرير العملاني، الذي ينص على الاهتمام الاجتماعي بالفقراء، والتحرر السياسي للشعوب المضطهدة.
البابا عادة يلمّح، وما قاله يُفهم منه موقف جديد من الفاتيكان نحو "لاهوت التحرير" غير المرضي عنه كاثوليكياً في عاصمة الكثلكة.
لاهوت التحرير
لاهوت التحرير مثّل الممارسة السياسية لرجال دين كاثوليكيين في أميركا اللاتينية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، مثل جوستافو غوتياريز من البيرو، ليوناردو بوف من البرازيل، وخوان لويس سيغوندو من الأوروغواي، ثم لحق بهم في ثمانيات القرن المنصرم القديس أوسكار روميرو، رئيس أساقفة السلفادور الذي لم يطوبه الفاتيكان قديساً بل الشعب السلفادوري، الذي دخل منذ بداية عمله في منصبه في صراع مع السلطة والجيش والطبقة البرجوازية، مدافعاً عن حقوق الفقراء، ومستنكراً المجازر والاغتيالات والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، التي كانت تُرتكب بحق الشعب السلفادوري تحت مرأى ودعم الحكومة الأميركية، وانتهت جهوده العظيمة باغتياله في 24 آذار/مارس 1980 وهو يترأس القداس داخل الكنيسة.
لاهوت التحرير نشأ كردة فعل أخلاقية عملية وليست وعظيّه داخل الكنائس، ضد الفقر والظلم الاجتماعي في أميركا اللاتينية، وصاغ هذا المصطلح سنة 1971 الكاهن جوستافو غوتياريز، الذي كتب أحد أهم الكتب المُعرِّفة للحركة، التي يُفهَم تفسير النصوص المقدسة في سياقها على أنه "تطبيق عملي" لتعاليم المسيح من منظور الفقراء والمحرومين.
في أميركا اللاتينية، يستهدف قساوسة لاهوت التحرير بالنقد الصريح، الفوارق الحادة بين الأغنياء والفقراء في الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية، الموجودة داخل الهياكل السياسية والشعبية للأمم.
نقدهم قوي عملاني لدمى الحكومات القمعية، التي تعتمد في وجودها على دول العالم الأول، والكنيسة الهرمية التقليدية، التي تسمح للبعض بأن يكونوا أغنياء للغاية، في حين أن الآخرين لا يستطيعون الحصول حتى على مياه شرب نظيفة ووجبة طعام يومية.
لاقى لاهوت التحرير معارضة الولايات المتحدة لاستخدامه "مفاهيم ماركسية" حسب زعم واشنطن، كما وجّه مجمع العقيدة والإيمان الفاتيكاني النصح إليهم في سنتي 1984 و 1986، حين رفض الفاتيكان بعض أشكال لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية بسبب التركيز على الخطيئة المؤسسية أو الجهازية، ولاعتبار التسلسل الهرمي للكنيسة الكاثوليكية في أميركا الجنوبية أعضاءً في الطبقة نفسها التي اضطهدت السكان الأصليين.
دفع مجمع الفاتيكان الثاني (1962- 1965) إلى موقف أكثر توجهاً نحو المجتمع، ومع ذلك فإن المؤتمر لم يدعم أبداً لاهوت التحرير بسبب غضب الفاتيكان منه، حيث حاول البابا بولس السادس إبطاء الحركة بعد المجمع المذكور.
هل ما فعله البابا فرنسيس الأول يمكن اعتباره مصالحة واعتراف بجدوى ومصداقية لاهوت التحرير؟ هل هو محاولة للخروج من النصح والارشاد من على منبر الكنيسة، إلى العمل في قلب المجتمعات المدنية المسحوقة؟



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطريرك يتحدث إلى دُمى
- اغتصبوهن لكي لا يدخلن الجنة !
- سمعنا بوتشيللي فتنصرّنا
- مزيد من ليبرالية الفوضى
- رئيس على قد الجمهورية الإسلامية الكبرى
- أنا الفوضى
- جمعيات حقوق المجرمين
- كوميديا محاكم السودان
- الديانات الإلكترونية والديانات الإبراهيمية
- نسخة تاريخية لغبي مُسيّر
- الموت لكاتبها وناشرها ومترجمها
- في انتظار غودو سياسي
- سبعينية انقلاب يوليو وصحوته
- نيّرة تتمرد على امبراطورية الخيام
- خواطر حول -تغطية المسلمين- بجزئيه
- هل سيرمم الغرب ثغرات ديموقراطيته؟
- قيمة الفنان سمير صبري
- الإلهيون يخسرون مقاعداً في لبنان أيضا
- اقطاعيات المحتالين ورعاياها
- هل قام المسيح أو رُفع؟


المزيد.....




- الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن تطورًا جديدًا بعد اتصال مع رئيس ...
- الشرع يتحدث لـ-تلفزيون سوريا- عن معركة إسقاط النظام: خطط لها ...
- ترامب يفرض رسوماً جمركية إضافية.. فمن الدول المتأثرة وكيف رد ...
- أحمد الشرع يبدأ أولى زياراته الخارجية إلى السعودية ويؤدي منا ...
- تبون يتحدث عن شرطه الوحيد للتطبيع مع إسرائيل، ما هو؟
- نور عريضة تتحدث لترندينغ عن حملتها مع هيفاء وهبي ضد التحرش ا ...
- -مخاطرة بأمننا-.. شولتس يهاجم المحافظين بسبب تشديد الهجرة
- حكومة غزة: الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ البروتوكول الإ ...
- رئيس الوزراء الكرواتي يعلق على فكرة ترامب حول فرض رسوم على ا ...
- على خلفية تصريحات ترامب.. غرينلاند تخطط لتشديد قيود التبرعات ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عادل صوما - هل تصالح الفاتيكان مع لاهوت التحرير؟