أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد الاحمر - الديمقراطية وأخواتها: نموذجٌ أم فخ؟














المزيد.....

الديمقراطية وأخواتها: نموذجٌ أم فخ؟


جواد الاحمر

الحوار المتمدن-العدد: 7510 - 2023 / 2 / 2 - 10:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، تراجعت الأيديولوجيا لحساب الرأي العام أو الرأي الشائع، كما تراجع منطق المشروع المتكامل أمام منطق الحلول الجزئية وتراجعت المواجهة أمام التكيّف والرؤية الرومانسية للقضايا خارج سياقها التاريخي. روجّت الامبريالية لمجموعة مفاهيم نمطية أصبحت شائعة لكثرة تكرارها وتسويقها. اعتمدتها ما تسمى بالنخب الثقافية وهيئات "المجتمع المدني" والنخب السياسية اليسارية كمفاهيم بديهية أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي العام ومن المشاريع النضالية. تأتي الديمقراطية على رأس هذه المفاهيم. ساد الرأي الشائع أنّه لا تقدم للشعوب دون إحلال الديمقراطية، بمواصفات فائقة الجودة، على أنقاض أنظمة الاستبداد وأنّها النموذج الوحيد للانتقال نحو الحداثة والتطور.

ألم تجتاح الأساطيل الأميركية والغربية منطقتنا بحجة نشرهذه الديمقراطية و"إنقاذ" شعوبها من براثن الدكتاتوريات وطغيانها؟ فدمّرت دولاً وقتلت وهجّرت شعوباً وزرعت الفوضى في مجتمعاتنا من أجل هذا "الهدف السامي" الذي تعتبره رسالة لها في العالم دون غيرها.

الديمقراطية هي حكم الشعب من الشعب. الديمقراطية الغربية الحديثة ولدت مع الثورة الفرنسية وما حملته من مفاهيم المساواة والحرية. هي قيم إنسانية جميلة ولكن هل حكم الشعب ممكنٌ في ظلّ الرأسمالية المستغِلّة لقوة عمله؟ أيّ مساواة يُعوّل عليها مع امتلاك أدوات الإنتاج من الطبقة المسيطرة دون غيرها؟ أيّ حرية يمكن أن ينعم بها الشعب تحت سلطة الدولة البرجوازية وسيطرتها المطلقة على هذه الحرية؟ الديمقراطية هي نقيض الأحادية والتفرّد. أيّ ديمقراطية يمكن إقامتها في كنف النظام الرأسمالي الواحد الأحد الذي يحكم العالم بصيغته الاستغلالية الواحدة؟ إنّها ديمقراطية شكلية تستفيد منها الرأسمالية؛ وهم المشاركة في صنع القرار عبر التمثيل الانتخابي بينما القرار الفعلي أي الاقتصادي الذي يتعلّق بعيش ورفاهية الشعوب وحقوقها هو في مكان آخر غير خاضع للمشاركة. إنّها ديمقراطية في السياسة السطحية واستبداد في السياسة الفعلية أي في الاقتصاد. اختيار الشعب لممثّليه في السلطة يبقى شكليّاً، وهذا ما يراد له، وبالتالي قليل التأثيرعلى حياته في وقتٍ تُصاغ جميع السياسات الاقتصادية التي تحدد حياته وعيشه في أماكن أخرى محلية وعالمية، غير منتخبة بالطبع، خاضعة كليّاً لقرار دوائر الرأسمالية وصناديقها وبنوكها. كيف يمكن إذاً للديمقراطية أنْ تكون النموذج لتقدّم الشعوب وتطوّرها؟ أعتقد أنّها لو كانت بالفعل كذلك لَتمَّ حظرها منذ زمن.

لا ديمقراطية فعلية إلّا في ظل الاشتراكية

لعبَتْ نخب اليسار والأحزاب اليسارية الأوروبية ، وهي المتأثرة برومانسية الثورة الفرنسية، دوراً أساسيّاً في بلورة مضامين أخلاقية طوباوية لمجموعة من المفاهيم القيمية التي طبعت عملها السياسي خاصةً في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط الأيديولوجيا. أدّى ذلك إلى إخراج هذه المفاهيم من سياقها التاريخي، وبالتّالي من دائرة الصراع. تبنّت الدولة (أي الطبقة البرجوازية المسيطرة) هذه المضامين واستعملتها في التسوية التاريخية التي أقامتها مع الطبقة العاملة أو ما سُمّيَ بالعقد الاجتماعي. على رأس هذه المفاهيم تأتي الديمقراطية التي صُوّرَت على أنّها نتاجُ عملٍ فكريّ يؤمّن أفضل شكلٍ تنظيميّ للدولة أو المجتمع، فهي بذلك حلم طوباوي ذو قيمة مجرّدة بمعزلٍ عن التطوّر التاريخي للمجتمع وأنماط إنتاجه.

بحكم تبعيتنا للغرب، تأثّرت النخب الثقافية واليسارية في بلداننا بهذه المضامين الطوباوية، فتحوّلت هدفاً أساسيّاً في نضالها، ثابتاً في الزمان والمكان، غير آبهة بطبيعة الصراع. هذا هو التناقض الرئيسي بالنسبة لها ويبقى كذلك ما حيينا!. ألا يُفسّر ذلك موقفها أو عدم موقفها من المواجهة الدائرة في المنطقة؟ حيث تعتبر أنّ القوى التي تواجه الامبريالية وأدواتها المحلية لا تنطبق عليها المعايير والمواصفات العالمية لمضامين القيم "الأخلاقية الطوباوية" أعلاه وأهمّها العلمانية والديمقراطية حيث أنّ بعضَها قوى دينية غير علمانية وبعضَها الآخر أنظمة مستبدة غير ديمقراطية.

نعم، إنّ ذلك صحيحٌ. إنّها قوى دينية ومستبدة، ولكن ذلك ليس إطلاقاً الميدان الرئيسي للصراع اليوم. قد يصبح كذلك في المستقبل أو لا يصبح لأنّه لا قيمة ثابتة لأيّ مفهوم خارج سياقه التاريخي المتحرّك. فالديمقراطية (أو نقيضها الاستبداد) لا معنى مجرد لها خارج ارتباطه الجدلي بتطور المجتمع. إنّها نتاجُ واقعنا المادي وليست خياراً إراديّاً نأخذ منه موقفاً مُسبقاً. إنّ الصراع الدائر سوف يخلق، دون شك، واقعاً ماديّاً جديداً ونمط إنتاج مختلف، يؤدّي إلى علاقات إنتاج جديدة بحاجة إلى بناء فوقي يناسبها، قد تكون الديمقراطية والعلمانية من أعمدتها بشكلٍ طبيعي.

التقدّم والتطوّر وبناء الدولة ليس مرتبطاً، كما يُشاع، بإقامة الديمقراطية وأخواتها والأمثلة على ذلك كثيرة: الصين، إيران، تجربة عبد الناصر، تجربة فؤاد شهاب في لبنان واللائحة تطول. فلنبحث إذاً عن تطوّرنا في مكانٍ آخر مرتبط بفكّ التبعية والهيمنة وبناء الاشتراكية التي تؤمّن وحدها الشروط الموضوعية للديمقراطية الحقيقية. لا سبيل إلى ذلك إلّا في الانخراط في المواجهة الكبرى على طريق التحرّر الوطني.



#جواد_الاحمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية وأخواتها: نموذجٌ أم فخ؟


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد الاحمر - الديمقراطية وأخواتها: نموذجٌ أم فخ؟