مصرع بوليتكوفسكاياالصحفية الروسية المعروفة الاسبوع الماضي يعيد قضية الشيشان الى الصدارة

محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)

الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قتلت الصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا بالرصاص الاسبوع الماضي في موسكو والتي بلغت شهرتها مبلغا كبيرا فى الغرب لتغطيتها للحرب في الشيشان ، حيث كانت واحدة من الصحافيين النادرين الذين ما زالوا يغطون هذا النزاع المنسي .
وقد عثرت جارة لها مساء السبت الماضي على جثتها في مصعد المبنى الذي تقيم فيه والذي تجمع حوله عشرات الاشخاص لوضع

ورود . وفتحت النيابة الروسية تحقيقا في الحادث
وقالت صحيفة "ازفستيا" إنه يمكن أن تكون هناك ثلاثة سيناريوهات. في قتل الصحفية الروسية المعروفة انا بوليتكوفسكايا، المعلقة في صحيفة "نوفايا غازيتا" الموسكوفية، في مصعد منزلها بموسكو في يوم السبت الماضي
السيناريو الأول، وهو أقل احتمالا، هو أن يغتالها من لا يروق له ما كانت بوليتكوفسكايا تكتبه في مقالاتها عن الشيشان، وفيها ما يمكن ألا يرضي رمضان قادروف رئيس وزراء جمهورية الشيشان.
السيناريو الثاني هو أن يغتالها من يريد الإساءة إلى السلطة الروسية، مع العلم أن بوليتكوفسكايا كانت تنازع السلطة في روسيا. وجدير بالذكر أن تقريرا نشر على الإنترنت في عام 2005 قال إن ليونيد نيفزلين، النائب السابق لرئيس شركة "يوكوس" النفطية وهو موجود في إسرائيل حاليا، يخطط لزعزعة الاستقرار في روسيا من خلال عدة إجراءات منها اغتيال بوليتكوفسكايا.
السيناريو الثالث هو أن يقتلها من اعتبر أن بوليتكوفسكايا التي أكثرت وسائل الإعلام الأجنبية من الاستشهاد بها، كانت تتخذ موقفا مناوئا لروسيا خاصة وان صورتها موجودة بين صور الأشخاص غير المرغوب فيهم وفقا لما قاله من نشروا هذه الصور على الإنترنت.
.
وكانت بوليتكوفسكايا التي منحت جوائز عدة في الخارج من بينها جائزة الصحافة والديموقراطية لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا في 2003، قد نشرت عدة كتب من بينها " رحلة في الجحيم ، يوميات الشيشان "
الذي كان له صدى واسعا لدى صدوره في فرنسا في العام 2000م .
وكانت من الصحافيين الروس القلائل الذين يغطون الحرب الثانية في الشيشان التي شنتها موسكو في تشرين الاول اكتوبر عام 1999، كتبت في صحيفة " نوفايا غازيتا " مقالات طويلة تدين تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول عودة الوضع الى طبيعته في الشيشان .
واصدرت بوليتكوفسكايا البالغة من العمر 48 عاما والتي كانت من اشد منتقدي سياسة موسكو في القوقاز والنزعة التسلطية للرئيس بوتين، منذ فترة وجيزة كتاب " روسيا بحسب بوتين ".
واعربت منظمة العفو الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان عن غضبها اثر مقتل بوليتكوفسكايا مؤكدة انها استهدفت بسبب عملها الصحافي الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان .
وقالت المنظمة في بيان لها انها على يقين ان بوليتكوفسكايا استهدفت بسبب عملها الصحافي الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان ومناطق اخرى في روسيا ، مبدية حزنها وغضبها الشديد .
ودعت السلطات الروسية الى التحقيق في هذه الجريمة بشكل دقيق وحيادي ونشر نتائج التحقيق ومحاكمة مرتكبيها في اطار احترام القانون الدولي .
كما طالبت الحكومة الروسية باتخاذ تدابير عاجلة لضمان قيام جميع المدافعين عن حقوق الانسان والصحافيين المستقلين في روسيا، بمن فيهم من يعملون في القوقاز، بانشطتهم في امان ومن دون ان يخشوا مضايقة او ترهيبا .
وقال رئيس تحرير صحيفة "موسكوفسكيي نوفوستي" فيتالي تريتياكوف "من المؤكد ان الرواية الاولى التي ترد في الذهن هي جريمة قتل مرتبطة بنشاطاتها المهنية .
من جهتها، قالت تاتيانا لوكشينا مديرة المنظمة غير الحكومية " ديموس " والمتخصصة بقضايا حقوق الانسان فى القوقاز ان بوليتكوفسكايا لم تقل يوما انها تشعر انها مهددة اوتشعر بخطر .
وكانت لوكشينا قد حضرت مؤتمرا في ستوكهولم حول الشيشان مع الصحافية الروسية اخيرا .
وقد تعرضت بوليتكوفسكايا لتسمم بينما كانت متوجهة بطائرة الى بيسلان لتغطية عملية احتجاز الرهائن التي قامت بها مجموعة انفصالية شيشانية في مدرسة في ايلول سبتمبر من عام 2004م واتهمت السلطات حينذاك بدس السم في الشاي الذي شربته في الطائرة.
وفي شهر شباط / فبراير من عام 2001، اعتقلت هذه الصحافية الحائزة جائزة الريشة الذهبية التي يمنحها اتحاد الصحافيين الروس، عدة ايام من قبل القوات الروسية في الشيشان .
وربطت حينذاك توقيفها بتحقيق تجريه حول مركز للاعتقال تابع للجيش فى الروسي في الشيشان واكدت لوكشينا " بالنسبة للشيشان انها مأساة كبرى ، حيث كانت واحدة من آخر الصحافيين الذين يغطون الحرب وينقلون باستمرار انتهاكات حقوق الانسان هناك "، مشيرة الى مقالات تتحدث عن تجاوزات القوات الروسية وكذلك الميليشيات التي يقودها رمضان قديروف رجل موسكو القوي في القوقاز .
وافادت صحيفة " نوفايا غازيتا " التي كانت تعمل الصحافية الروسية ان آنا بوليتكوفسكايا كانت تعد مقالا حول التعذيب في الشيشان .
وصرح رئيس التحرير المساعد للصحيفة نصف الاسبوعية اليوم الاحد لقناة " ان تي في " التلفزيونية " كنا ننتظر مقالا لعدد الاثنين كان مقررا ان تكتبه وربما تكون قد كتبته ".
من جهته، قال رئيس تحرير الصحيفة ديمتري موراتوف ان الصحافية " كان في حوزتها ايضا صورا بالغة الاهمية تظهر مظاهر انتهاك حقوق الانسان فى الشيشان ".
ورغم ان الصحيفة ليس لديها التحقيق الذي كانت تعده الصحافية الروسية ، اوضح موراتوف ان " لدى الصحيفة بعض ملاحظاتها وستنشر جزءا منها ".
ويتوقع مراقبون بأن يعيد مصرع بوليتكوفسكايا قضية الشيشان الى صدارة الاحداث الدولية .
وقد اعربت الولايات المتحدة يوم امس السبت عن "صدمتها" لنبأ اغتيال الصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا وطلبت من موسكو ان تولي المسألة اهتماما زائدا لاحالة القتلة الى القضاء .
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان " الولايات المتحدة تشعر بصدمة وقلق عميق لنبأ عملية القتل الوحشية التي استهدفت الصحافية الروسية المستقلة آنا بوليتكوفسكايا ".
ووصف ماكورماك آنا بوليتكوفسكايا بأنها "صحافية لا تتعب من البحث والتقصي وتحظى باحترام كبير كونها عملت تحت الضغط المستمر للتهديدات بالقتل ".
واضاف المتحدث ان " الولايات المتحدة تطلب بالحاح كبير من الحكومة الروسية اجراء تحقيق فوري وشامل للعثور على المسؤولين عن هذه الجريمة البغيضة وملاحقتهم ومحاكمتهم ".
وقال ماكورماك بأن 12 صحافيا اغتيلوا في روسيا في السنوات الست الماضية، موضحا ان ترهيب الصحافيين وقتلهم يشكل "اهانة لوسائل الاعلام الحرة والمستقلة وللقيم الديموقراطية ".
ومن جانبه اعرب الرئيس الشيشاني علي ألخانوف مساء امس السبت عن اسفه الشديد لاغتيال الصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا في موسكو، مشددا على ضرورة معاقبة الجناة .
وقال الخانوف " على الرغم من اختلاف مقاربتنا للاحداث في الشيشان عن مقاربتهم، فان بوليتكوفسكايا لم تكن لا مبالية حيال مصير الشعب الشيشاني ". واضاف "اننا نأسف زملائي وانا لما حصل ونرسل تعازينا الى عائلتها واصدقائها ".
واضاف ان "من الضروري فتح تحقيق ومعاقبة جميع الذين يقفون وراء اغتيالها .. منوها الى انه يجب الا يقتل الصحافيون ".
وكانت النيابة العامة في روسيا قد فتحت تحقيقا بمقتل الصحافية الروسية بتهمة " القتل عن سابق اصرار " من دون اعطاء مزيد من يذكر بان بوليتكوفيسكايا كانت قد حصلت على العديد من الجوائز في الخارج، .
الجدير بالاشارة ان يوم امس السبت الما ضي وهو اليوم الذي لقت فيه الصحافية الروسية مصرعها فى موسكو قتل صحافيان المانيان في افغانستان ، مما يدل على المخاطر المتزايدة التي يواجهها الصحافيون فى مختلف انحاء العالم . والصحافيان الالمانيان هما رجل وامرأة يعملان لاذاعة "دويتشه فيلي" برصاص مجهولين في خيمتهما.
وكانت كارن فيشر (30 عاما) وكريستيان ستروي (38 عاما) توجها الى افغانستان لاجراء تحقيقات في مدن تاريخية بولاية باميان .
ويدل مقتل الصحافيين الثلاثة على الخطر المتزايد الذي يواجهه الصحافيون في كل قارات العالم .
ويقتل حوالى ستين صحافيين خلال اداء مهامهم سنويا، خصوصا في السنوات الاخيرة ، حيث ادت الحرب في العراق الى ارتفاع نسبة عدد الصحافيين الذين يلقون مصرعهم .
وقتل في العراق 107 صحافيين منذ غزوه في شهر آذار / مارس من عام 2003 ، حسب ارقام منظمة " مراسلون بلا حدود ".
وقد دشن السبت الماضي اول نصب للمراسلين الذين قتلوا خلال اداء مهامهم" في بايو بشمال غرب فرنسا . ويضم اعتبارا من ايار/مايو المقبل اسماء حوالى الفي صحافي.
وازيح الستار عن اول واربع لوحات بيضاء نقشت عليها اسماء 406 صحافيين ومصورين ومصورين تلفزيونيين لقوا حتفهم اثناء اداء مهماتهم بين عامي 1997 و2005، بحضور افراد اسرهم الذين حمل كل منهم وردة بيضاء .
وقال روبير مينار الامين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" التي بادرت الى اقامة النصب بالتعاون مع رئاسة بلدية بايو " لا تنسوهم، اعلموا ان الديموقراطية غير موجودة من دونهم ".
واضاف " خلال ثلاثة اعوام في العراق، قتل من الصحافيين اكثر مما قتل خلال عشرين عاما في فيتنام ، انهم والمدنيون اول ضحايا النزاعات.
وشهد العام 2005 مقتل 68 صحافيا وهو اكبر عدد من الصحافيين والاعلاميين يسجل منذ عشر سنوات . وقالت منظمة مراسلون بلا حدود ان الشرق الاوسط هي المنطقة الاكثر خطورة علىالصحافيين ، لكن معظم القارات وخصوصا افريقيا وآسيا -- سبعة قتلى في الفيليبين في 2005 -- تنطوي على خطورة ايضا .
من جهته، اكد الاتحاد الدولي للصحافيين ان 150 شخصا يعملون لوسائل اعلام ماتوا في عام 2005 بينهم 89 "خلال ممارسة مهامهم". اما الفارق في الحصيلة فيأتي بسبب احتساب او عدم احتساب المترجمين او السائقين الذين يعملون لحساب الصحافيين .
وتؤكد المعطيات المستخلصة مما تواجهه حرية الصحافة والصحافيين فى العالم ان الديمقراطية بدون ما تلعبه الصحافة ويقدمه الصحافيون من تضحيات على الصعد الاقليمية والدولية تصبح نوعا من الخرافة .

#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات