هلْ يوجد لدى الإنسان إرادة حرّة أمْ أنّها مُجرد وهم.؟

زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)

الحوار المتمدن-العدد: 7505 - 2023 / 1 / 28 - 02:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

"يمكن للفأر في المتاهة الذهاب إلى أيَّ مكان ، طالما بقي داخل المتاهة."
الكاتبة الكندية "مارجريت إليانور أتوود"
--------------------------------------
إن سؤال " هلْ لدى الإنسان إرادة حرّة أمْ أنّها مُجرد وهم.؟
--------------------------------------
هو سؤالٌ فلسفي وإشكالي قديم ، تمَّ التفكير به و نُوقش لعدة قرون.
وسُكبت في بحار إجاباته مداد كثيرة و آراء مختلفة، و وجهات نظر متعددة .
و قد قيل إنّ الدافع وراء التفكير في الإرادة الحرة ،
هو أننا نعتقد أنه بدون الإرادة الحرة، لنْ يُمكننا تحميل الناس المسؤولية عن الأفعال والقرارات. بل ستختفي أسباب مدح الآخرين أو إدانتهم لشيء ما - وربّما مُعاقبتهم - دون إرادة حرة.
كان - ولا يزال - هناك العديد من الآراء المختلفة حول هذا الموضوع.
فمن ناحية ، يعتقد بعض الفلاسفة، أن البشر لديهم إرادة حرة ،
مما يعني أننا أحرار في اتخاذ قراراتنا وتنفيذ أفعالنا ، وأننا مسؤولون بالتالي عن اختياراتنا وأن لدينا حرية الاختيار بين الخيارات المختلفة. . .
من ناحية أخرى ، يعتقد فلاسفة آخرون،
أنّ البشر ليس لديهم إرادة حرة بتاتاً، وأنّ كلّ شيء في حياتنا ،
تحددهُ عوامل وظروف متعددة ، مثل الظروف البيولوجية والاجتماعية والثقافية.
وأن الناس يتوهّمون فقط، أنّ لديهم إرادة حرة،
و أنّ هذه الأوهام هي نتيجة ..
- لفهمنا المحدود للعالم
- لأننا لا نستطيع فهم حدود أو معنى احتياجاتنا
- ولأننا نتصرف كنتيجة لنفسية غير واعية، عن العمليات والاحداث التي لا نفهمها بالكامل.
ربما يكون من حسن الحظ، أنّ هناك أيضًا آراء أخرى ، نستطيع ان نسميها بـ "التوافقية" ، و التي تؤمن بأنّ الإرادة الحرة والحتمية ، يمكنهما أن يتعايشا ،
و أن الإرادة الحرة هي عملية مستمرة ومفهوم تقدمي.
زعمي ، أنه من غير المحتمل أنْ تكون قراراتنا وسلوكنا معزولين تمامًا عن العالم الخارجي الطبيعي.
ثم حتى لو كان لدى البشر إرادة حرة ، فمن المحتمل أن يكون نطاق تلك الحرية ضيقًا ومحدودًا للغاية.
بالإضافة إلى اني أؤمن إيمانا راسخاً، بأن الإنسان مقيد باحتياجات لا نهاية لها ولا يدرك حجمها ،
و عندما لا يعرف حدود أو أهمية تلك الاحتياجات ، ولا يمكنه الارتباط بنظامها أو وجودها ، فإنه يشعر أن لديه إرادة حرة... وأغلب الظن ،
ذاك الشعور أقرب للوهم ليس إلا .
قصارى القول:
التفكير في مسألة وجود الارادة الحرة للانسان من عدمها ، يؤكد دوماً أنها مشكلة فكرية معقدة للغاية،
و أنا لا أعتقد أن هناك إجابة واحدة يمكنها أن تناسب الجميع.
وكما يبدو لي ، فان المباحث في هذه المسألة الاشكالية، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ، بكيفية فهمنا، وتقديرنا لأنفسنا والآخرين.
و الإجابة - في تقديري - على هذا السؤال حول حقيقة امتلاكنا ارادة حرة أم لا ، ستعتمد غالبًا على التقليد والفهم الفلسفي، الذي ينتمي إليه المرء، وكذلك على الافتراضات التي يضعها المرء حول طبيعة الواقع والإنسان.
لهذا كله ـ أقول ، أنه من المهم جداً ، أن نمنح لأنفسنا ، الوقت الكافي لاستكشاف وفهم هذه الأفكار ، بدلاً من القفز المريح إلى الاستنتاجات. التي يتوهم أنها أخرجته من المتاهه.
zakariakurdi

#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات