زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 7500 - 2023 / 1 / 23 - 22:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا شكَّ بأنَّ الدّين ( والمقصود هنا الدّين بصفة عامة وليس ديناً بعينه)
هو مفهومٌ معقدٌ في التحديد والتعريف ، وإشكالي جداً للبحث والتفكير به.
وهو يُعرَّف غالبًا ، على أنّه اعتقاد أو ممارسة بشرية، تتمحور حول عبادة آلهة أو أكثر أو كيانات روحية ، أو البحث عن ارتباط بوجود أعلى، أو الاتصال بالكون ككل.
بالطبع ، يُمكن للدّين أنْ يتجلّى في العديد من الأشكال المختلفة ،
مثل الطقوس والاحتفالات والصلاة والتأمل ، و يتمظهر في أساليب الحياة و بناء المباني، و الفن و أفانين الأدب و مناحي الفلسفة...
و يزعم كثير من الباحثين الاجتماعيين والانثربولوجيين أنّ الدّين كان له أسبقية على ظهور التفكير الفلسفي الصرف،،
كما كانت له -ومازالت - تأثيرات مختلفة في الحياة الانسانية ، ويؤدي وظائف متعددة في المجتمع الانساني، منها على سبيل المثال لا الحصر :
- يمكن له أنْ يُساعد في إعطاء معنى وتوجيه لحياة الناس ،
- كما يمكنه تقديم الدعم النفسي لبعض الناس في الأوقات الاستثنائية والأحداث الحياتية الصعبة ، كـ( حالات الفقد والموت.. )
- و يمكن أيضاً أن يؤدي دورا في تعزيز الشعور بالتواصل مع الآخرين. كـ ( الأعياد والمناسبات .. )
- كما يمكن أن يكون للدّين تأثير قوي أيضاً على تغيير حال وتنمية المجتمع و مسارات السياسة فيه ..
- و يمكن أنْ يُؤدي إلى تغييرات ثقافية وتاريخية كبيرة.
- و مما لا شك فيه أيضاً ، يمكن للدّين أن يخلق انقسامًا بين الناس، ويجعلهم شيعاً ومناحل تضاد بعضها بعضاً .
خاصةً إذا كان لدى الناس تفسيرات أو معتقدات مختلفة...وهذا طبيعي جداً في حدوثه ، بفعل مرور الزمن على الافهام ، وتوالي الأحقاب على الجماعات ، واختلاف المصالح ...
- وعليه يمكن أن يؤدي ذلك الاختلاف في الدّين إلى التعصب والتمييز والصراع...
ويصبح بالتالي عامل فرقة وهدم وقلق ، وسبباً رئيساً في أعمال مريعة ومشينة
بدلاً من أنْ يكون عامل أمان روحي وإطمئنان ذهني أو سكينة ..
قصارى القول :
الدين بعامة ، هو شكل من أشكال التعبير للفهم الفردي ، عن السعي إلى الارتباط بوجود أعلى أو بالكون .
وعلى الرغم من إمكانية إعطاءه معنى وتوجيه لحياة الناس ،
لكنه - للأسف - قد يؤدي أيضًا إلى الانقسام والصراع ، و ويكون منطلقاً نظرياً لارتكاب العنف ضد المخالفين، والقيام ضدهم بأعمال إرهاب.
بل قد يصبح تبريراً مرضياً في وعي معتنقيه ، ومرجعية نفسية مريحة، لمرتكبي أبشع أشكال العنف تحت راية أفكاره، أو الاندفاع للقيام بجهاد القتل الغاشم تحت شرعته .
أخيراً ..
رحم الله ابا العلاء المعري حين قال :
إنّ الشّرائعَ ألقت بيننا إحَناً،
وأودعتَنا أفانينَ العداوات
zalariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟