عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 7498 - 2023 / 1 / 21 - 15:42
المحور:
الادب والفن
ودعتها بالامس الوداع الاخير لا رجعة فيه .. حملت معها كل حقائب الذكريات .. سافرت الى بلدها حين تنتمي اليه .. فأنا محطة عابرة توقفت بها لبرهة من الزمن .وكأنها جاءت لتعيد جزء من ذكريات اكل عليها الزمن وشرب .. كمن يستلذ بكأس نبيذ يفيق بعده وينسى ماتحدث به .. انها الرحلة الاخيرة .. اعلن في مطار الوداع على المسافرة الوحيدة الذهاب الى مدرج طائرتها المسافرة لتقلع بعد دقائق .. جريت مسرعة نحو المدرج . وكأنها تستعجل الرحيل فماعادت محطتي تستهويها ..ناديتها بأسمها بصوت عال وقلت .. في امان الله ..لوحت بيديها دون ان تلتفت التفاتة اخيرة تنم عن الوداع .. عرفت حينها انه وداع دون امل للقاء آخر .. القيت نظرة عبر زجاج الصالة لطائرتها وهي تهم بالاقلاع .. اقلعت بكل هدوء مخلفة بداخلي صراع السنين كله .. رحلت حيث عالمها الحقيقي فأنا كنت مجرد حلم ليلة صيف وانتهى .. اشعرتني بعار كل الكلمات التي قلتها لها لاني كنت اخاطب خيالها وليست هي بلحمها وشحمها كما يقولون .. " اشهد ان حضورك موت .. وان غيابك موتان " . فأنا في كلا الحالتين ميت .. رحلت وكأن ارضي اغتصبت مني . فلا سلام في داخل نفسي بعد الآن . علي ان احارب معركة البقاء .. بقاء السلام في قلبي .. ولكن لن يكون هناك سلام ولا اي هدنة حتى لو مؤقتة بيني وبين قلبي .. هي لها وطن ذاهبة اليه .. ولكن هي كانت وطني !! .. الى اين اذهب بعد الآن ؟ كمهاجر اودع وطنه في حقيبة مسافر يتنقل بين محطة واخرى .في بلدان ترفضه . فلامستقر ولاقرار .. رحلت وكأن برحيلها اخذت مني الدنيا ومافيها .. لايمكن الذهاب الى وطنها لانك ممنوع دخول اراضيه .. هناك قائد احكم قبضته على شعبه . فلايمكن لها ان تلتقي بالغرباء .. فنظرة الشك تحيط بك من كل جانب كونك قد تحمل صفة عدو او جاسوس ... سوف تلاحقك نظرات المخبرين وانت في وطنها .. ويمكن ان تتهم بالجرم المشهود لانك عبرت الحدود دون اذن او تأشيرة . رحلت فخلفت مئات الحكايات وعلامة استفهام .
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟