عمر حمش
الحوار المتمدن-العدد: 7496 - 2023 / 1 / 19 - 22:20
المحور:
الادب والفن
كان يجثو، وهو يضمُّ الإبهام، ثمّ ينفضه، والبلورات الملوّنة تتدحرجُ اتجاه الحفرةِ الصغيرة ..
رآنا؛ فترك رفقته، وخطا، كمن للتوِّ كبر.
وصلنا سياجَ الكَرْمِ، وفتح الثغرةَ، ثمّ عَبَر الدّاليةَ؛ فاستقبلته ذراعا الحارس ..
تلاطما؛ حتى سال دمه، ثمّ جاء، وبيده قُطفُ العِنب.
عدنا إلى حارتنا؛ ومن يومها انفلت.
صارتْ أمّه تعضُّه؛ ليأتينا .. نحيلا .. مُصفرا .. يهرشُ مؤخرته .. مُشعّثَا، بجبهةٍ برزتْ، تحتها عينان أضاقهما رمَدُ الربيع.
وصرنا نحذَرُه.
فإذا ما علا في صحن كوخهم الضجيج؛ تباعدنا عن بابهم، قبل أن يقذفه.
وفجأةً صار عاشور يغيب .. ربما ساعةً، ربّما أكثر، ثمّ يعودُ إلى الجدارِ؛ ليهوي صامتا.
ولم يعُدْ يكترث بغزواتِ شلّتنا، وفقط ينقّل عيني بدنٍ ساكنٍ، كمن يرقبُ موعدَ سفرٍ جديدا.
ثمّ غدا يظهرُ مع وجهٍ نظيف، مصفّفَ الشَّعْر، يتبخترُ، وهو يبتعدُ، ويرنو.
وتتبعناه.
راوغناه في الحارات؛ حتى التوى إلى زقاق، ومكث فيه.
رقبناهُ؛ وكان واقفا كمتعبدٍ هناك..
وكنّا على قربٍ، وحِرنا؛ حتى فُتح بابٌ، وأضاءت ساقان، ثمّ تهادتْ تنورةٌ، ولاح مِشبكٌ ورديٍّ، شدّ شعرا؛ انهدل، واهتزّ تحت الخصرِ كذيلِ فرس.
ورأينا عينيه؛ كيف تحدّقَان، وتشعّان.
ورأيناها؛ هزّت جديلتها.
وكفّه امتدّتْ، عندما اختفتْ.
ورقبناهُ؛ وعيناهُ في التراب، ثمّ وكيف انكفأ.
انكفأ عاشورُ على آثارِ خطوِها، وشهقنا، ثمّ صحنا:
عاشور!
وهو يلثمُ رسومَ خُفِّها .. رسْما، رسْما.
#عمر_حمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟