أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ولــمــاذا نــكــتـــب إذن ؟














المزيد.....


ولــمــاذا نــكــتـــب إذن ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 16:42
المحور: الادب والفن
    


تسرح الغزلان في الغابات وتعاشر بعضها بعضا من غير أن تطرح أي سؤال عن تلك العلاقة، أما الانسان المبتلى بالوعي، رجلا كان أم امرأة، فإنه إذا أقام علاقة تساءل: هل هو الحب حقا أم أنها معاشرة؟ فإذا تيقن ن أنه العشق سأل: وهل الحب ضرورة؟ فإذا قلت له إنه ضرورة نظر إليك بتشكك وقال: وهل ينطبق ذلك على حالتنا؟! و لا يكف عن الأسئلة. يغرد الطير فوق الشجر ولا يستفسر: لماذا أغرد؟ أما الانسان المبتلى بالوعي فإنه يبدع كاتبا ثم يتريث متسائلا: ولماذا أكتب؟ فإذا قدمت له إجابة تساءل: وهل لذلك جدوى؟ فإذا وجدت له جوابا غمغم:" هذا من وجهك نظرك..لكن.." ولا يكف عن الأسئلة! ولاشك أن للتطور التاريخي والاجتماعي أسبابا كثيرة، لكن لعل الأسئلة والحيرة المقترنة بها أحد أهم أسباب ذلك التطور. وفي اعتقادي أن الكاتب يكتب أولا وثانيا وثالثا ليس التزاما بفكرة أو مبدأ، فهذا يأتي لاحقا، لكن لأن هذه هي طبيعته، لذلك يكتب حينما تسد أمامه أبواب النشر، ويكتب حينما يضعونه في زنزانة، ويكتب وهو نائم مثلما كان يفعل نجيب محفوظ في سنواته الأخيرة. الكتابة طبيعة ذاتية، شخصية، مثل التغريد في الطيور، والسباحة في الأسماك، ولذلك فإن آلاف الأسئلة لم تمنع أديبا من الاستمرار في عمله، كما لا يمنع الطقس السيء انسانا من التنفس، ثم تاتي بعد ذلك قضية ارتباط هذه الطبيعة الشخصية بما حولها من هموم الآخرين، وقضاياهم، والرغبة في تغيير العالم إلى الأفضل، لكن لابد بداية من أن تكون الكتابة طبيعة شخصية دامغة مثل التغريد في الطائر. تطرح الأديبة الأمريكية جويس كارول لوتس إجابة عن السؤال بقولها إن:" الأدب كله والفن كله ينبع من أمل التواصل مع الآخرين". نعم. في كل كتابة ثمة رسالة إلى آخرين، وأمل بالتواصل، لكن ذلك جزء من التفسير. ويقدم الأديب العملاق جوزيف كونراد جانبا آخر من القضية قائلا:" أكتب لكي أحارب فكرة الموت الذي نولد ونحن نعرف انه ينتظرنا في نهاية الطريق". وهذا جانب آخر، لأن كل فن عظيم يستعصى على الموت باستمراره في الوجود، فيعزي الانسان وينصره على الموت. ويضيف كونراد: "غير أن ذلك ليس وحده ما يكفي للكتابة، ففي عملية الكتابة تصبح لذة ابداع نص مسألة حياة أو موت، سعادة أو مأساة". هكذا يعود الكاتب إلى قضية طبيعة التغريد الذاتية الكامنة وراء الابداع. ويطرح الكاتب المعروف جورج أمادو زاوية أخرى لتفسير دوافع الكتابة فيقول:" أكتب لكي أستطيع التأثير في الناس، هكذا أساهم في تغيير واقع بلادي عبر خلق رؤية لحياة أفضل". هكذا أصبحت لدينا رغبة التواصل مع الآخرين، وأيضا هزيمة الموت بالانتصار على الزمن، وأخيرا الرغبة في تغيير الواقع. أما الكاتبة المعروفة إيزابيل اللندي فإنها تضيف سببا آخر حين تقول:" تمنح الكتابة دائما شكلا من النظام لفوضى الحياة"، وهنا نفهم أن الكتابة نوع من إعادة الوعي بالعالم، وجعله أكثر منطقية، ونظاما، ومفهوما، ومبررا. في بعض الحالات تجتمع كل هذه الأسباب لتشكل دافعا للكتابة، لكن إذا لم يكن الكاتب مغردا بطبيعته فلا جدوى من كل ذلك، لهذا كتب الشاعر النمساوي" راينز ماريا ريلكه": " يكفي أن يشعر المرء أن بإمكانه الحياة من دون كتابة ليكون الأجدر به ألا يكتب تماما"، أي إذا لم تكن الكتابة طبيعة شخصية ذاتية عميقة فلا تكتب. وفي كل الأحوال فإنك مهما طرحت من إجابات على السؤال المؤرق لن يكف الانسان عن التساؤل.

***
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مــغــالــطــات الــتــرجــمــة إلــى الــعــامــيــة
- تزييف الثقافة
- - ربـــمـــا - - قـصـة قــصـيــرة
- رجــال وســـجــايـــر
- حـفــيــف صــنــدل - قــصـة قــصـيــرة
- بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس
- إدوار الـخـراط .. أنـت مـعــنــأ
- نــســـاء وحـــب وأزيــــاء
- الآن دونو .. نظام التفاهة
- الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم
- إغــفـــاءة - قـصـة قـصـيـرة
- تكفير الفن والثقافة
- ضـــــوء فــــي الــشــرفـــة - قـصـة قـصـيـرة
- حـمـايـة الـتـعـلــيــم .. تــلامــيــذ ومــدرســيــن
- اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك
- - أفندم - قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- أشـــــواق شـــاقــــة
- بـــوتـــيـــن .. حـــديــث عــن مــصــــر
- شنودة .. لمن ؟
- الــتــجــأرة بــالــمــرأة وشــعــارات الــحــريــة


المزيد.....




- العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
- لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو ...
- مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة ...
- الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل ...
- محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال ...
- إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
- صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي ...
- جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
- للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم ...
- أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ولــمــاذا نــكــتـــب إذن ؟