أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - ورد وجود والتابلِت














المزيد.....


ورد وجود والتابلِت


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 7 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


في ساعات عصر أحد الأيام ، أعادت الأمّ جميلة بسيارتها ابنها البكر " ورد " ابن الصّف الرّابع من المدرسة .
فما أن وصلا الى البيت ، حتّى فتح ورد باب السّيّارة وركض صاعدًا الى الطبقة الثانية حيث يسكن مع أهله ، تاركًا باب السيارة مفتوحًا والحقيبة تنام بهدوء في المقعد الخَلفيّ حيث كان جالسًا.
هزّت الأمّ برأسها هزّاتٍ كثيرةٍ ، وهي تحمل الحقيبة وتغلق باب السّيارة وتصعد الأدراج ، لتجد ابنها كما في كلّ يوم ومنذ شهر تقريبًا ، يجلس على الكنبة ويغوص في عالم التابلِت الذي حصل عليه كهدية عيد ميلاده التاسع قبل نحو شهر، وبعد أنْ ألحّ على والديْه إلحاحًا كبيرًا .
وندم الوالدان منذ ذلك الحين وراحا يُفكّران بطريقة تربويّة تُخلّص ابنهما من هذا الجِهاز الجميل !!!
ورد ... ورد... نادت الأُمّ وليس هناك مَنْ يسمع ، فورد مشغول بالتابلِت.
ورد ... ورد ...
عادت الأمّ تنادي لقد بَرَدَ الطّعام يا صغيري !
فقال ورد والتكشيرة تُلوّن وجهه :
لسْتُ جائعًا يا أُمّي ... لسْتُ جائعًا.
بل أنت جائعٌ وأكثر ولكنّ التابلت سرقَكَ مِنّا ومن دروسِكَ .
التهم ورد طعامه بسرعة وقام متظاهرًا بأنّه يريد أن يُحضّر دروسه في غرفته ، فحمَلَ حقيبته والتابلت ودخل الى غرفته وأغلق الباب خلفه.
فنادته الامّ قائلة :
لا تفتح يا صغيري لأحد فأنا ذاهبة لأُحضر اخاك جود الصّغير من الحضانة .
عادت الأم بعد دقائق معدودات من الحضانة وصعدت الأدراج مع صغيرها ابن السّنة والنّصف وهو يلتهم قطعة صغيرة من الشوكولاتة ملفوفة بغلافٍ ورديّ .
ومأ ان فتحت الامّ الباب ، حتى أفلت جود من يدها وركض نحو الشّرفة المُطلّة على الشّارع العامّ ، ورمى باللفافة الورديّة الى الخارج .
فقالت الأمّ بهدوء : لا تفعل هذا مرّة أخرى.. كم مرّة قلت لك يجب ان نرمي النُّفايات في السّلّ المُعدّ لذلك ؟!

وسرعان ما علت وجه الامّ بسمة خفيفة وقالت في قلبها :
وجدْتُها ... وَجدْتُها ...

اقتربت الأمّ من غرفة ورد ووقفت برهةً مُتردّدة ، وأخيرًا أمسكت بمقبض الباب وفتحته على غير عادتها لتجدَ وردًا مُنهمكًا بالتابلت والحقيبة ما زالت مُقفلة ، فنادته بهدوء: ورد ... ورد ..
فلم يسمع كعادته .
وعاد الاب من العمل ، وأخبرته الأُمّ أنّ وردًا ازداد تعلُّقًا بالتابلت وحان الوقت لإيجاد حلٍّ.
فقال الأب : دعيني أتصرّف أنا ، غدًا عصرًا سأعود أنا به من المدرسة وفي الطريق سأقنعه بالتخلّي عنه او بالإقلال من استعماله.

وجاء الغد ؛ وكان يومًا ربيعيًّا جميلًا ومُشمسًا ، وقررت الأمّ أن تعيد ابنها جود من الحضانة على غير العادة وفي ساعات الضُّحى وهي تقول في قلبها : لعلّه يفعلها مَنْ يدري؟ لعلّه يفعلها ؟
وعادت الام بابنها الصغير جود بعد ان انزلت التابلت من على المكتبة ووضعته على الاسكملة الصغيرة .
فتحت الامّ الباب ودخلت الى المطبخ لتُحضّر الطعام وتركت صغيرها يلعب ويلهو ..

وما هي إلّا لحظات حتى دخل جود اليها الى المطبخ مذهولًا وأشار اليها بعفوية طفولية أن تأتي معه نحو الشّرفة المطلّة على الشّارع العامّ.
ونظرت الامّ الى الشارع العامّ ، وقلبها يخفق، وإذا التابلت مرميّ هناك وقد تهشّم أو يكاد، فتنفّست الصُّعداء وضحكت وهي تقول لصغيرها :
ماذا فعلت يا شقيّ ، ماذا فعلت ؟!
وجاءت ساعات العصر و عاد ورد مع ابيه من المدرسة ودخل البيت سريعًا يُفتّش عن التابلت ليجده مُحطمًا ومُكسّرًا ..
فصرخ والدّموع تملأ عينيْه : مَنْ فعلَ هذا ، من فعل هذا ؟
فعانقته الأمّ بحرارة وهي تقول : إنّه اخوك الصّغير .. لا تلمه يا صغيري فهو بعد لا يفهم .
ووقف الاب دهشًا ومشدوهًا .
وما هي إلّا لحظات حتى قُرع جرس الباب ، فأشارت الأم الى ورد الحزين أن يقوم ليفتح الباب ، فقام متثاقلًا وإذا هو أمام شابٍّ يقول له : ورد ... أنت ورد ألسْتَ كذلك ؟!
طوباكَ ونيّالك يا صغيري فهذه دزينة من كتب قصص الأطفال الجميلة طلبتها لك امّك قبل قليل !!!



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورحل الشّاعر الجميل
- عاشقٌ أنا للإنسان
- لوحات يرسمها البالون
- مونديال قطر هل سيقلب الموازيين ؟
- بن غفير لا أخافُكَ
- وتهاجر الطُّيور
- مَنْ لم يجمع معنا فهو فَرّقَ
- الـ ق . ط. ي . ع . ة
- زِخّي وازرعي الأيام فُلًّا
- دعيميّ الهوى
- مونديال قطر وموقد النّار
- دعوني ... أريد أنْ أُهاجر
- انسَ الوعِدْ
- أنا حرّاث جيّد !!!
- صلاة
- زياد الحاج الشّفاعبلّينيّ الجميل
- أكتبني يا زُهيْرُ
- شهادات لا طائل تحتها ولا فوقها
- عبلين في القلب
- الانتخابات البرلمانيّة تقترب وأنا أتخبَّطُ


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - ورد وجود والتابلِت