سمر أبو السعود الديك
الحوار المتمدن-العدد: 7481 - 2023 / 1 / 3 - 00:07
المحور:
الادب والفن
مدخل :
المرأة حين تطرح دواخلها عبر لغة الإبداع, فإنّ ذلك يتمّ بمنظور جديد يمنح لكتابتها خصوصية نابعة من ظروفها الخاصة التي تنعكس عن رؤيتها وتصوّرها للأشياء, لذلك, المرأة فرضت كيانها ووجودها في كافة ميادين الإبداع الأدبي من شعر ونثر وهذا ماجعل لكتابتها خصوصية تميّزها عن كتابة الرجل. وبالتالي ظهرت الأنثوية بشكل واضح عند العديد من النساء في أدبهن, خصوصًا الومضة الشعرية والشعر الحر والعمودي, وهذا يتضح لنا من خلال شعر الأديبة العراقية كويستان شاكر في ديوانها الشعري "كفيف هو النبض "
السيرة الأدبية للشاعرة:
*كويستان شاكر من إقليم كردستان العراق, لها ديوانان شعريان, ( كفيف هو النبض) و( لا لون لي يشبهك). مدرّسة في مدارس السليمانية عانت منذ نعومة أظافرها من التهجير والنزوح والاضطهاد والسكن بعدّة أماكن, مما أثّر في لون كتاباتها, حيث نلمح الأنثوية في إبداعها الشعري. هي عضوة في اتحاد الأدباء الدولي وقد تمّ تكريمها في العديد من المحافل الأدبية إضافة إلى أنّها شاركت في نصوص لها في داووين مشتركة مع كبار الشعراء والشاعرات
البؤرة الفكرية الثابتة والثيمة:
نلاحظ تكرار ثيمتين أساسيتين في ديوانها الشعري, هما (الظلّ والصمت), وحولهما دارت مواضيع وأفكار معظم القصائد, من هذه البؤرة سننطلق لدراسة باقي المستويات الذرائعية, وسنبحث ذلك مفصّلًا في :
أولًا- المستوى المتحرّك (الديناميكي):
*ثيمة الظلّ في قصائد الديوان *
هناك أربع قصائد حملت في عنوانها هذه الثيمة:
"أرسمُ ظلّي،ألوان ظلّي، ظلّ حروفي، وأد ظل"
- تقول في قصيدتها "أرسمُ ظلّي "ص27
أفتح عيني على صبحٍ
يسكنُ الليل جفونه
أبحث بينه على بقايا الضياء
أُلملمُ به شيئًا
من ظلّي
ولكن واحسرتاه
ليس هناك غير العتمة
أسكن في الأرض
وظلّي في السماء
أرنو من حلمي
أجده تلاشى كالسراب
والظلّ رمزيًّا يحملُ فكرة البقاء والخلود. بهذا المعنى أرى أن الإنسان الذي تحمله في قلبها سيظلّ خالدًا في ذاكرتها رغم معاناتها وألمها من فقده, حيث أنّ الظل صورة الإنسان وسرّه, ولايمكن للإنسان أن يهرب من ظلّه.
وقد وردت الظلال في نصوص إغريقية"ملحمة هوميروس، وسافو "وفي الشعر الجاهلي حتى في القرأن الكريم يقول سبحانه وتعالى:
(ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكنًا) الفرقان 45
وقال(ظلّ ممدود)الواقعة 30
معنى الظل:الظل اسم والجمع أظلال وظِلول وظُلّة والظلّ من كل شيءٍ شخصه وأوله يصاحبه كظلّه لايفارقه والظلّ هو استتار ضوء الشمس بحاجز ويُقال له الفيء أيضاً ظلّ الشئ الذي يرتسم من خلال تسلط الضوء عليه .
- وفي قصيدتها"ألوان ظلّي ص136
سأتلون بألوان الطيف
لأرسم على عالمك
لوحة تحتار بالنظر إليها
سأرسمُ فوق الموج قلبًا
لعاشقٍ للبحر
سأعلّق شذراتي
على جدران روحك
أينما تلتفت
تراني بكل زواياك
ذاك هو عالمي
فهلا حملتَ الفرشاة
وبدأت برسمي
توجّه الشاعرة خطابها إلى الرجل في داخلها الذي يبثّ القوة لديها, ويغير معالم الحياة من حولها, وهنا تظهر الأنثوية بالشعر قوية وحيّة وفي أوج نضارتها لقد أشارت إلى فرصة وقوف الرجل إلى جانبها وبقائه إلى جانبها ليس على سبيل التعاطف, بل على سبيل اليقين بتثبيت أثره في حياتها .
تحشد الشاعرة في قصيدتها الأساليب الإنشائية المتنوعة ومنها الاستفهام والتمني والنداء ولأهمية الاستفهام الذي يخرج معناه إلى الاستنكار فإنها تستهل به وتختم به قصيدتها (فهلا حملت الفرشاة وبدأت برسمي)
- في قصيدتها"ظلّ حروفي"وهي أخر قصائدها في الديوان ص146
يسألونني
ظلُّ مَنْ
وراء حروفك
لِمَنْ ومَنْ تُناشدين؟؟
أجبتهم وكلهم
أذان صاغية
ماحروفي إلاّ مرآة ذاتي
وهي أسرار في جوف
البحار كامنة
أُناشدُ بها
روحًا أثقلت خطاها
تناثرت رمادًا
واليوم عدتُ
لأجمع بعض ما تاه
من ظلّ اسمها
وكما أعرف أنّ الظل في الشعر تحديدًا, كناية، ومجاز، وصورة. والظلّ عند الشاعرة كويستان هو الإنسان الذي لجأت إليه وقضت عمرها بجانبه. والظلّ عندها يحملُ إشارات وجودية, وربما اختارت الظلّ طواعية لنزوعها الفطري إلى العزلة أو الوحدة أو الانصراف الكلي عن الحياة الاجتماعية المزيفة المملوءة بالمزيفين.
وكما تقوم اللوحة الجدارية في الفنون التشكيلية على ثلاثة عناصر (الظلّ، والضوء، واللون) فهي المكونات الأساسية في الرسم عمومًا, وهذا مالجأت إليه الشاعرة في رسم حروفها بهذه الثلاثية البلاغية.
*ثيمة الصمت والأنا في قصائد الديوان*:
وبعودتنا لقصائد الديوان نجد أيضًا أنّ ثيمة الصمت, هذه اللغة منتشرة فيه بكثرة, والتي تفتح الباب أمام قراءة تأويلية متنوعة حول لغة الصمت التي هي عبارة عن ضجيج الألم داخل الذات.
فمثلًا, نجد خمس قصائد تحمل هذه الثيمة في عناوينها:
(أديرة صمتي، محراب الصمت، تراتيل الصمت، شال صمتي، ارتجال صمت )
- تقول في "أديرة صمتي":ص39
حين تمتهن الروح لغة الصمت
لايعود
وجع الروح يربكها
تنزوي نسيمات الحنين
لركن قابعٍ بأديرة وحدتي
لا همسات تكسر نسكها
غير هسهسات نبضك
تتركني كريشة تائهة
بمحراب الانتظار
مازالت العين تتكحل
برماد نسيانك
فيصيب هدبها رمد الاشتياق
هكذا هي الأفكار عند الشاعرة, جزء منها لاتنفصل عن كينونتها, تعبّر عنها بشكل غير مباشر من خلال عالمٍ رحب من العواطف الإنسانية (الأنثوية)تحديدًا والتي لا تتقنها سوى الأنثى ذاتها .
حيث اشتغلت الشاعرة على ثنائية الحضور والغياب فالحضور ظاهرة مرئية، والغياب ظلاله الكثيفة العميقة الذي لاقرار له, حيث تصوّر رحلةً بين الواقع والمتخيل, وتقترن الصورة الشعرية بزمن مهما حاولت التوغل في التجريد, كما أنها تعبّر عن حالة عقلية أو وجدانية, هنا تتحرك اللغة الشعرية الأنثوية عبر صهر الزمن في كتلة واحدة.
وفي قصيدتيها "محراب الصمت، وشال صمتي"تبوح بمشاعرها الوجدانية الأنثوية قائلةً:ص57
يحتكرني الصمت
مدنًا من دخان
ولأنني كممتُ
فيه تكسري
لم تعد الشظايا
تُدمي أجنحتي
أهديتُ حُنجرتي
لحمامةٍ لتعبقَ
برحيق هديلي
إليك
- وتقول في ارتجال صمت ص119
أتراها النسائمُ
مرّتْ حقًّا
بنوافذي الموصدة…!؟
أم كان وهم ارتجال صمتي
يهفهفُ ستائر وحدتي
لقد اختزلت الشاعرة رؤياها بما يخدم فكرها وحالتها النفسية فقدمت لنا نصوصًا بلغة أنثوية مشبعة بالبعد الصوفي في إطار سيميائي كثيف الدلالة تظهر فيه رؤية ذات نزعة صوفية وجودية عميقة من خلال ثيمة الصمت المعادل الموضوعي لحوار مُستعر مع الذات (الأنا)وهذه الأنثوية الصوفية التي عبّرت عنها "الأنا "الشاعرة في النص استطاعت أن تبيّن تمزق الذات في المكان الخالي من الإنسان حيث تجلّت الرّوح بأبهى نقائها وكأنّ القادر على التغيير هو الفارس المخلص لها لكن نبضه أعمى أي حبّه كفيف،أعمى, لايرى بوضوح ماذا تريد هي, بل دومًا يسعى لتحقيق مايريده هو منها فقط .
وهذا مالمسته في قصيدتها"كفيف النبض "حيث أسمت الديوان باسم هذه القصيدة وكأنها المركز وواسطة العقد في رؤيتها وكتاباتها الإبداعية الأنثوية تقول :
لعلّ ها هناك بذلك الأفق
بعضًا من بقايانا المنهكة
برياحٍ نثرتْ
وريقات أشجارنا الواقفة
بفوهة التيه
كمْ كان وقع صدى خيبة انتظاري
قاسيًا
ألوذُ بظلّ فراشة
لا لون لأجنحتها
بمدارات رحيلك وعودة صداك
كفيف النبض
ثانيًا- المستوى البصري واللساني والجمالي:
1- المدخل البصري:
من خلال النظرة الأولية لنصوص الديوان, نجد أنّ تلك النصوص مرتبة بجملٍ شعرية وتنسيقات بصرية ملائمة للألفاظ والسياقات الشعرية, وهذا يدلنا على أن الشاعرة تميل للتحرّر من قيود القافية والوزن, وتميل لكتابة قصيدة النثر أو التفعيلة في عموم المجموعة الشعرية.
*إنّ الرؤية الذرائعية تعتبر النص من أرض واقع ولادته وحتى نضوجه ونشره ومعرفة ماهيته أمرًا مهمًّا من وجهة النظر العلمية النقدية ليتسنّى للقارئ قراءته وإقرار أهميته العلمية *
*يبدأ علم الدلالة السيمانتيكي Semantics وتليه البراغماتيكية Pragmaticsفي دراسة أنظمة الجملة التركيبية الفونولوجيا phonology (النظام الصوتي)صفحة 137 كتاب الذرائعية في التطبيق طبعة مزيدة منقحة للمنظّر الذرائعي عبد الرزاق عودة الغالبي.
العتبات البصرية :
*غلاف الديوان *
الوجه الأمامي للغلاف تظهر امرأة معصوبة العينين, وتعابير وجهها غامضة إلى حدّ ما, تجلس وحيدة على الكرة الأرضية, وتلعب بقيثارة ليس فيها سوى خيط واحد متبقّ. والخلفية فارغة تقريبًا, والشيء الوحيد الواضح هو نجم واحد للدلالة على الأمل ورفض الاستسلام لليأس, فالمرأة مستمرة في العزف حتى بعد أن لم يتبقّ في قيثارتها سوى وتر وحيد, وربما تثير إحساسًا بالحزن.
بالنسبة للألوان يبدو المشهد كله في موجات مهتزّة مَنْ اللازوردي والأصفر بتدرّجاته المشعة
الوجه الخلفي للغلاف نجد اسمها المجرد من صفتها الإبداعية.
*العنوان*
اختارت عنوان ديوانها الشعري "كفيف هو النبض "
تعبيرا للمرأة المضطهدة في دول الشرق, حيثُ أغلب ما يمنحها الرجل,يكون نبضه كفيفًا, أي حبه كفيف
لايكتمل، أعمى, لايرى بوضوح ماذا تريد هي، بل دومًا يسعى لتحقيق مايريده هو منها فقط.
وعنوان الديوان أفردت له الشاعرة نصًّا شعريًّا مستقلًا يحمل اسم الديوان, حيث اتخذته عنوانًا لمجموعتها الشعرية ككل.
وبما أنّ العنوان بؤرة النص ومفتاحه الدلالي, لذلك لابد من الولوج منه إلى داخل النص, حيث توجد علاقة تبادلية بين العنوان والنص والمتلقي .
نجد أنّ الشاعرة لجأت إلى لغة انزياحية, فهو عنوان مكتنز المعنى والدلالة, وربما يكون أكثر عناوين الديوان عندها التي نتعرّف بها على كينونتها النفسية, فجاء العنوان من كلمتين مع ضمير رفع منفصل فكانت بنية العنوان صيغة مركبة من جملتين اسميتين متداخلتين كفيف هؤ المبتدأ وخبره جملة اسمية
(هو النبض), فهذه البنية النحوية لها مدلولات التأكيد بدلالة مفتوحة على احتمالات متعدّدة.
كما جاءت بقية عناوين الديوان تعاضد وتساند عنوان الديوان الرئيسي.
*الإهداء*
جاء الإهداء من قسمين:
القسم الأول إلى مَنْ لجأتْ إليه ليتلوَ عليها آيات الصبر كي ترسمه كما تعرفه خارطة من وطن.
تجرّني إلى حائط هناك.. لتتلو عليَّ آيات الصبر
فدعني أرسمك كما أعرفك خارطة من وطن
والقسم الثاني إلى أمّها التي لم تغب عنها ففي ذكراها يكتمل وجودها.
كل الدروب تقودني إليكِ.. أيتها التي ما غابت..
أعلم أنّكِ لن تدعيني وحدي..
ففيكِ يكتملُ وجودي
2- المدخل اللساني والدلالي والجمالي:
سيمانتك النص واختيار الكلمة, أي علم اللغة, وبالتالي اللغة الشعرية التي تغوص في أعماق النفس الإنسانية للكشف عما يختلج في نفسية الشاعرة من أحاسيس مختلفة من خلال الإيحاءات والخيال والرمزية والاختزال والإيجاز والابتعاد عن المباشرة .
*الموسيقى الشعرية*
يتميّز الشعر عن السرد بموسيقاه الداخلية والخارجية التي تضفي على النص الشعري جمالاً ورونقاً آخاذاًوتتميّز الأنثوية عند الشاعرة كويستان شاكر بالعزف المبدع بالكلمات أو الرسم بها لإنتاج أجمل اللوحات والأنغام الإيقاعية المحمّلة بالمشاعر الرهيفة إضافة للصور الشعرية.
إنّ المشهد الشكلي لنصوص الديوان مرتبٌ بجمل شعرية وأعمدة وتنسيقات بصرية ملائمة الألفاظ والسياقات الشعريةالتي تجعله ينتمي للشعر الحر إذ أنّ الشاعرة اميل للتحرر من قيود الوزن والقافية وتميل لكتابة قصيدة النثر .
وبما أنّ الذرائعية هي المصدر الوحيد للتحليل اللغوي النقدي والأدبي من أصغر عنصر لغوي هو(الفونيم) إلى الجملة في السياق اللغوي (المورفولوجي) انظر كتاب (الذرائعية والأجناس الأدبية عبد الرزاق الغالبي).
نجد أنّ الشاعرة كويستان أجادت في استخدام الكلمة من خلال قلمها السحري بعفوية سيكولوجية ومهنية عالية لتقدّم لنا تكوينًا شعريًا سحريًا كما في الدلالات التالية:
*يحتكرني الصمت /مدنًا من دخان
ولأنني كممتُ /فيه تكسري
لم تَعُدْ الشظايا/تدمي أجنحتي
أهديتُ حنجرتي /لحمامةٍ
لتعبقَ برحيل هديلي
إليك
يحتكرني الصمت /مورفيم رئيسي بحرف التاء
ثمّ لجأت إلى مورفيمات ثانوية بحروف النون والياء واللام والكاف ص57
كذلك نجد نفس الشيء في الدالة التالية:
يسألونني
لمَنْ ومَنْ تُناشدين
أجبتهم وكلهم
أذانٌ صاغية
ما حروفي إلاّ مرآة ذاتي
هي أسرارٌ في جوف
البحار كامنة
أناشدُ بها
روحًا أثقلتْ خُطاها
تناثرتْ رمادًا
نبضُ أبياتي
ماهي إلاّجرفُ بحر
يُداعب مدّه وجزره
أنسام خيوطِ شمسٍ
أنسجهُ طيفًا
أُكحّلُ به تاريخ
حياتي ص(146)
يسألونني/مورفيم رئيسي بحرف النون الملحقة بياء المتكلم اعتمدته كتفعيلة ارتكازية وتتالت بعده مورفيمات ثانوية بحروف الميم،الياء،الفاء، النون، الهاء، الدال، الراء، السين، انتهاءً بحرف التاء الملحقة بياء المتكلم, في ثنائية متناسقة الإيقاع الموسيقي تضمُ جميع حروف الأبجدية العربية, وهذا بالتأكيد هو الشعر الحر الذي أبدعت فيه شاعرتنا ,حيث تجعل الكلمة السابقة متوافقة ومتحدة اتحادًا وثيقًا بالكلمات اللاحقة لتعطي جملًا بإيقاع موسيقي يدخل الآذان دون استئذان.
*الصور الشعرية*
استطاعت الشاعرة أنْ تحمل الكلمات بكثافة انزياحاتها نحو الرمز والخيال, عبر صور شعرية متناسقة, بأعمدة نثرية مموسقة, حيث تمد جسور الإيحاء لعقل المتلقي لتجعله ينصهر معها في بوتقة نارها المستعرّة من الغياب والرحيل وكأنّ أمامها شخص عزيز, وربما يكون حقًّا, هو كذلك في مخيلتها كما في الدلالة التالية:ص136
أرسمُ على عالمك
لوحةً تحتارُ بالنظر إليها
أينما تلتفت
تراني بكل زواياك
فهلا حملت الفرشاة
وبدأت برسمي
رابعًا -المستوى النفسي:
لاشك أنّ الشعر عند كويستان شاكر كان, وسيبقى, وسيلتها السامية في التعبير عما يعتلج في نفسها من نيران الفقد والغياب والرحيل وسيبقى قدرها يسكنها, فهو جزء من ماء عيونها، ومن نبض قلبها، ودم عروقها لينتشي المتلقي بسحر إبداعها الأنثوي كما في الدلالة التالية ص55
في ذلك المدى الممتد
بينَ أزقة حنيني إليك
يتشظّى النبض
كنيازك
تاهتْ عن مداراتها
وارتمتْ بحضن التيه
خامسًا- المستوى الأخلاقي :
بعد تحليل النص والغوص في أعماقه انكشفتْ لنا القيم الأخلاقية التي تؤمن بها الشاعرة فبرزت قوة أخلاقها مجسدة بوفائها وحنينها،وصدقها في علاقتها مع الطرف الآخر من خلال حسّها الإبداعي وهويتها الأنثوية التي عكستها شعراً في نصوص الديوان فبرزت هويتها الأنثوية من خلال كتاباتها الإبداعية وأحاسيسها تجاه الذكر شريك حياتها حيث عانت البعد والفقد والغياب فنرى صوت الأنثى يقوى كلما أحسّتْ أنّ له صدى في المتلقي هذه الحياة التي تشكلتْ إثر قلقها ،واستفزاز مشاعرها لتنتشل الذات من هوة العزلة والخيبة والانكسار فتهبها الشعور بقوة الحياة في أثناء وجودها فيها.
ولعمري إنّ الشعر الأنثوي الإبداعي كما وجدته عند شاعرتنا كويستان شاكر سيخلّدها على مرّ الزمن كما خلّد العديد من الشاعرات .
أخيرًا:
وليس آخرًا, لامناص من الإقرار أنّ قارئًا لكويستان لابدّ أن يستفزّه النص وتأويلاته, من خلال عنصري الرغبة والاشتهاء, فنراه مضطرًا، بل مجبرًا, على أن يخوض في استكشافه من خلال تلك اللغة الشعرية الأنثوية التي تخلّد صاحبتها على مرّ الزمن.
الكمال لله, وعذرًا إن غفلت عن بعض الجوانب, لكنني مسؤولة عن كل ما جاء في دراستي, والله ولي التوفيق.
سمر الديك/ سوريا/ فرنسا
#سمر_أبو_السعود_الديك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
