أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد عفانة - وَمَضَات مِنْ سِيسِيولْوجِيا مُونْدِيَالِ قَطَرَ 2022














المزيد.....

وَمَضَات مِنْ سِيسِيولْوجِيا مُونْدِيَالِ قَطَرَ 2022


مؤيد عفانة
كاتب

(Moayad Afanah)


الحوار المتمدن-العدد: 7473 - 2022 / 12 / 25 - 12:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


انسدلت ستائر مونديال قطر 2022، ولم تنسدل ارتدادات المونديال الاجتماعية، وساهمت في تأجيجها عوامل عدّة، منها أن تنظيم المونديال تم لأول مرة في دولة عربية، ودولة "جدلية" وهي قطر، إضافة الى الصراع الثقافي الحضاري القيمي بين الأمم، الذي واكب افتتاح ومجريات واختام المونديال، وكل ذلك تضاعف أثره بفعل سطوة وتمكّن وسائط التواصل الاجتماعي من المجتمعات ككل، وسهولة انشار وتداول الخبر والصورة والمشهد، مهما كان بسيطا أو هامشيا.
وعلى الرغم من عدم شغفي الكبير بالمباريات وكرة القدم، إلا أن للمونديال سحر خاص، وقوى جاذبةٌ للمتابعة، وان كان جلّ مقالي سيتناول بعض القضايا الاجتماعية المواكبة له، وليس الأداء الفني للمنتخبات المشاركة، وقد بدأ المونديال بقضية اجتماعية هامة، ليست بالجديدة بالمطلق، وانما امتازت بالريادية، وهي افتتاح المونديال من خلال شخص من ذوي الإعاقة، والإعاقة الشديدة، (المُلهم غانم المفتاح) في رسالة بالغة الأثر حول القدرة على شمول الإعاقة في الحياة العامة، بل وفي أحداث عالمية مميزة، والمشاركة لم تكن "ديكورية" أو شرفية، بل مشاركة حقيقية، ولم يكن أداء (المفتاح) أقل جودة او أثرا من أي شخص آخر، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كانت هناك مواءمة متكاملة لشمول ذوي الإعاقة في فعاليات المونديال، الحدث الأكبر عالميا، وهذه دلالة على أن الشمول ممكن، ان توفرت الإرادة لذلك، وربما تلك المشاركة هي حلم كل شخص من ذوي الإعاقة، لكن لم يكتمل بسبب المجتمع المعيق، وعدم وجود إرادة لصناع القرار لاحتضان وشمول ذوي الإعاقة، وتراكب القضيتين شكّل معيقا أشد من الإعاقة ذاتها، وربما لم تكن مصادفة أن يكون شريكه في حفل الافتتاح من أصحاب البشرة السوداء، والذي عانوا الأمريّن من سياسات التمييز العنصري، التي كانت وما زالت تبعا للون البشرة في انحدار سحيق للقيم الانسانية، ودفعوا ثمنا بملايين الضحايا في عهود العبودية والرِّق من قبل "السيد الأبيض"، وربما تلك المشاركة جزء من "حلم" مارتن لوثر كنغ الشهير، والذي لم يكتمل بسبب رصاصات العنصرية البغيضة.
ومن خلال أحداث المونديال كان الغائب عن ميدان الكرة، والحاضر بكل ميادين المونديال "فلسطين"، بعَلَمِها، بكوفيتها، بهتافات المشجعين، بالملاعب، بالمدرجات، بالشوارع، حتى أن العديد من المنتخبات واللاعبين، وعلى رأسها المنتخبات العربية المشاركة رفعت علم فلسطين في نصرها، كما أعلام دولها، وتزينت أحداث المونديال بالنهكة الفلسطينية، في رسالة عميقة، مفادها أن الشعوب حيّة، والقضية الفلسطينية ما زالت أيقونة للأمم، كرمز مُلهم للنضال والتحرر في وجه الظلم والغطرسة والاحتلال.
وتشاء صيرورة الأحداث أن تحمل في طياتها رسائل بالغة التعبير على أن المونديال أتاح فرصة للتعويض عن النمطية الدولية السائدة في التصنيف العنصري للدول والشعوب، المنافي لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، تبعا لموازين القوى الدوليّة، وما تنتجه تلك النمطية من ممارسات عنصريّة، وهيمنة على الشعوب الفقيرة، والدول المهمشة، ففي فضاء المونديال تلاشت التصنيفات المُنمّطة، والتقسيمات التراتبيّة الهرمية، فلا تفاضل لدول العالم الأول، أو لعرقٍ، أو لونٍ، أو هوية، أو جنس، فالهرم الاجتماعي النمطي، المدعم بموازين القوى، والفكر الرأسمالي، وأدوات العولمة، انهار تحت ركلات أقدام اللاعبين، فتألق العرب، والأفارقة، ولاعبي أمريكيا اللاتينية، وأثبتوا عُلُوَّ كَعْبِهِمْ، وحجزوا وجودهم في فضاء المونديال الثقافي والاجتماعي كما في المربع الذهبي للكأس، وبالبنط العريض، ونشروا الفرح لدى الشعوب المظلومة والمضطهدة، والمسلوبة الموارد من الدول الرأسمالية، كما سُلبت حريتهم لسنوات طويلة، ولم تستطع قوى العولمة منع الشعوب المقهورة من إعادة إنتاج هويّتها القوميّة، واستحضار رموزها الثقافية والحضارية، وأنتجت وعي جمعي، خلق ولاءات تعاضديّة، والدعم العربي والافريقي لمنتخب المغرب مثال ساطع.
وربما كانت المباراة الختامية انموذج على قلب الهرم النمطي لموازين القوى، وتنميط البطولة من منظور هوليودي، فكانت القمة بين فريق معظمه من الأفارقة، رغم انه يلعب ضمن المنتخب الفرنسي، وفريق من أمريكا اللاتينية، يعاني شعبه من الفقر والتهميش، وأبت كأس العالم الّا أن تنتصر للشعوب المقهورة والفقيرة، بفعل جد واجتهاد لاعبيها وأبطالها، ورسمت الفرحة لشعب الارجنتين، ومحبيهم ومشجعيهم على مستوى العالم.
وختاما، ربما نختلف أو نتفق مع قطر، وسياساتها الخارجية والداخلية، ولكنها استطاعت – رغم محدودية الجغرافيا والسكان- أَنْ تَخْلُقَ لَهَا مَكَانٌ مُمَيَّزٌ بَيْنَ اَلْأُمَمِ، واستطاعت فرض ثقافتها، وقيمها، على جموع الوافدين والزائرين من العالم بأسره، بل وكانت متقدمة بخطوات في الكثير من الأحداث الجوهرية، والتي رسمت قطر من خلالها حضورها وثقافتها وأرثها، لسنوات طويلة قادمة، فصنعت لها حضور وذكرى ستمتد مع ذاكرة أكبر حدث جماهيري عالمي، وستُرهق قطر الدول المنظمة لكأس العالم من بعدها تبعا لمستوى التنظيم المميز. وصحيح أن قطر تمتلك موارد طبيعية كبيرة، ومن أبرز الدول في احتياطي الغاز في العالم، وتُصنّف الدولة ذات أعلى دخل للفرد في العالم، الا انها استثمرت مواردها في التغلب على محدودية الجغرافيا والتاريخ والموارد البشرية، ورسمت لها حضور وازن بين الأمم، وهذا مؤشر على ديناميكية التحوّلات الاجتماعية والسياسية، وبروز دول وسقوط أخرى، حال توفرت الإرادة والرؤية والتخطيط المُمَنهج والاستثمار في الموارد.



#مؤيد_عفانة (هاشتاغ)       Moayad_Afanah#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَيْ نِظَامٍ ضَرِيبِيٍّ نُرِيدُ؟
- لِمَاذَا اَلْمُسَاءَلَةُ اَلْمُجْتَمَعِيَّةُ؟
- اَلْمُوَازَنَة اَلتَّشَارُكِيَّةِ . . . رَافِعَةٌ لِتَطْوِير ...
- اَلْمُسَاءَلَة اَلْمُجْتَمَعِيَّة ضَرُورَة لِتَطْوِيرِ عَمَل ...
- اَلْحَوْكَمَة وَالتَّنْمِيَة اَلْمُسْتَدَامَة فِي فِلِسْطِين
- أَيْ قَانُونِ انْتِخَابَاتٍ نُرِيدُ؟
- غَلَاَءُ الأَسْعَار ... مَا بَيْن الْحَقِيقَة وَجَشَع رُؤُوس ...
- قِرَاءَةٌ نَقْدِيّةٌ فِي قَانُونِ الاِنْتِخَابَات المَحَلِيَ ...
- التَهَافُتُ عَلَى مَقَاعِد التَشْرِيعِيّ ... هَلْ لِخِدْمَةِ ...
- الشَبَابُ هُم مَنْ سَيُقَرِّرُ نَتَائِجِ الانْتَخَابَاتِ الف ...
- دمجُ المؤسساتِ الحكوميّةِ غَيرِ الوزاريّةِ خُطوةٌ بالاتّجاهِ ...
- الفَوْضَى المُجْتَمَعِيّة فِي زَمَن الكُورُونَا ... إِمّا ال ...
- النِظَامُ الضَرِيبِيُّ الفِلِسْطِينِّيُّ ... وَالعَدَالَةُ ا ...
- اقْتِطَاعُ إسرَائِيل أمْوَالَ المَقَاصّة، هَلْ يُعِيدُ الأَز ...
- العُنْفُ الإِلْكترونِيُّ المَبْنِيُّ عَلى النَّوعِ الاجْتِمَ ...
- مَاذَا يَعْنِي إِحَالَة جِبَايَة ضَرِيَبة المَحْرُوقَات للسُ ...
- قِرَاءَةٌ هَادِئَةٌ فِي الأَزَمَةِ المَالِيّةِ التِي تُوَاجِ ...
- المُسَاءَلَةُ المُجْتَمَعِيَّةُ ... رَافِعَةٌ للتَنْمِيَةِ ا ...
- -نِسبَةُ الفَقرِ والبَطَالةِ فِي فِلَسطِين ... مُؤَشِرَاتٌ خ ...
- إيرَادَاتُ المَقَاصَّة ... سَيفٌ مُسَلّطٌ عَلَى رِقَابِ الفِ ...


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد عفانة - وَمَضَات مِنْ سِيسِيولْوجِيا مُونْدِيَالِ قَطَرَ 2022