أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا















المزيد.....

الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 503 - 2003 / 5 / 30 - 05:06
المحور: الادب والفن
    


 

ـ روائي عراقي مقيم في النرويج

هذا المقال سنكتبه نحن الثلاثة، محسن الرملي، والكاتب الأرجنتيني المتوفى بورخيس، وأنا، وعلى كل من لا يجيد لغة الطير أو الرمل أو الريح أن يترك قراءته ويمضي إلى موضوع آخر، لأننا يطيب لنا، نحن الكتاب الثلاثة، أن نلهو قليلا على هوانا، ونخلق  متاهات ونؤلف كتبا لا وجود لها، أو ننقد كتبا وهمية، أو نبحث عن أشخاص لم يولدوا بعد، أو رحلات إلى عوالم خيالية ونكتشف في النهاية أن كل ما كنا نبحث عنه هو وجوهنا في المرآة.

فمحسن الرملي هو كائن خرافي( هل سمعتم بوجود مثل هذا الاسم في الجنوب العراقي؟!). لكن هناك شخصا  تقمص روح آخر في اسبانيا وأسس  دار نشر صغيرة مبهرة على صورته، وشرع يطبع الكتب ويشتم أصحابها على  الأخطاء المطبعية أو اللغوية  ويساعده في ذلك متقمص آخر هو عبد الهادي سعدون صاحب ديوان صغير يحمل اسما مهاجرا، كالرملي، هو: ليس سوى الريح!

وفي هذا الديوان يريد سعدون، مثل الرملي، الصعود إلى السماء، ليست هذه السماء التي فوقنا، بل سماء آخر، وتهديد الآلهة أو طردهم نحو كون آخر، وتلك حكاية أخرى.

محسن الرملي، هذا المنتحل صفات الرمل، مثل صاحبه( لعبد الهادي سعدون مجموعة قصص قصيرة مدهشة اسمها: انتحالات عائلة!) يقول انه مؤلف كتاب( ليالي القصف السعيدة) ولا أدري كيف يقول ذلك، مع أنه يعرف أن كل كتاب هو تأليف آخر على كتاب سابق كما يقول بورخيس، أو كل نص هو تناص بتعبير رولان بارت، أو الأسد مجموعة خراف كما يقول الشاعر أليوت.

وكتاب( ليالي القصف السعيدة) الذي أحاول هنا إعادة كتابته مرة أخرى، عن طريق القراءة والنقد، وتأليفه من جديد، كما سأفعل مع كتاب المنشق( سيرة نيكوس كازنتزاكي بقلم زوجته أيليني) هو  كتاب مكرس للكذب.

فهذا المؤلف المدعو محسن الرملي يكذب علنا، حين يقول أن العالم هو قصف دائم. من يدعي اليوم أن أمريكا تقصف العراق، أو افغانستان أو الصومال أو غيرها، هو لا شك شخص يكذب. وكل كذب من هذا النوع هو إبداع.

 ومتاهة الرملي( أصر على أن الاسم منتحل!) متاهة بورخيسية ومتاهة سفنية( نسبة إلى الكاتب السويدي سفن لندكفيست، مؤلف كتاب: تاريخ القصف). فالقصف في كل مكان:
ـ قصف في العراق.
ـ قصف في فلسطين
ـ قصف في أفغانستان.
ـ قصف في فيتنام.
ـ قصف في السرير.
ـ قصف فضائح/ حملات/ إعلانات.
ـ قصف....الخ.

ويمكن لأي واحد منكم أن يضيف ما يشاء من أنواع جديدة من القصف ويشارك معنا في تأليف هذا الكتاب في هذه الدقائق، لأن الكتب والمقالات تؤلف وتقرأ وتنقد من قبل الكاتب والقارئ والزمن. ألم يقل بورخيس نفسه أن الكتب الحقيقية تحتاج إلى زمن طويل كي تقرأ من جديد؟.

ومحسن الرملي كاتب ليس بريئا، مثله مثل بورخيس، مثلي، مثل أي كاتب من هذا الطراز مشدود نحو الفراغ( هل هناك فراغ حقا؟!) أو نحو الأفق أو نحو الريح أو نحو الرمل.

وليس بريئا هنا تعني أنه يحاول توريطنا في حكايات تبدو ساخرة، أو متوهمة، أو حقيقية، ويجعلنا نبكي، ليضحك هو خلسة.

لا تصدقوه أبدا!
 وأفضل طريقة لفضحه وكشفه هو إعادة تأليف كتبه ورواياته وقصصه على نحو آخر كما افعل الان.

هو يحاول بناء شبكة من الألغاز الصغيرة والكبيرة لنجد في النهاية أن هذه البراءة الماكرة هي نسيج عنكبوت ملتف حول اعناقنا.

وهو حين يتحدث عن تاريخ القصف بحزن أو سخرية، أنما يدخلنا في متاهة حياته السرية من الجنوب العراقي حتى مقهى في مدريد تحمل اسم الشاعر الاسباني روفائيل ألبرتي الذي يدعي الرملي أنه قال في المنفى: أنه يتمنى  أن يكون زهرة في وطنه لكي تأكله بقرة، أو تقطفه طفلة، أو يحمله على أذنه فلاح من وطنه، أو يدفن في تراب وطنه.

والرملي في زمن تأليف هذا الكتاب ، قبل آخر قصف لوطنه في آذار هذا العام، كان  يحلم أن يكون زهرة في وطنه لكي تأكله بقرة أو يدفن في تراب وطنه، مثل شقيقه الروائي حسن مطلك الذي أعدمه الفاشيست في نهار عراقي  يحمل لون الجريمة المفتوحة.

لكن حسن مطلك ينام الان سعيدا كطفل أعادوا له هداياه، خاصة وأن الذين أطلقوا عليه النار قد فروا من القصف( قصف الأيام) وهذه هي حكمة الأيام التي تحدث عنها بورخيس كثيرا.

وحسن مطلك مدفون في الجنوب العراقي وبورخيس في بوينيس آيرس كما أظن، وأنا ايضا أتمنى أن أكون زهرة في وطني لتأكلني بقرة أخرى، أو أدفن في تراب وطني، مع محسن الرملي الذي سيتخلى عن هذا الاسم المستعار في النهاية ويعود مثلي، مثل حسن، عاريا، إلى تلك العتمة الباردة التي وصفها سعد الله ونوس وهو يحتضر وألف كتابا عنها قبل الموت لكي ينتصر.

حسن مطلك قال قبل أن يعود إلى تراب وطنه، ويصير بذرة قمح لكي يأكله طائر  مغرد:
ـ ما من أحد يبتعد عن الطفولة بمسافة خطوة.

وهذا ما يؤكده محسن الرملي في كتابه( ليالي القصف السعيدة) الذي هو متاهة وفوضى مرتبة بعناية فائقة لكي نخدع وندخل ونتيه ونقصف في النهاية بواحدة من الغارات أو المدافع أو أساليب القصف الكثيرة التي برع بها الناس.

ونفس ادعاء بورخيس بأن كل كتاب هو تأليف على كتاب آخر، فإن الرملي يدخل عدة كتب في كتاب، فمن كتاب( تاريخ القصف) الذي اشرنا إليه، إلى رواية( دابادا) لحسن مطلك، إلى سيرة كازنتزاكي: تقرير إلى غريكو... الخ.

 عدة كتب في كتاب مموه سرابي رملي ماكر. لا تظنوا انه يتحدث عن مذكرات شخصية أو عن احتجاجات سياسية، بل في صفحة أخرى سوف يروي لنا عن الجنس والجسد والسفر والحرب والحرية والهروب وعن أخته كاظمية مطلك.

تقول كاظمية في مستهل نص افتتاحي:

ـ شابت أركاني... وما ضيمي إلا الساكت.

ورغم أني أظن أن كاظمية لم تقرأ  كتابا  واحدا، لكني أعتقد أنها هي الأخرى مؤلفة في هذا الكتاب من خلال هذا النص المعبأ بحكمة مرة، والذي يلخص ما نعجز نحن الكتاب من قوله في عدة كتب ونحن نروي سيرتنا الذاتية.

ومحسن الرملي حين يستشهد بنص أو مؤلف أو صديق فليس بالضرورة أن يكون هذا النص حقيقيا، أو أن هذا الشخص موجود أو أن هذا الصديق حقيقي.

فهو يعمد مثل بورخيس أحيانا( مثلي في رواياتي) على توريطنا بحكايات أو أسماء أو نصوص  مثلا أوبهوامش ينسبها للناشر لنكتشف كما يقول مترجم كتابه الرائع( المرايا والمتاهات) أن هذا الناشر لا وجود له، وان هذه الملاحظات صادرة من بورخيس نفسه.

ومع استمرارنا في قراءة ( ليالي القصف السعيدة) نكتشف أن الرملي قد أدخلنا في متاهة وضباب وخدعة كبيرة، فالقضية أكبر من القصف وابعد من الحرب: أنه كتاب عن المأزق الإنساني والبحث عن السعادة.

كتاب ساخر لكنه حزين.
كتاب بحث وتطلع وتأمل وتمويه.
كتاب كل نهاية فيه تصلح أو تكون بداية أو العكس.

إنه ليس بحثا عن القصف بل هو سعي نحو السعادة البشرية، تماما كما حصل في حكاية( منطق الطير) للشاعر الصوفي الفارسي فريد الدين العطار الذي يعشقه بورخيس واستشهد به في واحدة من قصصه وألف معه مرة أخرى تلك الحكاية المدهشة عن الأمل والبحث عن السعادة القريبة جدا:

 هناك طائر وهمي أسمه ( السيمرغ) يبحث عنه ثلاثون طيرا تعود خائبة  لتكتشف أنها هي هذا الطائر (السيمرغ) وهي ذهبت بعيدا في البحث.

أو حكاية ذلك الرسام الذي رسم العالم فيكتشف في النهاية، كما في مجموعة بورخيس( الصانع) أن العالم الذي رسمه هو صورته هو.


وأنا أدعو كل قارئ لهذا الكتاب الرملي أن يعيد تأليفه من خلال التأمل والقراءة أو الكتابة، ولا تبحثوا فيه عن طائر الأمل( السيمرغ) ففي كل واحد منا مثل هذا الطائر الذهبي الساكن في الأعماق الداخلية في ذات مهملة ومنسية مهشمة شائبة كما تقول كاظمية مطلك!



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديقة رزكار
- رسالة إلى سياسي عراقي قبل اغتياله
- الروائي اليوناني كازنتزاكي/ المنشق2
- نقد العقل الجنسي مرة أخرى
- أوقفوا عصابات الطارزاني/ نداء
- لا تنسوا المعلم هادي العلوي
- جمهوريات رعب استان
- عساك بالفراغ الدستوري
- الروائي اليوناني كازنتزاكي ـ المنشق 1
- خطاب التجييش ، خطاب سلطة
- أفراح الزمن المعقوف
- العصيان الثقافي
- أزهار تحت أظلاف الخنازير
- الاغتيال المبكر
- وطن العبيد
- رصاصة ناجي العلي في رأسي
- حماقة التاريخ الكبرى
- دكتاتور نجوم الظهيرة
- أشباح الماضي
- حفلة التيس


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي محسن الرملي وبورخيس وأنا