|
المقالة وأثرها في تغيير المجتمع
ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث
(Ibrahim Mahmat)
الحوار المتمدن-العدد: 7465 - 2022 / 12 / 17 - 17:59
المحور:
الادب والفن
اختلفت الآراء وتعددت المفاهيم نحو المقالة، والمقالة بحد ذاتها هي الكتابة الوجيزة المعبرة عن شيء نريد منه البيان والتوضيح والكشف أو الاهتمام حيث عرف أدموند جوس المقالة في بحثه المنشور في دائرة المعارف البريطانية باعتبارها فنا من فنون الأدب و هي قطعة إنشائية ذات طول معتدل تكتب نثرا وتلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة ولا تعنى إلا الناحية التي تمس الكاتب (والمقالة الأدبية قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من الكلفة والرهق وشرطها الأول أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب) 1 المفهوم مفهوم غربي، والمفهوم العربي للمقالة ما زال محصورا لأن المقالة في العربية لم تحدد ملامحها وصورها إلا في العصر الحديث بعد احتكاكهم بالغرب، واتسع علاقتهم بهم في المجالات التعليمية والترجمة وتوسعت آفاق الدائرة العلمية بين الغرب والعرب (وتبدو شخصية الكاتب جلية جذابة تستهوي القارئ وتستأثر بلبه، وعدته في ذلك الأسلوب الأدبي الذي يشع بالعاطفة ويثير الانفعال، ويستند إلى ركائز قوية من الصور الخيالية والصنعة البيانية والعبارات الموسيقية والألفاظ القوية) 2 هناك وجود فروق أساسية بين المقالة الذاتية والمقالة الموضوعية لأن كل له دوره الخاص في الأداء والمقالة الذاتية تعني بإبراز شخصية الكاتب، بينما تعني المقالة الموضوعية بتجلية موضوعها، بسيطا خاليا من الشوائب التي قد تؤدي إلى الغموض واللبس، لكن ما يخص المقالة الذاتية حرة في أسلوبها وطريقة عرضها (لا يضبطها ضابط، بينما تحرص المقالة الموضوعية على التقيد بما يتطلبه الموضوع من منطق في العرض والبحث والجدل وتقديم المقدمات واستخراج النتائج)3 يقول الباحث أن المقالة اتضح ملامحها عند كتاب المستغربين العرب،منهم ميخائيل نعيمة إليا أبو ماضي العقاد المنفلوطي، جبران خليل جبران طه حسين، وأجادوا في كتابة المقالة على منوال النمط الغربي، لأنها لم تولد في الوطن العربي بل ولدت في الغرب واجادوا في هذا الفن وواسعو فيه حتى عند الغربيين أنفسهم تعددت الأقوال في مفهوم المقالة ، فعرفها كثير من النقاد والدارسين ووضعوا لها ضوابط تميزها عن غيرها من الفنون الأدبية الأخرى، كما تحدث هؤلاء النقاد واختلفوا في نشأة المقالة ، فمنهم من جعلها عربية الجذور ومنهم من جعلها غربية الجذور، وإذا تتبعنا تعاريف المقالة في الكتب والدراسات المختلفة فإننا نجدها كثيرة، وقبل أن نعرض لتعاريف المقالة في الكتب المختلفة لا بد لنا من تتبع جذور المقالة في المعجم العربي على اعتبار أن جذورها من مادة ( ق و ل ) ففي لسان العرب قال قولا ومقالا ومقالة : تكلم فهو قائل والقول : الكلام ، والمقالة هي القول) 4 ومفهوم المقالة عند العرب ما هي إلا تعريف لغوي حيث يقولون في المقالة مشتق من مادة (القول) وهي تعني القول كما جاء في لسان العرب، وقد قال النابغة الجعدي مقالة السوء إلى أهلها أسرع من منحدر سائل أما المفهوم الفني للمقالة فيمكن تلمسه في التعريفات التي قدمها مجموعة من النقاد العرب والغربيين، فيعرفها محمد يوسف نجم بأنها قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من التكلف والرهق ، وشرطها الأول أن تكون تعبيرا عن شخصية الكاتب) 5إلا أن مسألة المقالة تعددت فيها الآراء ومن ضمنها رأي أحمد الشايب حيث يرى أن المقالة( تطلق في العصر الحديث على الموضوع المكتوب الذي يوضح رأيا خاصا، وفكرة عامة أو مسألة علمية أو اقتصادية واجتماعية يشرحها الكاتب ويؤيدها بالبراهين) 7 أم عبد العزيز عتيق يرى أن المقالة (قطعة من النثر الفني يتحدث فيها الكاتب بنفسه ويحكي تجربة مارسها أو حادثا وقع له أو خاطرا خطر له في موضوع من الموضوعات) 7يقول الباحث هذا المفهوم لا يصلح للمقالة بل يصلح للقصة لأن تعريفه قاصر عن تعريف المقالة لأن المقالة هي نزعة قلية والقصية أقرب تكون من نزعة خيالية تصويرية تجر العواطف والانفعالات، وعرف عدد من النقاد الغربيين منهم الدكتور (جونسون ) إِذ عرف المقالة بأنها ( نزوة عقلية لا ينبغي أن يكون لها ضابط من نظام، هي قطعة لا تجري على نسق معلوم ولم يتم هضمها في نفس كاتبها)8 يرى الباحث أن هذا الرأي أقرب لمفهوم المقالة، وعرفها (موري) في قاموسه بأنها (قطعة إنشائية ذات طول معتدل تدور حول موضوع معين أو جزء منه ومن خلال التعريفات السابقة فإنه يمكن القول إن المقالة قطعة نثرية محدودة الطول تعالج موضوعا معينا وتعكس وجهة نظر كاتبها، ومن ثم فالمقالة( قد تحددت عند النقاد العرب والغربيين في أنها تكتب تثرا وليس شعرا ، وهي معتدلة الطول، و تعبر عن رأي صاحبها، فالمقالة طريق واسع لنشر الفكر والتأثير في الناس، ولقد عُرفت بعد ظهور المطابع، وانتشار الصحافة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وذلك حين أنشئت صحيفة الوقائع المصرية، ثم بلغت الصحافة أوجها في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، حيث ازدهرت حركتها في البلاد العربية، وصارت عِماد الكُتاب، و، والقالب الذي يصبُون فيه أفكارهم، وينشرونها بين الناس، وليست المقالة غريبة عن الأدب العربي القديم وإن تغيرت صيغها، فهناك المقالة الدينية، التي يتناول كاتبها بابا من أبواب الدين سواء كان في الاعتقاد، أو الأحكام، أو السلوك، أو الأخلاق، أو السيرة، أو يكتب عن قضية من قضايا الإسلام والمسلمين أو نحو ذلك)9 المقالات الاجتماعية، وهي التي يعالج فيها كاتبها أدواء المجتمع، وأمراضه كالجهل والفقر، والعادات السيئة، ونحو ذلك؛ فيشخِص تلك الظاهرة، ثم يقوم بتحليلها، وعرضها بطريقة تجتذب القارئ، ثم يتوصل من خلال ذلك إلى العلاج، وهناك المقالة السياسية التي تتعرض لتحليل موقف، أو قضية، أو ما شاكل ذلك وهناك المقالة النقدية، وهي التي يعْتمدُ صاحبها إلى نقْدِ عملٍ علميٍ، أو أدبيٍ نقدا يجلو محاسنه، ويكشف عن عيوبه بأسلوب مبنيٍ على أساس من الإلمام بالضوابط والمعايير النقدية، المقالة النقدية إذا أحسن كاتبها، ووُفِق في طريقة نقده كانت مدرسة للتهذيب، وهناك المقالة الوصفية، وهي أرحب ميدانا؛ لأن كاتبها يستطيع أن يتناول أي مجال من مجالات الحياة، فيصفه وصفا يصوِره لمن لم يره، وكأنه يراه رأي العين، غير أن هذا النوع يُحتاج فيه إلى دقة الملاحظة وصدق التصوير، وشمول النظرة وبالجملة فموضوع المقال يتسع لكلِ شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة، أو رغبة، أو رهبة، أو فكرة تقسيم آخر للمقالة، حيث يقسمها بعض النُقاد و إلى نوعين كبيرين : أحدهما المقالة الذاتية، أو والآخر هو المقالة الموضوعية، أما المقالة الذاتية فهي التي ترتبط بالكاتب، فتظْهرُ من خلاله شخصية قوية آسرة؛ حيث يعرض لبعض القضايا ممزوجة بمشاعره، ويستخدم فيه الأسلوب الأدبي، أما المقال الموضوعيُ فيُبْعِد فيه الكاتبُ عواطفه، وقضاياه الشخصية، فتنْصبُ عنايتُه على الموضوع، ويقدِم الحقائق كما هي، ويستخدم الأسلوب العلمي، فيجمع مادته، ويرتِبها، ويعرِضها بصورة منطقية متسلسلة، وبعبارات واضحة، غير أن الفصل بين هذين النوعين قد يكون صعبا، فالمقالة تنسب إلى أظهر الموضوعين، أو إلى السبب في إنشائها، وهذا قد يخفى إذا لم يدل اللفظ عليه ثم إن هناك بعض الاختلاف بين مقالة الصحيفة ومقالة المجلة؛ فبينما تتسم مقالة الصحيفة باليسر والسهولة في لفظها وأسلوبها فإن العمق، والجزالة، من سمات مقالة المجلة، والمقالة الصحفية زادٌ يوميٌ قد ينتهي بانتهاء يومه غالبا، بينما مقالة المجلة تحمل قابلية البقاء، بل هي أقرب إلى البحث، بل قد تكون بحثا ومقالة الصحيفة طابِعُها القِصر، ولا يُصارُ فيها إلى الإطالة إلا نادرا، وعكسها مقالة المجلة، وهكذا عُرِفت المقالة، وصار لها منهجها المميز، وطريقتها التي سار عليها الكُتاب إلى يومنا الحاضر والفترة الذهبية للمقالة كانت كما (مر ذكره في النِصف الأول في القرن الرابع عشر إلى ما يقارب العقد السابع من ذلك القرن؛ حيث ازدهرت، وراج سوقها في كثير من البلاد العربية خصوصا في الشام ومصر، وظهر في ذلك الوقت كُتاب أفذاذ يضارعون الكُتاب الأوائل في أساليبهم الراقية، وتحريراتهم العالية، وفي ذلك الوقت حرصت الصحفُ والمجلات على استقطاب أكابر الكُتاب والعلماء؛ فصارت ميدانا فسيحا لنشر الأدب، والعلم، والنقد، والرُدود، وما جرى مجرى)10 مقالات ولا يغيب عن فطنة القارئ الكريم أن تلك الكتابات فالاحتلال كان ضاربا بجرانه في كثير من بلاد المسلمين، كانت في عزِ أوجها وبريقها، والجهل والهزيمة النفسية كانا شائعين في ذلك الوقت، وهذا يدفع إلى تقدير ما قام به أولئك الكُتاب، وإلى التماس العذر لهم فيما فاتهم، أو قصروا به إن وُجِد شيء من ذلك، وهذه المقالات التي يحتويها هذا المجموع معزوة إلى مراجعها، ومُشارٌ إلى تواريخ كتابتها إن كانت موجودة، كما أن بعضها قصير، وبعضها متوسِط، وبعضها مطول أقرب ما يكون إلى البحث العلمي، وقد أبقيت تلك المقالات كما هي، وربما حذفْت من بعضها وهو قليل ما قد يُستغنى عنه، وما لا يخلُ بأصل الموضوع، خصوصا إذا كان يحتاج إلى مناقشة، أو كان فيه إلباس على بعض القراء، أو ما كان مشتملا على تسويغ بعض الإبداع، وما إلى ذلك، و الغرض والمقال بحث قصير مركز في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ينشر في صحيفة أو مجلة وعرفها أدباء العرب وعلى مقدمتهم طه حسين والعقاد بأنه قالب من النثر الفني يعرض فيه موضوع ما عرضا مسلسلا مترابطا، تعرف المقالة بأنها (قطعة مؤلفة متوسطة الطول، و تكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة و الاستطراد و تعالج موضوعا من الموضوعات، ولكنها تعالجه على وجه الخصوص من ناحية تأثر الكاتب به)11 فالمقال، إذا، أيا كان الموضوع الذي يعالجه، فإنه يتميز بالقصر ذلك أنه( ليس حشدا من المعلومات، و ليس كل هدفه أن ينقل المعرفة، بل لابد إلى جانب ذلك أن يكون مشوقا، و لا يكون المقال كذلك حتى يعطينا من شخصية الكاتب بمقدار ما يعطينا من الموضوع ذاته)12 تعددت الأقوال وكثرت في نشأة المقالة عند كثير من النقاد والدارسين واختلفوا في نشأة المقالة، فمنهم من جعلها عربية الجذور ومنهم من جعلها غربية الجذور، إن المقال نوع نثري فرنسي النشأة، إذ يعتبر الكاتب الفرنسي ميشال مونتين (أول من كتب مقالا حديثا، و المقال كنوع أدبي لم يظهر بصورة مكتملة، بل مر بعدة مراحل حتى استوفى مختلف العناصر المكونة له، أما في أدبنا العربي، فإن المقال كلفظة ليست غريبة على اللغة العربية، و لكنها من حيث دلالتها الفنية تعد محدثة) 13 واستنادا إلى ما تقدم ذكره يتبين أن المقال (قد دخل في حياتنا الأدبية بعد أن أخذ في الآداب الأوروبية وضعه الحديث)14 وعليه فالمقال، نوع أدبي أوروبي، وكل ما عرفه العرب في نثرهم، مما يقترب من هذا النوع الأدبي الحديث هو الرسالة، و هي نوع عربي أصيل، أطول من المقالة و لها نمط، وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت المقالة ارتبطت بشكل كبير بالصحافة فإن نوعا أدبيا آخر قد ظهر، وجد في الصحافة هو الآخر طريقة للانتشار، نشأة المقالة في الأدبين العربي والغربي ، ففي الأدب العربي يمكن القول أن المقالة قديمة النشأة، ولها جذورها في أدبنا العربي القديم، فقد ظهرت بذور المقالة جلية عند العرب القدماء في عدد من الآثار الأدبية ، لذلك يرى بعض الباحثين والكتاب أن المقالة، فن عربي أصيل، وليد من بذور عربية ومن فكر عربي والجدير بالذكر يرى الباحث إن المقالة نشأت بأنواعها المختلفة قبل القرن السادس عشر الميلادي، فالمقالة شأنها في الحقيقة كشأن سائر فنون الآداب الأخرى، تقوم على ملاحظات أصناف حياة الناس كافة (وخير صورة نقع عليها هي الحكم الشعبية) 15 والمقالة الأولى في الآداب العربية وهي أقدم رائد للمقالة في الآداب العالمية لأنها ظهرت قبل ظهور مقالات مونتاني لكن الباحث يرى أن لو كان هناك مقالة عربية في القديم لكن لم تأخذ صفات المقالة حديثا يقول الباحث يمكن القول إن المقالة في الأدب العربي الحديث، قد انتشرت منذ القرن التاسع عشر ، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بتاريخ الصحافة في مصر بدءا بتطور المدرسة الصحفية الأولى ، تطورت المقالة على يد مجموعة من الكتاب العرب وغيرهم كثير، من كتاب الشؤون السياسية والاجتماعية والأدبية دور كبير في استقطاب العديد، من كتاب المقالات وحين نعرض لنشأة المقالة عربيا، لابد من تناول نشأتها غربيا، وهنا يمكن القول، إن رائدها الأول في الغرب كان الفرنسي مونتين الذي بدأ الكتابة نحو سنة 1571 م، وقد كان مهتما بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية التي انبثقت من نهضة الأدب الكلاسيكي والفلسفة القديمة، وقد كانت كتابته في هذه الآثار تخلو من العنصر الذاتي خلوا يكاد يكون تاما، تطور باكون في كتابة مقالاته، فعمد على كثير من التصميم والتنسيق وإلى الحديث المرسل المستفيض الذي ينضح بالحيوية والألفة واستمر تطور المقالة فنيا وموضوعيا في أوروبا منذ القرن السابع عشر ، (المراجع الأدبية أن تتفق على أن الكاتب الفرنسي ميشيل دي مونتين هو رائد المقالة الحديثة في الآداب الأوروبية لذا؛ قسم مؤرخو الأدب تاريخ المقالة إلى طورين متباينين: طور بدائي ،و طور المتطور)17 ويفهم من هذا أن المقالة بدأت بحكايات الشعوب والأمثال مبعثرة إلى أن صارت موضوعا مركزا المقالة في الأدب العربي القديم نشأت المقالة في الأدب العربي القديم منذ القرن الثاني للهجرة (وخير مثال في هذه الرسائل الإخوانية والرسائل الديوانية وما تدور عليها من مناظرات وأوصاف وعتاب، كما تتناول الموضوعات التي ينفرد بها الشعر كالغزل، والمديح، والهجاء، والفخر، والوصف، لوجد أنها تعكس خصائص المقالة)17 يقول الباحث إن المقالة في عصر الحديث كان عند الغرب في السادس عشر وكان التغيير الذي صاحب النهضة عند الغرب في هذه الفترة، مدعاة إلى ربط ما انقطع من التقاليد الأدبية يقول الباحث إنها تكاد تتفق آراء مؤرخو الآداب الغربية على المقالة الأدبية الغربية الحديثة (عاشت وسادت إلى الحياة الأدبية على يد الكاتب الفرنسي ميشلدي مونتين1 حيث نهض بها في تكوين نفسه حين اعتزل الحياة العامة إلى حياة الريف، ليعيش بهدوء في جوصافٍ آنسه في الحياة القراءة والكتابة والزراعة، مبتعدا عن الاتصال بالمدنية)18 يقول الباحث إن مونتين جمع في ذوقه بالأدب بين ثقافتين، الثقافة الإيطالية، والثقافة الفرنسية، حيث اتجه إلى دراسة اللاتينية وتتلمذ على بعض المشاهير من علماء الكلاسيكية في عصره، (واستقطب ثقافته حول اللاتينية من خلال قراءته روائع الأدب الإغريقي، أما عنايته بالأدب الفرنسي فقد اقتصرت على بعض المؤلفين وخاصة في مجال التاريخ)19 والجدير بالذكر أن مونتن لما تقدمت به السن أخذ يعتني بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية التي انبثقت من نهضة الأدب الكلاسيكي والفلسفة القديمة، ومن اكتشاف العالم الجديد، وطغت موجتها حتى عمت أوروبا وبعد ذلك آثر أن يلجأ إلى مكتبه في مقاطعته الخاصة باسمه، ولم يمكث طويلا حتى دفعته الرغبة في تخليد اسمه وجلاء أفكاره إلى الكتابة والتسجيل)20 والجدير بالذكر ظهرت المقالة الادبية في ادبنا الحديث في القرن التاسع العشر لاتصالنا بالغرب واطلاعنا على آدابه حيث عرفت الآداب الاوربية المقالة الادبية اواخر القرن السادس عشر ويعد الكاتب الفرنسي مونتين رائد المقالة الحديثة في الآداب الاوربية وكان للصحافة دور كبير في نهضة وانتشار هذا الجنس الأدبي، يرى الآخرون الادب العربي القديم عرف فنا ادبيا يشبه المقالة الحديثة وهو فن الرسائل ولاسيما الرسائل الفتية والاخوانية فالرسائل الادبية التي تتناول موضوعا واحدا بشئ من الايجاز، ومن وجهة نظر كاتبها فيها بعض خصائص المقالة الحديثة في الأسلوب والموضوع، وأكد الباحثون أن بأن النهضة هو الذي شهد ميلاد المقالة الحديثة، ويمكن للمرء أن يجري يجمع الباحثون على أن الكاتب الفرنيس ميشيل دي مونتني مبتكر المقالة الحديثة، والجدير بالذكر أن المقالة في الأدب العربي الحديث يعود ارتباطه بتاريخ الصحافة ارتباطا وثيقا وخاصة المقالات الذاتية والموضوعية و(لم تظهر المقالة بنوعيها الذاتي والموضوعي كفن مستقل في فرنسا وانكلترا إلا بعد ظهور الصحافة، واستمدت منها نسمة الحياة منذ ظهورها وخدمت لأغراض مختلفة ثم تطور إلى المجلات)21 يقول الباحث وقد مر ظهور المقالة في الأدب العربي بالمراحل قبل أن يستتب الأمر إلى المرحلة الأولى المدرسة الصحيفة الأولى ، يمثلها كتاب الصحف الرسمية التي أصدرتها الدولة أو أعانت على إصدارها، ومن أشهر كتاب هذه الفترة، المرحلة الثانية، المدرسة الصحيفة الثانية: تأثرت هذه المرحلة بدعوة جمال الدين الأفغاني، ونشأة الحزب الوطني، وبروح الثورة،( وكان للمدرسة السورية الموجودة في مصر لا تنكر على تطوير المقالة في هذه المرحلة، ومن أشهر كتابها أديب إسحاق، وسليم النقاش، وسعيد البستاني، وعبد الله نديم، ومحمد عبده، وغيرهم، ومن أهم الصحف التي كتبوا فيها الأهرام، ومصر، والتجارة، والفلاح، والحقوق)22 يقول الباحث في المرحلة الثالثة ظهور طلائع المدرسة الصحيفة الحديثة، وقد تزامن هذه المرحلة بشيء من ممارسة في مقالاتهم حتى ظهرت طلائع المدرسة الصحيفة الحديثة، حيث ظهرت فيها أحزاب سياسية ينتمي إليها كل كاتب بمقالته يبث من خلالها أفكاره ويكافح عن مصلحته ويؤيد موقفه، وكان علي يوسف يمثل حزب الإصلاح ويحمل الجريدة المؤيدة رسالته، ومصطفى كامل يمثل الحزب الوطني، وينشر مبادئه على صفحات اللواء ولطفي السيد يمثل حزب الأمة يضم مثقفي ذلك العصر وينشر أفكاره السياسية والثقافية على صفحات الجريدة (كانت المقالات متسمة بالموضوعية، وتميت في ذلك الوقت بحمل دعوة التجديد والبعث، ومهتمة أيضا بشؤون التعليم، والتربية، وحوت هذه المقالات الأسلوب الأدبي خطوات جبارة خلصته من قيود الصنعة والسجع، وتركت الكاتب حرا طلعا)23 يرى الباحث إن المرحلة الرابعة شهدت هذه المرحلة تغيرات ملموسة في حياة المصريين حتى غيرت مسيرتها اليومية، وهي من أكبر أحداث حصلت في حياة المصريين في ذلك الوقت، ومن أهم الأحداث الثورية المصرية الأولى سنة 1919م وتركت آثارا طيبة في الحياة عامة وفي المقالة خاصة وقد زادت انتماءات كتاب المقالات إلى الصحائف بشكل فسيح جد ( كانتماء حسين هيكل إلى صحيفة السياسة، وكوكب الشرق لأحمد حافظ عوض، والنهضة المصرية لعبد الحميد حمدي)24 ما لاحظه الباحث في هذه المرحلة أن موضوعات هذه المقالات جلها منحصرة على المقالات السياسية تبعا للأحداث الثورية المصرية التي تتعلق بسياسة مصر، واتجه كل اهتمامات الكتاب إلى زاوية سياسية أكثر من غيرها، أما أثرها الأدبي فيها ضعيف جدا، والفترة تمتد من 1915م إلى 1936م، يلاحظ الباحث أن المقالة باعتبارها فنا أدبيا قائما بذاتها أمر جديد في العالم العربي، (إلا أنها كانت موجود بوصفها رسالة وبحثا مصغرا منذ أزمان بعيدة كرسائل إخوان الصفا وغيرها، ألوان أساليب المحدثين في كتابة المقالات إن المجلات ربت طبقة من الكتاب الذين جعلوا من المقالة وسيلتهم الأولى لنشر آرائهم وإذاعة أفكارهم على جمهور القراء، واتضحت أساليب بعض هؤلاء الكتاب واستبانت خصائصها ومميزاتها بطول الممارسة ومداومة المران)25 يرى الباحث إن في العصر الحاضر للأدب دورٌ لا يقل أهمية عن دوره في الماضي، فهو الواصل بين الماضي والحاضر ومهمته أن يأخذ من الماضي قيمه وعاداته وآدابه وكل ما يتصل بأساسيات هذا المجتمع ليقدم للقارئ بما يضمن الحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه واستمراره ، ويمكن القول إن المقالة قديمة النشأة، ولها جذورها في أدبنا العربي القديم، وإلى هذا ذهب عدد من النقاد (فقد ظهرت بذور المقالة جلية عند العرب القدماء في عدد من الآثار الأدبية ، ففي القرن الثاني الهجري كانت رسائل عبد الحميد)26 فالمقالة في الأدب العربي وليد من بذور عربية ومن فكر عربي أخذ سمته في التطور بحسب ظروف عصره وبيئته ومجتمعه وضروراته ، وإلى هذا ذهب عباس محمود العقاد حين رأى أن الفصل في الحقيقة هو أصل المقالة الأول في الآداب العربية وهو أقدم رائد للمقالة في الآداب العالمية لأنه ظهر قبل ظهور مقالات (مونتاني) وحديثا يمكن القول إن المقالة في الأدب العربي الحديث قد انتشرت منذ القرن التاسع عشر، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بتاريخ الصحافة في مصر بدءا بطور المدرسة الصحفية الأولى وما يمثلها من كتاب (كرفاعة الطهطاوي وعبدالله أبو السعود وميخائيل عبد السيد حين نشروا مقالاتهم في الوقائع المصرية ووادي النيل والوطن)27 وإن مجلة الرسالة كانت أول مجلة سياسية اجتماعية، صدرت في ملبورن عام 1975م، شهرية استمرت لمدة عامين، وإن مجلة الثقافة كانت أول مجلة حزبية شهرية تصدر في أستراليا عام 1975م، استمرت لعدة سنوات، وإن مجلة الاقباط كانت أول مجلة دينية تصدر عن الهيئة القبطية الأسترالية عام 1977م، وتوقفت بعد إصدار عددها الثاني وهكذا استمرت المجلات العربية بالصدور، منها من يستمر، ومنها من يتوقف بسرعة تدل على أن الأعباء المادية، وضآلة التوزيع هما السبب في هذه المعاناة، ومع ذلك ما زلنا نقرأ مجلات التسعينيات، حتى صدور مجلة الجذور في ملبورن التي نتمنى لها قوة الاستمرار هكذا، وبعد هذا العرض المختصر، نجد بل ونستنتج أن الصحافة العربية، كانت ومازالت تصر على تأكيد وجودها، ولو بشق الأنفس، بل ومازالت الدليل الصارخ على رغبة المهاجر اللبناني خاصة، والعربي عامة، في التمسك بلغته وتراثه، ونعلم أن أكثر مشاريع الصحف كانت تجارية وثقافية معا. التطور لغة: (من طور، و الطور: التارة، و جمع الطور أطوار، و الناس أطوار أي أخياق على حالات شتى و الطور الحال، والأطوار: الحالات المختلفة و التارات و الحدود، واحده طور: أي مرة ملك و مرة بؤس، و مرة نعم، و الطور و الأطوار: ما كان على حذو الشيء أو بحذائه)28 يعتبر مفهوم التطور من أبرز المفاهيم التي ارتبط ظهورها تاريخيا بالقرن التاسع عشر قرن التحولات الكبرى، إذ شهد هذا القرن ظهور عديد النظريات و المفاهيم، وقد حظي هذا المفهوم باهتمام و عناية فائقين، و أثير حول أهميته و جدواه كثير من الجدل، فانقسم الدارسون بموجب ذلك بين معارض و مساند، لكل سنده و حجته على نحو ما سنرى انبثق هذا المفهوم في حقيقة الأمر عن نظرية التقدم التي ظهرت في القرن الثامن عشر، والمتمثلة في الاعتقاد بأن تاريخ الإنسان كان ارتقاء متدرجا من الهمجية أو البؤس إلى نمط حياة أعلى و أفضل، وكذلك الاعتقاد بأن هذا الارتقاء تحقق، و يمكن تحقيقه في المستقبل، بجهود الإنسان ذاته وحده، عن طريق استخدام العقل و العلم فإن التطور تضمن فكرة أن تاريخ الإنسان وراثي تكويني مستمر يعمل وفق أسباب طبيعية)29 لقد عرف مفهوم التطور انتشارا واسعا حتى أنه طبق في كل علم و في كل فرع من فروع الدراسة. و من ثم كان سببا في نشأة كثير من النظريات المتعلقة بتفاصيل التطور و تنوعاته، و لم يقتصر تطبيقه على تطور الحياة العضوية في النباتات، و الحيوانات الدنيا و الإنسان فحسب، بل تعداه إلى تطور مجموعات المجرات و المجموعات الشمسية، و العقل الإنساني، و المجتمع و الثقافة، و العلوم و الفنون، و أحدث في هذه المجالات كلها ثورة في الفروض و في طرائق التفكير الأساسية، حيث أحل الإيمان بالتغير، وبالتطور، و بالنسبية نقول أحل هذا كله محل الاعتقاد القديم بالمطلقات و الإيمان بكون ساكن، و بمجتمع هرمي ثابت، و بقوانين خالدة شاملة، للخير و الحق و الجمال)30 ولربما كان هذا الشيوع و الاستخدام المكثف له في مختلف تلك المجالات وراء الغموض الذي يعتري هذا المفهوم، فمفهوم التطور كثيرا ما يختلط بمفاهيم أخرى قريبة منه كالتقدم و التغير و التحول...إلخ إن التقدم و التطور كلاهما يعني التغير، لكن هناك فرق بينهما، فالتطور معناه التغير لكن التقدم معناه التغير إلى الأفضل)31 يرى الباحث بأن الفنون تتغير وتتطور فنيا لقد مرت المقالة بعد إدخالها إلى الأدب العربي بثلاث مراحل في تطورها حيث ظهرت في بداياتها الأولى بأسلوب يقترب من أسلوب عصر الانحطاط، إذ كان زاخرا بالسجع الغث و بالمحسنات البديعية، ثم ظهرت فيها مجلات أدبية أخرى مثل: مجلة الكشاف، غيرها، أما مصر مركز النهضة العربية، فإنها لم تتنبه إلى أهمية المجلة إلا بعد الثورة المصرية، فظهرت فيها مجلات متخصصة، إلى جانب إلى بعض المجلات الأدبية التي غنيت بالمقالات الأدبية كان من بينها: الرسالة، الفجر، أبولو، الثقافة، و الكاتب المصري، فكان لها و لغيرها دور فعال في تطوير المقالة الأدبية ربما أكثر من دور الصحف و ذلك لارتباط الصحافة بشكل كبير بالسياسة و ما يتصل بها، في حين تهتم المجلات في المقام الأول بشؤون الثقافة أما في باقي الدول العربية فقد سارت الصحف و المجلات سيرتها في مصر و لبنان)32 هكذا انتشر هذا النوع الأدبي في مختلف الأقطار العربية تأسيا بهما و برع فيها أعلام كثيرون في الجزائر وفي القرن الثامن عشر تطورت المقالة ثم في القرنين التاسع عشر والعشرين ، مرت المقالة العربية الحديثة بالأطوار الآتية: الطور الاول: ويشمل مقالات الصحف الأولى وهي الصحف الرسمية التي اصدرتها الدولة واعانة على اصدارها حتى قيام الثورة العربية وكانت المقالة في هذا الطور بدائية وفجة فكان اسلوبها اقرب إلى اسلوب النثر في عصر تدهور التفافة والادب العربي من حيث الاهتمام بالسجع والزخارف المتكلفة الطور الثاني: وهو الطور الذي شهد صحفا جديدا غير مرتبطة بالدولة، أسس معظمها المهاجرون السوريون مثل الاهرام ومصر وغيرها، الطور الثالث: وهو طور مقالات الصحف المدرسة الصحفية الحديثة التي أسسها الاحزاب السياسية التي شهدتها مصر في عهد الاحتلال الانكليزي مثل حزب الاصلاح الذي اسسه الشيخ علي يوسف واصدر جريدة المؤيد والحزب الوطني الذي انشأه مصطفى كامل واصدر جريدة اللواء الطور الرابع: طور المدرسة الحديثة، الذي بدأ مع قيام الحرب العالمية الأولى، وما تلاها من احداث مثل ثورة 1919 امتازت المقالة في هذ الطور بالتركيز والدقة العلمية والميل إلى بث واشاعة الثقافة العامة واسلوبها هو الأسلوب الحديث الذي اشتهر به هؤلاء الكتاب الذين هم من اقطاب الادب العربي الحديث مثل طه حسين واحمد امين والمازني والعقاد. المراحل التي مرت بها المقالة في العراق: 1-مرحلة العهد العثماني: شهدت هذه المرحلة بعض الرسائل الساذجة والبعيدة عن الشؤون والمشكلات الحياتية المهمة واسلوبها هو الأسلوب المسجوع والحافل بالزخارف اللفظبة و المحسنات البديعية. لكن بتغيير الحال بعد اعلان الدستور العثماني 1908 حيث أطلق الحريات فترة من الزمن وانشئ صحف ومجلات مما أدى إلى تطور المقالة نحو البساطة في الأسلوب ونبذ الأسلوب المتكلف والتعبير عن موضوعات تتعلق بحيات الناس. 2- مرحلة الاحتلال البريطاني: حيث كثر كتاب المقالة نتيجة لتشجيع الانكليز الكتاب العمل في الصحف التي انشأوها، امتازت المقالة في هذه المرحلة بالسهولة في اللفاظ والوضوح في الافكار. 3- مرحلة الحكم الوطني :الذي بدأ في عام 1921 حيث تناولت المقالة مختلف الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية إلى الأسلوب السهل لكي تكون مفهومة من الجميع، مرت المقالة الأدبية بتطورات مختلفة من خلال العصور والفترات المتنوعة العصر، وكان الكتاب الأوائل الذين أسسوا أدب العصر الحديث أصحاب مقالات أكثر ما كانوا أصحاب كتب على أن مقالاتهم قد ضم بعضها إلى بعض حتى تألفت منها كتبهم الأولى ، وظهرت حاجة المعاصرين إلى المقالة بأكثر مما ظهرت حاجتهم في مطالب الكتاب، يعد المقالة غذاء روحيا وعقليا كخبزه اليومي، (وهناك عوامل ساندت تطور فن المقالة في الأدب العربي وأعطتها فرصة التقدم والازدهار لقارئها في العصر الحديث منها: انتشار الطباعة كان من العوامل التي ساعدت انتشار المقالة وكثرة الصحف والمجلات التي تذيع هذه المقالات والتنافس بين كتاب المقالات في محاولة جذب نفوسهم تجاه صحيفة معينة وظهور مجموعة من المشكلات الاجتماعية والشعور بالمسؤولية نحو إرشاد أفراد المجتمع وتوعيتهم بين أدباء العصر الحديث واتخاذ الصحف والمجلات وسيلة نشر الأفكار والآراء وكثرة الأحزاب السياسية، هذه العوامل وغيرها ساهمت في دفع عجلة فن المقالة ورفع مستواها و التذوق بها)33 1. عناصر البناء الفني للمقالة: ومن عناصر بناء المقالة هو تحديد الموضوع، و يلزم من الكاتب توحيد الأفكار وتسلسلها وابتعادها عن التفكيك والعرض الشائق، الذي يجذب القارئ، ويقع في نفسه موقع القبول والاستحسان والإقناع، وطريقة سلامة الأفكار ووضوحها واتسامها بالأدلة العقلية أو العاطفة)34. 2.العناصر الفرعية للمقالة: هي المقدمة الموضوع الخاتمة، في المقدمة يهيأ الكاتب القارئ لتقبله والاستمرار في قراءته، كمدخل رئيسي يجذب القارئ إلى مواصلة القراءة، أما موضوع المقالة فيتناول فيه الكاتب الجانب الذي اختاره، ويحللها تبعا لطبيعة الموضوع، وشخصية الكاتب، وطريقة نشره، أما الخاتمة فيركز الكاتب ما يجول بخاطره، ويحدد هدفه من المقالة، ويلخص جوانب موضوعه حتى تثبت مقالته في نفس القارئ، فالخاتمة هي آخر ما يقع عليه عين القارئ)35 يقول الباحث تتنوع المقالات حسب موضوعها، وكان مواضيعها متعددة على حسب الميول والمقدرة، من هذه الموضوعات كالمقالة الأدبية و السياسية و الاجتماعية والعلمية، يقول الباحث تتناول المقالة الأدبية جوانب الأدب وشؤونه الثقافية، يعالج قضاياه ويدرس مشكلاته بأسلوب أدبي جيد، أما المقالة السياسية فتعالج القضايا السياسية، إما تأييدا لرأي سياسي على غيره، أو معارضا لهذا الرأي ومهاجما له (تعبر المقالة الاجتماعية عن ما يدور في وسط المجتمع وما حول له من المشكلات التي تواجه الأفراد والجماعات، وتشخيص هذه المشكلات بصور موضوعية، والبحث عن حلولها وعلاجها، أما المقالة العلمية فيهدف الكاتب إلى شرح موضوع علمي معين شرحا دقيقا واضحا يعتمد على الحجج وأن مهمة الكاتب أن يتجه في كتابتها اتجاها موضوعيا)36 يظهر في العناصر البناء الفني عن طريق ترابط الأفكار وانسجامها، والإقناع عن طريق سلامة الأفكار ودقتها ووضوحها والإمتاع بالعرض الشائق الذي يجذب القارئ ويؤثر فيه، والقصر فلا يتجاوز بضع صفحات فإذا طالت أكثر من ذلك صار بحثا أو كتابا مهما كان موضوع المقال، فالحافز للأديب على كتابة مقالته هو رغبته في التعبير عن رأيه الخاص، ولذلك تظهر ملامح شخصية الكاتب من خلال مقالته تبعا لشخصية كاتبه، وطبيعة موضوعه، فالمقالة التي تدور حول رأي أو فكرة يكون التركيز فيه على الجانب الفكري من حيث الصحة والدقة والوضوح، والمقالة التي تدور حول مشهد أو ناحية نفسية أو اجتماعية أو إنسانية، يكون التركيز فيه على حيوية العرض ودقته وطرافته، لأن الهدف من المقالة الإقناع والإمتاع لا الغموض وقوة الأسلوب في العصر الحديث يرى الباحث أن المقالة تتسع لكل شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة أو رغبة أو فكرة في أسلوب شيق منظم، وتتنوع المقالات وتختلف تبعا لاختلاف مادتها وموضوعاتها، أما أسباب انتشار المقال بشكل واسع في العصر الحديث هو ظهور الطباعة والصحافة وتنوع الجرائد والمجلات تشعب المشاكل الاجتماعية والسياسية بسبب الاستعمار والاستبداد و ظهور أدباء ومصلحين اخذوا على عاتقهم مسؤولية توعية الناس وإرشادهم نشاط الحركة الأدبية والنقدية بين أدباء العصر الحديث مما أدى إلى ظهور ردود قصيرة على ما ينشر في المجلات و الجرائد فقد لاحظ الباحث أن هذا الفن خطى خطوات مذمومة نحو التكلف والتصنع حيث كثرت الزخارف والمحسنات والتعابير الركيكة، فأصبح أسلوبه متحجرا مما جعل النقاد يبعدونه عن المقال الحديث، في العصر الحديث لم يتطور فن المقال ويصل إلى ما هو عليه إلا بعد أن مر بمراحل مختلفة، وكانت أساليب مقالاتهم اقرب إلى أساليب عصر الضعف حافلة بالسجع والزخرف اللفظي، ركزوا فيها على الأحوال الاجتماعية والسياسية، والمقالة فن من فنون التعبير النثري الحديث كثر استعماله في عصرنا الحاضر وهي من ثمرات الاتصال بالغرب ومرتبطة بازدهار وسائل الإعلام، وعرف أدموند جوس المقالة في بحثه المنشور في دائرة المعارف البريطانية بقوله: المقالة باعتبارها فنا من فنون الأدب، هي قطعة إنشائية ذات طول معتدل تكتب نثرا، وتلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة سريعة، ولا تعنى إلا الناحية التي تمس الكاتب وهو أن المقالة الأدبية قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من الكلفة والرهق وشرطها الأول أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب)37 والمقالة تنوع إلى نوعين هما: المقالة الذاتية والمقالة الموضوعية( وليس من السهولة بمكان وضع حدود فارقة بين هذين النوعين، إلا أن محك التمييز الصادق بينهما، هو مقدار ما يبثه الكاتب في كل منهما من عناصر شخصية ففي النوع الأول تبدو شخصية الكاتب جلية جذابة تستهوي القارئ وتستأثر بلبه، وعدته في ذلك الأسلوب الأدبي الذي يشع بالعاطفة ويثير الانفعال، ويستند إلى ركائز قوية من الصور الخيالية والعبارات الموسيقية والألفاظ القوية)38 الفروق الأساسية بين المقالة الذاتية والمقالة الموضوعية (المقالة الذاتية تعني بإبراز شخصية الكاتب، بينما تعني المقالة الموضوعية بتجلية موضوعها، بسيطا واضحا خاليا من الشوائب التي قد تؤدي إلى الغموض واللبس. والمقالة الذاتية حرة في أسلوبها وطريقة عرضها، لا يضبطها ضابط، بينما تحرص المقالة الموضوعية على التقيد بما يتطلبه الموضوع من منطق في العرض والبحث والجدل وتقديم المقدمات واستخراج النتائج)39 والمقالة الصحفية يحتاج إلى فن صحفي دقيق ( يرتبط بالتقدم العلمي، ويتطلب انتشار التعليم، لكي يجعل المجالات البعيدة والمعقدة في متناول الجمهور والصحفي الناجح في المجتمع الحديث هو الذي يتقن مهارة الاتصال من خلال نشر الأخبار والتعليق عليها وتفسيرها، وتبسيط المعلومات وتجسيدها، وتقديم صور العالم وأحداثه بشكل واضح ومجسد ودرامي، وفي أشكال خالية من التجريد أو الأكاديمية أو التعقيد) 40 بدأت الصحافة الأمريكية في الظهور( يوم 25 سبتمبر سنة 1690 بنشرة اسمها الوقائع العامة الخارجية والمحلية ولم يصدر منها سوى عدد واحد لأنها طبعت دون أدنى علم أو موافقة من السلطات) 41 تعطينا الصحافة الإنجليزية نموذجا طيبا لدراسة ظهور الفن الصحفي وازدهاره عندما تتهيأ الظروف لذلك ( قد صدر أول كتاب أخباري منتظم الصدور في إنجلتزا سنة 1622، وكان يصدر رسميا باسم السلطات الحكومية وما لبثت الصحف أن غرقت في تيار الثورة الطاحنة، والمنازعات الدامية بين الملكيين والبرلمانيين ) 42 انطلاقا من فهم عمق عملية الاجرائية الإعلامية (على أنها في جوهرها عملية اتصال بين كاتب وقارئ أو متحدث ومستمع. أي: بين مرسِلٍ ومستقبلٍ عن طريق وسيلة إعلامية تنتقل بواسطتها الرسالة الإعلامية، من طرفٍ إلى آخر)43 فالمقال الصحفي في مصر (يرتبط بانتهاء عصر الوقوف والركود واستئناف الاتصال بين العالم العربي والعالم الأوربي في أواخر القرن الثامن عشر، والقرن التاسع عشر، ثم دقة هذا الاتصال وتنظيمه في هذا القرن الذي نعيش فيه؛ حيث ألغيت المسافات الزمنية والمكانية، وأصبح الاتصال في كل لحظة ظاهرة من الظواهر الطبيعية للحياة المألوف)44 إذا أردنا كتابة المقالة فلا بد من الاهتمام بالبيئة التي نعيش فيها على سبيل المثال إذا أردنا كتابة مقالة عن منطقة اقصى شمال كاميرون من الاحسن يكون المقال يتناول المواضيع الحية والحساسة في ولاية اقصى الشمال يمكن أن اكتب عن (حواث المرور في ولاية اقصى الشمال في عامي 2015/2016) أو اكتب عن نهر مشهور في ولاية اقصى الشمال المسمى ب(نهر لغون وشاري) لكن بعض الكتاب يكتبون عن خارج بيئة التي يعيشونها، كان كبار الكتاب يهتمون بالبيئة في كتاباتهم، نجد المقال الصحفي كان من مكونات لجيل طه حسين لأن مقالاته كانت مرتبطة (بالبيئة المصرية وما يضطرب فيها من حيوات، بحيث بدت القاهرة حينئذ أشبه ما تكون ببرج بابل، كما يقول العقاد تعج بدعواتٍ من كل لونٍ، ولكن هذه الصورة ترتبط من الوجهة المصرية بالأستاذ الإمام محمد عبده، الذي ذهب في توجيه النهضة القومية بعد عودته من المنفى إلى وجهةٍ تتفق مع مذهبه في الحياة )45 إذا أردنا أن نغير مجتمعنا إلى طريق الافضل لا أن يكون لنا وجهة نظر اجتماعي يرمي إلى الهدف النبيل لنكون مجتمعا مميز تحترم القيم الاخلاقية والفضيلة لقد كان للمقالة دور في تغيير البيئة الاجتماعية المرتبطة بالحياة الفكرية مثلا مسالة حجاب المرأة وتحريرها، وفض الحجاب عنها، اثارها المقالات الصحفية( وفي مقدمة الداعين إلى ذلك قاسم أمين أحد تلاميذ الأستاذ الإمام، الذي ينطلق كتابه تحرير المرأة سنة 1899 من مسألة تأخر المصريين عن اللحاق بالأمم المتقدمة ويذهب إلى أنها إذا بقيت على ضعفها فلن تتمكن من البقاء في عالمٍ تسوده قوانين الانتقاء الطبيعي وفقا لمفهوم الدارونية وقوبلت أفكار قاسم أمين في الصحف، رد الفعل التقليدي الذي ذهب إلى مهاجمة نظريته في الكتب والمقالات، في حين ذهب بعض الكُتاب إلى تأييد هذه النظرية، ولم يلبث قاسم أمين في سنة 1900 أن أصدر كتاب المرأة الجديدة ليرد على معارضيه بأسلوبٍ أكثر جدلية من أسلوب الكتاب الأول، مستندا إلى الفكر الاجتماعي الأوروبي الحديث )46 يصور قاسم أمين مركز المرأة، في مجتمع تقليدي متأثر بعصور الانحطاط لا يتحسن إلا بالتربية، كما أنه لا يُمكنُ المرأة من أن تمارس حقوقها وتقوم بدورها في المجتمع من غير تعليم، إذ أن المرأة لا تكون كاملة ما لم تتصرف بنفسها، وتتمتع بالحرية التي منحتها إياها الشريعة، وما لم تنم طاقتها إلى أقصى الحدود) 47 والمقالة تحتوي على الاثر الفكري وتقلب المجتمع في وقت وجيز نرى على سبيل المثال تبين هذا الأثر الفكري( من تمثل كُتاب الجريدة لأفكار الإمام واتجاهاته، فقال عنهم كرومر في تقرير 1906 إنهم من أتباع الشيخ محمد عبده وقال عنهم غيره: إنهم من تلامذته ورواده، ومهما يكن من شيء فقد اتجه كُتاب الجريدة إلى تعقيل الحياة وتخليصها من عناصر الخرافة وما إليها، واستمدت هذه الدعوة بالنظر في الإصلاح المصري على أساسٍ جديد، هو العقل من ناحية، والمنفعة الذاتية لمصر وحدها من جهة ثانية) 48 المقالة الصحفية الفكرية لا أن تكون قوية ومتينة ومتماسكة ترمي إلى هدف معين إذا كان صاحبها يقصد بها هدفا معينا على سبيل المثال في مصر كانت(فكرة الحضارة الأوروبية من جهةٍ، وفكرة الجامعة الإسلامية من جهة ثانية، وذلك بعد أن تركت كل من هاتين الفكرتين آثارا عميقة في الرأي العام المصري، والحياة العامة المصرية، على النحو المبين فيما تقدم، فأصبح التعقيل اتجاها ثقافيا وفكريا لخطة الأستاذ الإمام، نهض به لطفي السيد، ووسم به مدرسته فامتازت الحركة الأدبية والفكرية في مصر في النصف الأول من القرن العشرين بميلٍ حقيقي للتعقيل، وإيثارٍ لجانب التفكير، وبعدٍ عن مسايرة العواطف، ومن جهةٍ أخرى فقد أبرز لطفي السيد نموذجا جديدا يُضافُ إلى النموذج العربي الإسلامي، وهو نموذج الفكر اليوناني؛ فترجم لأرسطو، وأردف ذلك بنقل فكرة الديمقراطية إلى الحياة المصرية) 49 للفكرة اثر عظيم في انقلاب الدولة والمجتمع وتغريس الفكرة الجديدة بين المجتمع المعايش والفكرة هي التي (كانت الأسباب النفسية قد تقطعت بين طه حسين وبين الأزهر حين استيأس من الأساتذة وساء ظنه بالشيوخ، وأحس أن الذين بكوا الشيخ صادقين، لم يكونوا من أصحاب العمائم، وإنما كانوا من أصحاب الطرابيش، فوجد في نفسه ميلا إلى أن يقترب من أصحاب الطرابيش هؤلاء وهم الذين نسب إليهم أنهم من أتباع الشيخ محمد عبده، كما قال عنهم كرومر وغيره، وإن كنا لا ننكر تأثير الأستاذ الإمام فإننا لا نبالغ فيه، وغاية ما نذهب إليه أن أفكار الأستاذ الإمام السياسية والإصلاحية قد وجدت صداها في نفوسهم، ذلك أنه كان رائد حركة الإصلاح الاجتماعي والديني بل والتفكير السياسي. وكان الإمام يميل إلى الاعتدال فوافق مشربه مشربهم، وخاصة حين نزع عن نفسه رداء السياسة إلى العلم والتثقيف وجعلهما وسيلة إلى تحقيق الغرض السياسي في النهاية؛ فمهد بذلك للوطنية المعتدلة، والتف حوله كثير من الوطنيين المعتدلين، واتفقت آراؤه مع آرائهم في أن الإصلاح الحقيقي الداخلي هو وسيلة الجلاء، ولا ضير في الاستعانة بالإنجليز في ذلك وفي ذلك ما يفسر اقتراب طه حسين من رجال حزب الأمام كما يسميه بعض الباحثين، إلى جانب ارتباطه بلطفي السيد والمدرسة الفكرية التي رادها، فلم يرتبط طه حسين إذن ارتباطا سياسيا بالكيان الحزبي ومصالحه، ذلك أن طه حسين كما يقول كان فقيرا متوسط الحال في أسرته، فأتاح له هذا الاتصال بحزب الأمة أن يفكر في الفروق الحائلة بين الأغنياء والبائسين، وكانت بيئة الجريدة أنسب البيئات الصحفية لذهنه المتفتح، الذي يضيق ببيئة العلماء في الأزهر) 50 وفي حين تمثل الجريدة الجانب الفكري في تكوين طه حسين الصحفي، نجد إعجابه بشخصية مصطفى كامل الذي جعله أحد ثلاثة تدين مصر لهم بما أتيح لها من اليقظة؛ أولهم: الأستاذ الإمام الذي أحيا الحرية العقلية، والثاني: قاسم أمين الذي أحيا الحرية الاجتماعية، أما مصطفى كامل فهو الذي أذكى جذوة الحرية السياسية الأمر الذي يكشف عن اتجاه سياسي حماسي في بيئة التكوين الصحفي لطه حسين، متطرفٌ في عداوته للاحتلال) 51 ارتباط طه حسين بصحيفة حزب الأمة( إنما يجيء من خلال التيار الفكري ذلك أنه ارتبط بمدرسة الجريدة واتجاهاتها الفكرية الداعية إلى تعقيل الحياة المصرية، وإلى التنوير والحرية، وتجديد شباب مصر بمقومات الحضارة الحديثة، ونجد عند دراسة مقالاته في الجريدة تعبيرا عن اتجاهات التجديد التي ذهبت إليها مدرستها الفكرية، الأمر الذي يفتح أمامه أبواب التجديد على مصاريعها) 52 وفي ذلك العهد كان طه حسين يكتب( في هذه البيئة الأولى قصائد كثيرة يدافع فيها عن الجلاء والاستقلال وبعض القضايا الوطنية، نشر معظمها في صحف الحزب الوطني، ومن نماذج تلك القصائد ما نشره في سنة 1909 تحت عنوان: هم جائش حينما عرضت حكومة بطرس غالي على مجلس الشورى مد امتياز قناة السويس ومطلعها: تيمموا غير وادي النيل وانتجعوا فليس في مصر للأطماع متسع كفوا مطامعكم عنا، أليس لكم مما جنيتم وما تجنونه شبع وفي قصيدة أخرى يخاطب العام الهجري الجديد، يقول: كن أنت بعد أخيك خير هلال وأضئ لمصر سبيل الاستقلال ومن هذه النماذج يبين لنا تمثل طه حسين المبكر للاتجاهات السياسية التي كان يعبر عنها المقال الصحفي في اللواء ومصر الفتاة وغيرها من صحف الحزب الوطني، ولكن طه حسين مع ذلك ظل محتفظا بخلافاته الفكرية مع الحزب الوطني، ومن ذلك أنه حين يتناول موضوع المرأة وما تلاقيه من إهمال، يتبنى آراء قاسم أمين التي عنيت بها الجريدة)53 إذا لاحظنا ادب طه حسين نجد فن المقال في أدبه (قديم جدا وحديث جدا، قد اتصل قديمه بحديثه اتصالا مستقيما لا انقطاع فيه ولا التواء؛ ففيه خصائص الآداب القديمة، وفيه خصائص الفن الصحفي الحديث، وفيه ما يُمكنُنا من استخلاص حديثه من قديمه، وما يغنينا عن كثير من الفروض وأخص ما نلاحظه في مقال طه حسين، أنه يأتلف من عنصرين أحدهما داخلي ينتمي إلي البيئة المصرية، والآخر: خارجي من الشعوب والثقافات التي اتصل بها، ونعني بهذين العنصرين: الأصالة، والتجديد ثم نتعرف على مقاله بين التقليد والتجديد تمهيدا للتعرفِ على رؤياه الإبداعية في فن المقال الصحفي في تشكيلاته النهائية التي ظهر بها واضحا في شخصيته وفنه. تأسيسا على أن الفن الصحفي طريقة تفكير ورؤية خاصة متميزة للحياة والمقال الصحفي في ضوء هذه الرؤية يغدو عملا نقديا في الوقت ذاته، أكثر مما كان في أي وقت مضى، ذلك أن عملية الإبداع الفني تتضمن اختيارا للشكل وللغة، ولعدد لا يخضع للحصر من التفاصيل الصغيرة التي تشكلُ فن المقال وتحدده، وكل كاتبٍ هو بهذا المعنى ناقدٌ بالضرورة. فأكبر الكُتاب هم أصحاب أعمق وأشمل قدرة على النقد، وهي القدرة التي تميزُ الرؤيا الإبداعية في مقال طه حسين نتيجة إلحاحه في الوعي بالذات، وغلبة التأمل العقلي على عالم التعبير الفني في أدبه على العموم، ومقاله على الخصوص. وقد يرجع ذلك إلى اهتمامه واهتمام جيله بقاضاياه وفلسفته وتفسيراته، والتزامه لهذه القضايا في كثير من الأحيان، ونظرته إلى الفن كضرورة من ضرورات الحياة، فيجد في فن المقال وسيلة لمبادلة الجمهور اهتماما باهتمام، ومناسبة لتوضيح ما في فنه من مغزى، الأمر الذي يجعلنا ننظر إلى عناصر الأصالة والتجديد في مقال طه حسين، على أنها عملية إبداعية تنتظم العمل الإبداعي والعمل النقدي عن قصد، من أجل إيجاد الاتصال والفهم المشترك) 54 القارة الافريقية تحتاج إلى التغيير فكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا، لان المجتمع الإفريقي مجتمع يعيش في شبه جحيم، يعاني من مشاكل مختلفة ، أعظمها الفقر والمرض وعدم الأمن الغذائي ، رغم ما تقتنع من الثروات المعدنية وهو أرض خصب صالح للزراعة والرعي، لكن المشكلة الاساسية ، تعود إلى سوء إدارة البلاد من قبل أبناء القارة ، قليل منهم من يهتم بقيادة البلاد نحو التقدم والرقي هناك امراض من نوع إفريقي، تحتاج المقالات الصحفية معالجتها سلميا وأن تضع لها عين الاعتبار ،الفساد الإداري، والعطالة، والعنصرية والقبلية هذه الظاهرة منتشرة في القارة الإفريقية. المصادر والمراجع 1 محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996 ص76 2.- محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996 ص76 3- محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996 ص76 4.إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط ، المكتبة الإسلامية، استانبول، ص 767 5. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار بيروت - بيروت، 1957 م ص 95 6 . نفس المرجع 7. عبد العزيز عتيق، في النقد الأدبي، دار النهضة العربية، بيروت، 1973، ص229 8. نفس المرجع،ص116-117 9. محمد، يوسف نجم فن المقالة، دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1995ص 117 10.الشرقاوي حسن،:117-118 11.شفيق البقاعي، أدب عصر النهضة، ص 258 12. نفس المرجع،، ص 163 13.نفس المرجع، ص 162 14.نفس المرجع،، ص 162 15. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996. ص 11 17. نفس المرجع،، ص 9 18. نفس المرجع،، ص 17 19. نفس المرجع، ص 25 20. نفس المرجع، ص 25 21. نفس المرجع، ص 25 22. نفس المرجع، ص 53-54 23. نفس المرجع، ص 54-55 24. نفس المرجع، ص 55-56 25. نفس المرجع، ص 57 26. نفس المرجع، ص 64 27.الشايب،199م: 94 28.جمعة،2007م ص 8 29.جمال الدين بن جلال الدين ابن منظور ،لسان العرب، ط 4، دار صادر للطباعة و النشر بيروت لبنان2005 ، ص 1560 30.توماس مونرو، التطور في الفنون و بعض نظريات أخرى في تاريخ الثقافة، تر محمد علي أبو درة و آخرون، د،ط، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر، 1971 ، ص 15 31.توماس مونرو، التطور في الفنون و بعض نظريات أخرى في تاريخ الثقافة، تر محمد علي أبو درة و آخرون، د،ط، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر، 1971 ، ص 15 32.نفس المرجع، ص 15 33.عبد المنعم تليمة، مقدمة في نظرية الأدب، د، ط، دار الثقافة للطباعة و النشر، القاهرة مصر، 1976 ص 125 34. محمد يوسف نجم، فن المقال، ط 4، دار الثقافة ، بيروت لبنان، ص77 35.الشرقاوي حسن، 1995م: 121 36. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996. ص 117 37-فن المقالة محمد يوسف نجم دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996 ص76 38- نفس المرجع، ص77 39-فن المقالة محمد يوسف نجم دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى ، 1996 ص78 40-إبراهيم إمام دراسات في الفن الصحفي مكتبة الأنجلو المصرية ص8 41- نفس المرجع، ص16 42 - نفس المرجع، ص 18 43-عبد العزيز شرف فن المقال الصحفي في أدب طه حسين الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 26 العزيز شرف الهيئة المصرية العامة للكتاب ص35 44-فن المقال الصحفي في أدب طه حسين عبد العزيز شرف الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 45 45- نفس المرجع، 45 46- نفس المرجع، ص 48 47- نفس المرجع، ص48 48- نفس المرجع، ص 45 49- نفس المرجع، ص 46 50- نفس المرجع، ص 64 51- نفس المرجع، ص65 52- نفس المرجع، ص65 53- نفس المرجع، ص 66 54- نفس المرجع، ص93
#ابراهيم_محمد_جبريل (هاشتاغ)
Ibrahim_Mahmat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أثر الثقافة العربية على قبيلة مزغوم في الكاميرون
-
الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية
-
المجتمع المدني والديمقراطية والدولة واللامركزية
-
المرأة في الأدب العربي الإفريقي
-
الشعر النثري، لأحمد جابر دراسة أسلوبية نقدية
-
الشاعر عبد الله الدرامي
-
التعايش والحوار الوطني في إفريقيا
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|