أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الأنبياء ملوك المستضعفين














المزيد.....

الأنبياء ملوك المستضعفين


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 14:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد ولدت نُبوة الأنبياء من رحم سلطة المتسلطين، كرد فعل مقاوم لثقل السلطة عليهم وأمل في الخلاص من أعبائها ومظالمها بحقهم. فالأديان هي بمثابة سلطة الفؤاد للسواد الأعظم من جماهير المستضعفين في مواجهة بطش واستغلال سلطة الحكم فيهم؛ أو هي مملكتهم المختارة في معارضة مملكة الملك وحاشيته المفروضة عليهم كرهاً. ولولا وجود السلطة قبلاً، ما وجد الدين بعداً. هكذا قد ولدت نبوة موسى من رحم عنفوان السلطة الفرعونية واضطهادها لبني إسرائيل وتنكيلها بهم. كما قد ولدت نبوة عيسى كذلك من رحم السلطة الرومانية، وفي معارضة ومقاومة دامية ضدها. غير أن نبوة محمد لم تولد كسابقتيها في معارضة ومقاومة ضد سلطة قائمة، ببساطة لأنه ما من سلطة أصلاً كانت قائمة هناك آنذاك. وهنا كانت المفارقة والإشكالية: هل يمكن أن تنشأ ’نُبوة‘ من دون ’سلطة‘ قبلاً؟!

كما حال العبد لا يمكن أن يحب سيده، كذلك المحكوم لن يحب أبداً حاكمه. وعلى هذا الأساس قد بنيت العلاقة الضدية بين السلطة من جهة والدين في المقابل. وكان لزاماً أن يكون الأنبياء، بصفتهم ملوك الجماهير المستضعفة وحملة لواء قلوبهم، على الطرف النقيض للسلطة دائماً. وتنشأ المعضلة حين لا يصطف النبي مع الأسياد والحكام فقط، بل يكون هو نفسه سيدهم وحاكمهم الأعظم.

لإبراز دوره كنبي ورمزاً للمضطهدين، قد عمدت الأدبيات الإسلامية في التضخيم والمبالغة في قسوة التعذيب الذي تعرض له محمد وأتباعه بمكة قبل هجرتهم إلى يثرب. ثم زادت على ذلك بالتهويل من عداوة الكافرين والمشركين والمنافقين وغيرهم للنبي والإسلام والمسلمين حتى بعد عودتهم لمكة فاتحين وتحولهم أنفسهم إلى أصحاب السلطة هناك بعدما كانوا مضطهدين ومعذبين في السابق. رغم ذلك، ظلت المدة التي قضاها الإسلام في المعارضة قبل الهجرة قصيرة بما لا يكفي لبناء وتأصيل ديناً للمظلومين كما حدث مع اليهودية والمسيحية. كما يمكن بسهولة تامة الطعن في الادعاء بمظلومية الإسلام حتى وهو في سدة السلطة.

’حروب الردة‘ فور وفاة النبي ربما قد حسمت الجدل حول ما إذا كان الإسلام كدين سيواصل الرحلة في صف الظالمين كممثلين للنخب الحاكمة أم المظلومين كممثلين لجماهير المحكومين العريضة، وحددت مستقبله كديانة سلطوية نخبوية بامتياز. منذ هذه اللحظة فصاعداً ما كان للإسلام كدين أن ينتشر إلا في ركاب وأعقاب السلطة، وحيثما وقفت السلطة توقف انتشاره. لهذا يُلاحق الإسلام كثيراً بالنقد أنه دين انتشر ’بحد السيف‘. بيد أن هذه هي الحقيقة، وسمة خاصة في الإسلام. فالإسلام لم يولد من رحم سلطة، التي لم تكن موجودة أصلاً. بل الحقيقة هي أن الإسلام والسلطة قد ولدا سوياً في اللحظة ذاتها، كل منهما أعان وأخذ بيد الآخر، وأي منهما لا يستطيع الحياة من دون الآخر- كأنهما توأم ملتصق.

لكن الأمر لم ولا يتوقف عند هذا الحد وتُحل الإشكالية ببساطة. إذ طالما وُجد سادة وجُد العبيد في المقابل؛ وطالما وُجدت سلطة وُجد دين ككيانين منفصلين لا يمكن أبداً أن يذوبا في بعضهما البعض بالكامل. في قول آخر، عندما يتحول البشر جميعهم إلى سادة على قدم المساواة التامة مع بعضهم البعض ومن دون أي عبيد على الإطلاق وسطهم ساعتها- وساعتها فقط- يمكن القول إن الدين قد ذاب بالكامل في السلطة وأصبحا شيئاً واحداً والشيء نفسه. لكن ذلك لم ولا يمكن أن يتحقق أبداً على أرض الواقع. كذلك، لم ولا يمكن أن يتحقق أبداً على أرض الواقع أن تتساوى النخب المسلمة الحاكمة أو تذوب بالكامل في الجماهير العريضة المسلمة المحكومة، حتى يتحول إسلام الطرفين المتضادين إلى إسلام واحد والإسلام نفسه كما يُدعى دائماً. ومعنى أن تظل الفوارق والحدود الفاصلة قائمة، أن تظل السلطة في طرف والدين في طرف مضاد آخر، ككيانين منفصلين ومتعارضين بالضرورة مهما كان الكثير الذي يجمع ويُشابه بينهما على السطح.

هل هذا يعنى أن هناك حتماً ولابد إسلامان لا إسلاماً واحداً، أحدهما رسمياً نخبوياً يعبر عن السلطة ومصالحها بينما الآخر غير رسمي وشعبي يعبر عن هموم وتطلعات السواد الأعظم من الجماهير المسلمة في معارضة النسخة الرسمية التي ترعاها الدولة؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانة التوحيد
- عُقْدَة أبولهب
- اعتذار واجب للكافرين
- عمل الفساد في السلطة
- زنا العيون لا يُنتج حملاً
- السلطة والثروة والدين
- لديَّ حُلْمُ كُوردي
- السلثردي
- هل القوة وحدها تكفي؟
- سوريا، أَنْتِ هُنَا؟
- الهيمنة الأوروبية قديماً وحديثاً
- أساطير الأولين2
- هل تُفْلِس مصر؟
- حرب الجمهوريات
- أساطير الأولين
- تحيا جمهورية مصر العربية
- رعايا في مملكة الملك
- حرب بوتين في أوكرانيا قد تضيع منه روسيا
- التمثيل النسبي للإرادة العامة
- ديكتاتورية العامة- الجمهورية


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الأنبياء ملوك المستضعفين