عشتار الفصول:12656 مونديال قطر دروس وعبر

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)

الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 11:02
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

يقول المثل العراقي( يبوك من يمنا ويبيع علينا). هل نقرأ أنفسنا وسلوكياتنا ؟!!
كنتُ أتابع ُ ما يُكتب كنتيجة للمونديال القطري ومن حق الجميع أن يُعبر عما يريد لكن إذا كانت الحرية ستؤدي إلى ما وجدناه فتلك مصيبة.
إنّ من يدعي بأنه رياضي وأنه قد تجاوز مناطق التخلف والتعصب والشوفينية في شخصيته عليه أولاً أن يتخلى عن كلّ عقد المعقدين بالنقص ولا يخلط الأمور ولا يُضحي بنفسه وشخصيته من أجل قناعة مهترئة ، متخلفة، ناقصة ، معقدة .
فمن خلال متابعتي لأغلب ما كُتب عن المونديال القطري وجدتُ أننا لازلنا في عصر الجاهلية المقيتة .ومن كنتُ أحسبه مثقفاً وحضارياً وإنسانياً ومنهم من كان ولازال بأنه يتبنى الشيوعية والماركسية وسلوكاً وإذا ما جادلته يدعي بأنه يتمتع بالعلمية والموضوعية ويُقنعك بأنه الرجل المؤهل لتبني معه حواراً وطنياً مشرقياً أوسطياً .لكنني مع كل أسف ومرارة أقولها تابعت أغلب تعليقات مثل هذه الشخصية فوجدتها في قمة تخلفه العاطفي والعقلي وتتملكه الشوفينية وتتلبسه العنجهية القومية والدينية.
نحن لانقول بأن لايحق لي ولكَ أن نتعاطف مع فريق ما .فهذا من حق كلّ إنسان ،أما أن أخلط تعاطفي مع أمور لاتمت بصلة إلى الواقعية والعلمية والموضوعية والإنسانية والقدرات الخاصة بكلّ فريق ٍ .فأنا بحاجة إلى طبيب نفسي.أو أنني أُعاني من آثار تربية متخلفة .
فمونيال واحد أو مئة مونديال، لا تصنع لأيّ شعبّ حضارة أو تجعلهم خير الأمم .وأستحضر مثلا فرنسياً يقول( من يسير وراء الناس لايلحق بهم).الأوربيون لم يتقدموا بكرة القدم ياصاح ِ .تقدموا حين فصلوا الدين عن الدولة.حين طوروا قدراتهم العقلية إلى حقول العلم والمعرفة، حين أتخذوا من الموضوعية والعلمية مساحة لنشاطهم الذهني وابتعدوا عن العصبية القومية والقطرية والدينية والمذهبية ومضوا في رحاب الإنسانية يزرعونها بأشجارٍ تتجذر في عمق التربة.
الأوربيون الذين لديهم أكثر من 60 مليون إنسان من جنسيات وأديان أخرى يقدمون لهم مليارات اليوروات من أتعابهم وأتعاب شبابهم الذي يقدم الضرائب للدولة لايبنون علاقتهم مع هؤلاء على أساس الدين أوالمذهب بل على أساس الإنسانية وحسب.
فإذا كنا نظن بأننا نستطيع بناء قاعدة متينة من الدولة القطرية أو المجتمعات المدنية أو المناهج التربوية الحضارية في شرقنا ونحن مكبلون بكلّ هذا التخلف والعنصرية. فمن المؤكد يلزمنا مئات من السنوات الضوئية .لهذا لايكفي أن ندعي بكلّ شيء فحقيقتنا تُقاس على أساس عكس ماندعي ب 180 درجة هناك نكون أيّها السادة .
أتمنى أن يكون مونديال قطر درساً وعبرة لنا جميعاً. لنصوب سلوكياتنا المعوجة ونُهدأ من ثوراتنا وانفعالاتنا وزبد شفاهنا الذي طاف على وجوهنا جراء مونديال قطر .
أجل نحن بحاجة إلى أن نقرأ أنفسنا. بحاجة إلى أن نتبنى إقامة مونديالات ثقافية ونقدية لأنواع تربيتنا وثقافتنا الوطنية والوجدانية، ونُرمم بيوتنا المتهدمة على رؤوسنا ،ونطور مراكز أبحاثنا ونُشجع المتفوقين من أبناء شرقنا .لا يمكن أن يُبنى الشرق ويتقدم بهذه العقليات التي أرى نتائجها تحرق أصحابها ليس إلا ، لا يتقدم الشرق إلا إذا احتكم الحكماء إلى قرار ٍ يتبنون فيه تقديس العقل والإنسان المنتج وأن يُعاد النظر في جميع القضايا الكبرى والصُغرى حتى الحدود الوطنية ليست منزلة وحتى المنزل يجب أن تتم غربلته فليس كله بنافع وخاصة ماتم تدليسه عبر العصور.إن ما يجري في الشرق من مآسي ومذابح وتصفيات ٍ وانتهاكات ٍ للقيم التي ندعيها ما هو إلا أحد نتائج تربيتنا الخاطئة بيتية كانت أم مدرسية .والسؤال ألا يحق لنا أن نسأل لماذا نحن في هكذا أوضاع ؟!!هل نتيجة الحكام والحكومات أم نتيجة ماذا؟
أقسم إن أوطان العالم ليست أفضل من أوطاننا ،ولا تتصورون بأنها أوطاناً نزيهة حتى لدى سياسييها لابل أجزم أنها مكبلة هي الأخرى بمافيات عالمية ، ولا أريد المقارنة بين الشرق والغرب فهذا ظلم مبين .ولكن نؤكد على أن أرضنا واسعة الأرجاء وفيها من الخيرات مايكفي مليار إنسان ، ووالله الإنسان لدينا عبقري لو توفرت له الظروف الممكن وقدسنا الحرية المنضبطة ، ولدينا مايجعلنا فعلياً في مراتب الأمم والشعوب المتحضرة والغنية والمتقدمة والمتطورة. لكن نحن لا نتبنى تربية تُعيد للإنسان إنسانيته وسياساتنا نتائج تخلفنا .علينا أن نُفعل أسس الحوار الموضوعي والإنساني ولا ننصر أحد على أساس الإخوة أو غيرها بل نقف مع الحق .فوالله الوطن الذي نقول عنه بأنه عربي من المحيط إلى الخليج هو ليس بكذلك. وإذا لم نعترف بهذا فهذه مصيبة المصائب .
وللموضوع صلة. # اسحق قومي.16/12/2022م

#اسحق_قومي (هاشتاغ)       Ishak_Alkomi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات