|
وَصِيَّة المَأمُون لِأَخِيهِ المُعْتَصِم فِی مِرآةِ النَّقْدِ الأَدَبِی
صبري فوزي أبوحسين
الحوار المتمدن-العدد: 7463 - 2022 / 12 / 15 - 21:04
المحور:
الادب والفن
وَصِيَّة المَأمُون لِأَخِيهِ المُعْتَصِم فِی مِرآةِ النَّقْدِ الأَدَبِی إعداد الطالبة ندا مصطفى الفضالي بالفرقة الثالثة بكلية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات إشراف: أ.د / صبري فوزي أبوحسين ----------------------------- -مِن خِلَالِ العِنْوَانِ تَمَّ التَّعَرُف عَلَی الفَنِ الَّذِی يَنْتَمِی إِلَيهِ هَذٰا النَّصُ ،وَ هُو(فَنُ الوَصَايَا)،وَ هُو مَا يُسَمّي فِی هَذٰا النَّصُ بِ(وَصَايَا الوَفَاةُ)،وهِیَ:الِّتَی عَادَةً مَا يُتَفَوه بِهِا قُبَيلَ شُعُورِه بِاقتِرَابِ نِهَايَة الحَيَاةِ،وَ تَكُونُ فِی سَاعَةِ الاحتِضَارِ ،وَ قُرْبَ الأَجَل. ـوَتَبَيَّنَ مِن خِلَالِ العِنْوَانِ أَيضَا :رُكنَانِ أَسَاسَِانِ مِن أَركَانِ الوَصِيَّة،هُمَا:- ١المُوصِی،وَ هُوَ:الخَلِيفَةُ المَأمُون. ٢المُوصَی،وَهُو:أَخُوهُ المُعْتَصِم. -نَبْذَة عَنْ (المُوصِی) ------------------- هُو:أَبُو العَبَّاسِ،عَبْدُ اللّٰهِ بِنْ هَارُون الرَّشِيد ،سَابِع خُلَفَاءِ بَنِی العَبَّاس،وَلِدَ عَام ١٧٠هـ ،و تُوفِی غَازِياً عَام٢١٨ه،شَهِدَ عَهْدُهُ ازْدِهَاراً فِكْرِياً وَ عِلمِياً؛لِأنَّه شَارَك فِی هَذِٰه النَّهضَةِ بِنَفْسِه ،وَ عَيَّن وَالِدِهُ أخَاه الأَمِينَ وَلِيّاً لِلعَهْدِ،وَعَيَّن الأَمِينُ ابنَه عَلَی العَهْدِ ،فَحَضَّر المَأمُونُ جَيشاً،وَ قَام باستِرداد الخِلَافة لِنَفْسِه ،وهُو مُسْلِمٌ وَ سُنِیُّ،ثُمَّ تَحَول إِلَی مَذْهَب المُعْتَزلَة ،وَكَان يُشَجِع عَلَی تَرجَمَة العُلُوم مِن[طبٍ،وَ فَلسَفة ،وَ رِياضَةٍ ،وَ فَلَكٍ]،وَ أسَّسَ بَيت الحِكمَة فِی بَغْدَاد ،وَمِن أشْهَر أقْوَالِه "النَّاسُ ثَلَاثَةٌ ،مِنهُم مَن هُو مِثْلُ الغِذَاءِ لَابُدَّ مِنْهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ ،وَ مِنهُم مَن هُو كَالدَواءِ يُحتَاجُ إِلَيهِ فِی حال المَرَض ،وَ مِنهُم مَن هُو كَالدَاءِ مَكرُوهٌ عَلَی كُلِّ حَالٍ "،وَ هُوَ مِن أَفضَلِ رِجَال العَبَّاس حَزماً و عَزماً و عِلماً و حِلماًو رَأياً و دَهاءً سَمِع الحَدِيث عن عَدَدٍ كَبِيرٍ مِن المُحَدِثِين ،بَرَع فَی الفِّقه واللُغَة العَربِّية والتَّارِيخ ،وكَان حَافِظاً لِلقُرءَانِ . -نَبْذَة عَن (المُوصَی): --------------------- هُو: أَبُو إِسحَاق، المُعْتَصِم بِاللّٰه بِن هَارُون الرَّشِيد بِن المَهدیُّ بِن مَنصُور ،ثَامِن خُلَفَاء بَنِی العَبَّاس ،ولِدَ عَام١٧٩هـ،وَ تُوفِی عَام٢٢٧هـ،وَ كَان فِی عَهدِ أَخِيه وَالِياًعَلی الشَّام وَ مِصْر، و كَان المَأمُون يَمِيل إِلَيه لِشَجَاعَتِه ،غَير أنَّه كَان مَحْدُود الثَّقَافَة،وَ ضَعِيفُ الكِتَابَة ،هُو أَوَل مَنْ استَخْدَم الأَترَاك جِنُوداً لَه ؛لِلتَقلِيل مِن خُطُورَة الفُرس؛ولِمواجَهَاتِهم،وأَشهَر مَا حَدَث فِی عَهدِه هُو فَتحُ (عَمُّورِيّة). -مُنَاسَبَة الوَصِيَّة: عِندَمَا أَحَسَّ المَأمُون بِقُربِ أَجَلِه و دِنُوه أَرَاد أنْ يَنْصَح أَخَاه بِعِدة أَشْياء حَتَّی لَا يَقَع فِی أخْطَاء مَن قَبْلَه ،أو يَضُل بِهوَاه بَعْدَ تَولِيه الخِلافَة ، قِيل:إنَّ المأمُون فِی أوُّل عَهدِه عَانَی مُعَانَاةً شَدِيدَة بِسَبِب غَدْر الولَاة بَه ،ولعَّل هَذا سَبَبُ تَأكِيده لِأَخِيه فِی الحِرص عَلَِی بعض الوُلَاة ،أَو حَذَرة عِند اختِيارِ غَيْرهم ،وَلا يَخفی أَنَّ مِن أَهِمِّ أَسْبَاب هَذِٰه الوَصِيَّة هُو الإِيذَان بِخلَافَة أَخِيه بَعْدَهُ. نص الوصية: ----------- ٣ هَذَٰا هُو الرُكنُ الثَالِثُ لَلوَصِيَّة، وَ هُو نَصُ الوَصِيَّة"قَال _المَأمُون_:يَا أَبَا إِسْحاقَ،ادْنُ مِنِّی وَ اتَّعِظ بِمَا تَرَی،وَ خُذه بِسِيرَةِ أَخِيكَ فِی القُرْءَانِ،وَاعْمَلْ فِی الخِلَافَةِ إِذْ طَوَقَكَها اللَّٰه عَمَلَ المُرِيدِ لِلَّٰهِ،الخَائِفِ مِنْ عِقَابِهِ وَ عَذَابِه،وَلَا تَغْتَرَّ بِاللَّٰهِ وَمُهْلَتِهِ،فَكَأَنَّ نَزَلَ بِكَ المَوتُ،وَلَا تَغْفَلْ أَمْرَ الرَّعِيَّةِ. الرَّعِيَّةَ الرَّعِيَّةَ ، العَوَامَّ العَوَامَّ ؛فَإِنَّ المُلْكَ بِهِمْ،وَ بِتَعَهُدِكَ المُسْلِمِيْنَ وَ المَنْفَعَةَ لَهُم.اللَّٰهَ اللَّهَ فِيهِم وَ فِی غَيْرِهِمْ مِنْ المُسْلِمِيْنَ ،وَلَا يَنْهَيْنَّ إِلَيْكَ أَمْرٌ فِيْهِ صَلَاحٌ لِلمُسْلِميْنِ وَ مَنْفَعةٌ إِلَّا قَدَّمْتَهُ وَ آثَرْتَهُ عَلَی غَيْرِهِ مِنْ هَوَاكَ،وَ خُذْ مِنْ أَقْوِيائِهِم لِضُعَفَائِهِمْ،وَ لَا تَحْمِلْ عَلَيْهِمْ فِی شَئٍ وَأَنْصِفْ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالْحَقِ بَيْنَهُمْ ،وَقَرِّبهُمْ وَتَأَنِّ بِهِمْ وَ عَجِلْ الرِّحْلَةَ عَنِّی،وَالقُدُمَ إِلَی دَارِ مُلْكِكَ بِالْعِرَاقِ وَ انْظُرْ هَؤُلَاءِ القَوْمَ الَّذِيْنَ أَنْتَ بِسَاحَتِهِم،فَلَا تَغْفَلْ عَنْهُمْ فِی كُلِّ وَقْتٍ،وَ الخُرَّامِيَّةُ فَأَغْزِهِم ذَا حَزَامَةٍ وَ صَرَامَةٍ وَ جَلَدٍْ،وَاكْنُفْهُ بِالأَمْوَالِ وَ السِلَاحِ وَ الجِنُودِ مِنْ الفُرْ سَانِ والرَّجَّالَةِ ،فَإِنْ طَالَت مُدَتَهُم فَتَفَرَّغْ لَهُمْ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ أَنْصَارِكَ وَ أوُلِيَائِكَ وَاعْمَلْ فِی ذَلِكَ عَمَلَ مُقَدِّمَ النِيَّةِ فِيْهِ،رَاجِياً ثَوَابَ اللَّٰهِ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ العِظَةَ أَوْجَبَتْ عَلَی السَّامِعِ لَهَا وَ المُوصِی بِهَا الحُجَّةَ فَاتَّقِ اللَّٰهَ فِی أَمْرِكَ كُلِّهِ وَلَا تُفْتَن. فَلَّمَا اشْتَدَ بِهِ الوَجَعُ،دَعَاهُ ثَانِيَةً ،فَقَالَ يَا أَبَا أِسْحَاقَ، عَلَيْكَ عَهْد اللَّٰهِ وَ مِيثَاقِه وَ ذِمَةِ رَسُوُلِهِ ﷺ:لَتَقُومَنَّ بِحَقِ اللَّٰهِ فِيْ عِبَادِهِ ،وَلَتُؤْثِرَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ عَلَی مَعْصِيَتِهِ،إِذَا أَنَا نَقَلْتُهَا مِنْ غَيْرِكَ إِلَيْكَ ،قَالَ :اللَّهُمَّ نَعَمْ.قَالَ فَانْظُرْ إِلَی مَنْ كُنْتَ تَسْمَعُنِی أُقَدِّمُهُ عَلَی لَسَانِی ،فأَضعِف لَهُ التَّقْدِمَةَ[عَبْدُ اللَّٰهِ بِنُ طَاهِر]أَقِرَّهُ عَلَی عَمَلِهِ وَ لَا تُهِجْهُ ؛فَقَد عَرَفْتُ الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمَا أَيَّامَ حَيَاتِی وَ بِحَضْرتِی ،اسْتعْطفْهُ بِقَلْبِكَ ،وَخُصَّهُ بِبِرِّكَ ،فَقَد عَرَفْتَ بَلَاءَهُ ،وَغِنَاءَهُ عَنْ أَخِيْكَ .و[إِسْحَاقَ بِنْ إِبْرَاهِيمَ]فَأَشْرِكُهُ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ ،أَهْلُ بَيْتِكَ ؛فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا بَقِيَّةَ فِيْهِمْ وَ إِنْ كَانَ بعْضَهُمْ يُظْهِرُ الصِّيَانَةَ لِنَفْسِهِ .[عَبْدِ الوَّهَابْ]عَلَيْكَ بِهِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِكَ،فَقَدِمْهُ عَلَيْهِمْ ،وَ صَيِّره أَمْرَهُم ْإِلَيْهِ،و[أَبُو عَبْدُ اللَّٰهِ بِنْ أَبِی دُؤَاد] فَلَا يُفَارِقُكَ ،وَ أَشْرِكْهُ فِی المَشُورَةِ ؛فَإِنَّهُ مَوْضِعٌ لِذَٰلِكَ مِنْكَ ،وَلَا تَتَّخِذِنَّ بَعْدِی وَزِيْراً تُلْقِی إِلَيْهِ شَيْئاً ؛فََقَدْ عَلِمْتَ مَا نَكَبَنِی بِهِ[ يَحْيَي بِنُ أَكْثَمْ] ،فِی مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَ خُبْثُ سِيْرَتِهِ حَتَّی أَبَانَ اللَّٰهُ ذَلِكَ مِنْهُ بِصِحَةٍ مِنِّی ،فَصِرتُ إِلَی مُعَارَضَتُه! قَالِياً لَهُ غَيْرُ رَاضٍ بِمَا صَنَعْ ، فِی أَمْوَالِ اللَّٰهِ وَصَدَقَاتِهِ ،لَا جَزَاهُ اللَّٰهُ عَن الإِسْلَامِ خَيْرَاً . وَ هَؤُلَاءِ بَنُو عَمِّكَ وَلَدُ أَمِيرِ المُؤْمِنِيْنَ عَلِیٌ بِنْ أَبِی طَالِب_ رضِی اللَّهُ عَنْهُ _فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ ،وَتَجَاوَزْ عَن مُسِيئِهِمْ ،وَاقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ،وَصِلَاتُهُم فَلَا تَغْفَلها كُلُّ سَنَةٍ عِندَ مَحَلُها ؛فإِنَّ حُقُوقَهُمْ تَجِبْ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّی .﴿اتَّقُوا اللَّٰهَ﴾رَبَّكُمْ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونْ﴾..اتَّقُوا اللَّٰهَ وَاعْمَلُوا لَهْ ،اتَّقُوا اللَّهَ فِی أُمُورِكُمْ كُلَّهَا..أَسْتَوْدِعَكُمْ اللَّٰهَ وَ نَفْسِی ،وَأَسْتَغْفِرُ اللَّٰهَ مِمَا سَلَفْ ،وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا كَانِ مِنِّی ؛إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا ً؛فَإِنِّهُ لَيَعْلَمُ كَيْفَ نَدَمِی عَلَی ذُنُوبِی،فَعَلَيْهِ تَوَكَلْتُ مِن عَظِيمِها ،وَ إِلَيْهِ أُنِيْبُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ،حَسْبِیَّ اللَّهُ وَ نِعْمَ الوَكِيْلُ ،وَ صَلَّی اللَّٰهُ عَلَی مُحَمَّدٍ نَبِیَّ الهُدَی والرَّحْمَةِ". -التَعْرِيفُ بِبَعضِ الأَعْلَامِ الَّتِی ذُكِرِت فِی النَّصُ --------------------- ١عَبْدُ اللَّٰهِ بِنْ طَاهِر الخُرَاسَانِی،(ت٨٤٤هـ)،عَهِد إِلَيْهِ المَامُون بِولَايَة خُرَاسَان بَعْدَ وَفَاة أَبِيه (طَاهِر) ،وَكَان سَبَبَاً فِی القَضَاءِ عَلَی أَخْطَر حَرَكَات التَّمَرُدِ وَ العِصْيَانِ الَّتِی وَاجَهَت العَبَّاسِيين. ٢إِسْحَاقُ بِنْ إِبرَاهِيم الخُزَاعِی ،ابْنُ عَمِّ طَاهِر بِنْ الحُسَينْ ،كَان نَائِبَاً لِلمَأْمُونِ عَلَی بَغْدَادٍ . ٣أَبُو عَبدَ اللَّٰهِ بِنْ أَبِی دُؤَاد :أَحْمَد بِنْ أَبِی دُؤَاد،تَوَلَّی كِبَر المُجَادَلةِ مَع الإِمَام أَحْمَد فِی مَسّأَلِة خَلْقِ القُرءَان ،وَ أُصِيبَ بِالفَالِج فِی أَوَّل خِلَافةِ الوَاثِقِ. ٤عَبْدُ الوَّهَاب: قِيل هُو عَبدُ الوَّهَاب بِن مُحَمَّد بِن عَلِیّ بِن مُحَمَّد الخُرَاسَانِی ،وَ لَا يُعْرفُ عَنهُ غَيْرَةذَٰلِك. - البِنَاءُ الفِكْرِی لِهَٰذا النَّصُ: -------------------- ١ خَلا النَّصُ المَذْكُورِ فِی الكِتاب(النَّصُ الأَدَبِی فِی العَصْر العَبَّاسِی ) ،مِنْ المُقَدِمَة،فَهِی وَصِيَّة مُبَاشِرةُ ،دَخَلَ المَأمُون إِلَی مَا يُرِيدُ قَولَهُ،والنُصْحَ بِهِ مُبَاشَرةً ،دُون تَقْدِيمٍ أَو تَمْهِيدٍ. - لَكِن فِی كِتَاب (الكَامِل فِی التَّاريخ) وَرِد فِيه أَنَّهُ كَانَت وَصِيَّتَهُ بَعدَ الشَّهَادَةِ وَ الأِقرَارِ بِالوَحْدَانيَّة والبَعْث والجَنَّةِ والنَّارِ وَ الصَّلَاة عَلَی النَّبِی ...يَا أَبَا إسْحَاق حتی نِهَايةِ النَّصُ. ٢تَنَاوَل المَأمُونُ فِی وَصِيَتِه هَٰذِه أَفْكَاراً ثَلَاثَة رَئيسَةٌ هی: أ-مَنْهَجٌ،وَ رَؤيَة فِی كَيْفِيةِ تَسْيِيرِ أَمْر الخِلَافَةِ،وهی مُتَمَثِّلَةٌ فِی قَولِه(يَا أَبَا إسْحَاق ..حَتَّی قَولِه: لَا تُفْتَن). ب-بَيَانُ المَوْ قِف مِن رِجَالِ الخِلَافة،وَ هُم( عَبدُ اللَّٰهِ بِن طَاهِر،أَبُو عَبدُ اللَّٰهِ بن أَبِی دُؤَاد،إِسْحَاق بِن إِبْرَاهِيم ،عَبد الوَّهَاب) ،وَ هِی مُتَمَثِّلة فِی قولِه(فَلَمَّا اشْتَدَّ بِه الوَجَعُ ...حَتَّی قَوْلِه:عِن الإِسْلَامِ خَيْراً). ٣الوَصِيَّةُ بِالعَلَوِيين ،وَ تَقْوَی اللَّٰه،وَ ذَٰلِك فِی قَولِه:(وَ هَؤُلَاء بَنُو عَمِّك...حَتَّی نِهَاية النَّصِ). -اللُغَوِياتُ: --------- الخُرَّامِيَّة: هُم أُناسٌ اشتُهِروا بِتَنَاوِل اللَّذَات وَ الإِنعِكَافِ عَلِی الشَهَوَاتِ،وَ قِيل أَنَّهُم أَهلُ قَتْلٍ وَ غَصْبٍ وَ حَرْبٍ ،وَهُناكَ مَنْ نَفَی عَنْهم ذَلِك. ذَا حَزَامَةٍ: صَاحِبَ حِزمٍ ،وشَخْصِيةٍ حَادَة. الرَّجَالة: جَمعُ(رَاجِل) ،وهُو المَاشِی عَلَی رِجْلَيْهِ ،ومِنْهُم مِن اسْتَعْمَلها بِنَفْسِ المَعْنَی جَمعَاً ل(رَجُل). لا تَُفْتَِن: لَا تَكُن سَبَبَا فِی الفِتْنَةِ ،وَلَا تَكُن ضَحِيَّةً لَهَا. لَا تُهِجهُ: لَا تُثِرهُ ،وَلَا تُغضِبَهُ. وَزِيراً:نَائِباً عَن الخَلِيفَة. نَكَبَنِی:ابتِلَانِی ،وَ شَوَهَنی. قَالِياً لَهُ: كَارِهاً لَهُ. صِلَاتُهم :عَطَايَاهُم. التَّقدِمة:التَخْصِيص وَ الإِكْثَارِ مِن الوَظَائف وَ المَنَاصِب. - المَصْدَر الَّذِی وَرَدَ فِيِه هَذا النَّص: ------------------ (تَارِيخ الطَبَرِی، وَ الكَامِل فِی التارِيخ لِابن الأَثِير،وَ هُما أَصْدقُ كِتَابَين وَ أَكْثَرِهُما ثِقَةً فِی نَقْلِ التَّارِيخ. - النَّص بَيْنَ الإِيجَابياتِ وَ السَلْبِيات: --------------- مِنْ الإِيجَابِيَّاتِ فِی هَذَٰا النَّصِ : ١حِرِْصِه عَلَی الرَّعِيَّة وَ عَلَی العَوَام َ،وَ عَدَمْ إِهْمَالِ حَقِهِم. ٢۔حِرصِه عَلَی مُحَارَبة مَنْ يَسْعَونَ فِی الأَرْضِ فَسَاداً ،إِن كَلَّفُه ذَلِك القِيامَ بِنَفْسُه . ٣۔الوَصِيَّة خَيْراً بِِآل البَيْتِ وَ العَلَويين . ١۔التَّوبَةُ ،والنَّدَمُ عَلَی مَا فَاتَ مِن ذِنُوبٍ. وَ مِن السَلْبياتِ: ١۔وَصِيَّته لَأَخِيهِ بِالسَّيْرِ عَلَی نَهْجِه فِی مَسْأََلَة خَلقِ القُرءَان ،بِقَولِه"وَخُذْ بِسِيرَة أَخِيكَ فِی القُرْءِانِ" ،هَذِه الَّتِی كَانَتْ سَبَباً فِی اسْتِمْرَار تَعْذِيبْ الإِمَامِ أَحْمَد بِن حَنْبَلِ ،حَيْثُ إِنَّه كَانَ يُعَذَّب مِن عَهْدِ الَخَلِيفَة المأَمُون مِرَاراً بالمُعْتَصِم وَ الوَّاثِقِ حَتَّی جَاءَ المُتوَ كِل ،وَعَفَی عَنْهُ،وَ قضی عَلَی المَذْهَب المُعْتَزِلیُّ الَّذِی كَان يَزعُم أَنَّ القُرءَانَ القِديِمُ مَا هُوَ إِلَّا خَلْقٌٌ لِلَّه مِثْل الَّبَشَر،لَهُ بُدَايَةً وَ نِهَايَةً. ٢وَ مِن السَّلْبياتِ حِرصِه عَلَی بَقَاءِ رِجَالِه بَعْدَ مَوتِه فِی مَنَاصِبِهِم وَ الإِحسَانِ إِلَيْهِم وَطَاعَتَهُم فِی أَمْرِهِم،إِن كَان حَسَن النِّيَةَ فِی ذَلِك. - الأَسَالِيب البَارِزَةِ فِی هَذَا النَّص: ----------------------- ١غَلَبَ الأُسْلوِب الإِنْشَائِی فِی هَذَا النَّص بَاقِی الأَسَالِيبَ الأُخرَی ،حَيث:بَدَأَ المَأمُون وَِصِيَّتَهُ (بِالنِدَاءِ)مَرَتَين حِيْنَ قَال فِی ُ بِدَايَةِ الفَقرَةِ الأوُُلَی:"يَا أَبَا إِسْحَاقَ اُدن مِنِّی"،وَ قَولِه فِی الفَقْرَةِ الثَّانِيَة :"يَاأَبَا إِسْحَاقَ عَلَيْكَ أْرُ اللَّٰهِ" .وَقْد وَظَّفَهُ المُوِصِی ؛لِيَفْتَتِحَ بِه وَصِيَّتَهُ ؛وَلِيَنْتقِلَ بِه مِن فِكْرة إِلَی أُخْرَی . -وَبَلغَ أُسْلُوبِ الأَمرِ _وَ هُو أَكْثرهَا_عَدَداً ٣١أَمْراً،وَهِی:(اُدْن،اِتَعِظ ،خُذ،اِعْمَل فِی الخِلَافَةَ،خُذ مِن أَقْوِيائِهِم،اَنْصِت،قَرِّبْهُمْ،تَأَنّ بِهِم،عَجِّل ،اُنْظُر ،اغْزِهِم ،اُكنُفْهُ بِالأَمْوَال ،اِعمَل،اِعلَم ،اِتَّقِ اللَّه ،عَلَيكَ،قَدِّمهُ،صَيِّر أَمْرَهُ،أَشرِكهُ ،احسِن ،تَجَاوَز اِقْبَل ،اتَّقُوا اللَّٰه، اِعْمَلُوا لَه،اِتَّقُوا اللَّه فِی أُمُورِكُم ). وَيَقْتَرِنُ كَثِيْراً بِأُسْلُوبِ الأَمُرُ أُسلُوبِ التَعْلِيلِ المُؤكَد بِ(إِنَّ) ،كَمَا فِی قَوْلِه:"فَإِنََّ المُلْكَ فِيْهِم،و فَقَد عَرَفْتَ بَلَاءَهُ وَ غِنَاوْ عَن أَخِيكَ ،و فَإِنَّهُ أَهلٌ لِذَلِك ،وفَإِنَّهُ مَو ضِعٌ لِذَلِك مِنْكَ ،و َ فَإِنَّ حُقُوقَهُم تَجِبُ مِن وُجُوهٍ شَتَّی ،وَ فَإِنَّهُ لَيَعْلم كَيْفَ نَدَمِی عَلَی ذِنَوبِی ". -وَ مِنْ الأَسَلِيب البَّارِزَة أَيضاً ،أُسلُوب النَّهی ،حَيثُ بَلغَ عَدَدهُ ١٠ أَفْعَالاً لِلنَّهی ،وَ هِی(لَا تَغْتَرَّ،وَ لَا تَغْفَل،وَ لَا يَنْهَيَنَّ،وَلَا تَحْمِل،وَلَا تَغْفَل عَنْهُم ،وَ لَا تَُفْتَِن ،وَ لَا تُهِجْهُ،لَ يُفَارِقَّك،لَا تَتَخِذَنَّ بَعْدِی ،لَا تَغْفَلْهَا). -وَلَ يُوجَد (استِفْهَام ،أَو تَمَنِّی ،أَو تَرِّجِی)،وَ هَذا لَأن مَن هُو مقُبِلٌ عَلی المُوتِ لَا يَسْتَفْهِم ،أَو يَتَمنَّی ،أَو يَتَرَّجَی،وَ بَخَاصَةٍ أَنه الخَلِيفَة. -وَهَذِة الثَلَاثةُ الأُولَی فَهِی مُنَاسِبَةٌ جِداً لِلفَن الَّذِی يَنْتَمِی إِلَيهِ هَذا النَّصُ ،وَ لِلمُنَاسَبَةِ الَّتِی حَدَثَ فِيهَا هَذَا النَّصُ_ وَقتُ الوَفَاة_،وَ لِمَن خَرَجَ مِنْهُ هِذا النَّصُ. -دِلَالَة هَذِه الأَسَالِيب عَلَی أَن المُوصِی رَجُلٌ عَقْلَانِی ،وَرَجُلٌ حَازِم رَجُلٌ يَجْمَع بَيْنَّ مُتَطَلَّبَات الدِّين_الفَقْرة الأَوُلَی_والدُّنيَا_الفَقرة الثَّانِية_ ٢كَما وُجِد أَسلُوبُ إِغرَاء ،فِی قَولِه(الرَّعِيَّةَ الرَّعِيَّةَ،وَ العَوامَّ العَوَامَّ). ٣أُسلُوب التَحذِير كَمَا فِی قَولِه(اللَّٰه اللَّه فِيهِم). ٤وَ استَخْدَمَ أَيضَاً الجُملَةَ الخَبَرِيَّةَ فِی مَعْنَی مَجَازِی ،هُو(الدُعَاء )فِی قَولِه "لَا جَزَاهُ اللَّٰه عَن الإِسلَامِ خَيراً". -وَ هَذِه الأَسَالِيب جَاءَت مُنَاسِبة للنَّصِ ؛لأَنَّ غَرَضَهُ النُّصحَ وَالإِرْشَاد ،و التَو جِيه. -وَ مِن الأَسالِيب أَيضَاً ،أَسُلوب الإقْتِبَاس،مِن القُرءَانِ فِی قَولِه"اتَّقُوا اللَّٰه رَبَكُم وَ لَا تَمُوتَنَّ إِلَّا وَ أَنْتُم مُسلِون"مِن سُورَة آلُ عِمرَانْ،وَ قَوْلِه "إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا"مِنْ سُورَةِ نُوحٍ،واقْتِبَاسهِ مِن خُطْبةَ سَيدنُا عُمر رَضِی اللَّٰه عَنه،حِينَ قَالَ:"القَویُّ فِيكُم ضَعِيفٌ حَتَّی أَخُذَ الحَقَّ مِنْهُ،وَ الضَعِيفُ فِيكُم قَوِياً حَتّی آَخُذَ الحَقَّ لَهُ"،وَقَال المَأمُون:"وَ خُذْ مِن أَقوِيائِهِو لضُعفَائِهِم"،وَ هُو قَلِيل. هَذا وَ أَرْجُو مِن اللَّٰه القَبُولَ وَ السَدَادَ وَ التَوفِيق.
إِعْدَاد الطَالِبة :ندا مصطفی الفضالی.الفِرقَة الثَالِثة .شعبة اللُغة العَرَبِيّة بكَليَّة الدِرَاسَات الإسْلَامِيَّة وَ العَرَبِيَّة بَنَات بالَسادات.
#صبري_فوزي_أبوحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعد الإنساني في أدب بهاء طاهر(1935-2022م)
-
نحو مفهوم تجنيسي لفن الرواية
-
القصة الشاعرة مصطلحا ومفهوما
-
إستاطيقا الهادفية في السرد النسوي الإسلامي: مقاربة في رواية(
...
-
سيميائيات في ديوان (الغيم والدخان) للشاعر الأكاديمي محمد حلم
...
-
وظيفة الشعر الوطنية: علاء جانب أنموذجا
-
الإنسان المائي: قراءة في سيرة الدكتور عصمت رضوان الذاتية
-
سيميائية العاطفة في ديوان أشجان الناي للشاعر محمد دياب غراوي
-
السُّمُوُّ الحضاري في مدح الشعراء المسيحيين للصادق الأمين
-
محمود مفلح: الشاعر العروبي المخضرم
-
من علاقتي بأستاذي الدكتور عبدالحليم عويس
-
السمعي والبصري في القصة الشاعرة: قراءة أولى في إبداع المؤسس:
...
-
المؤتمر العلمي الدولي الثاني لمدرسة شباب النقد الأدبي(عبدالو
...
-
توثيق لامية العرب للشنفرى
-
الخضرمة الفنية في ديوان (بعيدا تضيء العناقيد) للشاعر الفلسطي
...
-
وسطية المبنى والمعنى في ديوان (عيون القلب) للدكتور جابر البر
...
-
خريطة الإبداع الأدبي العربي في العصر الحديث
-
المسيح عليه السلام في الشعر
-
السيرة الذاتية الشعرية
-
عظمة نهر النيل في السنة النبوية والتراث العربي
المزيد.....
-
العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
-
لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو
...
-
مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة
...
-
الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل
...
-
محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال
...
-
إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
-
صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي
...
-
جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
-
للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم
...
-
أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|