أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هويدا طه - جمال النووي















المزيد.....

جمال النووي


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 09:53
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ سنوات والأشياء- كل الأشياء- في مصر تسير بعيدا عن تعريف الدولة في المواثيق الدولية.. فالدولة المصرية لم تعد تقريبا كيانا يجمع بين (شعب وإقليم وسيادة) كما ينص ذلك التعريف، بل هناك فقط (ولد) ترتب له كل الترتيبات كي يرث وحده.. ما تبقى من حطام شعب وإقليم وسيادة استولى عليهم أبوه منذ ربع قرن، وأجواء فرض عليها فرضا الانشغال بتلك الترتيبات الماضية قدما.. في شد وجذب بين عائلة الولد والنخبة المثقفة التي تتجادل معها باستمرار.. أما الشعب.. الذي يقترب عدد أفراده من ثمانين مليونا فقد ترك للطرفين خيوط اللعبة.. وأكثر إسهاماته في الأمر هي الفرجة عليهما انتظارا للغالب في مباراة تراهن عليه هو نفسه.. وقد لا يلام ذلك الشعب كثيرا على هذا الانسحاب من اللعبة إلى مقاعد المتفرجين.. فتاريخيا ليست هناك جماهير تؤثر في لعبة بدون (تنظيم) قادر على تحريكها تقوده تلك النخبة.. لكن هذا التنظيم غير موجود في مصر المفككة منذ عقود، وتلك النخبة غير قادرة على (الفعل المبادر) بل هي غالبا ما تستجيب لفعل عائلة الولد.. حتى اللحظة الفريدة التي بادر فيها مثقفون بفعل كان رد الفعل فيها من نصيب العائلة وكان رد فعل أمنيا وحشيا .. وهي لحظة خروج حركة إلى النور باسم كفاية.. حتى هذه اللحظة.. ارتدت الآن إلى نفس الفلك (عائلة فاعلة ونخبة استجابتها رفض إعلامي ليس إلا).. وربما يكون الإعلام هو أكثر المجالات التي يتجلى فيها هذا التفكك.. ففي المتابعة الإعلامية تجد دائما الخطوة الأولى هي من الولد وعائلته والخطوة الثانية تخطوها نخبة المثقفين المصريين الرافضين لهذا الاستيلاء العائلي على مصر شعبا وإقليما وسيادة، في الإعلام.. أتاحت الفضائيات فرصة لكل مثقف كي يهذي بمفرده رافضا مخطط التوريث في نظام جمهوري.. ثم يقف الأمر عند هذا الحد.. عند (الرفض الإعلامي) للتوريث في الفضائيات والجرائد الجريئة المسماة في مصر بالصحافة المستقلة، لتتضح حقيقة وضعنا المؤلم.. نحن لا (نفعل) شيئا نحن فقط (نرفض) إعلاميا أن يرث (الولد) جمال مبارك ما تبقى من حطامنا، وهذه الحدود لحركة المثقفين المصريين تعرفها جيدا عائلة الولد.. لذلك لا تكترث لهم كثيرا وإن سببوا لها بعض الصداع غير القادر فعليا على المس بأحلامها.. أحلامها التي تحولت إلى خطط تهدف إلى (حصر ملكية الشعب والإقليم والسيادة في عائلة وأنجال مبارك)، لكن مع ذلك لا يمكن بخس (هذيان المثقفين المصريين وعزفهم المنفرد) حقه.. فهو على الأقل اضطر العائلة إلى تعديل خططها و(ابتكار أساليب استمالة جديدة) تحاول بها تهدئة هذيان المثقفين العاجزين.. حتى يمر ما سموه (مخطط التوريث)، من هذه الأساليب (الإلحاح الإعلامي) على المواطن المصري حتى يتسرب إلى وعيه الظاهر والباطن بأن الوريث الولد يمثل الشباب والفكر الجديد.. وهو ما يدغدغ أحلام شعب (تتأخر حياته) بسبب هيمنة العجائز والشيوخ على مقدراته بل وقدره، و الإلحاح الإعلامي كذلك بأنه (لا يوجد في مصر بديل آخر مناسب) وغير ذلك من أساليب (تسريب) فكرة حلول مبارك الصغير محل مبارك الكبير إلى وعي المواطن.. باعتباره بديهي وضروري وقدري، ومؤخرا قام الولد بخطوة أولى في اتجاه استمالة المواطنين والمثقفين إلى التسليم بهذا القدر.. في خطابه الأخير في مؤتمر حزب الأب الحاكم (ومن العجيب أن المثقفين المصريين يتحدثون عنه كخطاب رئاسي! وكأنهم أنفسهم قبل مواطنيهم تسرب إلى وعيهم ما يحذرون منه!) قام مبارك الابن بتفجير قنبلته النووية في وجه الإعلام والمواطن والعالم.. كان يتحدث بثقة وتمكن عن حاجة مصر إلى تدشين مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة، تشاهده وأنت تعرف أنه يكذب وتعرف أنه يعرف أنك لا تصدقه.. كل المثقفين المصريين تقريبا كشفوه وعرفوا أنها محاولة لاستمالة المواطنين باللعب على حلم مصر الشعبي الكامن حتى في نفوس البعيدين عن هذيان السياسة.. بأن تكون لهم دولة قوية متقدمة يفخرون بها وليس حطام دولة يسجنون فيها أو يخجلون منها أو يساقون باسمها كالقطيع.. والمفاعلات النووية هي الرمز لقوة الدول وتقدمها.. المواطنون أنفسهم كشفوه وابتكروا فورا النكات المضادة.. لكنهم لا يصلون إلى الإعلام بنفس سهولة وصول المثقفين إليه.. هؤلاء المثقفون الرافضون انهمكوا في الفضائيات في فضح نوايا مخطط التوريث.. وهو الأمر الذي دأبوا عليه منذ سنوات بلا جدوى، بل وزاد الأمر أن اشتبكوا مع رجال الولد الوريث في برامج حوارية مباشرة على الهواء.. عبد الحليم قنديل وهو أبرز مثقفي مصر الذين تصدوا إعلاميا باكرا جدا لمسألة التوريث.. اشتبك مع رجال الولد الإعلاميين إلى درجة الوصول إلى عراك وتبادل الشتائم على الهواء في قناة أوربت، وجهاد عودة وهو واحد من رجال الولد رد في برنامج ما وراء الخبر على قناة الجزيرة على المثقفين المصريين الذين يتهمون جمال باللعب النووي على أحلام شعب كي يرثه.. فقال:(ولا استمالة ولا حاجة الحكاية إننا في أزمة اقتصادية استوجبت البحث عن وسائل بديلة للطاقة).. أزمة اقتصادية؟!.. صح النوم!، أما البرامج المتاحة للمواطن ومنها برنامج منبر الجزيرة فقد بدا واضحا في كلمات المشاهدين المتصلين أن ذلك الشعب المصري هو باختصار (شعب تائه).. لا مثقفيه قادرين على تنظيم قوته الكامنة ولا هو قادر على الرد على ما يحاك له في الظلام وفي النور في الخفاء وفي العلن.. شيء يثير اليأس، لم يبق إلا أن ينضم المثقفون المصريون إذا اكتمل يأسهم إلى مواطنيهم في مقاعد المتفرجين أو (يبقوا في بيوتهم) كما قال الكاتب والأديب بهاء طاهر شاكيا من وحشية الأمن وفقدان الطريق، ولم يبق إلا تبادل النكات مع أفراد شعب مأزوم اعتاد السخرية من عجزه دون أن يكلف نفسه (شقاء التمرد).. أحد المواطنين يعمل بقالا ولا يعرف القراءة والكتابة سمع في المقهى أناسا يتحدثون عن (النووي)! قال لهم بأسلوبه الشعبي البسيط:(هو يعني المنوي ده بيعمل إيه بالظبط وماله ومال السياسة؟!) فرد عليه أحدهم وهو يسحب دخان شيشته:(بيطلع منه كهربا.. قالوا كده في التليفزيون.. واحنا يعني محتاجين يعني كهربا كتير عشان المصانع وخلافه) كنت أنصت للحديث الدائر عن قرب.. قال الأول:(ومين بقى شريك المحروس جمال في مشروع المنوي ده؟) فحاول أحدهم أن يصلح له:(منوي يا راجل يا طيب؟! منوي؟!.. اسمه نووي.. نووي.. زي اللي عند أحمد زويل والناس دي)، ما بين الحديث عن (جمال المنوي) بين البسطاء والحديث عن (جمال النووي) بين المثقفين.. تستمر التفسيرات والشروح في تفصيل ما يدور في صحن الدار والسطوح!.. لكن فعليا.. لا شيء إلا الكلام.. بينما يمضي المخطط إلى مبتغاه متحينا أي فرصة مواتية يكون فيها الناس مأخوذين بالكلام.. على المقهى وبينما يستمر بعض الرواد في الحديث عن (الولد المنوي النووي) تذكرت قصة فأر كان يريد المرور من بين جمع من الناس.. يُخرج رأسه من الجحر فإذا وجدهم منتبهين يرتد إلى الوراء دون أن يلغي الفكرة.. حتى وجدهم في إحدى مناوراته منهمكين في الهذيان والكلام والاشتباك.. ببساطة شديدة.. وذيله يتمايل يمينا ويسارا... مرّ !



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأندلس حلم الحرية التائه
- زيارة إلى موريتانيا:الأولى.. والأخيرة
- يا لبؤس البشر بين التيجان والعمائم
- دلائل علمية في دراسة رؤساء الدول العربية
- المغرب بعيون مصرية
- رحيل نجيب محفوظ ليس صدمة: الصدمة أن مبدعين يرحلون ولا يولد غ ...
- الطبقة الوسطى المصرية وأحلامها المبتورة
- بين نوعين من النضال ضد أمركة العالم
- لماذا أحبه المصريون: بين نصر الله وغيره هناك فرق
- وطن عربي جديد بدلا من شرق أوسط جديد
- الانكسار في عيون المصري له حل: المقاومة لإسقاط الدولة هي الح ...
- الفرحة الآثمة مرتين
- الفضائيات تعود لقتيلها المعتاد
- مقاومة حزب الله لفتت النظر إليهما: الموقف المتهكم من الجيش ا ...
- خطابات نصر الله تسكن القاهرة
- ريموت كنترول 4
- ما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا
- ثروة الثري العربي وثروة بيل غيتس
- يجب أن تتحرك الشعوب، حسنا.. ما المقصود بكلمة شعوب؟!
- لا مستقبل لأوطاننا واسرائيل هنا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هويدا طه - جمال النووي