مدينه

منوّر نصري

الحوار المتمدن-العدد: 7435 - 2022 / 11 / 17 - 22:40
المحور: الادب والفن
    

تقف أمامه طويلا
وتطلب بكل أدب شهادة تريد أن تضيفها لجملة الأوراق
مرغم على استخراج هذه الأوراق
بدونها ستتوقف الحياة
ينقطع عليك كل شيء
ويتسرب الضياع
هذه الشهادة أكيدة لكنك تعبت
ولم تعد ساقاك تتحملان
فوضى تزيدك إعياء
أناس يتسربون دونما اصطفاف
وأنت تنظر لا تقدر على الكلام
لأنك لو قلت شيئا ستندم عليه
وتفقد هيبتك وتصبح مهددا في أمنك
لذلك تظل صامتا لا تأبه بالفوضى حولك
تقول هي صورة من صور المدينة
تعودت عيناك أن تراها
ورغم أنك تعبت وصرت تتلوى من شدة التعب
ومن خراب يتسرب لنفسك الجميلة خلال الانتظار
ومن ساعاتك الطويلة في الصف والضجر
تقول: "سيدي، أريد هذه الشهادة
إدارة أخرى تريد أن أضمها لجملة الأوراق"
لا يأبه لك
يقوم من مقعده ويتنقل في القاعة
يعود بعد وقت
لا رقيب حوله ولا حسيب
يقول ما حاجتك؟ تفسر له
تقول أنك تفهمه وتفهم لزوم تلكم الأوراق
وأنك مثقف وابن إدارة قديم
حملت مسؤولية جسيمة
أدرتها بخبرة وخلق
نجحت فيها والجميع يذكرونك بخير
وكنت دائما تحب العلم والدراسة
لذلك درست في الأثناء حتى نلت الدكتورا
لكنك برغم ذلك لا تفهم الغموض
لا تفهم الأشياءَ التي زيدت بغير حق
لا تفهم الأشياء التي يراد بها التعجيز…
رجعت ألف مرة من أجل هذه الشهادة
لكن سيدي لا ينظر إليك
تهمه الأوراق وحدها ولا يهمه وجودك
ولا يهمه من أنت ما صفاتك وكم عمرك وما حالتك الصحية
تهمه الدراهم إذا مددتها في الظرف دونما رقيب
عندئذ يصير حقك موجود
ولا يهم إن بقيت ناقصا ورقة
فأنت ابن بلد والكل يعرفونك
لا أحد يحتج ضدك وأنت رجل معروف
أما وأنت لا تمد الظرف خلسة عليه رقم يعرف معناه
فأنت تتعب وتتعب وتذهب مرارا
لكن تحس أنك غريب
وأنهم أبناء هذا البلد وأنت رجل دخيل
تريد أن يعطوك حقهم جزافا دونما يقين
تصاب بالدوار عندما تفكر بأنك غريب
ويعتريك حزن قاتم وتختفي الوجوه
ويبقى قلبك الخفاق في الظلام
ويسري في داخلك الشعور أنك ضعيف
وأنك فقدت كل رابط بهذه البلاد، وهذه العباد
وأن الناس حولك أغراب
وأن الأصدقاء ذهبوا ولا وجود لصديق
وأن الأهل أيضا ذهبوا أو لم يعودوا فاعلين
لا شيء في المدينة سوى الأغراب
أغراب فاعلون.
تسير في الطريق عائدا أدراجك
لا أحد ينتبه إليك
لا أحد يهمه من أنت أو أين الذهاب
لا شيء غير الشمس والغبار
وحلم آفل يزيدك شجون
لا شيء إلا أنت والغبار
وشمس تأكل جلدتك وتعلن الحريق
وأنت لا تزال في الطريق.
نوفمبر 2022

#منوّر_نصري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات