|
تَااااهُوووهُ
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7435 - 2022 / 11 / 17 - 18:09
المحور:
الادب والفن
صَعَدَتْ الوهدة خطواتُها الثابتةُ، وقفَتْ، وضعَتْ يمناها فويق ناصيتها، وجعلَتْ تحوم بعينيها في الأنحاء تستشرفُ ما وراء شفق آلمغيب..هناك أين يلتقي الأفق بالأفق، ثم شرعَتْ تصدح ملء قواها..تاااااهُوووهُ..راحتْ تردد صداها آلشعاب وآلمسالك والوهاد والبطاح وأغوار آلقيعان... ناغاه الصوت حَدَّثَهُ ذاتَ أصيل عن الشرفة التي بدون شباك عن تَاخَّامْتْ خيمة الغابرين.تَذَكَّرَ مريمَ وآلفحصيات (١)الأخرَ وترانيم أولْتْ عَيّادْ..(٢)كانت تَحْسُو قهوة الشفق"ميمونا إيمحطرنْ"(٢) تتوجس وجلة من ظلال طيف بعيد يمشي الهُوَيْنَا يُلَوح بيديه جهة هامته المُنَكَّسَة أبدا كمَن يبحث عن شيء تَاهَ منه ذات شرود.حدثَهُ الصوت عن تادَّارْتْ (٣)عن الأتربة عن غائب لا يعود، عن السابلة التي لا ينقطع حديثُها عن شؤون الدنيا بما فيها.كان وارث الأطياف يرتشف قهوة الشفق على نوتات بحات تاهوووه بإيقاع أقْواعِ الأعالي يصدح بها شجوُ يَمًّا ميمونا ايمحطرنْ بلون شفتيْ صَبي سيعبدالله وْحَمُّو(٤)استكانَ لحلْمَةِ أمه تزَرْوالت(٥)تارة وأخرى بلون أَرَقِ في أعين من ألق تقاوم الانصياعَ لإيقاعات وَطْءِ أقدام أوباء طواعين لا تبالي..حدَّثَهُ الصدى عن ما بقي من صدى،وكان طيفُه الخريفي يمضي لحاله لا يَلْوي على شيء، مُمْتَقِـعا تراه أبدا..لعلها الخواطر تُودي به في كل حدب صوب..لعلها حرقة البياض المُفْجِعِ الهادر تُجْهِزُ عليه لا تتركه القوارع لحاله كباقي الأنام يَسعد هنيهة يضحك أُوَيْقاتٍ آبقات يختطفها خلسة من زمن خلاسي متربص لا يتوانى عن الضغط والدق على وترات القلب المنسحقة شغافُهُ يوما بعد يوم..لعلها ضُباحات ثعالب الجياد الصافنات المُكَبَّلَة في رقبةِ سائسيسها تبحث دون جدوى عن سُبل تأمنُ فيها العثار.. عن أجواء للتحليق بعيدا عن شرك الوقوع في أرض الخَدَرِ..لعلها طيور البزاة إيسْغِي المحلقات تَصفر تزمجر ناشِدَة فورة الانسلاخَ وعبق الانعتاقَ..لعل تاهوووهُ صوته المبحوحُ يجهز عليه عليها يُغْرِقُ النخاعَ وما تبقى منَ يحموم السخام ويباب الركام في لفافة صمت جائر رهيب..حَدّثَهُ الصدى عن مروره قرب العتبات لا يتنسم هواء لا يرشف ماء.. يقول سلام لا يُرَد له سلام طاويا رأسَهُ المنتكسَ في جسمه المُتَهَدِّلِ يداهُ في جيب بنطاله، بخطى مثقلة بالتجاعيد يذرعُ طريقَ الوالدة والأب والأعمام وخوالي الأخوال يهفو أمامَ وراءَ ماضيا لحاله سارحا في أحلام لا ضِفَافَ لها..حَدََثَهُ الصوت عن آنسحاب الظل لُحَيْظَاتِ الغروب تُحَيْتَ أفنان أدواح الداليات آلحادبات.. عن آنعطافة الشرخ جهة اليسار..عن ما تَبَقَّى منْ أَلَقٍ تَهْربُ ثوانِيُهُ مِنْ سلْخِ الحَنَايَا وفَتْكِ الجمَار..عن آنشطار الضجة الى سُحُبٍ من بوار بلا مطر في الجوار..حدثه عن المطر عن ثلوج الشرفة عن شراشيف الشرفات ومصطبات العتبات عن الشباك الغائب ليل نهار..حدثَتْهُ مِيمُونَا عن تيدرينْ تيبولاي(٦)عما جرى في البدايات الموؤودة لواعجُها عن شغف التوق الى الضياء والسنى وبوح الجروح..حدثته عن"هااالعَااارْ خُو نَكَّارْ..!!.."(٧)عن تواطؤ الجماعة وغدر ذوي القرابة وطعن الدماء للدماء عن الصمت... وحيدة كانت فويق وهدتها تُتَابعُ مُقْلَتَاها بقرات سبع عجاف حمروات حاملات يرفلن بتثاقل في شعاب الأوار.ترنو إلى طيف الرجل أو ما تبقى من الطيف بعد أن آبتلعته أباليس البوار..رأتْهُ يتعجل الخطْوَ يحضن غرفة لحده الصغْرى حيث يدفن نفسه وحيدا آناء رخص برمسيونات السربيسْ(٨)كل مساء..حَدَّثَتْهُ بصمت عن نفسها عن غرفتها المشلوحة عن مروره الدائم من هناكَ حيث شفقُ الساحة وغبشُ الغسق يتواعدان يلتقيان أبدا..وحيدة كانت ميمونا إيمحطرن أعلا وهدات البلدة تضع راحتها مبسوطة على جبهتها المجعدة تتشوف تترقب العابرين هناااك وحيدة كانت ما تزال في لحدها المفقوء..وحيديْن كانا في ذاك الأصيل.. في ذاك المكان..تَحْسُو أشعة الشمس بآنتشاء من صفاء حمرة خديْها النديين المجدورين أبدا..وكانت ترمقه عينُها الباقية آلآبقة من أعين الجاحدين..على حين غفلة تَتَفَحَّصُهُ تتمعنُ خطواته الحيرانة تسرَحُ وراء الظلال بعيدا عنها عن غرفتها المكلومة دون عزاء..عن لقاء دون لقَاء ناغاه الصوت في عز ضحى غسق آلمساء ...
_ إشارات: ١_الفحصيات:نساء من قرية بلدة يطلق عليها(الفحص)بداية سلاسل الأطلس المتوسط بسفوح جبل بويبلان إقليم تازا صفرو نواحي فاس بالمغرب
٢_أولْتْ عَيّادْ/ميمونا إيمحطرن:شخصية نسائية عاشت نهاية القرن التاسع عشر الى أواسط القرن العشرين ببلدة (الفحص)المشار اليها سابقا
٣_تادارتْ:بالأمازيغية المنزل أو الدار
٤_سي عبد الله وْحَمُّو:اسم مذكر(عبدالله)منسوب الى آسم أبيه(محمد)بالطريقة المتداولة عند الأمازيغ، كأننا نقول(عبدالله بن محمد)
٥_تزَرْوَالْتْ:امرأة زرقاء العينين مذكرها(أَزَرْوَالْ)
٦_تودرين تيبولاي:أطلال الدور والمنازل القديمة التي هاجرها أهلوها
٧_هااالعَااارْ خُو نَكَّارْ..!!..":العمدة على من بقي حيا بعدنا، تقال كوصية للأخلاف كي لا يخونوا عهد الأسلاف ويوفوا به ويؤدون الأمانة كما عُهِدت اليهم
٨_برمسيونات السربيس:تحريف لمنطوق لسني فرنسي بمعنى الرخص التي كانت تعطى كعطل مؤقتة للمجندين يعودون أثناءها أهاليهم ببلدات الأرياف
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كَانَ يُحِبُّ آلْفَرَاشَاتِ
-
جَحيمٌ مُرْتَقَب
-
خَريف جَديد
-
الكلبُ الأندلسي
-
تَصَوَّرْ
-
اَلْحَرْطَانِي
-
عْمَارَةْ لَبْلَادْ
-
اَلْقَمَرُ آلدَّامِي
-
طَيْفُهَا
-
مُجَرَّدُ غَفْوَةٍ لَا غَيْر
-
رَبيعُ آلْهَفَوَاتِ
-
غُولِيك
-
صَوْلَجَان
-
مَصَائر
-
اَلْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ
-
سَتَجْأَرُ آلذئابُ ذاتَ نهار
-
كَطَائر-طَابَ-
-
صَدَى أَزِيزِ آلْجَنَادِبِ طُوفَان
-
رُحْمَاكَ
-
في عُمْقِ آلشَّهْقَةِ بَابٌ
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|