أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - رسالة من امرأة وحيدة .. قصة قصيرة














المزيد.....

رسالة من امرأة وحيدة .. قصة قصيرة


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7431 - 2022 / 11 / 13 - 21:12
المحور: الادب والفن
    


دعني أقول لك أخباري .
فأخبـار العالـم مـؤلـمـة . لست مسئولة عن خطايا البشـر ، لكنني حين أتلفت حولي ، لا أملك إلا أن أشعر بالخجل .
دعني أكتب إليك ليتبقى لي قليل من ماء الوجه .
هل لديك وقت لتقرأني ؟ .
دعني أقول لك أخباري .
لا أستطيع أن أعدك ، بألا تندم على وقت تمنحني فيه حق الكلام ، بينما ترضى أنت بصمت الاستماع . أنت تعشق المخاطرة ، فلم لا تجرب ؟.
دعني أقول لك أخباري .
ما يسعد النساء لا يسعدني . مـا يلهث الرجـال من أجله ، لا يحركني. ما يرضي البشر ، لا يرضيني ، ويخيفني ما يحقق لهم الأمان.
شروق الشمس ، عبء أحمله كل يوم . لا أجـد له مبرراً يقنـع عقلي. لا أجد منه خلاصا يطلق روحي .
" الشمس " مشكلـة حيـاتي. لست بقـادرة على العيش معهـا ، ولست بقادرة على العيش بدونها .
" الشمس " ، عـلامـة استفهـام .. دهشة .. فنـاء. كم شـهـدت من ميلاد ورحيل. وهي كما هي ، متألقة كل شروق. شامخة كل غروب.
أنا و « الشمس » في صراع. هي الفائزة في كل الأحوال ، ولكن يبقى عزائي الوحيد ، أن مَنْ هزمني فيض دافئ ، لولاه ما كانت حياتي.
دعني أعترف لك.
إنني أحيا لأهتدي إلى صيغة تصالحني على « الشمس » .
كيف أتقبل أنها الدفء الذي يذكرني بالفناء ، ولا أرتعش ؟ .هذه أصعب مهمة ، من أجلها أواصل التنفس ، من أجلها ، أتحمل التأرجح المعذب ، بين أن أكون ، أو لا أكون .
دعني أقول لك أخباري.
فأخبار العالم كاذبة ، لا تليق بأن تقتسم بيننا المسافة . وحيـدة أنا ، إلا من صحبـة خـاطـر ، يهمس أنني سأعيش وأمـوت دون أن آخـذ مكـاني بين النجوم ، دون أن أنقش أسراري على جدران الكون .
خـاطـر يهمس أنني سأعيش وأمـوت ، دون أن أكتب كلمتي ، أشـدو بأغنيتي ، ودون أن يجيب « النيل » على أسئلتي . سأعيش وأموت ، دون أن أقرأ كتبي المفضلة ، أطير مع أشعار ينتشي لها دمي . لن أعيش ، حتى أدرك الحد الفاصل بين حيرة «الأشجار» وحيرتي .
وحيـدة أنا إلا من صحبة خاطـر ، يهمس أنني لن أجـد مَنْ يكتب على قبري سطـوراً لا تقبل العزاء ، ومهما توسلتُ ، فلن تمنحني السماء ما أعشق من ألوان. سأعيش حتى النهاية - هكـذا يحذرني الخاطر حين أغفـو كـل مسـاء – دون أن تخرج من جسدي البريء ، لعنة ما ، لا يسكتها إلا التراب.
دعني أقول لك أخباري .
فأخبـار العـالم تخدش الهـواء الحامل إليك كلمـاتي . استغنيت عن البشر ، واكتفيت بـالأشياء. الأشياء مـدن سـاحرة ، تهبني دهشة لا سبيل إلى فتورها ، تحاورني دون مقاطعة ، تشاركني دون تطفل . وإلى حكمة مختبئة ،تدعوني إلى الدخول ، وقد غطت أرض المكان بالود والزهور .
الأشياء – دون أن أسألها – ترعاني كل صباح . بنعومة لا تخطئ التوقيت،توقظني من نومي المرتبك. على أشعة ذهبيـة، تقـدم لي أشهى فنجـان قهـوة. وحين يلفني الليل، تـرسـل عـطـوراً تتأكـد من دفء الغطاء ، علمتني الأشياء التواضع ، علمتني فن الإصغاء.
دعني أقول لك أخباري .
أعجبتني منـذ أول لقـاء . وإليـك أتـوق حتى آخـر الـمـواعـيـد . هل أدهشتك ؟.
أتساءل كيف حدث هذا ؟ . ولماذا أنت بالتحديد ؟.
مـاذا فيـك يـربـك صوتي معك عبر الهاتف ؟ . ماذا فيك يدفعني – إذ تتنهد - إلى البكاء ؟.
هل زادت دهشتك ؟ . عندك حق. لكنني لست مضطرة إلى شرح دقات قلبي ، عش الدهشة كما أعيشها ، وتوقف عن الأسئلة.
أكتب إليك لأزداد حبا في اللغة .
أكتب إليك ، لأقول ما لم أصرح به أول لقاء .
أنت ، مخاطرة ما غـفـوت يومـا ، إلا وتشكلت عبر سكون الليل أجمل الأحـلام .
أنت ، إلهام انتظره قلمي الحائر ، كلما أطلت نجمة متمردة في السماء . هـا أنت أخيـراً قـد حـدثت ، حدوث المعجزة ، بعـد أن كـفـرت بـزمـن المعجزات . وما دمـت قـد حـدثـت ، فـالـعـالـم ليس – كما تصـورت – بـالغ السوء.
خذني إلى عالمك الساحر ، المتقلب .
خذني - ولن أمل الـرحـلـة الـوعـرة – إلى الشيء الغامض فيـك. كم يعذبني .. كم يمتعني . يعدني – ولا أدري لماذا أثق فيـه - بأعـذب الرحيق بين شفتيك .
رغم الحنين ، لا أتعجل اللقاء .
كيف أتعجل ما سيقلب حياتي رأسا على عقب ؟ .
أحقا أنت كما سمعت عنك ؟.
قالوا إنك رجل صعب ، لا تستهويه النساء ، قالوا إنك غريب الأطوار ،لا قلب لك.
شيء ما يناديني للاقتراب . ما لي أنا ومال ما يُقال عنـك. باحثة أنا ، عن شيء آخر ، صـدقني لا أدريه . بعض منه يرقـد على ملامحك ، بعض يتخلل نبرات صوتك ، بعض يمتزج بصمتك ، فيسمعني أشجى الأغنيات .
ما لي أنا ومال مـا عرفه الناس عنك. أريد ما لم يعـرفه أحد عنك. حتى أنت لا تعرفه ، ما رأيك ؟ . هل تمنحني شرف الاكتشاف ؟.
دعني أقول لك أخباري .
فأخبار العالم تفرق بيننا ، تشعرني أن نهاية الدنيا وشيكة الحدوث . رغم أنني – والكون شاهدي – في بدايات الحنين وبدايات السهر .
أكتب رسالتي إليك ومن النافذة أرى « النيل » محتضنا وداع الشمس بحنان يذكرني بما لم تقلـه لي . سحابات متشكلة بألف لون ، طيـور مغردة ،ومدينتي الصاخبة – فجأة - هادئة . لـوحة قاسية الجمال . أهـذا عادي ؟ . أم لأنني أكتب إليك ، تزداد أناقة الكون ؟.
أكتب إليك ، لأنني لا أملك غير الكتابة ، مـا يميزني عن النساء الأخريات اللائي يَحُمْنَ حولك .
أكتب إليك ، ليظل خيط ما .. صلة ما .. جنون ما .. سحر ما ، في الهواءالمسافر بيننا .
حين تأتيك رسالتي ، لا تقرأهـا بعينيك. فعينـاك شـاردتـان لا أمل في الإيقاع بهما ، اقرأها بروحك الهائمة ، الباحثة عن أفق مستحيل .
وحين تنتهي من قرائتي ، دعني أسمع صوتك.
سأنتظر مكالمتك لتخبرني ، هل نبحر معا إلى ذلك الأفق المستحيل ، أم أشد الرحال وحدي ؟.
------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زَفة .... قصة قصيرة
- جدول الأسبوع .. قصة قصيرة
- 4 نوفمبر عيد الحب الخادع المخدوع
- تساؤلات ... قصة قصيرة
- كهنة الثقافة وكهنة الأديان
- أحلم بعالم ليس فيه فلوس
- لا تحرجنى مع - الخريف - ... قصة قصيرة
- الحصار ضد الأقليات المبدعة
- 22 أكتوبر ميلاد - نوال - أمى
- قصتى معك ... قصة قصيرة
- يوم فى حياتى ... قصة قصيرة
- الخوف من الاختلاف
- أحب أن أعرف موعد ومكان وطريقة موتى
- جيفارا .. الموت من أجل كوب لبن لكل أطفال العالم
- اعلان زواج .. خطيئتى .. فنجان من الغيب المحوج ثلاث قصص قصيرة
- الشهر العاشر .. زينب جدتى قصتان قصيرتان
- تأملات : - غاندى - الفقر أسوأ اشكال العنف
- تنويعات متفلسفة مع بدايات الخريف
- وطن يعطينى مرتبا شهريا على تمردى
- 13 سبتمبر ميلاد أبى شريف حتاتة


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - رسالة من امرأة وحيدة .. قصة قصيرة