أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - تناصات في وحشة الهور














المزيد.....

تناصات في وحشة الهور


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7431 - 2022 / 11 / 13 - 08:27
المحور: الادب والفن
    


"وصعد دخان روحي لغيمة الوهواس" ...
وأنا في طريقي إلى لواء 47 بغيمة الروح في وحشة الهور الذي جفّفه بدويّ قادم من حيث لا نبات إلاّ العاقول....
أخبرت صديقي ناجي بأنّي سأذهب إلى حيث اللاشيء
فقال لي حسناً
تعال إلى اللاشيء...
فثمة عرق مسّيح...
فغدا ستنسى كلّ شيء
وفي يدي قصيدة كتبتها وأنا في قمّة الجوع....
ستنسى بعد اسبوعين...
كيف انسى وانا في يدي قصيدة لعريان السيد خلف...
هل اسمّيكِ؟
واسمكِ يشده البال
و"أفرح باسمكِ وهو يتردّد بشفاه الأطفال"
ثمة تنكّر سيمرّ ويأخذني الى حيث مقر ّاللواء
وفي جعبتي ثلاث تمرات
كنت قد خبّأتها لجوع قادم
وأنا اغنّي...
"كل عزيز اطشنه فده لعيونكم"
وفي ذهني تلك السّمراء في شمال البصرة...
وانت ياناجي تقول لي "حدّث اعالي الشجر
خلي الحزن للحزن"...
فثمة نوافذ للرجى..
حيث لا هور..
ولا سمك
ولا سمراء..
هل اخبرك بأنّي خائف...
نعم..
حيث الظلام ..
وضابط لا يهمّه إلاّ المال...
ونحن اهل سومر بكّاؤون منذ الأزل...
حدّثني ماجد عبعبوب بأنّي يمكن أن اشاهد تلك السّمراء إن تبرّعت لهذا الضابط...
يا سمراء زعلتِ وزعلت الحكومة علينا..
فكيف آتي بالمال وأنا الفقير منذ ان استولى نبوخذنصر على حكم بابل...
حسناً
ثمّة صوت اسمعوه معي:
"روحي حمامة تحوم فوق البساتين
ياطعم خدكِ هيل وشفايفكِ تين"
بعد ساعات كنت على مقربة من فجر الشمس في وحشة الهور ، حيث قرص الشمس يصعد بخجل في برية الهور المجفّف...
ومعي بضعة تمرات...
" ياخيط الشمس طوقين صوغلها"
تعبني مشي الدرب
وثمّة صبي قرب النهر يستهزئ بخوفي من هذا النهر..
نهر وسط الهور..
هور الجبايش حيث لا تعرفون...
صحراء بلا صحراء وهور بلا هور...
ومرّ بنا الرصاص هناك...
وبيدي حبات التمر...
"وعزيزة النفس عندي وما أذلها
فصلت الكرامة ملابس "
ثمّة رصاص في كلّ مكان....
وقماش اخضر فوق الجباه..
وأنا جالس في ناصية الشارع أعدّ ارباحي من قمار الأرصفة وزيت الشوارع...
الشوارع الغارقة بدماء جنود هاربين من شارع الموت جنوب البصرة...
" عيوني احس بيها غشى "
وهناك جندي لم يبق من ملابسه إلاّ بسطال متهرئ...
وسعدون يرديه حيث اللاشيء قرب جسر الزبير الذي لا يذكره التاريخ...
والجسر بعيد...
" شمالك يا عزيز النفس "
وهذه القصيدة في جيبي والجوع يقتلني وحبات التمر تتلاشى وسط غيوم الحرائق...
والحنين يعصر الروح وأنا أحسد البكّائين..
وهذه الذكريات الحزينة كأنّها تمشي عراضة في ساحة سعد حيث كلّ شيء صار لقمة للغربان الجائعة..
يابرد الصباح الذي لم تتحمّله يدي..
في شمال البصرة -حيث سمرائي- لذت بين القصب والهور الخالي من الأسماك...
كذبت سمرائي حينما اخبرتني انّ في الهور اسماك...
لم تخبرني انّ قناص البعث منح للأسماك لحما وفيرا...
وفي الضفة الأخرى ثمّة صوت لنساء...
ها لولاد...
ما رديتوا حتى تراب..
يا ناجي ...
"امس سلم علي وفات"
انا وضياء نشرب العرق المغشوش في قارعة الطريق..
وها أنت الآن مرحوم..
وقبرك الرخامي الذي بنته امّك بعد أن جاء الامريكان صار مزاراً لخماري العراق..
وبغداد مجرد حانة كبيرة لا تعتذر للسماء...
و"انا للمثلي الحزن ينفع واريده يزيد"
وحيث وصيّتي حين الموت أن احضن تلك السمراء التي باعتني بلقمة لا تذكر حينما جاع الفرات...
"طيب يالمريض أهنا نويعة يا ضيم قلبي"
يا ناجي يفرّقنا كريم منصور على دجلة العمارة..
"والدنيا رطب عالي"..
وسألتك هل تأتي...
قلت بيد الله..
وكريم منصور يعتذر بعد حين...
مامش نفاهه
لوأموت لو يرحن عيوني...
وهذه المدن مقابر يا ناجي...
ونحن العائدين من نار تحرق الكون...
عطاشى...
نطرق الأبواب وثيابنا يصبغها دخان النفط المحترق..
يا ناجي..
شعطلك شبطاك...
وأنت كنت "ونس الليالي وسلوى للعاشق الولهان"...
ولا مرّة صحا حظنا يناجي
كأنّ محنة القرون محفورة في الجباه الموشومة بالأخضر..
وثمة نار وسط برية الهور....
وفي يدي قصيدة يا ناجي وأنت خاطرك مكسور..
وسجادتي قصب زور..
بجيبي نموذج أجازة لا غاية فيها...
وبأعلى السيارة تابوتك يناجي..
ودموع في جردغ نساء لم يعرفن الفرح منذ القبلة الأولى قرب تنور الشبق الازلي..
وأنت ماء وأنسكب...
وما وجدت دموع في العين..
فهل ثمّة عيون والليل مسموع...
أنا التائه في برية الموت ابحث عن الينبوع...
بلا هور...
وثمة جوع لا ينتهي...
في تلك الهيمة "وچحیل الوقت...
أمشي وأقول وصلت"
وتعال خلي اسولفلك شیحچون..



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والتلفزيون
- البحث عن الذات قراءة في رواية ( دفوف رابعة العدوية ) لعبد ال ...
- من يوميات الجوع
- خلدون السراي والرأس الذي تحول الى عش للعصافير
- مسودات الالم لياسين شامل رواية ليست فيها رواية
- رهان عبد الكريم كاصد الستيني
- عن جوع التسعينات اتحدث
- ضياء خضير يعانق جان جاك روسو
- تناصات في وحشة الروح
- الهلوسة الاخيرة / نهاية المطاف
- بين جرفين العيون ( ليس شعر بل بوح)
- هلوسات 19
- هلوسات 18
- هلوسات 17
- هلوسات 16
- هلوسات 15
- هلوسات 14
- هلوسات 13
- هلوسات 12
- هلوسات 11


المزيد.....




- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - تناصات في وحشة الهور