أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد رضا عباس - ملاحظات زائر لبغداد















المزيد.....

ملاحظات زائر لبغداد


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7429 - 2022 / 11 / 11 - 00:32
المحور: المجتمع المدني
    


اذا كان لديك دار وسيارة وراتب شهري قدره 4000 دولار , فانك من 10% المحظوظين في العراق . راتبك سيسمح لك ان تتمتع بزيارة ارقى مطاعم بغداد صباحا مساءا , وسيسمح راتبك ايضا استخدام مساعدة لزوجتك من الجنسية النيبالية او النيجيرية او من الفلبين . الراتب سيسمح لك ايضا ارسال اولادك الى احد المدارس الغير عراقية , تملك كلب او قطة في البيت , زيارة لتركيا في وقت الصيف , وتجميل انف الزوجة اذا رغبت ذلك . الحياة بم بي في بغداد.
لا اتحدث عن هذه الشريحة المحظوظة , وانما اتحدث عالم اخر في بغداد , انه عالم المنغصات الذي يلفها والتي تصيب الكل سهامها وخاصة الطبقة الفقيرة فيها .
بغداد تعافت من الهجمات الارهابية التي كانت تنتزع ارواح ابريائها , ولكن حل محلها موت من نوع اخر , حوادث المرور . اعداد ضحايا المرور تتزايد بمرور الزمن ولا يوجد امل في الزمن المنظور التراجع في اعدادها , وخاصة ضحايا الدراجات البخارية , اعداد هذه المركبات بدأت تتزايد في شوارع المدن للتخلص من الازدحامات المرورية , ومع زيادة اعدادها زاد عدد الموت بسببها . قبل ايام اوجع قلوبنا وفاة شاب في الكاظمية من عائلة السلامي لا يتجاوز عمره 25 عام . في العراق لا يوجد قانون يلزم اصحاب الدراجات البخارية لبس الخوذ الخاصة بها , ولو وجد هذا القانون لما توفى هذا الشاب تاركا طفلة وطفل لا يتجاوز عمره الاربعين يوما .
لقد اصبح التنقل في بغداد بالسيارة امر يتطلب الصبر وربط جأش سبب كثرتها وقلة شوارعها , واصبح التنقل حتى لمسافة قصيرة ممل ومتعب , وخاصة مراجعة طيب اخصائي في قلب بغداد . السفر بالسيارة من ساحة عدن في الكاظمية الى الحارثية مركز تجمع اطباء الاختصاص لا تقل من ساعة ونصف بعد ان كانت لا تزيد على خمسة عشر دقيقة . زاد عدد السيارات بشكل رهيب ,ولكن لم يضاف شارع جديد الى المدينة , واصبحت الزقاق والتي اصبحت ارصفتها ملاذ لوقوف السيارات طرق لاختصار الازدحامات , ولكن بكلفة عالية , تعرض اطفال هذه المناطق للدهس وحرمانهم من العب من زملائهم .
ومع كل متاعب وهموم السفر للوصل الى طبيب الاختصاص ,في بعض الاحيان يتفاجأ ذوي المريض غياب الدواء من الصيدليات القريبة لهم , مما يضطرهم العودة ثانية الى الحارثية لشراء الدواء . يقال ان هناك نوع من الشراكة بين الطبيب المختص والصيدلية التي تحت عيادته , حيث ان الطبيب يختار لمريضه دواء لا يتوفر الا في صيدلية تحت عيادته . وبالمناسبة , فلو احصينا عدد الصيدليات في بغداد , فان نسبة كبيرة من هذه الصيدليات تقع في منطقة الحارثية , اي بأعداد لا يناسب حجم المنطقة .
وانت راكب بسيارة نحو عيادة الطبيب الاختصاص تصادف منغص اخر بجانب بطيء حركة السيارة بسبب الازدحامات وهو كثرة الباعة و المتسولين في كل تقاطع . سيصادف من في السيارة المتسولين من كلا الجنسين وبلغات ولهجات مختلفة , بائع العلك , الماء, الشاي والقهوة , الخبز , شخص ينظف زجاجة السيارة الامامية , بائع الورد , بائع الصميط , بائع الكلينس . واذا كان سفرك نحو كربلاء فبإمكانك اضافة باعة جدد مثل باعة سجاد الصلاة , عباءات الصلاة الخاصة , فواكه وخضر بكل انواعها .
وانت تنظر الى هؤلاء الباعة تصاب بالدهشة لعدم تحرك الجهات الحكومية لمنعهم , خاصة وان هناك اطفال لا تتجاوز اعمارهم سبع او ثمان سنوات . هؤلاء الاطفال ليس مكانهم الشارع وانما المدرسة والبيت , وان هؤلاء الاطفال مكانهم الفراش لا العمل وسط السيارات في منتصف الليل . ان ترك هؤلاء الاطفال في شوارع المدن بدون رعاية حكومية او عائلية يشكل خطرا على حاضر ومستقبل العراق , كما وان كثرة الباعة في تقاطعات الشوارع المزدحمة يسبب ازعاج الراكبين , ويعطي صورة حزينة عن مستقبل هؤلاء الباعة , لان من يبيع صندوق كلنيكس او قناني ماء سوف يبقى عالة على عائلته و المجتمع . ولأسوء من ذلك شعور هذا الفرد بالدونية والانكسار , ان اغلب الظن سيكون لقمة سائغة للمجاميع الارهابية و المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون .
هذا اليوم ( 7 تشرين الثاني ) نشب حريق كبير في مخزن للعطور في منطقة الوزيرية دخل على اثرها المستشفى 32 منتسب من منتسبي الدفاع المدني , والموت حرقا اكثر من عشر مواطنين . وقبل يوم , نشب حريق في المدينة المائية في النجف الاشرف قدرت خسائره خمسون مليون دولار . كان من السهل تجنب كلا الحريقين لو توفرت لهما شروط السلامة . سوف لن اكون مغالى من ان كوارث كثيرة سوف تصيب مناطق بغداد الشعبية مثل الصدر, الحرية , الشعلة , والكاظمية لازدحام شوارعها بالبسطات والجنابر , حيث اصبحت بعض شوارع هذه المدن عبارة عن سوق مكتظ بالبسطات والمتسوقين و سوف لن تستطع فرق الانقاذ من انقاذ الارواح والممتلكات في حالة نشوب حريق, خاصة اذا ما عرفنا ان مقاهي ومطاعم تتواجد وسط هذه الاكشاك والبسطات . في السوق العربي في بغداد , وهو سوق مختص ببيع الملابس بكل انواعها يوجد في وسط هذا السوق مقهى لبيع الشاي ومطعم مختص ببيع الفلافل و البيض والمخلمة . بكلام اخر, ان حريق بسيط قد يؤدي بحياة الكثير من الناس وخسارة عظيمة بالممتلكات .
الجهات الحكومية كالعادة تتهم اصحاب الممتلكات بعدم التزاماتهم بشروط السلامة , ولكن من يزور اسواق بغداد سوف يستنتج بدون عناء ان التزام اصحاب الاملاك بشروط السلامة لا يكفي بدون تدخل حكومي . بعض التجار ملتزمون بشروط السلامة مئة بالمئة , ولكن تراكم الاوساخ في الاسواق وعلى جانب الطرق سوف لن يشفع بالملتزمين بشروط السلامة في حالة اشعال نار . الالتزام بشروط السلامة سيكون اكثر فاعلية عندما تكون بغداد منظمة ونظيفة وعندما تكون اجهزة السلامة متوفرة . قطف سيكاره كافي لحرق شورجة بغداد بالكامل .
حريق المدينة المائية في النجف الاشرف كشف المستور . مستثمر المدينة رجل لبناني لم يدفع الضرائب السنوية للحكومة منذ ثلاث سنوات بالوقت الذي كان يحول جميع واردات الايجار السنوية الى لبنان . هذه ظاهرة اصبحت معروفة لأصحاب الاعمال ويتحدثون عنها بطلاقة بتفشي الرشاوى في دوائر الضريبة . وحتى يعرف القارئ كيف يتعامل موظفي دوائر الضريبة مع اصحاب الاعمال , فان رجل الضريبة يخبر رجل الاعمال ان الضريبة هي مليون دينار , الا ان الاثنان يتفقون ان يدفع رجل الاعمال 300الف دينار كضريبة , 200 الف دينار رشوة , والباقي تعود لصاحب العمل . في بعض الاحيان لا يحتاج اصحاب الاعمال الكبيرة دفع الضريبة اذا دفع رشوة اعلى , وهذا ما جرى في قضية المدينة المائية في النجف.
لم اجد تفسير شافيا حول جنون اسعار العقارات في بغداد . سعر المتر الواحد في مدينة الكاظمية هو 4 الاف دولار , وفي الاعظمية 3.5 الف دولار , وفي منطقة المنصور 5 الاف دولار. بمعنى ان ليس باستطاعة طبيب مختص شراء بيت متواضع بمساحة 100 متر الا بعد عشرين عام , على فرض ان راتب الطبيب المختص الشهري هو مليون ونصف الدينار . ومع كل هذا فان الوحدات السكنية لا تبقى كثيرا في السوق . من هذا الذي يشتري دارا متواضعا في بغداد بسعر يفوق سعر دار مماثل له في واشنطن او لندن او باريس ؟ اصدقاء كثر كشفوا لي ان سبب ارتفاع اسعار العقار في بغداد هو المال المسروق من الدولة . سراق مال الدولة لم يستطيعوا تهريب سرقاتهم الى الخارج , فاختاروا استثمارها في شراء العقارات .
لم يترك الفاسدون مجال للطبقة الوسطى والنظيفة من امتلاك دار للسكن , فأضطر الفقراء الى بناء بيوت من الصفائح على اراضي الدولة , فتجد هذه التجمعات في كل منطقة من بغداد . ان دخول اعداد بشرية كبيرة من ابناء المحافظات الى بغداد وتركز بناء العمارات السكنية في قلب بغداد وليس في خارجها , خلق شحة بكل شيء تقريبا : السكن , الخدمات الطبية , الابنية المدرسية , انقطاعات في الطاقة الكهربائية , شحة في الماء الصالح للشرب , الازدحامات المرورية , و تراكم الاوساخ . بغداد اصبحت اسوء عاصمة عربية وهو خبر يزعج جميع من احبها ولابد ان اول من خيبة امله بغداد هم الشعراء الذين تغنوا بها من امثال الشاعر احمد شوقي , نزار القباني , احمد رامي , و محمد رضا الشبيبي .
وفي الاخير تعلن جريدة الصباح الرسمية بتاريخ 7 تشرين الثاني من ان بغداد ستحتضن اعلى بناء شاهق في العالم يمكن ان يصل اليه الانسان على هذا الكوكب , حيث سيكون على ارتفاع 1250 متر واعلى من برجي خليفة وشنغهاي , وسيتم البناء على مساحة تقدر بنحو 400 دونم في مدينة الرفيل وبكلفة تصل الى 8 مليارات دولار. الخبر استقبل من قبل قراءه بالدهشة وا لاستهزاء. كان سبب الدهشة هو عدم معرفة المكان حتى مقبل اهل بغداد , والاستهزاء شمل مصداقية الخبر في بلد مازال فيه اكثر من مليون عائلة تعيش في بيوت من تنك .
يقول احدهم : ال مرة اسمع الرفيل , احتمال مشتق من اسم رفل بس رفل ويم الله اعلم.
واخر يقول : رجاء اين تقع مدينة الرفيل يا سادة ؟
وثالث يقول : وين صايره هاي المدينة .
والرابع يقول : مدينة الرفيل هاي وين صايره اني بغدادي ما سامع بيها .
ويقول اخر مستهزئا اعتقد لو تجمعون النفايات من الشوارع قبل ان تحلموا ببناء بهذا الارتفاع .
واخر يقول : هسه انتو بلطونه الشوارع وبعدين اصعدوا الى السماء.
واخر يقول : الله يساعد الساكنين في اعلى الطوابق اذا انقطع الكهرباء والماء.
والاخر يجمل ويقول : نكتة الموسم .



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية منفلته خير من ديكتاتورية مستبده
- تصريحات السياسيين الجديدة حول سعر صرف الدولار في العراق لا ت ...
- الزمن الجميل في العراق اليوم وليس البارحة
- قرار تخفيض انتاج أوبك +, كان سياسيا ام اقتصاديا؟
- تصريح وقح من كونغرس مان وقح
- اطفال في العراق يموتون بسبب تهور ذويهم
- تباين الثروات في العراق الجديد
- موت ودفن -ثورة- تشرين العراقية
- قصة تنفع الاطار والتيار
- ايهما احسن لك التضخم المالي او الركود الاقتصادي؟
- الجانب االسلبي لارتفاع اسعار الفائدة على الاقتصاد العالمي
- على روسيا اعادة وجهة نظرها في القضية الفلسطينية
- ماذا قال المواطن العربي حول فرض الغرب سقف لاسعار الطاقة الرو ...
- فرض سقف اسعار على الطاقة الروسية انقلاب على نظرية السوق
- القيادة لا تورث
- هل ان السيد مقتدى الصدر حقا يريد انهاء الازمة السياسية في ال ...
- كيف اصبح التيار الصدري منافسا عنيدا لحوزة النجف؟
- ما لم يقله ادم سميث عن التجارة الخارجية
- كيف تضيف سنوات من الصحة الى عمرك؟
- العرب يتحدثون عن مستقبلهم بين الامم


المزيد.....




- قائد قوات الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان، و ...
- ترامب يقترح برنامجا للترحيل الطوعي مع إغراءات للمهاجرين -الط ...
- تزايد أعداد العرائض الإسرائيلية المطالبة بوقف الحرب وإعادة ا ...
- مع دخول حرب السودان عامها الثالث.. هجمات على أكبر مخيم لاجئي ...
- الاحتلال يواصل قصف خيام النازحين بغزة ويستهدف مستشفى ميدانيا ...
- تعليق الأمم المتحدة على احتجاز الناطقين بالروسية في كييف وني ...
- اعتقال ناشط فلسطيني في أمريكا أثناء مقابلة للحصول على الجنسي ...
- الأونروا: نفاد مخزونات الغذاء التي دخلت غزة بفترة وقف إطلاق ...
- السعودية.. الداخلية تصدر بيانا بشأن إعدام 3 أجانب وتكشف جنسي ...
- الأمم المتحدة: نزوح 125 ألف شخص منذ مارس بجنوب السودان بسبب ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد رضا عباس - ملاحظات زائر لبغداد