|
قنوات الإخوان وأصدقاءهم .. لماذا لندن ؟
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 23:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التاريخ يعيد نفسه ، ففى الخمسينات والستينات كانت هناك أكثر من ١٢ إذاعة موجهة ضد مصر ، وضد جمال عبد الناصر ، وكلها كانت تحت قيادة المخابرات البريطانية والأمريكية والفرنسية ، ومنها مثلا إذاعة مصر الحرة ..
وكما يحدث حاليا بالضبط من عمل مصريين في القنوات الفضائية الموجهة ، عمل مصريون قديما فى تلك الاذاعات الموجهة ، وكان أشهرهم في الزمن القديم الصحفى أحمد أبو الفتح ..
هل حققت تلك الإذاعات القديمة شيئا ؟
لا .. لم تحقق أى شئ ، ومشى وراءها - كما يمشى اليوم وراء قنوات الإخوان وأصدقاءهم - ضعاف العقول أو ضعاف النفوس ، أو أبناء التنظيمات التى ضربها عبد الناصر قديما أو ضربها السيسي حديثا ..
نفس الكلام الفارغ ، نفس الاشاعات ، نفس الحرب النفسية ، ونفس العمل تحت خدمة مخابرات دول أجنبية ، هى التى فتحت لهم الإذاعات قديما ، وهى التى تفتح لهم الفضائيات اليوم ..
ودائما وفى كل عصر هناك ضعاف العقول ، أو ضعاف النفوس ، أو ضعاف الجيوب ممن هو مستعد أن يعمل مع تلك الأجهزة الدولية وفى قنواتها ..
المتغير الجديد فى قصة قنوات الإخوان وأصدقاء الإخوان هى وصولهم في تجوالهم عبر المنافى إلى لندن ، أو لندنستان كما تسمى ، بعد رحلة طالت ما بين الدوحة وإسطنبول ، وحتى فى الدوحة واسطنبول لم يكن الأمر بعيدا عن الأيدى والنفوذ والتوجيه البريطانى ..
هو بمثابة رجوع الشئ إلى أصله ، فلندن هى الأم الرؤوم لكل الحركات السرية من كل الطوائف والأديان والأعراق ..
ويبدو للمتابع البعيد ، وغير الدارس للتاريخ البريطانى أن سلوك بريطانيا فى سياستها الخارجية من الغرائب ..
بريطانيا لا تنسى أبدا أنها كانت في يوم من الأيام دولة عظمى ، وحتى عندما دار الزمن دورته وأصبحت دولة عادية ، فإنها تلعب ألعاب فى منتهى الخطورة ..
فمثلا في الحرب الروسية الأوكرانية ، اتهمت روسيا بريطانيا رسميا بأن المخابرات البريطانية وراء تدمير خط غاز السيل الشمالى ، وهو خط نقل الغاز الرئيسي من روسيا إلى أوربا ، وكان الغرض ضرب التقارب الروسي الألماني - وهو ما تسربت بشأنه المحادثات السرية بين البلدين - فى مقتل ..
وقبلها تسليح بريطانيا للأوكرانيين بأسلحة بحرية متقدمة ، اغرقت واحدة منها إحدى قطع الأسطول الروسى في البحر الأسود ، ما دعا الكرملين لتسريب أن ضربة عسكرية روسية للندن - غير مستبعد أن تكون نووية - ربما يكون محتملا ..
ولو فعلها الروس لقضوا على مصدر للفتن حول العالم لا يتوقف ..
بريطانيا هى أول من بدء قصة التلاعب بالأديان في سياستها العالمية ، فخلقت اليهودية السياسية ( ممثلة في الحركة الصهيونية ، التى تجسدت فيما بعد فى دولة إسرائيل ) ..
وبريطانيا هى التى اخترعت الإسلام السياسي ( الذى بدء بحركة الإخوان المسلمين ، ثم تناسلت بعد ذلك حتى وصلنا إلى القاعدة وداعش وعشرات غيرهم ) ..
ولم تكتف بريطانيا بالتلاعب داخل الأديان ، بل اخترعت أديان جديدة كاملة ، ففى القرن ١٩ وأثناء سيطرتها على الهند وأجزاء واسعة من آسيا ، أنشأت البهائية والقاديانية ، وعمل النفوذ البريطانى السرى على نشر هذه الديانات الجديدة !!
وفى القرن ٢٠ لم تكن الأيدى البريطانية بعيدة عن صعود الشيعية السياسية ، وقد استخدمت بريطانيا الحركات الدينية الشيعية في طرد مصدق من السلطة في إيران في الخمسينات وإعادة الشاه إلى عرشه ، و استخدمت نفس رجال الدين الشيعة في السبعينات لطرد الشاه نفسه من عرش الطاووس ، وبدء عصر حكم رجال الدين الشيعة !!
ومن هنا بدء عصر الإسلام السياسى ، بشقيه السنى والشيعى ، وعودة تناقض دينى داخل الإسلام انتهى منذ نحو ١٥٠٠ سنة .. وعودة الفتنة الكبرى بين على ومعاوية ، في صورة جديدة فى القرن العشرين وما بعده !!
وهى مقر أغلب الحركات الباطنية كالماسونية مثلا ، وترى في كل تلك الحركات - الدينى منها وغير الدينى والحركات شديدة السرية - وسائل لبلوغها قمة النفوذ العالمى ..
ليس غريبا بعد كل ذلك أن يكون مقر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى بريطانيا ، وأن يجعل كبار قادة الحركات الإسلامية وغير الإسلامية والسرية حول العالم لندن مقرا وملاذا لهم !!
واليوم تفتح قنوات فضائية للإخوان المسلمين وأصدقاء الإخوان المسلمين من يساريين وليبراليين بل وملحدين !!
وليس فقط القنوات الفضائية ..
فقد نشرت صحيفة الاندبندنت في ١ أكتوبر ٢٠١٩ خبراً توقف عنده كثيرون ، وهو أن رئيس تحرير قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في تويتر ، واسمه جوردون ماكيلان ، هو ضابط فى وحدة الحرب الإعلامية فى الجيش البريطانى ، ويخدم في اللواء ٧٧ المتخصص فى الاشتباك غير الفتاك ، وأن اللواء يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ، بما في ذلك فيس بوك وتويتر " للقتال في عصر المعلومات " ..
ألعاب خطرة وأخرى بهلوانية تلعبها لندن ، ولم تؤد - ولن تؤد - إلى شئ ، لأن بريطانيا الإمبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس إنتهت إلى غير رجعة ..
ولأن حركاتها الإسلامية وغير الإسلامية التى تحركها من وراء ستار غربت شمسها هى الأخرى ، ولم تعد الشعوب مستعدة لتصديق خزعبلاتها مرة أخرى ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بشار الأسد .. قصة مسكوت عنها
-
زكريا بطرس
-
قصيدة قديمة جميلة
-
موضوعات وكلمات الأغانى المصرية
-
الموسيقى والغناء فى مصر
-
أحلام جديدة .. وأهداف جديدة
-
الطبقة القائدة واستقرار الدول
-
الرياضة قبل العلم
-
دار الافتاء الاقتصادية
-
حكايات الغريب
-
الديموقراطية السليمة ، والديموقراطية العميلة ، والديموقراطية
...
-
لماذا لا يستطيع قادة الغرب مخالفة أمريكا ؟!
-
سنوات التيه
-
كيف حرق الإخوان كليتنا مرتين
-
إختبار ام عقاب ؟
-
مواقف وطرائف
-
الإسلام السياسى فى ثوبه الشيعى
-
الأفكار .. والأفعال
-
تجربة حديثة .. وتجربة قديمة
-
التفسير الطبقى للغناء
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|