أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - عمر الخيّام الى الفضاء وابا نؤاس تُقَطّع أوصاله














المزيد.....

عمر الخيّام الى الفضاء وابا نؤاس تُقَطّع أوصاله


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 01:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرّت على البشريّة منذ القدم ولليوم حضارات وأمبراطوريات ودول وأقوام أنتهت وتلاشت لتحل غيرها محلّها لأسباب عديدة، منها هزيمتها عسكريا أو نتيجة عوامل طبيعية كالجفاف والأوبئة وغيرها. لكن وعلى الرغم من مرور آلاف السنين على أنهيار تلك الحضارات والدول، نرى أمرا عصيا على الأنهيار ولا زال يبهرنا نحن أبناء هذا الزمن الرديء، ولا أعني هنا الّا نحن العراقيون الذين أبتلينا بأشباه ساسة وأشباه رجال وهم يقودون بلد نشأت فيه أعظم وأقدم الحضارات الى مستنقع الموت، هذا الأمر هو فنّ وعمارة تلك الحضارات التي لازالت لليوم باقية لتذكرنا من أنّ الفنّ بكل أشكاله ومنه النحت لن يموت ولن ينهار.

لقد ورثنا نحن العراقيون الإزميل من حضاراتنا التي سبقت الهجمة البدوية المتخلّفة القادمة من عمق الصحراء والبداوة، ومعها آلة القتل التي دمرّت ولازالت أرض الرافدين. فبالإزميل نحت الفنّان العراقي الأسود والثيران المجنّحة للملوك والأمراء، ونحت النصب التذكارية وتفننّ في زخرفة الأبواب العظيمة للقصور. والفنان أسماعيل فتاح الترك ومن معه من النحّاتين والفنّانين العراقيين ورثة ذلك النحات الذي برع بإزميله وهو ينفخ الروح في حجر الصوان لينحت تماثيل كأنّها الآلهة. فتمثال الشاعر العبّاسي أبا النوّاس هو نتاج الإزميل العراقي الذي علينا أن نفتخر به اليوم وغدا، فهل ورثة القادمين من عمق الصحراء وعاشقي البداوة لهم الحق في أن يجعلوا من بغداد الأزل أشبه بمدينة للصرائف بقرية مهملة، ومن أعطاهم هذا الحق!!؟

الفرس أصحاب حضارة موغلة بالتاريخ وأمتدّت أمبراطوريتهم من بحر إيجة في الغرب إلى حدود الهند في الشرق ومن جنوب مصر إلى البحر الأسود وجبال القوقاز في الشمال. وكما كان للأزميل العراقي دور محوري فيما وصلنا اليوم من تماثيل ورُقم تملأ متاحف العالم، فللفرس إزميلهم الذي أبدع أيضا في نحت التماثيل والنصب الأثريّة. لكنّهم ولأنهم مدينيون وليسوا قرويين كما حكّامنا والسواد الأعظم من شعبنا، تراهم يحترمون تماثيل فنّانيهم ويحافظون عليها. فالفردوسي وهو شاعر حفظ اللغة الفارسية من الأندثار بعد الغزو العربي لبلاده بكتابته ملحمة الشاهنامة ( كتاب أو ملحمة الملوك)، له تمثال كبير يتوسّط حديقة غنّاء في ساحة تحمل أسمه بقلب العاصمة طهران، وطالما كان حكّام العراق اليوم يتسكّعون عنده وهم يدخلون ويخرجون من مقرّ المجلس الأسلامي الأعلى قرب الساحة التي تتوسط شارع الفردوسي حينما كانوا "يجاهدون" من أجل تقدّم العراق وشعبه مثلما كانوا يشيعون، وإذا بالعراق عهدهم خرائب تنعق فيها غربان الفساد والقتل والجريمة!! أمّا الشاعر وعالم الرياضيات الذي اشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، والذي صار التقويم الفارسي المتبع إلى اليوم أي عمر الخيّام، فهناك شارع وسط الحي التجاري في طهران يحمل أسمه، كما وله ضريح آية في العمارة بمدينة نيسابور يزوره الكثير من السياح وأبناء المدينة.

على الرغم من أشعار الخيّام الألحادية و عشقه للخمر، فأنّه يقول في أشعار تُنسب له:

إبريق مى مرا شكستى ربّى
بر من در عيش را ببستى ربّى
من مى خورم وتو مى كنى بدمستى
خاكم به دهن مگر تو مستى ربّى؟

وترجمتها:

كسرت لي إبريق خمري ربّي
أغلقت عليَ باب رزقي ربّي
أأشرب الخمر أنا فتعربد أنت
يا للوعتي، أراك سكرانا ربّي

الخيّام هذا وعلى الرغم من أشعاره هذه وغيرها وهو يتغنى بالخمر والجواري، نرى أنّ السلطات الدينيّة الأيرانيّة وبالتعاون مع علماء الفضاء الروس أطلقت قمرا صناعيا بأسمه الى الفضاء تخليدا له!!!



ضريح عمر الخيّام في نيسابور


ساسة اليوم الذين حولّوا العراق الى رُستاق أي قرية بالفارسيّة، ولأنّهم أعداء لوطننا وتراثنا وتاريخنا تراهم يجيشّون رعاعهم لكسر الأزاميل العراقية، عن طريق الهدم والعبث بالتماثيل في بغداد وتشويهها. فمرّة يهاجمون بمنطق البداوة التي لا يجيدون سواها فيسرقون تمثال السعدون، ومرّة يهاجمون تمثال باني بغداد التي يحقدون عليها أبي جعفر المنصور، ومرّة يهاجمون تمثال كهرمانة لمحمد غني حكمت خوفا من أن تؤشر على أبواب قصورهم ليعرف شعبنا طريقه اليهم، واليوم يعبثون بتمثال أبي نؤاس لأسماعيل فتاح الترك، وغدا سيعبثون بتمثال الأم لخالد الرحّال ونصب الحرية لجواد سليم وجدارية فائق حسن وغيرها. تماثيل فنّانينا مهدّدة بالهدم، وتماثيل رجال الدين الشيعة المصنوعة من الشمع والتي كلّفت الدولة ملايين الدولارات تصبح مزارا لأعداء الحضارة والتمدن والمدنية في مُتحفها بالنجف...

يقول المؤرخون أنّ حضارة أناسازي التي نشأت حولي 700 عام قبل الميلاد، أنهارت بسبب الأنقسام الديني الذي قسّم شعوب تلك الحضارة، فهل أصحاب البداوة اليوم وهم يهاجمون التماثيل لأسباب طائفية سيقودون بلدنا الى هذه النهاية، وما هي وسائلنا لمواجهتهم ...؟



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضاع موطني بين الملّايات والماكيرات
- مجاميع الظل الحاكمة بالعراق
- سحق العراق بين إلإطارين
- إنتخاب رئيس للجمهورية إنتصار للإتحاد الوطني وقوى المحاصصة ول ...
- من حرق المصاحف والمساجد في إيران ..؟
- الإسلاميّون وعمائمهم علّموني الوطنية والنزاهة والأخلاق..!!
- لتتعلّم بغداد من ليفربول
- مستقبل العراق وآفاقه الضبابية
- غيتو الخضراء ... مفارقات تاريخيّة
- خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق
- قطار ولاية الفقيه وصل حدود النجف الأشرف
- أقليم كوردستان ليس جزءا من الحلّ
- مبنى البرلمان العراقي لا يمثّل سلطة الشعب ولا القانون
- بين منهاج حزب الدعوة الأسلاميّة وتسريبات المالكي
- السيّد الصدر .. من المخجل جدّا جدّا
- الصدر والمشروع الأيراني في العراق
- السيد مقتدى الصدر: أن كان هذا نصرا فلا أهلا ولا سهلا به
- رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب
- الشعوب الأوربية تغامر بمنجزاتها التاريخية
- من أوراق أنتفاضة تشرين الخالدة..... أنتُنَّ اللواتي لَكُنّ ك ...


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - عمر الخيّام الى الفضاء وابا نؤاس تُقَطّع أوصاله