أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إشكالية الفشل ضمن أفق فلسفي جديد، شارل بيبين نموذجا 














المزيد.....

إشكالية الفشل ضمن أفق فلسفي جديد، شارل بيبين نموذجا 


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7424 - 2022 / 11 / 6 - 16:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد قرون من التساؤل حول السعادة، انكب الفلاسفة على الفشل. في العصور القديمة، طرح الفلاسفة بصدد السعادة كحالة مطلوبة ومرغوب فيها مجموعة من الأسئلة. وكان منطلقهم أن الفلسفة يجب أن تقودنا إلى السعادة. بينما نلاحط اليوم نزوع الفلاسفة إلى التساؤل عن الفشل. هل يمكن أن يصبح الفشل أفقا فلسفيا جديدا، موضوعا جديدا للدراسة كان مفتقدًا إلى حد كبير في التفكير الفلسفي، أو مجرد موضة جديدة؟
ما هي السعادة؟ هل هي النجاح، كماتغنيبه برنارد تابي سنة 1985؟ هل هي حالة أم أفق؟ هل هي رغبة أم جوهر الإنسان؟ كيف تتحقق السعادة؟ أمن خلال العمل على العالم أو على ذواتنا؟ هل توجد السعادة في نهاية بحث مثل كنز، أو غنيمة، أم أنها مسألة تحويل ذاتي؟

هذه الأسئلة حول السعادة تبدو الآن كلاسيكية تماما، وقد فكر فيها اسبينوزا، أبيقور، كانط، وغيرهم كثير، وهي حاضرة في برنامج الفلسفة لدى تلاميذ الباكالوريا، انطلاقا من تعريف مصطلح السعادة ووصولا إلى نظرياتها المختلفة.
يبدو الأمر كما لو أن السعادة كانت نهاية كل أشكال الحياة، مروراً بكل تلك اللحظات الرديئة أو الضائعة التي كانت تتخللها في أغلب الأحيان، وبدونها لن يكون للسعادة نكهة خاصة. هذا هو النقد الذي جاء به شارل بيبين في كتابه "فضائل الفشل" الذي نشر في عام 2016.
كيف نتعايش مع الفشل؟ كيف نستبطن الفشل كأحد مقومات حياتنا إلى جانب النجاح؟ يقول تشارلز بيبين في كتابه السالف الذكر: هناك شيء يمكن أن نربحه من الهزيمة. شيء أكثر فائدة وأكثر أهمية من الانتشاء بالنجاح. على خلاف التصورات الفلسفية الحديثة التي تلامس الموضوع وتفضل إبراز طرق النجاح، يدعونا الفيلسوف إلى مراجعة نظرتنا إلى واحدة من أعظم المصائب في المجتمعات الحديثة: خسران الحياة.
يأمل تشارلز بيبين، الذي يستدعي أساليب التفكير المختلفة، أن يثبت أن كل أولئك الذين تألقوا وانتشر صيتهم في الآفاق مرّوا في كثير من الأحيان بخيبة أمل. سواء كانوا فنانين أو رياضيين أو رجال أعمال أو سياسيين أو علماء، فإن الشدائد التي واجهتهم خلال وجودهم قد أعطتهم الفرصة لتحقيق ذواتهم مثلما فعلوا. قراءة إبستيمولوجية تجعل من الخطأ الطريقة الوحيدة للفهم، فقبل أن يخترع طوماس أديسون المصباح الكهربائي، أخفق آلاف المرات واقترب من الحقيقة عن طريق الفشل في إدراكها. من الناحية الوجودية، يمكن للفشل أن يعطينا بطريقة ما نظرة أخرى للحياة. فلو لم يتخل تشارلز داروين عن دراسته الطب واللاهوت، هل كان بإمكانه القيام بهذه الرحلة الطويلة على متن باخرة البيجلز التي بوأته مكانته كعالم؟ هذا ما استجاب له التحليل النفسي اللاكاني عندما أشار إلى أن "في كل عمل فاشل، هناك خطاب ناجح". وأخيرًا، إذا كانت المقاربة الرواقية تذكرنا بأن هناك دائمًا أشياء تفلت منا، فإن القراءة الجدلية تكشف في تكرار النكسات عن وسيلة لتأكيد الذات. قريبا من هذا المعنى، كتب دوغول في مذكراته أن "الصعوبة تجذب رجلا ذا شخصية لانه عن طريق التغلب عليها يحقق ذاته."
من هنا، يشترك تشارلز بيبين في الأنطولوجيا النيتشوية التي وفقها لا يستطيع المرء أن يفعل شيئًا لما هو كائن، اللهم إذا تعلم كيف يدرك هذه الحقيقة، التي لا يستطيع المرء أن يريدها. الفشل جزء من طبيعة الأشياء. هو أبعد من الخير والشر. يمكن أن يكون فقدان الجمال فرصة لتعديل تطلعاتنا الأساسية بقدر ما يجعلها تتطور. وإذا كانت قدرتنا على الانتعاش ليست لانهائية، يعترف الفيلسوف ، فإنها تبقى كبيرة طالما أننا لا نخون أنفسنا. "ديفيد باوي بدل وجهه، شخصيته، نمطه، أعاد إبداع نفسه كموسيقى، لكنه ظل وفيا لمتطلباته": كان وفيا لنفسه أثناء التغيير، أكثر حرية ضمن حدوده الخاصة.
تكمن قوة الكتاب في كونه لا تعوزه العلاقة بالواقع. الأمثلة تتقاطر الواحد تلو الآخر، مما واضعة أي شخص أمام تحدي عدم التعرف على نفسه في أحدها. فعلى ظاهر ذراعه نقش لاعب أمريكي متفوق جملة مقتبسة من بيكيت: "حاولت سابقا، انهزمت سابقا، لا يهم، حاول مرة أخرى، انهزم مرة أخرى، انهزم على نحو أفضل."
ليست لدينا فرصة للهروب من اختبار الفشل. لذا، علينا أن نبدأ من جديد. فهذه الدراسة عن فضائل الفشل هي بمثابة طريقة لاستخدام الذات، مع الذات، من أجل الذات. في مجتمع النجاح في كل شيء وبأي ثمن، يمد هذا الكتاب يده إلى حياتنا.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “قتل الأب ” بين فريديريك نيتشه وسيغموند فرويد
- صندوق النقد بالمغرب.. تطمينات بتعافي النمو وتوصيات ترفضها ال ...
- البيئة: -مخاطر عالية- من نقص الغذاء والماء في منطقة الشرق ال ...
- الولايات المتحدة تشن حربا باردة جديدة: منظور اشتراكي (الجزء ...
- مفهوم التسامح بين الفلسفة وحقوق الإنسان
- الولايات المتحدة تشن حربا باردة جديدة: منظور اشتراكي (الجزء ...
- الولايات المتحدة تشن حربا باردة جديدة: منظور اشتراكي (الجزء ...
- الولايات المتحدة تشن حربا باردة جديدة: منظور اشتراكي (الجزء ...
- محاولة لتحديد مفهوم الحرية في الفلسفة
- قضية جامع المعتصم: نائب بنكيران يستقيل من الأمانة العامة لحز ...
- الحرب في أوكرانيا تفاقم الانقسامات في المجتمع الروسي المتشرذ ...
- إضاءات سوسيولوجية على ظاهرة الفقر
- فرنسا تمحو المغرب من خريطة العالم
- أخنوش يلتقي بالمعارضة لكسر جدار عدم الثقة في تواطؤ مكشوف على ...
- الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية: من الاعتمادات المتبادل ...
- قراءة لرصد مشاهد الحلم في -كتاب اللاطمأنينة- لفرناندو بيسوا
- الحكومة المغربية مطالبة بنبذ المقاربة البيروقراطية لرفع الدع ...
- المغرب: هدم مئات الشقق بعمالة الصخيرات-تمارة وتوقيف عامل الإ ...
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الثامن)
- اعترافات وبكائيات عاشق متهور


المزيد.....




- الشرع يستقبل وفدا من الكونغرس الأمريكي.. وواشنطن تدعو لتجنب ...
- المبعوثة الأمريكية ترد على أمين عام حزب الله بكلمة واحدة.. م ...
- مصادر: خيار مهاجمة نووي إيران ما زال مطروحا في إسرائيل
- طائرات مسيرة روسية تدمر معدات وقوات مشاة للعدو
- الجيش الروسي يحرر بلدة جديدة في كورسك
- بريطانيا.. الشرطة تحتجز الأكاديمي العربي مكرم خوري مخول وتحق ...
- تظاهرة في مصراته الليبية دعما لغزة
- لندن تسعى لحل أزمة الرسوم الجمركية
- جدل حول انتشار الجيش وسحب سلاح حزب الله
- أبرز مواصفات هاتف -Razr 60 Ultra- القابل للطي من موتورولا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إشكالية الفشل ضمن أفق فلسفي جديد، شارل بيبين نموذجا