عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 13:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدولة النفطيّة(أي الدولة التي يشكِّل النفط الجزء الأكبر والأهمّ من ناتجها المحليّ الإجمالي، ومصدر التمويل الرئيس للموازنة العامة فيها)، هي دولة ريعيّة.. بالضرورة.
وهذه الدولة هي دولة الصفقات والمُقاولات والتخادم السياسي- الزبائني- المصلحي.. بالضرورة.
هذه الدولة، هي أيضاً دولة "مُضارَبيّة"، قد يُحالِفها بعض الحظّ، أو كُلّ الحظّ، ولكنّها تبقى دولة" خاسِرة"، وفاشِلة.. بالضرورة.
وهذه الدولة غير مُنتِجة بالضرورة، ولن يسمَح لها "الآخرون" بأن تكونَ مُنتِجَةً.. بالضرورة.
هذه الدولة ستكون فاسدة، وضعيفة.. بالضرورة.
غيرَ أنّ هذه الدولة ليست فاسدة، لأنّ الحاكمين فيها، والمُتحَكِّمينَ بها، هُم مجموعة من "الأشخاص" الفاسدين فقط.. وإنّما هي فاسدة بفعل طبيعة عمليّة تشكُّلها"خارجيّاً".. وأيضاً بفعل سعيها "داخليّاً" لإعادة إنتاج ذاتها، وقبولها لحدود وظائفها ودورها، وقدرتها على "توظيف" العناصر الرئيسة الفاعلة في "بيئتها".. وأيضاً بفعل فهمها التامّ لذاتها ومحتواها وسلوكها، وإتقانِها لأسلوبٍ خاص في إدارة "الفائض الإقتصادي" المُتاح و شبه "المجّاني" الموضوع تحت تصرفّها.
هذا "التكوين"، أو "التشكيل" الدولتي، ينشأ أصلاً ويستَمِرّ من خلال التطفُّل والإستحواذ الدائم على الريع، ومن خلال "تقاسُم" وتوزيع هذا الريع على شكل "حُصص" تكبر وتصغَر على وفق صعود وتراجع نفوذ وهيمنة مراكز القوى الرئيسة في هذا "التشكيل".
إنّ جميع الممارسات والتصرّفات والسلوكيّات التي يقوم بها هذا "التشكيل الدولتي"، تبدو"سياسيّة" في شكلها وأطارها العام.. غيرَ أنّها في حقيقة الأمر ليست سوى"عمليّات" اقتصاديّة، تهدف بشكل رئيس إلى الأستحواذ والتحكّم بالفائض الإقتصادي - الريعي - "الفعلي".
لذا ينبغي (وبالضرورة أيضاً)، أن يتم منح "السياسيّين الريعيّين" جائزة نوبل في الإقتصاد.
إنّ قدرة هؤلاء على الإستحواذ والتحكّم و"المُضاربة" بالريع، وسعيهم الحثيث لكي يكون ذلك كلّه "نَسَقاً" دائماً في الإدارةِ والحُكم( بهدف ضمان استدامة سلطتهم)، هي قُدرةٌ فذّة واستثنائيّة، وبإمكانها أن تفتحَ آفاقاً غير مسبوقة وشديدة التاثير في بيئتها ومحيطها و"حاضنتها" الإجتماعيّة.
إن هذا "النمط" من السياسيّين الريعيّين، ليس ساذِجا كما يعتقد البعض.. وإذا كان هناك "شياطين" يستحقّون جائزة نوبل في الإقتصاد، فهم "السياسيّون الريعيّون" هؤلاء.
إنّ الريع "السائب"، الذي لا "صاحِب" له، ولا "شعبَ" يُطالِبُ بحقّهِ فيه، هو الذي يصنع "الأبالسة" في السياسة.. وهو الذي يُحوِّل السياسة إلى "بورصة" للشياطين.
مرحباً بكم في أفضلِ تجسيدٍ لهذه "الحقائق" المُرّة.
مرحباً بكم في دولة "السواد" الكثيف.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟