توجس.. دولة الرئيس - زعيم حزب

محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 11:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لعل أمرًا مهمًا لم يُلتفَت له بشأن الحكومة الجديدة؛ رئيس مجلس الوزراء الجديد رئيس حزب، فالسيد محمد شياع السوداني رئيس حزب هو حزب الفراتين، وها نحن أمام احتمال فتح قناة تمويل حزب من أموال خزينة الدولة، مع أنني اتمنى أن يكون بصيص الاحتمال هذا غير موفق وأكون مُخطئًا..
تخيل أن في سلتك ثلاثون بيضة، وبالتعاقب تبين أن ثمان وعشرون بيضة فاسدة، فما الاحتمال الأقرب لذهنك بخصوص البيضتين المتبقيتين..
نتوقع ابتداءً أن حوتًا آخر أكتسح بحر الدولة وبدء بإرعاب كائنات السلطة المفترسة لا لأنه يريد تحويل البحر المُهلِك الى بحر مُسالم، ولكن ليجد مكانه بين الحيتان ويحاول بكل ما أوتي من قوة التغلب على الجميع تمهيدًا لإخضاعهم وإعلان السيادة عليهم؛ سيادته الشخصية ومن ثم سيادة حزبه.
توقع مرعب، أليس كذلك..ولكن، أرجو من القارئ تذكّر المرات الكثيرة المتتالية التي غدر بنا دعاة استرداد الحقوق المنهوبة وأصحاب تصريحات: جئنا من أجل الفقراء والمستضعفين. ومن عزفوا نشيد الوطنية والنزاهة الكاذب..
أرجع واقول: أتمنى من اعماق قلبي المتوجس أن تبوء الاحتمالات السلبية التي تراودني بالفشل ويخيب ظني لمرة واحدة..
رئيس وزراء وزعيم حزب سياسي، هذا لوحده مؤشر لا يبعث على الاطمئنان، وبغض النظر عن تبرير الطموح السياسي؛ يؤوسَس الحزب وهدف مؤوسسيه الوصول للسلطة، وهذا هدف منطقي وإلا ما الداعي من تأسيس حزب سياسي توضع له اهداف ومنهاج ومشروع إن لم يسعى لتطبيقها بقوة السلطة، وإن سعى الحزب لبلوغ السلطة عبر الديمقراطية فالأمر مقبول وشرعي، والى هنا نحن أمام طموح سليم، أما الشبهات فتتلخص في تأسيس حزب زعيمه وصل لسدة الحكم دون أن يخوض حزبه الانتخابات ويفوز بالتصويت، وزعيمه كان قد استقال من جهة سياسية لينأى بمستقبله السياسي عن اخفاقات تلك الجهة ولكنه لم يستهل تسنمه للسلطة بإعلان النأي بحزبه عن عمله كرئيس لمجلس الوزراء، وهذا مؤشر لا يبعث على الإطمئنان، فقد نكتشف لاحقًا أن زعيم حزب الفراتين هجم على مؤوسسات الدولة بحجة ضرب الفساد بينما غايته التمهيد لحزبه ليتسرب الى مؤوسسات الدولة، وتاريخ العراق حافل بهكذا فعاليات ماكرة..
"القوانين شبكات عنكبوتية ، يمر من خلالها الذباب الضخم ، ويمسك فيها الصغار
- بلزاك"
مقولة بلزاك تتكهن بعمل السيد السوداني وخطواته الى حد هذه اللحظة، فالعقوبات والضربات الموجهة للفساد لم تطال رؤوسًا كبيرة، ولم يُصرّح السيد السوداني بخصوص ملفات ضخمة مثل اختفاء كل أو جزء من ميزانية أحد أعوام النظام الديمقراطي الناهب، أو يوجه بقرارات واضحة تُلزم السياسيين وزعماء الكُتل بالكشف عن ذممهم المالية والتحقيق في مقتنياتهم من عقارات وأصول وتمويل لأحزابهم ومقارنة حجم ما يملكون بعد ٢٠٠٣ مع ما كانوا عليه من وضع طبقي قبل انخراطهم في العملية السياسية، ومتابعة مصادر تمويل احزابهم ومن أي المصادر المالية جرى تمويل تأسيسها..
"قليلٌ جدا من الناس من سينظرون في المرآة ويقولون: هذا الشخص الذي أراه هو كائن متوحش، بدلًا من ذلك سيختلقون تفسيرًا ما ليبرروا ما يقترفون
- نعوم تشومسكي"
تشومسكي يتحدث عن القلة المثالية، وهي قلة نادر تواجدها في صدارة المشهد السياسي، ويزداد الأمر سوءًا في حالة العراق المتورط بالنزعات السياسية السيئة المتوارثة، والبلاد التي تمر بظروف كالتي مرت بالعراق تحتاج لزعامات مضحية نزيهة مثالية، والتاريخ ينقل لنا أكثر من خبر عن زعامات من هذا النوع انتشلت بلدانها وأرتقت بها، زعامات أدت دور النبي الصالح، ولكن بلدان أخرى عانت من الأنبياء الكذبة، وكما ورد في الإنجيل: { اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ/ إنجيل متى ٧ : ١٥}..

#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات