عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 04:35
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
وبحسب الحارثي, لا تتوفر معطيات وافية ودقيقة حول نشأة وتطور بنية حركة 20 فبراير، تسمح بالقيام بتحليل مفصل لديناميتها الداخلية وهيكلتها، ورسم خريطتها السوسيوسياسية مع رصد ميولاتها المذهبية والسياسية. لكنها لا تختلف في طبيعتها وشكلها كثيرا عن الحركات المماثلة التي يشهدها العالم العربي. باستثناء بعض المظاهر التي يمكن حصرها فيما يلي.
1- غياب عنصري الفجأة والعفوية
يرى الحارثي انه قد ساهم في تغييب عنصر الفجأة عامل طبيعي تمثل في حالة الاستنفار والترقب التي أعلنت عنها خفية الأنظمة العربية، خاصة بعد نجاح الثورة في مصر؛ بل التجأت حتى إلى اتخاذ قرارات سياسية استباقية لاحتواء الغضب الشعبي، كالزيادة في الأجور مثلا. أما فيما يخص عامل العفوية، فإن ضعفه ساعد بالتأكيد على تسهيل وتقوية الاختراقات السياسية للحركة من طرف السلطة المركزية والتنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية على حد سواء، دون الحديث عن الجانب الأمني. ما ترتب عنه نوع من المس باستقلالية الحركة، وقد يؤدي إلى شل ديناميتها، أو ربما إجهاضها في المدى المنظور.
ان استمرارية هذه الحركة تظل محكومة بمدى قدرتها على تجاوز هذه الاختراقات، التي لم تسلم منها غيرها من الحركات الاحتجاجية المشابهة الجارية حاليا في البلدان العربية؛ وتجديد وتحصين نفسها بالحفاظ على استقلاليتها التنظيمية والسياسية، والتحكم في رسم سقف أهدافها وجدولتها وتحديد كيفية تحقيقها، وكذا التشبث بطبيعتها السلمية في المطالبة بالتغيير.
2- الضعف الجماهيري والتهميش السياسي
يرى الكاتب الحارثي اتسام حركة 20 فبراير بضعفها الشعبي نسبيا. لم تحشد الحركة المسيرات التي نظمتها جماهير غفيرة من المحتجين كما كان يتوقعه البعض، رغم تنوع الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية التي انخرطت فيها. وإذ استطاعت أن تغطي أهم المراكز الحضرية في البلاد، فإنها لم تنفذ إلى القرى والبوادي؛ ما يضفي عليها الطابع الحضري المميز لمعظم الانتفاضات الجارية في الشارع العربي. فعلى امتداد مدار التاريخ البشري، القديم والحديث، تنهض دوما النخب بدور طليعي في صنع الحدث، لكن في ارتباط وثيق بالقاعدة الاجتماعية العريضة: الشعب. تذوب في بحر الدينامية التاريخية المستحدثة كل العناصر الأخرى المشكلة للمجتمع.
وحسب راي الحارثي, تبقى الجماهير الواسعة هي الغائب الأكبر في الحركة الاحتجاجية في المغرب.
وقد جرت محاولات التفافية للحركة من اجل احتوائها, ففي بداية الامر, باستثناء امتدادات "اليسار الجديد" والإسلام السياسي الراديكالي، وبعض الجمعيات الثقافية والمهنية، ترددت كثيرا مختلف أطياف الحقل السياسي والنقابي والجمعوي في احتضان حركة 20 فبراير، وبعضها أعلن رسميا موقفه السلبي منها. إلا أن معظمها اضطر في الأخير إلى المشاركة في المسيرات الاحتجاجية الأولى؛ بهدف واضح: احتوائها، لكن دون جدوى. ما دفعه إلى الانسحاب منها، خاصة على إثر الخطاب الملكي في 9 مارس، والتسبب نسبيا في عزلها وتهميشها حزبيا وسياسيا وجماهيريا. لكن مرد الإخفاق الذي تشكو منه يرجع جوهريا إلى السلوك الإلحاقي المدمر للقوى السياسية التي طغت عليها.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟