ــ 3 ــ
أيقظتني حَبَّاتُ المطر من غفوتي
جوٌّ بهيّ
أفْوَاجٌ بشريّة
تَطحَنُ بعضها بعضاً!
آهٍ ..
يعيشُ الإنسانُ مرّةً واحدة
مرّةً واحدة لا غير!
لماذا أيّها الإنسان
لا ترتشفُ رحيقَ العمرِ ..
رحيقَ الحياة؟
لماذا تهيضُ أَجنحةَ الأطفال
والأمَّهات الثكالى
تزدادُ يوماً بعدَ يوم؟ ..
إلى أينَ تسيرُ يا أيُّها الإنسان؟
صداقاتُكَ تزدادُ تشرُّباً
مع أبجدياتِ الأفاعي والذِّئاب!
لماذا مراميكَ موجَّهة
نحو سراديبِ الـجَّحيم؟
إنّي أرى أجنحةَ الأطفال
مهروسة
تحتَ عجلات هذا الزمان!
هذا الزمان العاهر ..
أعْلنَ عُهْرَهُ في وضحِ النهار
أيّها الإنسان ..
أنظُرْ إلى نَفْسِكَ في المرآة
إنْ لَمْ ترَ وَجْهَاً ممسوخاً
فاكسرِ المرآة!
لأنَّها مرآةٌ مُرائيّة
ثمَّ انْظُرْ إلى مرآةِ ذاتِكَ
إنْ لم ترَ (ذاتَكَ) ممسوخةً من الدَّاخِلِ
فَاكسِرْ ذاتَكَ أَيضاً!
واعْلَمْ أنَّ ذاتَكَ ورؤاكَ
وأَبجدياتَكَ كُلَّها
تحتاجُ إلى تطهيرٍ مابعدَهُ تطهير!
ستوكهولم: أيلول (سبتمبر) 1994
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
نعيشُ مرّة واحدة، من ديوان: "ذاكرتي مفروشة بالبكاء"