|
نهائية قصة
محمد طالبي
(Mohamed Talbi)
الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 19:54
المحور:
الادب والفن
فصل خريف، الاشجار الباسقة تخلع ثيابها قطعة قطعة،في استحياء.تخلغ ملابسها على انغام ريح خفيفة تهب على اشجار الزيتون المقابل لاعدادية "موحي أو سعيد". اليوم اربعاء الساعة تقارب السادسة مساء.السيمو ينتظر "الكاورية" عند الساقية المقابلة لباب "الكوليج", دق الجرس،دقات قلبه تتسارع. بعد السادسة و عشر دقائق ظهرت وسط سيل جارف من التلميذات و التلاميذ..كعادتها كانت متأنقة وفي كامل زينتها، عيناها حائرتين تبحثان عن شيئ او شخص ضاع منها.كانت، تائهة و مرتبكة،كانت كمن تبحث عن ابرة في كومة قش. السيمو كالابله،يبتسم ابتسامته العريضة،ويلوح لها بيده اليمنى.راته،واقفا بالقرب من عربة "مول الزريعة". توجهت مسرعة نحوه . لم تكن تبتسم كانت غاضبة . الغضب يتطاير من عينيها. علامات الحنق بادية على محياها، تغالب الدموع،كانت هائجة،ثائرةو صارمة,. كانت مثل ثور اسباني،ثور من تيران "الكوريدا" تلقى للتو طعنات غادرة دماءه تسيل يصارع الموت، يجاري جراحه،و يبحث عن مصارع ليغرس فيه قرنيه. و ليشفي غليله. و يموت ميتة مشرفة.. سألها و الحيرة تكاد تقتله: - مريم !واش هانيا،مال لونك مخطوف؟ -اسمع السيمو،الا كنت كاتبغيني بالصح،ما باقيش تسول فيا و لا دور بساحتي. -مرحبا ..ما يكون غير خاطرك حبيبة.الله يعاونك. سقطت ورقتان من اوراق الصفصاف،على خديه في نفس اللحظة،كانتا مثل صفعتين، على خد طفل بريء..استدار تركها دون ان ينبس ببنت شفة، ابتسم ابتسامة ساخرة، نظر بامعان نحو السماء،ثم صاح بصوت عال: - ايتها الحياة.ها انا ذا "فتى تاغبالوت" الطفل العاري من كل اسلحة المكر،الخداع و الخديعة،هاتي اقسى ما عندك،لست اهابك. نظر باتجاه من كانوا يسترقون السمع لحواره مع فتاته ثم صاح فيهم: -mes demoiselles mes dames messieurs ! feu a volonté كانت الجملة ايدانا بافتتاج مهرجان القيل و القال،و السخرية،و التشفي، ادرك انه في لحظة سقوط مدوي. زخات مطرية،تلتها عاصفة رعدية،وبرق ورعد.بذأت امطار غزيرة تنهمر من السماء،ظن للحظة ان السماء اعلنت تضامنها اللامشروط معه، و انزلت عقابها،على كل المتآمرين الذين فروا مهرولين,برق،ورغد،برد يتساقط كقطع الحجارة.الطبيعة غاضبة تزمجر، ترغد وتزبد..بعد خمس دقائق كان المكان خاليا الا منه، بقي وحيدا بجانب "مول الزريعة".و زوجي كلب،ينظران اليه،و يتألمان لحاله..لاحظ انه مبتل من راسه حتى اخمص قديمه،شعره المجعد يغطي جزء كبيرا من وجهه. فهم بعد هدوء العاصفة أن الثور الرباطي الهائج غرس قرنيه في بطن المصارع القصيبي حتى الموت ثم رماه في السماء، ليسقط جتة هامدة..صدمته كانت قوية، لكن كبريائه و عزة نفسه،لم يسمحا له بالسقوط اوالتنازل او الانحناء او مجرد الاستفسار عن دواعي الجفاء . هو القادم من خلفية عريقة في مواجهة صعوبات و مشاكل الحياة،مشاكل قد تنهار لها الجبال. لكنه وقف دائما قويا و صامدا. خمن ان الصهباء قد تكون ضحية لعادات وتقاليد بالية تجثم على انفاس جيل بكامله،كان على يقين ان اية محاولة للاستفسار عن سبب هذا الجفاء المفاجئ،لن تزيد الوضع الا تأزما.. تاكد بما لا يترك مجالا للشك انها سقطت ضحبة مؤامرة محكمة. ترك الامر لمشيئة الله و للاقدار.لاشك ان ممتهنات القوادة،و محترفوا صيد القاصرات،نسجوا خيوط مؤامرة جيدية جعلوا منها صيدا جديدا لاشباع نزواتهم..بعض المنتسبين للجسم التعليمي انداك كانوا يحترفون نكاح القاصرات مقابل النقط. كان استغلالا جنسيا مقيتا، اغتصاب للطفولة مسكوت عنه،و متواطئ حوله،الكل يعلم الفضيحة،و لاأحد تجرأ على ادانته.. ابدع احد التلاميد النجباء حين اعطى لعملية الجنس مقابل النقط عنوانا ساخرا اسماه "طناش فوق الناموسية". هو ابن القصيبة،و يدرك جيدا طبيعة العلاقة بين تلميذات يمتهن القوادة وبعض الاساتدة المنعدمي الضمير.أحدهم كان مدرسا للتربية الاسلامية،و مسؤولا عن جمعية خيرية وواعضا ايضا. كان على علم ان استاذ التربية الاسلامية يكرهه كثيرا، سبق في عدة مجالس له ان نعته بالبرهوش و العايق،و لان المجالس في القصيبة لم تكن يوما اسرارا.. فكل المجالس بادق تفاصيلها تصبح خبرا مشاعا تلوكه الالسن. تكلفت احدى التلميذات باخبار السيمو بكره عدة اساتدة له.. سألهاعن سبب ذاك الحقد الدفين. لم تكن لها اجابة شافية. وهو يسير ببطئ شديد تدكر كلام صديقة له حكت عن شبكة الدعارة الصغيرة التي تنشط في موحى و سعيد، كما اسرت له بجل الحيل و الاساليب التي تنهج لاستقطاب صغار الفتيات لدخول عالم الجنس" التربوي". حكت له عن قصص مرعبة وقعت لتلميدات في أعمار الزهور، تم الاعتداء عليهن جنسيا و في حالات عديدة كانت العملية تتم عنوة.كان الاغتصاب سيد الموقف..بعض الضحايا تركن مقاعد الدراسة نهائيا،وبعضهن مررن بازمات نفسية خطيرة.والبعض الآخر فضل المواجهة،فتيات شجاعات ثرن و انتفضن ضد هذا النوع من الاستغلال،لكنهن وخوفا من الفضيحة لم يلجئن الى القضاء،ليبقي الجناة يلعبون دور المربين تارة وتارة اخرى يلعبون دور حاملي مشعل النكاح المباح لطفلات في اعمار الزهور. وهو يسير الهنيهة، من الكوليج مرورا قرب "البلدية"، و "النادي النسوي"،عبر طريق "سيدي محندو يوسف" .انتبه الى ان يدا تتأبطه و تسير بجواره،كانت كانت يد" حياة" المشاغبة،ابتسم حين انتبه الى وجودها ثم سالته : -مال الزين مقلق؟جايب شي نقطة مقودة في الفيزيك؟ -لا جبت الربحة فاللوطو
#محمد_طالبي (هاشتاغ)
Mohamed_Talbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصهباء
-
من دكريات الكوليج2
-
في الحانة القديمة
-
حكاية من زمن الكوليج
-
النادلة
-
حوار 2
-
مليكة
-
قبر ابي
-
مدكرات معلم 03
-
الحياة
-
مدكرات معلم 01
-
مدكرات
-
مدرس
-
الرفيقين
-
تاعبالوت
-
الفقراء
-
ملاك1
-
لباس من شجر
-
ضحايا
-
الشيح
المزيد.....
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|