أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم















المزيد.....

الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 01:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الطب، ليس للطبيب أن يرفع الراية البيضاء أبداً، يجب أن يكون لديه ما يفعله تجاه المريض حتى اللحظة الأخيرة. تخطر في البال هذه القاعدة، لدى متابعة غير بيدرسون في زيارته الأخيرة إلى دمشق (17 تشرين أول/أكتوبر). إذا كان ما يُلزم الطبيب بهذه القاعدة اعتبارٌ علمي ومهني، فإن ما يفعله بيدرسون من استمراره في إنعاش مسار اللجنة الدستورية المريض أو قل الميت، مدفوع بالأحرى بمصلحة خادعة للأمم المتحدة وهي إيهام العالم بأن هناك ما يُفعل أممياً حيال المأساة السورية المزمنة، وربما مدفوع أيضاً بمصلحة شخصية لبيدرسون، لا تتمثل في تحقيق إنجاز دبلوماسي يسجل باسمه، فهو يدرك قبل غيره أنه لا إنجاز يرتجى من مسار عليل كهذا، بل تتمثل في الاستمرار باستلام مخصصات شهرية بعشرات آلاف الدولارات كما يقال. وقد كان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا صريحاً في الإحاطة التي قدمها أمام مجلس الأمن في حزيران/ينويو 2022، حين خاطب المجلس بالقول: "لا تنسوا سورية"، ما يشير إلى إدراكه أن الشأن السوري موضوع على الرف أو منسي.
في زيارته هذه إلى دمشق، وعلى خلفية نسيان سورية، صرح بيدرسون أن "القرار 2254 لم ينجح حتى الآن". إضافة عبارة "حتى الآن" لا تعدو كونها بعضاً من دبلوماسية التوهيم أو التأميل بأن القرار المذكور لم يمت وأن العمل جار لتطبيقه. والواقع أن هذا القرار أصبح نسخة مكررة عن قرار مجلس الأمن الشهير رقم 242، مجرد مخزون لفظي يتكئ عليه العاجزون، فيما يتستر به القادرون لتمرير كل ما يجعله غير قابل للحياة.
يعطي تصريح بيدرسون مفتاحاً لوضع الأحداث الأخيرة التي شهدها شمال غرب سورية ضمن إطار قابل للفهم. نقصد بالأحداث تمدد "هيئة تحرير الشام" إلى عفرين وتعاون فصائل مما يسمى "الجيش الوطني" معها ضد فصائل أخرى، ثم انسحاب الهيئة "جزئياً" من عفرين بعد أن كانت تريد الوصول إلى عزاز. الانسحاب الذي جاء بضغط تركي مباشر وبضغط أميركي إعلامي، يعطي فكرة عن مهارة الهيئة في "احترام الكبار"، وفي سعيها لكسبهم وفق صيغة رابح – رابح، في بيئة سياسية وعسكرية معقدة باتت فوضاها مزعجة لهؤلاء الكبار.
الاتجاه العام الذي ينظم حركة الوضع في شمال غرب سورية هو الخلاص من التشتت الفصائلي والوصول إلى حالة شبيهة بما هو عليه الوضع في شمال شرق سورية، أي إدارة برأس سوري واحد يستطيع ضمان الاستقرار. الفصيل الوحيد القادر على تولي هذه المهمة هو هيئة تحرير الشام، ليس فقط لأنها أظهرت مقدرة عسكرية في وجه التشكيلات الأخرى المعتدل منها والمتطرف، بل أيضاً لأنها أظهرت قدرة على ضبط الوضع الداخلي. ومن اللافت أن الإعلام التركي يمتدح الحياة في ظل الجولاني قياساً على الحياة على الشريط الحدودي، حتى ساد لدى السوريين الذين يعيشون في هذا الشريط الخاضع لفصائل "الجيش الوطني"، اعتقاد ساذج يقول إن تجاوزات هذه الفصائل عمل مقصود يهدف إلى إبراز أفضلية إدارة إدلب قياساً على مناطق النفوذ العسكري الأخرى.
مما لا شك فيه أن المشهد الفصائلي المحشو بالاقتتال البيني والفساد وكل صنوف التجاوزات التي تغري بها السلطة البعيدة عن المحاسبة، بات عبئاً على الحاضن التركي. يصعب التخلص من هذه الحالة عن طريق قيام فصيل منها بابتلاع البقية، أولاً لأن هذا يحتاج إلى دعم تركي مباشر لفصيل ضد البقية، الأمر الذي يولد ضغائن يمكن أن تفجر الجسم الموحد في أي وقت، ثانياً لأنها تجعل التشكيل الجديد في التصور السوري العام في المنطقة وخارجها، تابعاً مباشراً لتركيا. أي أن مثل هذا الخيار يمكن أن ينتج تشكيل واحد لكنه سيكون ضعيف اللحمة الداخلية وموسوماً بالتبعية السياسية المباشرة لراعيه. على ذلك، فإن تجاوز التشتت الفصائلي يحتاج إلى سيطرة "سورية" من خارج الفصائل، وهو ما توفره هيئة تحرير الشام.
في الواقع، تعرض الهيئة ثلاث جوانب ترشحها، في عيون الأطراف المتحكمة بالشأن السوري، لأن تحوز السيطرة الكاملة على مناطق شمال غرب سورية. الأول هو الاستقلالية، فهي على خلاف بقية التشكيلات العسكرية في المنطقة مستقلة عن تركيا التي تضعها على قائمة الإرهاب. هذا بحد ذاته قيمة سياسية يمكن الاستثمار فيها استثماراً مجدياً حتى من الجانب التركي نفسه، ولا تغيب هذه القيمة عن العين الأمريكية. وقد كانت الهيئة على طول الخط تمتلك خطاً سياسياً مستقلاً ومخالفاً في نقاط عديدة للخط التركي الذي حرصت فصائل "الجيش الوطني" وقيادات الائتلاف الوطني على التطابق معه.
الجانب الثاني هو منبتها الإسلامي الأصولي الذي زودها بسند إيديولوجي متين لمواجهة باقي التشكيلات التي تستند جمعيها، بحدود متفاوتة، إلى المرجعية الإسلامية. وقوفها على الأرضية الأيديولوجية نفسها يسمح لها بتذويب التشكيلات عبر استقطاب كوادرها أو عبر تصفية هذه التشكيلات، مستفيدة من تفوقها العسكري، بغطاء إسلامي يصعب على خصومها التشكيك فيه.
الجانب الثالث هو البراغماتية والقدرة اللافتة للجولاني في تبدية السياسي على العقيدي. في الحق أن هذه الصفة هي ما تعطي أهمية وقيمة للجانبين الأولين. ربما لو توفر لدى البغدادي شيء من براغماتية الجولاني، لما انتهى تنظيمه هذه النهاية المأساوية التي تدفع ثمنها اليوم عائلات كاملة بالآلاف باتوا منبوذين ومعزولين كمرضى الجذام.
الجمع بين القدرة على ضبط التنظيم والاحتفاظ بتفوقه العسكري، وضبط المجتمع المحلي الواقع تحت سيطرته، وبين الاستعداد للتبدل وفق مقتضى الحال السياسي، هو ما يجعل الأطراف الدولية تأخذ الهيئة في الحسبان وتغض النظر عن تقييمها كتنظيم إرهابي.
ليس من السهل الجمع بين التماسك التنظيمي والمرونة السياسية، ذلك أن "المبدئية"، أي ضعف المرونة السياسية، هي التي تشد الجسد التنظيمي ولاسيما على مستوى القواعد، وما يمكن أن يحل هذه العقدة هو قناعة القواعد التامة بالقيادة، وهو ما استطاع تحقيقه الجولاني فيما يبدو.
يتقدم الجولاني في الشمال، فيما تتراجع الأمم المتحدة وتمهد لحلول "عملية" أبطالها هي قوى الأمر الواقع التي تتبلور اليوم أكثر في شمال غرب سورية. يذهب "الانتقال السياسي" ويأتي تقاسم السلطة. التغير الجدي في المعادلة يحتاج إلى تغير جدي في روسيا.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه الجوانب الخطيرة في الانتفاضة الإيرانية
- قصة الحجاب بين الفرض والحظر
- نساء العائلة، تاريخ خاص
- الوهم الذي لا يتبدد
- السوريون في أوروبا، هل يتحول المنفى إلى وطن؟
- نحن وغورباتشوف
- هل من مخرج للعراق؟
- هذه الفتاوى والتابوهات
- عن انتفاضة الصدريين في العراق
- ليالي السجن، العازل والاسمنت
- سلطات العنف، أو الشرعية المستمدة من العنف
- السويداء السورية، انتفاضة محلية ببعد وطني
- خطوة إلى الخلف في تونس
- السلطة والثورة، الاعتماد المتبادل
- لجان المقاومة، أشباح تنظم احتجاجات السودان
- مأزق الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية
- -الأخوة كارامازوف- راهب يذهب إلى الدنيا
- التهديدات التركية وفراغ الوطنية السورية
- ماذا يبقى من -القضايا العادلة-
- ضرورة تأمين قرار الحرب


المزيد.....




- الجيش الفرنسي يعلن تدمير مسيرة في البحر الأحمر
- أوربان: الغرب خسر الحرب بالوكالة في أوكرانيا
- محللون: موقف حماس الجديد يضع نتنياهو في مأزق سياسي
- 17 قتيلا وعشرات المصابين بقصف أميركي لميناء رأس عيسى في اليم ...
- موقع -السوداني-: إعفاء وزير الخارجية علي يوسف الشريف من منصب ...
- هل يمكن أن تحسّن دراسات النوم جودة نومنا بشكل أفضل؟
- Honor تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات الجيل الخامس
- نيبينزيا: القوات الروسية في سوريا ما تزال في مواقعها وموسكو ...
- الهلال الأحمر اليمني يعلن مقتل 17 وإصابة العشرات في قصف أمري ...
- نيبينزيا: هدنة الطاقة في أوكرانيا ليست واقعية بسبب عدم التزا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم