أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الخوف من الاختلاف














المزيد.....

الخوف من الاختلاف


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7405 - 2022 / 10 / 18 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


--------------------------------
هل الحياة ، تستحق أن تعاش ؟ .
ليس الجواب سهلا كما قد يبدو للبعض.
يتوقف الأمر على منْ الذي يعيشها.
لا نتصور أن يكون هدف الحياة أن نأكل ونشرب وننتج السلع ونتنزه ونتعامل مع الأجهزة ونتزوج ونتناسل.
هناك هدف أعظم وأسمى . تطمح الحياة أن يبحـث كـل منـا عـن ذاته المتفردة ، وأن يكافح من أجل إطلاق مواهبها وقدراتها الخلاقة.
نعم لكل إنسان ذاته المتفردة التي لا تشبهها ذات أخرى . تماما مثل بصمة الإصبع غير قابلة للتكرار . كل إنسان يولد متفردا . ولكن ليـس كـل إنسان يموت متفردا . ترى ما الذي يحدث لنا بين الولادة والموت ؟ .
ترى ما الذي يمسح أو يقتل فينا فطرة التفرد ؟ .
إنه «الخوف من الاختلاف».
نخاف أن نفكر ونحس ونغضب ونحلم ونتكلم ونتحرك خارج الخطوط والمدارات المألوفة المرضى عنها.
منذ الصغر في الأسرة يزرع الأهل (سلطة الأب أو سلطة الأم أو الاثنين معا) بدايات هذا الخوف .. وتتعـاون كـل ثقافة المجتمع الأكبر ، في تدعيم ما أرسته سلطة الأسرة في خلق إناس متشابهي التفكير والإحساس والأحلام .
إن حماية الذات المتفردة الكامنة فينا والمتحفزة للتحقق ، مرهون بإعلاء قيمة «التمرد» في حياتنا.. التمرد على محاولات التنميط والقولية .
وليس مصادفة أن حرفـا واحـدا يفصل ما بين كلمة (تمرد) وكلمة(تفرد) .
يكمن جوهر التمرد في انحياز الإنسان لإرضـاء الـذات لا إرضاء (الآخر) . هذا ليس معناه التفنن في خلق صراعات دائمة مع الآخر. وليس الهدف هو الصدام في حد ذاته .. ولكن القضية أن يكون الإنسان يقظا . ففي الموقف الذي يتعارض فيه (الآخر) مع إطلاق صوت ذاته الداخلي ، تكون الأولوية بدون تردد للذات.
«التفرد» أمانة أودعتها الحياة في نفوس البشر ، وبالتالي فإن التنازل عن حقنا في «التمرد» ، والحرص الدائم على إرضاء الآخر لا إرضاء الـذات ، هو خيانة للحياة ..
ولكن الحفاظ على أمانة «التفرد» ليس طريقا مفروشـا بـالزهور . إنـه طريق ملغم بالأخطار ، فلا شيء يثير حفيظة النـاس وغضبهم إلا (ذات)مصرة على اختلافها ، واثقة من تفردهـا . ومـن الإصرار والثقة ، تتولدالشجاعة الضرورية للسباحة ضد التيار .
إن الإضطرابات النفسية ، والميول العدوانية تجاه الآخر أو اتجـاه النفس وأفكار وسلوكيات التعصب ، كلها تجد جذورها في عجز الإنسان عن تحقيق ذاته المتفردة ، والاستعاضة عنها بنسخة مشوهة من ملايين البشر.
والشيء الغريب أن البشر يوجهون الكثير من الوقت والجهد والاهتمام لتنمية أشياء خارجة عنهم ، مثل النجاح والفلوس والشهرة وكسب الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية ، كل ذلك في إطار من استحسان الآخرين ، ورضاهم ومدحهم . ولكنهم يبخلون بالوقت والجهد والاهتمام ، للاستماع إلى صوتهم الداخلي ، وإنماء الذات المتفردة داخل كل منهم .
إن الانشغال بالعـالم الخارجي وإهمال العـالم الداخلى ، يضع أسس اغتراب الإنسان عن ذاته الحقيقية .. وطالما اغترب الإنسان عن ذاته فإنه يظل دائما غير سعيد ، مهما وصل إلى نجاح مـادي أو مركز مرموق أو شهرة أو فلوس . ومهما أحاط نفسه بالعديد من الصداقات والعلاقات .
لقد اعتبر الفيلسوف (سورين كير كجورد) 5 مايو 1813 - 11 نوفمبر 1855 ، أبو الفلسفة الوجودية وأكثر الفلاسفة تأكيدا على أهمية الذات ، أن الحقيقة هی الذاتية حيث إن العالم الخارجي (الموضوعي) لا يقدم لنا إلا الشك .. تأتى الحقيقة من ذاتية العلاقة وليس موضوعيتها التي يشترك فيـها كـل النـاس .. معنى ذلك أن (الموضوعية) التي يطالب بها الآخرون ويعطـون لـهـا أفضلية عن (الذاتية) ليست إلا غياب تفرد الإنسان.
ولأن الحياة قد أودعت في قلب كل إنسان بصمة متفردة ، فإن كل ذات تحمل داخلها سرا من أسرار الكون ، وربما تحمـل الـكـون كلـه فـي شكل بشری مصغر.
وبالتالي فإن كفاح الإنسان لإعلاء ذاته المتفردة ، هو بالضرورة إعلاء لكلمة الحياة ، وانتصـار لقوانين الكـون الأزلية المرادفة للعدل والخير والحـب والجمال .
إن الحياة تتقدم وتزدهر بفضـل هـؤلاء النساء والرجال ، الذين أرهفـوا السمع إلى صوتهم الداخلي رغما عن صخب التشابه ، ولم يتنازلوا عن تفردهم الذاتي مقابل أى إغراءات خارجية .
-------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحب أن أعرف موعد ومكان وطريقة موتى
- جيفارا .. الموت من أجل كوب لبن لكل أطفال العالم
- اعلان زواج .. خطيئتى .. فنجان من الغيب المحوج ثلاث قصص قصيرة
- الشهر العاشر .. زينب جدتى قصتان قصيرتان
- تأملات : - غاندى - الفقر أسوأ اشكال العنف
- تنويعات متفلسفة مع بدايات الخريف
- وطن يعطينى مرتبا شهريا على تمردى
- 13 سبتمبر ميلاد أبى شريف حتاتة
- فنان أخذ من - البحر - الاسم والعنفوان والخلود
- مصلحة البشر وسعادتهم وحريتهم فوق الأديان
- الموت على البث الحى
- تأملات .. الرأسمالية وباء وداء
- العَلم والقلم ..... ثلاث قصائد
- رجل يتمنى صداقتى .. ميتة مخادعة ............. قصيدتان
- كاتبة من شبرا ..... ثلاث قصائد
- مشاهد ناقدة لمفهوم وصلاحية الديمقراطية
- طالما أننى ... قصيدة
- أمى .. اليكِ أشكو ثلاث قصائد
- لا تهاجرى .... لا تهاجر
- جوائز النفط ... أربع قصائد


المزيد.....




- الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة ...
- عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير ...
- كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق ...
- لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟ ...
- مام شليمون رابما (قائد المئة)
- مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
- مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة ...
- إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا ...
- نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن ...
- وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الخوف من الاختلاف