|
طفل يصرخ : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1691 - 2006 / 10 / 2 - 09:39
المحور:
الادب والفن
الطفل يصرخ بلا انقطاع ،،صوته الذي يعلو ،، بإلحاح ،، محاولا ان يستدر عطفك ،، يذهب سدى ،،فارقتك الرحمة المعهودة بك ،، أيتها المخلوقة البائسة ،،وزايلتك الرأفة ، وودعك عطف الأمهات ، المضروب به المثل ،، لماذا يعلو صراخ طفلك المسكين ، ولماذا تقفين عاجزة ؟؟لم لا تلقمينه ثديك ؟؟ فيسكت ،، ويرتاح وينام ، ويريحك من عناء صراخه المتواصل ، وأنينه الذي يعجزك إسكاته ،،هو ككل الأطفال ، ترضعهم الأمهات ،، فيسكتون ،، ما بالك أيتها المخلوقة ؟؟ لماذا تحرمين طفلك المسكين ، من عطف الأمهات وحنانهن ،، المنقطع النظير ،، يبكي صارخا بلوعة ، تقطع كبدك ،، لم لا تستجيبين الى طلبه البسيط ؟؟،، وتلبين استغاثته الباكية ، ولكن الصراخ العالي لا يدع لك مجالا للتفكير ، وبأي شيء تفكرين ؟؟ كل الأمهات يرضعن صغارهن ، يستوي بهذا كل إناث العالم ، وأنت ساكنة ،،تعجزين عن ابسط الأمور ، وأكثرها بداهة ثديك يابس ،، جفت به مياه الحب ، وتركه ينبوع الحليب ،، وبقيت شجرة بلا ثمار ،،أيتها المخلوقة البلهاء ،، كيف يطاوعك قلبك الرؤوم ، ان تتركي طفلك صارخا يئن ، بلا توقف - أعصابك المتوترة ،، جعلت حليبك مضرا ، لطفلك الجائع المسكين أنت حائرة ، تعصف بك الأفكار ، تتصارع الآراء ،، تنهبك الهواجس والظنون ، تحلق بك المتاعب ، وأنت حيرى ،، عاجزة عن القيام بأي عمل ،، ينجيك من الحيرة الفتاكة ،، التي ألمت بك ، وأحاطتك من كل جانب ،، تتأهبين لأخذ طفلك بين ذراعيك ، ولكن التحذيرات من ان يكون حليبك مضرا به ،، تمنعك آخر لحظة الطفل يبكي بلوعة وألم ،، وأنت جالسة ، تحاولين ان تطعميه حليبا آخر ، ما زال طريا ،، صالحا للإرضاع - حليبك قد أصابه توتر روحك ،، وغليان قلبك ، فانعدمت به القدرة على الإشباع - طفلك المسكين يبكي ، وأنت تمسكين الرضاعة الصناعية ، علها تعينك في إشباع جوعه الدائم ، وحنينه الى قلبك المتوتر ، وتسألين نفسك دون ان تحظي بالجواب :هل يستطيع الحليب الاصطناعي ان يشبع حاجة الأطفال الى دفء الأمهات ؟؟
- والتحذيرات ما زالت تتوالى على مسامعك - لا ترضعي طفلك من ثديك ،، حليبك أصابه التوتر ، تأثر بغليان دمك ، وفوران أعصابك ، فأضحى خطرا على سلامة طفلك الطفل يبكي ، يأبى ان يأخذ الرضاعة ،، من يديك ، يريد ثديك ،،راغبا في لحظات من الحنان يقضيها بأحضانك الدافئة ،، لماذا تتوترين ؟؟ وكم يغلي دمك وتفور أعصابك ،، ويستبد بك القلق ، وطفلك الجميل ،، بين يديك يريد ان تلقميه ثديك ،، أصابعه البضة الصغيرة ، تحيط بصدرك ، وتمسك حلمتك ، لماذا يفور دمك ؟؟ وهذا المخلوق الوديع ،، يستكين بين يديك ، طامعا في بعض قطرات ، من حليبك الدافيء اللذيذ - كوني هادئة ، ليشف حليبك في صدرك ، ويكون نافعا للإرضاع ، ان بقيت متوترة ، لا تسقيه من الحليب الثائر الطفل يبكي ،، يتوالى صراخه ، الرضاعة الصناعية ما عاد يريدها ، يطلبك أنت أمه ، لتقومي بواجبك في إشباعه ، هذا طفلك الرقيق ، اللدن ،، الضعيف ، ما زال يستنجد بك ،، راغبا ان تمنحيه لحظات من عبق دفئك - لااريد أطفالا ، ان تماديت في رغبتك ، ولم تتخلصي من هذا المعتوه ،، سوف أهجرك أنت حائرة ، كيف يمكنك ان تسكتي ثورة الغليان التي استولت على أعصابك ، وتركتك نهبا لعواطف متصارعة داخلك - ابتعدي عن التوتر قبل الرضاعة وأثناءها ، طفلك بحاجة الى هدوئك ، ليستمد شعوره من الحنان ، ابذلي جهدك ، ابعدي كل شيء عن فكرك ، طفلك هو الوحيد الذي يجب ان تفكري براحته - لااريد أطفالا حمقى أغبياء ، تخلصي من هذا الجنين ، لأبق محبا لك تراجعين سنين حياتك الآفلة ، وكلماته التي انطلقت كالسم تقض مضجعك: - تكفلي أنت بالطفل ،، أنا راحل إلى بلاد بعيدة الطفل يعلو صراخه ، وأنت في حيرة من أمرك ، أمور عديدة تهيج بك الأحزان ، وتراكم المخاوف ، تركك وحيدة ، وهذا الطفل الرقيق ،، ما زال يصرخ ، ضارعا ان تمنحيه صدرك الناهد الجميل - اتركي متاعبك ، تخلي عن الهموم والأحزان ، خذي الطفل بين ذراعيك الجميلتين ، وألقميه قطرات من حنانك الطفل يصرخ ،، طالبا حليبك الشهي ، وأنت تحاولين ،، لماذا تتوترين ؟؟ أ لأنه تركك ومضى ، متناسيا عواطفك ،، ورحل بعيدا تتنفسين بعمق طاردة ،، مخاوفك ،، لم تتوترين ؟؟ ولم يحظى من هجرك بحبك ؟؟، وهذا المسكين بض العظام ،، يئن جوعا ، أليس من واجبك ان تمنحيه حنانك ، وان تكرميه من دفئك الذي هجره الآخر لا مباليا - اهدئي ، تناسي أحزانك ، فكري بأمر واحد ان طفلك يريد أن تحضنيه ، لترضعيه حليبك اللذيذ - الطفل يبكي ، لا تفكري بمن هجرك ، ولم يفكر حتى بتقديم المبررات لرحيله ، واستهان بحبك ، وبالطفل الجميل - ذراعاك يحيطان بطفلك ، لم تعد صرخاته عالية ، تضعينه في حضنك ،، تمسكين صدرك الناهد ، وتضعين حلمتك في فمه ، يصمت الصراخ ، ويد رقيقة حانية تحيط بك ، لتزيل عنك الهموم ، وتبعد الأحزان ، وتصبحين قوية قادرة على النسيان
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراجع عن قرار : قصة قصيرة
-
ساعة من فراغ
-
عتاب : قصة قصيرة
-
رد فعل : قصة قصيرة
-
نتائج الحادي عشر من ايلول
-
شخصية المعلم بين التقدير والاتهام
-
قراءة في قصيدة : غريب على الخليج
-
المرأة والجلاد
-
الجمال ؟ ما هو ؟
-
النشر الالكتروني والسرقات
-
من يوميات امرأة محاصرة
-
مواقف
-
عد يا حبيبي
-
الكلمة فعل
-
صراع : قصة قصيرة
-
رسالة الى حبيب بعيد
-
لم تشكو ؟؟؟
-
التوافق بين الزوجين
-
تشابه واختلاف : قصة قصيرة
-
تمنيات
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|