أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - دراسة منهجية للقرآن - الفصل الأخير - كشكول قرآني















المزيد.....


دراسة منهجية للقرآن - الفصل الأخير - كشكول قرآني


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7401 - 2022 / 10 / 14 - 10:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شيوخ الإسلام يحاولون جهدهم إبعاد شبهة تحريف النص عن القرآن ويرمون بها التوراة والإنجيل، ويقولون إنّ رب القرآن قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر 9). ولكن هل استعمل إله القرآن كلمة "ذكر" أو "الذكر" حصرياً على القرآن؟ بالطبع لا. نجده يقول عن ثمود:
(كذبت ثمود بالنذر. فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه أنا إذاً لفي ضلالٍ وسُعر. أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر) (القمر 23 – 25). نجد هنا أن "الذكر" أُنزل على صالح لهداية ثمود. بل إله القرآن يقول في نفس السورة (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر) (القمر 22). إذاً القرآن ميسر للذكر وليس هو الذكر.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء 105).
إله القرآن يقول إنه كتب في الزبور من بعد الذكر. وبما أن الزبور هو كتاب داؤود، إذاً الذكر كان سابقاً له. والكتاب الوحيد المعروف لدينا قبل الزبور هو التوراة. إذاً عندما يقول إله القرآن إنه كتب في الزبور من بعد الذكر لا بد أن يكون قد قصد التوراة. فالتوراة هي الذكر.
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء 7)
وأهل الذكر المقصودون في القرآن هم اليهود لأنه أرسل موسى قبل محمد، وهو يقول: ما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم، فاسألوهم. للمرة الثانية نجد أن التوراة هي الذكر.
أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ) (سورة ص 8) وهنا المقصود القرآن.
إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (يونس 11). وهنا كذلك المقصود القرآن
وفي سورة النحل نجد (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أُنزل إليهم) (النحل 43 – 44). فهنا قال إن التوراة هي الذكر، وكذلك القرآن هو الذكر.
(ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل. قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا) (الفرقان 17 – 18). وهنا لا نعرف أي الكتب يقصد إذ يحشر الأصنام مع الذين يعبدونها ويسألهم فيجيبون أن إله القرآن متع هؤلاء الناس حتى نسوا الذكر. فالكلام هنا ممكن أن ينطبق على أي أمة غير مسلمة وذلك ينطبق على المسيحيين الذين قالوا المسيح ابن الله، واليهود الذين قالوا عزرا ابن الله، كما يقول القرآن.
(وما هو بقول شيطان رجيم. فأين تذهبون. إن هو إلا ذكرٌ للعالمين) (التكوير 25 – 27). وهنا عندما تحدث عن القرآن قال هو "ذكرٌ" وليس الذكر الوحيد.
وفي سورة يس يقول عن القرآن (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (يس 69). فإذاً القرآن ليس هو الذكر الوحيد. التوراة والزبور كذلك يُقال عنهم "الذكر". فإله القرآن عندما قال (إنا نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون) يقصد كل كتبه التي أنزلها فهي الذكر وهو سوف يحفظها. فما يقول به شيوخ الإسلام من أن التوراة والإنجيل محرفتان، كلام غير حقيقي، وإذا كانا عرضة للتحريف، كذلك القرآن لأن كل الكتب الدينية السماوية ذكر، والمفروض أن يحفظها كلها.
اليوم أكملت لكم دينكم
في حجة الوداع عام عشرة للهجرة، ألقى محمدٌ خطبة ًعلى المسلمين وقال فيها (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة 3). فالمفروض أن يكون الوحي قد اكتمل ولا تنزل أي آيات جديدة. لكن في الواقع استمر نزول الآيات، كما يقول محمد. وسورة المائدة، حسب ترتيب النزول للجامع الأزهر، هو 112، وجاءت بعدها سورة التوبة 113، ثم سورة النصر 114.
وفي قصة فرعون، سورة غافر، الآية 30 يقول (وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب). واضح أن مؤلف القرآن قد أخطأ في التأريخ إذ أن موسى كان في مصر حوالي عام 1200 قبل الميلاد، ويوم الأحزاب كان في السنة الخامسة بعد الهجرة. تماماً مثل ما أخطأ في تاريخ مريم بنت عمران أم عيسى، فقال لها (يا أخت هارون) وهوكان يقصد مريم أخت موسى وهارون، وكانت في حوالي عام 1200 قبل الميلاد، بينما مريم بنت عمران كانت في نهاية القرن الأخير قبل الميلاد.
(فبشرناه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب) (هود 71). وهنا أخطأ إله القرآن في أبناء إبراهيم. فقال بشرناه بإسحق، وهذا صحيح، ولكن من وراء إسحق يعقوب، وهذا خطأ لأن يعقوب ابن إسحق وليس ابن إبراهيم. شيوخ الإسلام يقولون إن الله بشره بإسحق ثم بابن إسحق أي حفيد إبراهيم. وهذا قول مردود لأن أول مولود لإسحق كان تؤام (يعقوب وإيسو). فلا يُعقل أن يبشره بأحد التوأم وينسى الأخر. وكرر نفس الخطأ في سورة مريم وقال (ووهبنا له إسحق ويعقوب وكلاً جعلنا نبياً) (مريم 49). ثم كررها مرة أخرى، وقال (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وكُلًّا هَدَيْنَا) (الأنعام 84).
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (النحل 8)
تخيل إله في السماء يعلم عدد أوراق الأشجار التي تسقط، ويخاطب عرب الجزيرة العربية ويقول لهم إنه وهبهم الخيل والحمير والبغال ليركبوها ونسي أن يذكر الجمل، سفينة الصحراء. الخيول كانت نادرة في مكة والمدينة لدرجة أنه في غزوة هوازن كان هناك ثلاثة خيول فقط، ولذلك أعطى محمد الحصان سهمين والراجل سهم واحد فقط. وكان أغلب الغزاة إما راجلين أو على الجمال ومع ذلك إله القرآن ينسى أن يذكر الجمل.
المسلمون يقسمون بربهم أن القرآن كلام الله ولذلك لا يمسه إلا المطهرون، ولكن بعض الآيات مثل: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (النمل 18). هذا الكلام ليس كلام الله إنما كلام نملة. وكذلك (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) (النمل 24). هذه الجملة قالها الهدهد الذي كان عند سليمان، كما يقول القرآن.
(آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) (الكهف 96). أغلب الكلام في هذه الآية قاله ذو القرنين (الإسكندر الأكبر) ولم يقله رب القرآن. وهناك آيات كثيرة يكون المتحدث فيها الشيطان، أو حيوان، فهي حتماً ليست كلام رب القرآن.

ادعاءات إله القرآن:
إله القرآن أتى بعدة آيات زعم فيها أنه يستطيع أن يفعل أفعالاً غير معهودة للبشر. من هذه الادعاءات نجد:
(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء 104)
والسماء كما نعرفها الآن هي عبارة عن فضاء لا نهاية له، ويحتوي على مليارات المجرات، كل واحدة منهن بها مليارات النجوم والكواكب، وما زالت المجرات تبتعد عن بعضها البعض. في زمن محمد كان مفهومهم عن السماء أنها بناء كالخيمة، بناه الله بيده، كما يقول القرآن: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) (الشمس 5). وبعد أن بناها، رفعها بدون عمد نراها: (اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد 2). ولم يكتف بذلك بل أكّد أنه بناها بدون أي شقوق أو فروج، فهي سقف الكرة الأرضية، كما تخيل محمد: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) (سورة ق 6). بل زاد وجعل للسماء أبواباً: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) (الأعراف 40). ولكل هذه الأسباب مجتمعةً قال مؤلف القرآن إنه سوف يطوي السماء كطي السجل للكتب. وهذا ادعاء غير وارد الحدوث.
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّـهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة 64).
هذه الآية تحتوي على ادعاءين لا نراهما يحدثان: الادعاء الأول هو قوله (يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)، وهذا لا يتوافق مع بقية الآيات التي تقول (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) (التغابن 17). فالذي ينفق كيف يشاء لا يقترض من عباده، وبالربا المحرم. ويؤكد لنا أنه يطلب قروضاً من عباده، فيقول (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (الحديد 11). ثم يؤكد لنا مرة أخرى بقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّـهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة 245).
والادعاء الثاني عن اليهود، حينما يقول (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّـهُ). اليهود في الحجاز في أيام محمد لم يوقدوا ناراً للحرب. محمد هو الذي غزا بني قريظة في المدينة بدعوى أنهم تعاونوا مع أعدائه. ثم أجلى بني النضير إلى هوازن، وغزاهم وقتل وسبى منهم. وفي عصرنا هذا نرى اليهود يوقدون نار الحرب ضد الفلسطينيين، وفي كل مرة يكسبون الحرب ويدمرون منازل ومصانع الفلسطينيين، ويقتلون العشرات منهم. ولم نر مؤلف القرآن يطفئ نارهم.
ادعاء أخر غير ممكن. يقول: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) (الفرقان 45).
لا يمكن أن أن يجعل الظل ساكناً مع استمرار الحياة على الكرة الأرضية. من أجل أن يجعل الظل ساكنا، لا بد له من إيقاف دوران الأرض حول مركزها. ولو حدث ذلك فسوف تسقط الأرض من مدارها لأن دورانها حول نفسها يحافظ على الجاذبية بينها وبين الشمس. ولو سقطت الأرض من مدارها سوف تنتهي الحياة على سطحها. فهذا الادعاء مجرد ادعاء لا يمكن أن يحدث. وهذا الادعاء هو نفس الأسطورة التي رواها القرآن عن سليمان عندما انشغل بالجياد حتى غابت الشمس وفاتت عليه صلاة المغرب، فقال ليهوه يرد عليه الشمس حتى يتمكن من صلاة المغرب، فردها يهوه: (إذ عُرض عليه بالعشي الصافنات الجياد. فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب. ردوها عليّ فطفق مسحاً بالسوق والأعناق) (سورة ص 31 – 33). هذا ادعاء فارغ لم يحدث إطلاقاً.
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النور 24).
هذا الادعاء يستحيل استحالة كاملة أن يحدث لعدة أسباب. الإنسان عندما يموت ويُقبر تتآكل جثته بعد الدفن ويختفي الجلد والشحم والعضلات بعد فترة وجيزة. ثم يبدأ تحلل العظام إلى مكوناتها المعدنية من أملاح مختلفة وبروتينات. كل الأملاح تذوب في الأرض وتمتصها النباتات والأشجار. وبالتالي لكي ينشر رب القرآن الموتى، لا بد له من خلق جسم جديد ليحل فيه روح الميت. فاللسان والأيدي والأرجل في الشخص الذي يُنشر من القبر لا علم له ولا علم لأرجله ويديه بما فعل ذلك الشخص الذي مات وتحلل وانتهى. فكيف تشهد الأيدي والأرجل بما لم ترَ، حتى لو سلّمنا أن الأيدي والأرجل يمكنها أن تنطق بلا لسان.
الكتاب النواة
قدم الباحث التونسي خالد بلكين بحثاً قيماً عن كتاب مسيحي سرياني من سوريا ربما يكون هو الأصل الذي أخذه محمد وحوله إلى قرآن. أقتبس هنا بعضاً مما كتب الدكتور خالد بلكينبتصرف [بعد رجوع العبرانيين من السبي البابلي استقروا في أورشليم (القدس) قرروا أن الإله يسكن في بيت واحد فقط وهو الذي يجب أن تقدم فيه الأضحية للإله. وقد قرروا كذلك أن يكون ذلك البيت في جبل المورية، وهو مقام إبراهيم. وكان هناك مكان مقدس أخر في جبل قريب وهو جبل الصوفيم. أخذ عرب ما قبل الإسلام نفس الفكرة وقدسوا جبل الصفا وجبل المروة، وهو اشتقاق واضح من جبل المورية وجبل الصوفيم، وبنوا البيت المقدس (الكعبة) في مكة.
بعد ظهور المسيح ظهرت فرقة من اليهود الذين آمنوا بالمسيح لكنهم في نفس الوقت احتفظوا ببعض التعاليم اليهودية، وكانوا يعتقدون أن المسيح كائن نوراني مرسل من إله نوراني في السماء، وأنه لم يصُلب إنما شُبه لهم. هؤلاء هم القنوصيون الذين كانوا يعتقدون أن الخلاص يكون بالمعرفة. وكانت هناك عدة فرق أخرى لكل فرقة كتبها المقدسة. وفي عام 303 ميلادية أمر الامبراطور الروماني ديوقليسيانوس بحرق جميع الكتب المخالفة لمذهبه، فاضطر عدد من هذه الفرق لإخفاء كتبهم المقدسة، وتسمى هذه الكتب المخفية أبوكرافيا Apocraphic books
اليهود كانوا يمارسون عباداتهم باللغة الآرامية والعبرية. المسيحيون في الهلال الخصيب كانوا يمارسون عباداتهم بالسريانية. المسيحيون العرب شعروا أنهم لا بد لهم أن يمارسوا عباداتهم بلغتهم، فعرّبوا الكتب المسيحية السريانية مستعملين السريانية المعربة (الكرشونية). ولكن السريانية بها اثنان وعشرون حرفاً بينما العربية بها ثمانية وعشرون حرفاً. وهذا أدى إلى بعض الأخطاء عند الترجمة.
مسيحيو الشام كتبوا عن قصص الأنبياء وبعض العقاب الذي سوف يتعرض له بعض المخالفين، واختاروا أن تكون اللغة مسجوعة حتى يسهل حفظها للناس عندما يرددون الترانيم الدينية. ومن هذه الكتب كتاب يسمونه الكتاب المرقّم لأن السور فيه مرقمة بطريقة أبجد هوز. وهذه الطريقة تستعمل التسعة حروف الأولى للآحاد، والتسعة التالية للعشرات، ثم التي بعدها للمئات.
منظومة أبجد تتكون من كل حروف الأبجدية العربية منظمة في شكل كلمات، ولكل حرف رقم معيّن حسب موقعه، فالكلمات هي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ. تكتب بالحروف هكذا:
أ ب ج د ه و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ
ذ خ ث ت ش ر ق ص ف ع س ن م ل ك ي ط ح ز و ه د ج ب أ
ܩ ܨ ܦ ܥ ܣ ܢ ܡ ܠ ܟ ܝ ܛ ܚ ܙ ܘ ܗ ܕ ܓ ܒ أ

200 100 90 80 70 60 50 40 30 20 10 9 8 7 6 5 4 3 2 1

فنجد هنا اللام = 30، والميم = 40، والياء = 10، والصاد 90
أرقام السور القرآنية لم تكن موجودة أولاً. ونسبةً لعدم وجود البسملة في سورة التوبة وتعدد الروايات بتسمية سورة يونس السورة التاسعة، يجعل من دمج الأنفال والتوبة مع بعض أمراً معقولاً. وهو ما قال به بعض القدماء. الأنفال ترتيبها 8 في القرآن تليها التوبة وترتيبها 9، ثم يونس وترتيبها عشرة. بدمج الأنفال والتوبة يصبح ترتيب يونس تسعة. ويصبح القرآن 113 سورة.
السورة 37 مثلاً تكون في الكتاب المرقم "ل" = 30، و"زاي" = 7، فإذاً نمرة السورة تصبح لام زاي "لز". وبهذا الترقيم يصبح الحرف ق 100.
بعض الحروف التي استعملها محمد في بداية السور هي أعداد حسب الكتاب المرقم. فمثلاً: (ألم) تعني 1 للألف، ل = 30، وم = 40. إذاً ألم = العدد 71.
طسم: ط = 9، س = 60، م = 40. المجموع = 109
في كتاب المسيحيين المرقم نجد ترنيم يقول (سلامٌ على الياسين. إنا كذلك نجزي المحسنين. إنه من عبادنا المؤمنين. إنّ لوطاً لمن المرسلين. إنا نجيناه وأهله أجمعين. إلا عجوزاً في الغابرين. ثم دمرنا الأخرين. وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل أفلا تعقلون. وإن يونس لمن المرسلين. إذ أبق إلى الفلك المشحون.
وكذلك نجد ترنيماً عن شماسات (راهبات) خرجن مع الفجر إلى إحدى البيع وكن يحملن قبساً من نور، فاجتمع عدد من المؤمنين المسيحيين لرؤيتهن، فكان الترنيم في الكتاب النواة: (الغاديات صبحا. الموريات قدحا. أثرن به بيعا. ووسطن به جمعا].
يبدو أن محمداً جاءه جزء كبير من القرآن جاهزاً وكل ما فعله هو إضافة بعض السور ذات الأحداث المحلية مثل زواج زينب بنت جحش، وحادثة الإفك، والغزوات والجهاد وملك اليمين.
الحروف المقطعة في بداية السور:
كما رأينا في الصفحات أعلاه فإن الحروف المقطعة في الكتاب المسيحي السرياني المعرب كانت عبارة عن أرقام السور ممثلة في حروف "أبجد هوز"، ولكن محمد ربما لم يفهم معناها ولم يكن مطلعاً على منظومة "أبجد هوز"، اعتقد أنها رموز أو إشارات سرية من مؤلف الكتاب. فاقتبس بعض هذه الحروف في بعض سور القرآن. من المئة وأربع عشرة سورة استعمل الحروف المقطعة في تسع وعشرين سورة. ولكن استعماله للحروف كان غير منتظم وقال إنها حروف لا يعرف معناها إلا رب القرآن .وجعل من بعض هذه الحروف آية منفصلة بذاتها، بينما جعل بقية الحروف جزءاً من آيات أطول بدأ بها السور. فمثلاً: في سورة الأحقاف نجد (حم [1] تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم [2]). وفي سورة السجدة كذلك (ألم [1] تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين [2]). ونفس الشيء نجده في سورة غافر، وفُصّلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية وغيرها. بينما نجد في سورة الحجر (ألر تلك آيات الكتاب وقرآنٌ مبين [1]). وفي سورة إبراهيم (ألر كتاب أنزلناه إليك ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد [1]). فالحروف المقطعة هنا أصبحت جزءاً من الآية الأولى في بعض السور بدل أن تكون الحروف المقطعة آية قائمة بذاتها كما رأينا في السور السابقة. مفسرو القرآن زعموا أن تلك الحروف في بداية السور هي قسم من الله أو رمز إلى أشياء غيبية لا يعلمها إلا الله. ونحن نسأل ما الفائدة أو الحكمة من إنزال رموز غيبية إلى عرب كان المطلوب منهم أن يفهموا القرآن ويؤمنوا به؟
فالقرآن "نزل" منجماً، أي مقطعاً، وتغير فيه الكثير بالزيادة والنقصان، وأصبح في نسخته الأخيرة كشكولاً مقطع الأوصال، كما يقول الدكتور سامي الذيب، استاذ الدراسات الإسلامية. فالذي يقرأ القرآن لا يفهم منه شيئاً دون الرجوع إلى الأحاديث الملفقة التي ألّفها تجار الدين في الدولة العباسة، وبدرجة أقل في الدولة الأموية. ونسبةً لكونه أول كتاب كُتب باللغة العربية التي كانت تحبو وقتها نحو الإعراب وتنقيط الحروف، كان لا بد من أن يحتوي على عدة أخطاء إملائية ونحوية أدت بدورها إلى اختلاف القراءات لبعض الآيات.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثاني عشر - الناسخ والمنسوخ وال ...
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الحادي عشر - السؤال والأمثال
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل العاشر - قصص القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل التاسع - المرأة في القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثامن - الولاء والبراء
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل السابع - إله القرآن والغيب
- دراسة منهجية للقرآن - تافصل السادس - العنف في القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الخامس - الإرادة والتخويف
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الرابع - تناقض آيات القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثالث - الأخطاء العلمية
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثاني، منطق القرآن
- دراسة منهجية للقرآن- الفصل الأول - لغة القرآن
- دراسة منهجية للقرآن
- دين الإسلام مبني على تزييف الحقائق
- الأشجار في القرآن
- إله القرآن يعوزه المنطق
- عندما مات الله في جزيرة العرب
- طلاسم القرآن
- ذاكر نايك والتجارة بالإسلام
- أن هو إلا وحيٌ يوحى


المزيد.....




- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...
- الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - دراسة منهجية للقرآن - الفصل الأخير - كشكول قرآني